ثورات
عربية، أنظمة تتغير.. ويبقى الوضع في سوريا كما هو، دمار وقتل وتعذيب،
والأكثر إيلاماً هو الخيانة الدولية للشعب السوري، وكأن العالم كله له ثأر
مع هذا الشعب حتى يقف منتشيا ويشاهد المذبحة أمامه دون حراك لهذه المرحلة..
لقد
بدأت الخيانة من الداخل فقد وقف أناس كثر ليؤيدوا “القائد العظيم” وكأنه
أسطورة زمانه، وبطل من أبطال الخرافات أو رب من أرباب الأساطير القديمة،
ولكن لم يروا فيه “ذلك الشبل من ذاك الاسد” الذي قتل شعبه بدم بارد، و
وحشية منقطعة النظير هو وأخوه الذي قبل أن يكون كبش فداءٍ للمحرقة في تلك
الأيام ولكن ليس كرماً منه؛ بل لأنه قبض أجراً باهظاً على تلك “التضحية”،
فقد أعطاه أخوه ثروة كبيرة تكفيه ليعيش بها خارج سوريا لأبد الدهر،
فقررالقائد الشاب أن يسير على هذه الخطى الدامية معتمدا على من دعموا أباه
في تلك الحقبة بأنهم سيغضون الطرف عنه أيضا، ولم يرَ هؤلاء المؤيدون تردي
الحالة الاقتصادية والفكرية وحتى الانسانية لسوريا، لم يروا تفشي الرشوة
والفساد وغلاء الاسعار بدون دخل جيد، لم يروا الطائفية والتي اتُهِمنا بها
زورا وبهتانا، ولم يروا الفساد العقائدي الديني الذي يجرنا اليه هو ومفتيه
النجس حسون لعنة الله عليهم أجمعين. وبعد أن اندلعت الثورة لم يحسوا
بالامهات الثكالى ولا بالاطفال اليتامى، ولم يروا الأطفال وهي تُعذب
وتُقتل ويُفعل بها ما تقشعر له الأبدان، بل ارتضوا عيشة الذل والهوان
وعيشة بلا كرامة، وزينوها وجعلوا منها نعمة من نعم مولاهم القائد والتي لا
يتنعم بها أي من شعوب العالم إلا هم..
وبعد خيانة الداخل
بدأت تتوالى علينا الخيانات من كل حدب وصوب فتلك معارضة مشتتة، وجامعة
عربية تغدق على النظام بمهل للقتل وروسيا تعارض أي مشروع ضد سوريا
وأميريكا تصرح بتصريحات خجولة وكأنها بنت في ليلة دخلتها، وتحليلات سياسية
لا تمت للواقع بأي صلة، وهناك من أصبح يعتقد يقينا بوجود عصابات مسلحة
مخربة ويتعاطف مع الحكومة السورية على هذه المحنة التي وقعت بها..
عالم
غريب.. روسيا تهدد وتتوعد كل من يجرؤ على اتخاذ قرار دولي ضد سوريا،
ولكنهم لا يكتفون بذلك بل يدعمون النظام السوري بأسلحة يقتل بها شعبه
أيضا، فأي مجتمع دولي هذا يترك المجرمين يصولون ويجولون ويعيثون في الأرض
قتلا وتدميرا ويكتفون بعبارات كـ “يجب على روسيا أن تدعم مشروع الجامعة
العربية” و”على الرئيس السوري أن يتنحى” و”الاوضاع في سوريا لا نستطيع
السكوت عنها” ولكنهم يسكتون عن صفقة الاسلحة الروسية ويتقاعسون عن أخذ
خطوة قوية حقيقية وفعالة لوقف إراقة الدماء ووقف الغباء الروسي ومشاركته
بذبح الشعب السوري، فروسيا يجب أن تحاسب على هذه المجزرة كالنظام السوري
تماما، ويجب أن تُعلّق عضويتها في الامم المتحدة ومجلس الأمن، وأن يُتخذَ
بحقها عقوبات اقتصادية، ويحاكم رؤساؤها على أنهم مجرمو حرب.. ولكن هيهات؛
فهذا ضرب من الخيال..
فمن ذا الذي يستحق أن نُغضِب روسيا
من أجله، فنحن شعوب العالم الثالث، ودماؤنا رخيصة، لا يستطيعون بها دفع
فاتورة غضب روسيا، وكأننا مخلوقات من عوالم أخرى ولكن وبكل بساطة أقول
لكم: ذنب الشعب السوري الوحيد أنه يعيش في دولة تلتقي حدودها مع حدود
فلسطين المحتلة..