قام بما أعتقده لازما ، أقام سياجا للفسيلة المغروسة في الطين وسط
إطار رخام الزقاق ، قام على حراستها زمنا ، يخاف الذراع الفلاذية ، تمتد
في الطول كلما أستطال بها الحنين ، اليد الخشنة تقتلع الحياة بلا شفقة ،
تملأ من عمرها وقتا ، لا ينتبه الناس لشجرة لا تؤتي أكلا ولا تفيئ ظلا ،
سنينا تفرعت الفسيلة منحت ظلا وثمارا ، أضفت على المكان رونقا وجمالا ،
لحق زمن الإقبال ، خَدَمُ السلطان يسألون عن الغارس ، الجند يتحرون عن
الحارس ، أراد أن يصنع
من نفسه إستثناءا للمواطن الصالح ، ذات صباح و العصافير تزقزق على الأغصان
وجد شمعا أحمرا على الأوراق، يمنع التجمع تحت الظل ، ربما صارت الشجرة
منبرا ، أو صنعت منها الأقلام دون علم مولانا ، في ذات الصباح وجد نفسه
وحيدا ، الوجوه الصفراء أصابت الأوراق بعدوى لونها ، يمضي الربيع خريفا ،
يترك ظله، يطعن في الظلال المنافقة العابثة وراءه ، راح يرسم على الجدار
صورة شجرة بلا أوراق كبرت في حينها.. في الجدار المقابل رأى رسما ، أيادي
بأصابع لولبية تحمل مطرقة وفأسا.