محمد باشا ثـــــــــــــــائر متردد
الجنس : عدد المساهمات : 26 معدل التفوق : 56 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 19/03/2012
| | يوجد دوائر تحيط بك , هل تعلم ما هي ؟؟؟ | |
لو أنك كنت جالساً على شاطئ البحر الخالي من البشر وتراقب غروب الشمس.. لماذا تضيق وتتوتر إذا اقترب منك أحد الغرباء بجوارك؟ رغم أنه لم يقتحم هدوءك بالكلام، ومع ذلك فإنك تضيق به وتعتبره قد اقتحم عزلتك، وتتمنى لو رحل عنك..
ولكن ألم تبحث يوما عن تفسير لذلك؟ من المؤكد أنك لم تفعل.. سأوفر عليك عناء البحث؛ لأخبرك بأن هذا الشخص لم يقتحم سوى إحدى الدوائر الثلاث التي تحتفظ بها لأحبائك وأقرب الناس إليك، فلكل إنسان (مياه إقليمية) و(حدود) تماماً مثل الدول. إن كلاً منا يجلس في منتصف ثلاث دوائر غير مرئية تحيط به لا تسمح باختراقها إلا لمن نحبهم فقط، وننزعج إذا اقتحم علينا حياتنا –أو دوائرنا- أشخاص غير مرغوب فيهم.. فهذا بالضبط ما أشارت إليه دراسة نفسية قام بها البروفيسور "بيتر مارش" أستاذ علم النفس بجامعة كمبريدج. وهذه الدوائر التي حددتها الدراسة هي: الدائرة الأولى: وتبعد حوالي نصف متر عن جسم الإنسان –أي بامتداد الساعد فقط– وهذه الدائرة تحدد ما يطلق عليه العلماء (المنطقة الحميمة) التي تحيط بأجسادنا مباشرة، ولا نسمح بدخولها لغير الأحباب، وأقرب الأقرباء. الدائرة الثانية: وهي أوسع من الدائرة الأولى، وتبعد حوالي المتر والربع عن أجسادنا، أي بامتداد الذراع وزيادة، وهذه الدائرة تحدد إطار الصداقة مع الذين نتعامل معهم من الأصدقاء والجيران وزملاء العمل أو كل من نتعامل معه بشكل غير رسمي.
في هذه المنطقة أو الدائرة تسمح المسافة بالمصافحة واللمس البعيد والمخاطبة والرؤية الشاملة.. ويستخدم عادة الناس هذه الدائرة ببساطة عندما يكون أحد الشخصين في درجة اجتماعية أو وظيفة أعلى بكثير من الآخر.. أما عندما يقرب الأقل من الأعلى فإنه يحرص على ألا يتعدى حدود هذه الدائرة ولا يدخل المنطقة الشخصية والعكس غير صحيح، فالأعلى قد يدخل منطقة الصداقة للأقل منه في درجة علوه. فمثلا عندما يعطي الجندي التمام لضابط في رتبة أعلى نجده يحافظ على هذه المسافة ولا يتخطاها.. ويمكن من ملاحظة اقتراب الأبناء من الآباء الكشف عن أبعاد العلاقة وما إذا كان الأب متسلطاً أم ودوداً. أما الدائرة الثالثة فهي أوسع الدوائر الثلاث حيث تبعد عن الجسم حوالي أربعة أمتار وهذه الدائرة تمثل المنطقة الاجتماعية التي تشمل من يحيطون بنا في حفل صغير مثلاً ونتعامل فيها مع الغرباء.
وخارج الدائرة الثالثة يقع ما يسمى بـ(المنطقة العامة( التي يتواجد فيها الناس حولنا في الشارع أو الأسواق دون أن يثيروا أدنى اهتمام.. وإذا تم التعامل معهم فيها فيكون بشكل عابر كالتلويح لشخص عبر الطريق. ولكن ماذا يحدث عندما تتداخل دوائرنا الحميمة كما يحدث عندما نحتضن من نحب سواء كان زوجاً أو أماً أو ابناً... إلخ تندمج دائرتانا الحميمتان وتصبحان مركزاً واحداً في دائرة واحدة تجمعنا، وهذه المنطقة هي منطقة المشاعر الفياضة.. وعندما نكره بشدة نحاول اقتحام دائرة الخصم لإلغاء وجوده ونفوذه، مثلما يحدث في المشاجرات والقتال المتلاحم. وإذا حدث أن اقتحم غرباء مناطقنا ودوائرنا الخاصة لأسباب خارجة عن إرادتنا مثل التواجد في المصاعد مثلاً، ففي هذه الحالة نحاول إيجاد حواجز وأسلاك شائكة مثل الصمت والإطراق لأسفل أو النظر لأعلى.
وإذا زاد الازدحام فقد نضطر إلى عقد اليدين فوق الصدر أو احتضان الحقائب لصنع الحواجز كما يحدث من بعض الفتيات.
ويحدث ذلك أيضاً عندما نضطر للكشف عن جزء من جسدنا عند الطبيب. وفي هذه الحالة نتجنب الحرج بإيجاد حواجز تعويضية بالنظر بعيداً وإبعاد اليدين وارتداء قناع من الجدية أو التجهم فوق الوجه لخلق علاقة رسمية جافة لأنها تتم داخل (المنطقة الحميمة) أشارت تلك الدراسة إلى أن الحدود التي يصنعها الإنسان حول أماكن عمله ومعيشته ضرورية لإعطاء الإحساس بالانتماء لمكان ما بعد أن يرسم له حدوداً في عقله ونفسه كأن يعبر عن إحساسه بالانتماء للمكان بإضفاء طابع شخصي عليه كتلوين الحجرات بلون محبب إليه أو وضع صورة مفضلة على الجدران أو ما شابه ذلك.
كما يمكن الحكم عن مدى إحساس الإنسان بالاستقرار والرضا عن عمله بمقدار الأشياء الشخصية التي يضعها فوق مكتبه أو يعلقها خلفه. وفي دراسة أجرتها إحدى الجامعات الأمريكية أوضحت أن الطلبة الذين يرسبون هم أقل الطلاب محاولة لإضفاء طابع شخصي على حجراتهم بالمدينة الجامعية أو الفصل، مما يعني أن إحساسهم بالانتماء لها ضعيف وبالتالي فإن الحافز على المحافظة على هذا الانتماء بالنجاح ضعيف جداً.
يقول علماء النفس: إننا نعامل منازلنا مثل أجسادنا بمناطقه ودوائره الثلاث... فمدخل البيت يمثل المنطقة العامة التي يتواجد فيها الجميع... وتمثل حجرة الاستقبال المنطقة الاجتماعية التي نتعامل فيها مع كل المعارف والأصدقاء والجيران وزملاء العمل.. أما حجرة الطعام والصالون فتمثل منطقة الصداقة... وحجرة النوم تمثل (المنطقة الحميمة) لا يسمح بدخولها إلا لأقرب الأقرباء والأحباب كما سبق الإشارة إلى ذلك ويمكن توضيح ذلك بموقف بسيط كأن تدخل غرفة نوم أحد أصدقائك أثناء قيامه بشيء ما فيها، ثم تلاحظ بعد ذلك فتورا في علاقتك بهذا الصديق من جانبه؛ لأنك ببساطة قمت باقتحام (المنطقة الحميمة) الخاصة به. ومن خلال هذا الدراسة ننصحك بأنه إذا اضطرتك الظروف التواجد في مكان مزدحم فأقم حواجز تعويضية بينك وبين الغرباء بتحاشي النظر وإدارة الوجه والتعبير الصارم... وإذا كنت في قطار أو أي وسيلة مواصلات أخرى يمكنك النظر من النافذة واستخدام الحقائب أو عقد اليدين فوق الصدر.
وإذا كنت ترغب في حجز مقعد في مكتبة أو حديقة أو أي مكان عام فلا تستخدم الصحف لأنها أقل الوسائل فاعلية في إظهار الطابع الشخصي، والأفضل استخدام معطف أو أي أشياء شخصية أخرى. إذا كنت بصدد عقد صفقة أو توقيع عقد.. فحاول أن يتم في مكتبك أو منزلك لأنك هنا تضع الطرف الآخر في موقف من يلعب على أرض غيره، وفرصتك تكون أكبر في التأثير ووضع الشروط بثقة وإصرار أكبر وهذا أمر بديهي فلو نظرنا لمعظم الرياضات الجماعية تجد أنها تقوم أساساً على فكرة الحدود مثل منطقة الملعب والمرمى... إلخ.. وحيث إن الشعور بالانتماء يعطي شعوراً مضاعفاً بالثقة والأمان فليس بغريب وجود قاعدة احتساب الهدف بهدفين على ملعب الخصم في عالم كرة القدم.
وإذا كنت بصدد طلب مكافأة أو نقل أو ما شابه ذلك فحاول أن تناقش رئيسك في طلبك في مكتبك وليس في مكتبه، حيث إن الفرصة تكون أقل نجاحاً لو نوقش الأمر في مكتبه.
اما إذا كنت تحاول تصفية خلاف زوجي... فناقش الأمر مع شريكك في مكان عام أو محايد حيث تكون فرصة الانفعال غير العقلاني أقل وإذا تعذر فمنزلكما...
أما أسوأ مكان فهو منزل أسرتك أو منزل أسرة زوجتك فأحدكما سيشعر أنه على أرضه وسط جمهوره المؤيد له، فيتم التوصل إلى حل غير عادل ورغم إرادة أحد الطرفين مما يجعل الحل عبارة عن قنبلة موقوتة. إذا كنت في تجمع عام مزدحم فاحذر الانسياق وراء الجماعة التي تلغي حدودك واستقلالك، حيث إن عدم الوعي بذلك قد يجرك لأفعال لا توافق عليها وقد تندم عليها بعد ذلك "إذا لم يكن لك رأي فأنت ضحية لأي رأي" إن هذه الدراسة ليست لمجرد التسلية فحسب، بل يمكنك من خلالها معرفة خصمك ودراسته، بحيث تكون لك الكلمة النافذة لو نجحت في اقتحام دائرته وتسلطت عليها.
ولعلك تلحظ أن بعض المتخاصمين (المصارعون على وجه التحديد) يحاولون الضغط على خصومهم بالاقتراب منهم كثيراً وإلغاء وجودهم ونفوذهم، فضلاً عن أنها تفيد أيضاً في فهم المرء للناس واحترامه لخصوصياتهم، فلا تحاول الاقتراب من الغرباء عنك أكثر من اللازم وأنت تحادثهم لأن هذا بالتأكيد يضايقهم أو معظمهم على أقل تقدير.
ومنها يمكن أن تتعرف على المسافة التي ينبغي أن تتركها بينك وبين الآخرين خاصة في اللقاءات الرسمية، أو اللقاءات التي تهدف الى الحوار الحر حتى تكون هناك حرية حقيقية في التعبير؛ لأن تقريب المسافة بين المتحاورين يلغي حرية الفكر، ولهذا تجد البرامج الحوارية الناجحة تترك مسافة كافية وكبيرة - مسافة الدائرة الثالثة - بين المحاور والمتحاورين ليكون هناك حوار ديمقراطي حر، ولا نجد ذلك في البرامج التسلطية التي تحاول فرض رأي معين على المتحاورين والمشاهدين... والآن نعتقد أنك قد تفهمت سبب غضب البعض منك بسبب أمور قد لاتكون واضحة لك من البداية، وفهمت نفسك ومشاعرك التي تبدو أحيانا غير منطقية حيال بعض الأشخاص بسبب بعض التصرفات التي لا يقصدونها | |
|