الربيع العربي فضs)
إن
ما قامت قوات العصابة الأسدية من التنكيل,جرائم وصلت في بعض الأحيان إلى
حدٍ يمكن وصفه بالتطهير و الإبادة, تجعل من فكرة العفو عن الأفراد وليس
فقط القادة فكرة مثيرة للغثيان .
لقد أوغلت هذه العصابات في القتل و
التنكيل , حتى أصبحت تمثل العدو الرئيس للشعب السوري , لقد غطست في الدماء
حتى أصبح من المستحيل إلا أن تكون عناصر مفسدة في أي مكان وجدت فيه.
و
من هنا كانت القناعةجيش, تصبح مع الأيام حقيقة راسخة , و تتمثل بأن
الركيزة الأساسية لكل هذا النظام هو التركيبة الحالية للجيش , والتي أصبح
القضاء عليها هو المعادل الطبيعي لفكرة القضاء على النظام.
ولكن سيجادل الكثيرون بأن القضاء على الجيش بالتشكيلة الحالية سيفضي إلى الكثير من المشاكل و أهمها:- أن حاجة الدولة إلى جيش , هو حاجة أساسية و المخاطرة بتفكيك الجيش الحالي هو مخاطرة بتفكيك الدولة السورية نفسها .
- إن تفكيك البنية الحالية للجيش السوري , يترتب عليه انتشار كافة أنواع
الأسلحة, بين أفراد القوات التي أصبحت تشعر بالغضب, بعد استخلاص كل قدرتها
السابقة على التحكم, و القضاء على مواقع نفوذها التي أصبحت تعتبرها
اقطاعاتها الخاصة ,مما قد يؤدي إلى خروج مناطق واسعة, من السيطرة الفعلية
للدولة السورية, إلى أيدي هذه العناصر, مما قد يؤهب إلى نشوء حركات, قد
تقود إلى الاقتتال الأهلي الذي قد يتخذ أحياناً البعد الطائفي القاتل .
- إن تفكيك الجيش بتركيبته الحالية , سيسهم بإشاعة الفوضى, عبر إضافة
العدد الكبير من المسلحين, الذين لا عمل لهم, والذين سيصبحون عاطلين عن
العمل مما يؤدي إلى استعمالهم الاسلوب الوحيد الذي يعرفونه وهو السلاح
للحصول على معيشتهم.
- نظراً للأسلوب الذي اتبعه النظام الحالي , وذلك
في بنائه للقوات المسلحة والتي خصّت طائفة معينة , بأغلب مواقع السيطرة و
التحكم في كافة الوحدات القتالية , كما أن قيامه بإنشاء فرق قتالية
متخصصة, تكاد تقتصر على لون واحد من ألوان الطيف السوري, من القمة حتى
القاعدة , و إسناده إلى هذه الوحدات أغلب عمليات التنكيل و القمع على
امتداد التراب السوري , يجعل من القضاء على هذه البنى, يتخذ شكلاً يكاد
يُفهم منه أنها عمليات ذات بعد طائفي و ذلك للوهلة الأولى.
- إن حل
الجيش بجرة قلم,هو إهدار للخبرات المتراكمة على مدى سنين استقلال الدولة
السورية , كما أنه يجعل سوريا غير قادرة على الوقوف في وجه القوة
الإقليمية الرئيسية وهي إسرائيل .
- إن تفكيك الجيش السوري ببنيته
الحالية يحيل سوريا إلى منطقة للتلاعب الإقليمي و الدولي , كما أنه يضعف
من قدرة الدولة السورية على إمكانية إحداث التأثير في المواقف الدولية و
الإقليمية, أي أنه يحول الدولة السورية من طرف فاعل في الصراع في منطقة
الشرق الأوسط إلى منطقة الصراع الأساسية التي يجري عليها الاقتتال لتقاسم
النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.
و يختصر المجادلون
بهذا الأسلوب الكلام بالحديث عن العرقنة (أي الطريقة العراقية) فيقولون أن
لنا في المثال العراقي الذي عايشناه جميعاً أبلغ مثال, حيث وقع الحاكم
العسكري بول بريمر مرسوم حل الجيش العراقي و ذلك بتاريخ 2352003 ,حيث كان
الأمر رقم 2 للحاكم العسكري الأميركي للعراق وقد عنون هذا الأمر بعنوان
(حل المؤسسات).
أو سيقولون أن اللبننة (أي الطريقة اللبنانية) حيث
امتدت الطائفية و تجذرت في كل المؤسسات في البلد , و دخلت البلاد في
العديد من الحروب الأهلية ,فتحولت المؤسسة العسكرية الضعيفة أصلاً إلى
انعكاس لسيطرة فئة أو طائفة على البلاد .
ما سبق هو توطئة لبحث
الخيارات المتاحة أمام الشعب و الدولة السورية , لحل الأزمة القادمة والتي
لا مفر من مواجهتها , وذلك بعد فترة قد تطول و قد تقصر , وهي طريقة
التعامل مع الجيش الحالي و الاسلوب الأمثل لبناء الجيش السوري مستقبلاً,
وبغض النظر عن الطريقة التي ستتبع للتوصل إلى نهاية مرضية لما يحصل اليوم
في سوريا, حيث سنناقش لاحقاً الأفكار المختلفة, والتي تأخذ بعين الاعتبار
كافة وجهات النظر والتي سنحترم ما يفيد و يغني النقاش , ونهمل ما يقصد
الحط من قيمة النقاش أو النزول بمستواه , حيث لن نكتفي بتفنيد الطروحات
السابقة , بل سنتكلم عن البدائل و الحلول المنطقية , حيث يمكننا اعتبار
هذه المقالة و ما سيتلوها في نفس السياق, كجلسة عصف ذهني , علنَا نصل إلى
ما قد يفيد, أو على الأقل يخفف الضرر, والله من وراء القصد.
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيمح "مثقفين" تعروا تماما واحدث انشقاقا كبيرا في رابطة الكتاب الأردنيين