الحرب الأهلية السورية على الأبواب !
أنس زاهد
الثلاثاء 24/01/2012
رغم
أن جميع الثورات أو الانتفاضات العربية – باستثناء الثورة التونسية -
واجهت ولا زالت تواجه ثورات مضادة بقيادة الأنظمة وحلفائها، فإن الثورة
السورية تعرضت لعملية سرقة هي أشبه ما تكون بعملية (( النشل )) التي يكاد
يستحيل معها استرداد المسروقات.
سوريا كما أرى وبكل أسف، تتجه نحو حرب أهلية مدمرة لا يستطيع أن يعرف سوى
الله الفترة الزمنية التي ستستغرقها. وإذا كان النظام الذي أصر على الحل
الأمني دون مناقشة المشكلات الحقيقية التي دفعت بملايين السوريين إلى
التظاهر ثم الثورة، هو المسؤول الأول عما آلت إليه الأمور، فإن المجلس
الوطني الذي يحظى باعتراف ودعم الدول الغربية اللامحدود هو شريك النظام في
المسؤولية.
المجلس الوطني هو أول من دعا إلى تدويل القضية، الأمر الذي أخرج زمام
المبادرة من يد الثوار أنفسهم وحوّله إلى يد الدول ذات الثقل الدولي
والإقليمي. وهو ما حذر منه كثير من الثوار والمعارضين المستقلين وهيئة
التنسيق الوطنية. وجميع هذه الأطراف أكدت على انحيازها للخيار السلمي
وأصرّت على إبقاء الكرة في ملعب السوريين وحدهم . وحتى عندما قامت هيئة
التنسيق الوطنية بتصعيد القضية ورفع ملف الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان
للمحكمة الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنها فعلت ذلك
حتى لا يتم إحالة الملف إلى مجلس الأمن تمهيدا لاستصدار قرار يمنح حلف
النيتو الحق في التدخل العسكري في سوريا. لكن أداء المجلس الوطني أوصل
المسألة إلى هذه النقطة، مما استنفر روسيا والصين اللتين اشتمتا في
المسألة رائحة رغبة غربية في تحويل الملف السوري إلى ورقة في صراع المحاور
القائم في المنطقة
الآن الثورة السورية وبسبب جرائم النظام من ناحية وقصر نظر المجلس الوطني
من ناحية أخرى، تحولت من قضية شعب يتعرض لأبشع أنواع القمع فقط لأنه يطالب
بحريته وباقي حقوقه المشروعة، إلى موضوع للصراع بين المحورين المتنافسين
في المنطقة: الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا من ناحية، وروسيا والصين
وإيران من ناحية ثانية.
سوريا الآن أصبحت منطقة نفوذ وساحة لصراع دولي وإقليمي كبير لا يمكن
للثوار أن يكونوا أصحاب قرار مؤثر فيه. وهذه هي الكارثة التي حذرت منها
بعض القوى الفاعلة في الثورة وبعض المعارضين المستقلين بالإضافة إلى هيئة
التنسيق الوطنية.
بكل أسف فإن سوريا ستتجه إلى حرب أهلية مدعمة من القوى الخارجية المتنافسة في المنطقة. هذا هو ماأراه.