العين الثاقبة |
سوريا ومخاض التغيير |
يراهن
العالم على التغيير في منطقة الشرق الأوسط، والذي بدأت حركة التفافه تبرز
الى القلب العربي في سوريا بانطلاقة أقوى وأسرع لتوضيح معالم الخريطة
الجديدة، لكل من الأردن وسوريا ولبنان والعراق وايران وتركيا، ومن ثم
الخليج العربي، وعامل الوقت هو الرهان الأكبر في الصراع على الساحة
السياسية لكل من الأنظمة المحشورة أمام التحركات الشعبية الاحتجاجية
المطالبة بالديموقراطية والاصلاحات الجذرية، والقوى المعارضة المتشعبة من
علمانية واسلامية متشددة، واسلامية معتدلة، ووطنية، والمتصارعة على حشد
أكبر نسبة شعبية تواكبها في مطالبها لتحقق الفوز بالسلطة، وبين الدول
الكبرى المرتبطة بأي فئة ترجح للفوز لتضع حساباتها الأولى في حصد نتائج
الانتفاضة العربية. إذن قرار التغيير موجود، رغم تنوع أهداف الخرائط في
المنطقة الروسية والصينية، والإيرانية، والتركية، والأميركية، والأوروبية،
فالخريطة الايرانية لا تريد أن تفقد مصالحها في المنطقة، واضعاف حزب الله
في لبنان، خصوصا بعد أن أخلت القوات الاميركية لها الساحة السياسية
والاقتصادية في العراق، والعسكرية قريبا في افغانستان، لمحاربة ما تبقى من
القاعدة مقابل رفع مظلتها عن سوريا! وما القرار العربي بتعليق عضوية سوريا
المتأخر ثمانية أشهر عن حل الازمة السورية إلا مخرجا للمعضلة المقبلة،
فالجامعة العربية اعجز من ان تضع حلولا، أو تصنع سلاما، نظرا إلى تفكك
قرارها الداخلي، ولكنه جاء اشارة لتغيير ملامح المنطقة، وخاصة بعد اقتراح
ضم الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وما الدور القطري الخاطف للعبة القرار
الاسلامي المتنازع عليه بين تركيا والسعودية، الا مناورة تليها دمقرطة
للخليج العربي مفروضة من دون عملية خيار مسبق بخريطة قطرية، وان رفض سوريا
ضمنيا للخطة العربية بعدم تنفيذها لشروط مبادرتها بالإصلاحات، وسبقها
رفضها للمبادرة التركية، وعدم مثولها للهيئة الايرانية العليا بضرورة
الاصلاح، وكذلك نصائح روسيا والصين لها بضرورة التغيير الاصلاحي، والحوار
الجدي مع قوى المعارضة وايجاد تسوية سلمية للأزمة واحتوائها حتى لا تسمح
للدول الكبرى بالضغط عليهما في مجلس الأمن للإقرار بالتدخل العسكري لوقف
العنف، أوجد أزمة أخطر بتهجير آلاف اللاجئين السوريين بين تركيا ولبنان
والعراق.
لماذا لم ينجح أحد في نزع فتيل الأزمة السورية إقليميا أو
دوليا؟! هل هناك موافقة ضمنية على أن ينهي النظام القوى الإسلامية
المتشددة، ويبعد هيمنة تركيا، ويفسح المجال لقوى اكثر انفتاحا على الغرب
لتسلم السلطة؟ هل يخاف العرب من تهديد سوريا بإشعال المنطقة بفتنة سنيّة ـ
شيعية، تبدأها من لبنان المحكوم بالقوة من سوريا بموالاته ومعارضيه لموقعه
الجغرافي، والمهدد بارتداد الازمة عليه سلبا أو ايجابا في حال وجه حزب
الله اي ضربة لاسرائيل، وانسحاب تداعياتها على كل الخليج العربي! وهل
تراهن سوريا على مساعدة ايران، وهي المهددة بقصف منشآتها النووية من
اسرائيل، والمحاصرة بعقوبات اقتصادية رغم إيهامها الإعلامي بالاكتفاء
الذاتي! وخريطة اميركا ودول الناتو التي لا تأبه لسقوط آلاف القتلى من
الشعوب العربية، ومازالت تمارس على سوريا الأسلوب نفسه مع ليبيا بتهديدها
بالتدخل العسكري، كورقة ضغط على ايران لتحاصرها اكثر للرضوخ للقوانين
الدولية، بتوقيف العمل على السلاح النووي، خاصة بعد تصريح الصين بشرق أوسط
خال منه حتى لا يؤثر على توازن قوى الدول الكبرى