هل يقيم الأسد المنطقة العازلة بتركيا؟
منذ عام والسؤال هو: متى تقيم تركيا المنطقة العازلة بسوريا؟ ولم يكن هذا
السؤال نتاج أوهام أو أحلام، بل بناء على التصريحات التركية، وقبل مجازر..
نعم مجازر، الأسد بجل المدن السورية الثائرة، حيث سبق أن أعلن السيد
أردوغان أن أنقرة لن تقبل بتكرار مجزرة الأسد الأب بحماه، لكن الأسد الابن
ارتكب مجازر، وليس مجزرة واحدة، دون أي تحرك تركي حقيقي ضد الأسد!
وعندما نقول إنه لا تحرك تركياً حقيقياً قد حدث ضد الأسد من قبل أنقرة،
فلذلك أسباب واقعية؛ فالمجازر الأسدية مستمرة، ومثلها التطهير العرقي بحمص،
ووصل الأمر إلى استهداف الأسد للحدود التركية، من تلغيم وإطلاق نار، وتوغل
ببعض المناطق، وهناك ما هو معلن، وما هو غير معلن، بل يجب ألا ننسى عملية
اختطاف المقدم السوري المنشق حسين هرموش من الأراضي التركية وتسليمه لنظام
الأسد، وهو لغز الألغاز، وبالطبع هناك الحادثة التي قُتل فيها اثنان من
اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية، ولذا فإن السؤال الآن ليس: هل
تفرض تركيا منطقة عازلة داخل سوريا؟ بل هل يفرض الأسد منطقة عازلة داخل
الحدود التركية؟
فالصمت التركي على تجاوزات الأسد ليس بحق السوريين، بل بحق السيادة
التركية، أمر محير، فالأسد يهدد الأمن التركي جديا من حيث تدفق اللاجئين
السوريين لتركيا، ناهيك عن أن الأسد يمارس أبشع أنواع الجرائم بسوريا
الجارة اللصيقة لتركيا الديمقراطية، وهذا أمر خطر على الأمن التركي، ويجب
ألا تسمح أنقرة بذلك، فالسعوديون، مثلا، أجبروا علي عبد الله صالح على
مغادرة الحكم، وتحت مظلة المبادرة الخليجية، عندما وجدت الرياض أن الشعب
اليمني قد وصل إلى نقطة الانفجار بسبب صالح، وقبل ذلك اضطر السعوديون إلى
التصدي للاعتداءات الحوثية على الأراضي السعودية، ولذا فإن السؤال هو: ما
الذي تنتظره تركيا اليوم مع كل جرائم الأسد وتعدياته السافرة على السيادة
التركية؟ فهل ينتظر الأتراك أن يباشر الأسد نفسه بفرض منطقة عازلة داخل
تركيا بدلا من أن يفعل الأتراك ذلك بسوريا؟ والقصة ليست سخرية، بل ها هو
وليد المعلم يتبجح بموسكو متهما الأتراك بإيواء «الجماعات المسلحة»
و«الإرهابيين»، فمتى ستتصدى أنقرة لاعتداءات وجرائم الأسد؟ هنا السؤال!
والحقيقة أنه ليس مطلوبا من أنقرة التدخل وحدها في الشأن السوري، فقلق
تركيا مبرر من أنها لا تريد الظهور كمعتدٍ على سوريا، أو كأن العثمانيين قد
بعثوا من جديد، المطلوب من تركيا اليوم، وتحديدا السيد أردوغان، أن يسعى
إلى تحالف الراغبين، في حال تقاعست الأمم المتحدة، وذلك من أجل وضع حد
لجرائم الأسد التي تهدد الأمن التركي أصلا، وكذلك لوضع حد للاعتداءات
الأسدية على الحدود التركية، فقد فعل ذلك السعوديون عند تحرير الكويت من
عراق صدام حسين، وخاضت الرياض المعركة السياسية، والعسكرية، وقبلها المعركة
الإعلامية، فما الذي ينتظره أردوغان، أو ما الذي تنتظره تركيا؟ هل ينتظرون
أن يباشر الأسد بفرض المناطق العازلة داخل الحدود التركية نفسها؟ أمر محير
فعلا!
طارق الحميد