رسالة "التمتين" إلى كل الناس..
[عذراً, الأعضاء المسجلين ذوي العضوية النشطة فقط هم المصرح لهم برؤية الروابط. ]
جربوا النمو و التطوير .. لا التغيير
هذا مقال في غاية الأهمية.. أرجو مشاركة كل أصدقائكم به، ولفت نظر الجميع إليه..
استكملت
الشهر الماضي (مارس 2012) العناصر الأساسية لنظريتي الخاصة بالتنمية
البشرية والتي أطلقت عليها عام 2007 نظرية التمتين. فبعد خمسة أعوام من
الأبحاث والدراسات والقراءات المركزة، والتفكير العميق في هذه النظرية التي
أرى فيها حلاً لمعظم مشكلاتنا الإدارية والاجتماعية والتربوية
والاقتصادية والنفسية، استطعت أن أثبت صحة النظرية، وأساسها العلمي، وأن
أضعها موضع التطبيق.
فما هي قصة التمتين؟ ولماذا يجب أن نمارسه ونطبقه في كل مناحي حياتنا؟
عملت
عام 1977 في معهد الإدارة العامة في "الرياض"، فبدأت علاقتي بالإدارة
والتدريب والتنمية البشرية. وعلى مدى 35 عامًا عكفت على القراءة والبحث
والترجمة والتأليف؛ وفي عام 1990 أصبحت مديرًا لمركز تدريب في "جدة"،
واستمرت علاقتي بالتنمية البشرية والتدريب منذ ذلك الحين. وكان مما لاحظته
عبر مسيرتي البحثية والمهنية أن قلة من برامج التدريب ومحاولات تغيير
سلوك الناس تلاقي نجاحًا، في حين يمنى معظمها بالفشل. وكنت دائمًا أسأل:
لماذا؟
شاركت متدربًا في عشرات
البرامج وورش العمل، ولم أتغير. وقدمت مئات برامج التدريب وورش العمل في
عشر دول عربية، وأعترف بكل شجاعة أنني أثرت في كثيرين، لكنني لم أغير
أحدًا. وعندما يخاطبني بعض الأصدقاء والعملاء والزملاء ويعترفون بأنني
دفعتهم إلى اتخاذ قرارات مصيرية في حياتهم لأنهم تغيروا، أقول لهم بكل
أمانة، بأن ما حدث هو تأثر وتطوير واستثمار لقدرات وملكات ونقاط قوة كانت
موجودة وكامنة لديهم، وليس تغييرًا في السلوك كما يدعي المدربون
والأخصائيون في مجالات الموارد البشرية وعلم النفس والتعليم.
اسألوا
خبراء التغيير والإبداع والجودة والقيادة أنفسهم: ماذا غيرتم في أنفسكم؟
والإجابة دائمًا لا شيء، أو لنقل: أقل من القليل. فلا يستطيع أحد أن
يدعي أنه غيّر أو تغير. لكن هذا لا يعني أن التغيير مستحيل. التغيير ممكن
في النفس البشرية الداخلية تفسيرًا لقوله تعالى: "إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم." وهذا دليل على أن التغيير صعب، ولكنه ممكن.
فقد أثبت العلم من خلال تصوير المخ أن أي تغيير في السلوك يلزمه أو
يزامنه تغيير داخلي في خلايا المخ. وتغيير المخ يحدث كل لحظة عبر عمليات
النمو والنضج والتطور، ولكنه مكلف ماديًا ونفسيًا، ويمكن أن يتحقق
بالصدمات المفاجئة، والإفادة الراجعة المتواصلة، والاستبصار والفهم العميق
المفاجئ، والنظر للأمور من زوايا متبدلة ومعاكسة. ولذا، فإن ما نستثمره
في التدريب والتعليم والإعلام لتغيير السلوكيات والاتجاهات، يحدث تغييرات
طفيفة، ولكن تكاليفه مخيفة.
لقد طورت
ما أطلقت عليه حتى الآن (سلم التغيير المتدرج)، وهو سلم تصاعدي لصعوبات
التغيير يشبه هرم "ماسلو" ويشبه قوس قزح في تدرجه وتركيز ألوانه. ووفقًا
لمعطيات السلم فإن التغيير يتدرج لدى كل الناس في صعوبته نزولاً من الأسهل
إلى الأصعب. فتغيير المعارف والمعلومات سهل، يليه إمكانية تحسين
المهارات، يتبعه في الصعوبة تبديل العادات، ثم استبدال وإحلال القيم، حتى
نصل إلى المواهب التي يمكن تطويرها دون تغييرها، أما الدوافع الذاتية
والداخلية فتغييرها شبه مستحيل، ولا يتم إلا داخل المخ، ويحتاج لأوقات
طويلة واستثمارات علمية ومالية وبشرية هائلة.
مع
اكتشاف منهجية التمتين أدركت أننا لسنا بحاجة إلى تغيير كبير. وفي بعض
الشخصيات وفي كثير من الحالات لا نحتاج أن نغير أحدًا. والسبب أن كلاً
منا ميسر لما خلق له. ولأن قيمة كل امرئ ما يحسنه. كما أن لكل منا بصمة
ذكائه الخاصة مثل بصمة يديه وبصمة عينيه. والسؤال هنا: لماذا نغير ما
خلقه الله مختلفًا؟
لقد خلقنا الله
مختلفين. والتغيير من خلال التعليم والتدريب المتشابه يخلق التماثل
والتشابه. وهذا ما ينتج طلابًا وموظفين ومديرين ضعفاء وعاديين ومتشابهين.
المطلوب هو أن نحافظ على الاختلاف والتنوع والتفرد والتجدد والتعدد من
خلال تمتين نقاط القوة المختلفة في كل منا، بدلاً من العزف على أوتار
التشابه الضعيفة.
ما أراه طبقًا
لنظرية التمتين الجديدة، هو أن الاختلاف أغنى وأثرى وأعلى وأعمق من
التشابه. ولهذا قلت: "لماذا نبحث عن المفقود ونترك الموجود؟" فما دام لكل
منا سمته وبصمته وقوته، فلماذا نعيد خلق الذي قد كاد يكتمل؟ هذا فضلاً
عن أن التغيير والتطوير والتدريب والتجريب لم ولن يحقق النتائج المرجوة
مقارنة بالتكاليف