بقلم: سنا السوريةتورط الروس في المعادلة السورية وتشعباتها والتمترس في موقف الحامي
والمدافع عن نظام قاتل مجرم يسفك الدماء ويغتصب الاعراض ويقتل الاطفال
ويرتكب المجازر، وهذا اقل مايمكن وصف العصابة الاسدية، ولكن هل باستطاعة
لافروف وبوتين مهما استخدما من حيل ان يسوقان بشار الاسد حالياً او
مستقبلاً او يقنعان احدا ما بقبوله داخلياًً او خارجياًً وهل الحل المقترح
من كوفي عنان له حظاً من النجاح ام انه سيفشل وسيصيب الساعين لبقاء نظام
القتلة في الحكم الخذلان.
تتابع التصريحات لمسؤولين روس والتسريبات المتناقضة والمتسترة خلف
مواقف الدعم ونقدهم العلني لتصرفات بشار الاسد هدفها تسويق الدور الروسي
في حملة من العلاقات العامة بعد وصوله الى حافة الكارثة ومحاولة النأي
والابتعاد بقدر الإمكان عن نظام بشار المتهاوي في محاولة لايهام البعض
انهم على مسافة واحدة من الطرفين، وهذا غير صحيح ومقزز ولايمكن قبوله،
فالروس الداعمين بالسلاح والمزودين النظام بالمعلومات الاستخباراتية
والتقنية واقتراحهم طرقاًً أمنية للقضاء على المتظاهرين والمساويين بين
الضحية والجلاد في خطابهم، لن تنفع كل محاولاتهم في الالتفاف على السوريين
وإيهامهم انهم يسعون لحل تفاوضي.
لافروف أعلنها صريحة انه لايريد حكم السنة في سوريا ويسعى لبقاء
واستمرار حكم الأقلية وبقاء العلويين في حكم سوريا مع الحرص على بقاء
الاسلاميين بعيداً عن الحكم مع ادخال بعض التحسينات مثل إشراك بعض
المسيحيين في الحكم والذين يخشى عليهم من الفناء في حال انتصار الثورة،
وهذه مقولة سمعناها في اتفاقية سايكس بيكو من إعطاء الكنيسة الروسية حق
الاشراف على المناطق المسيحية المقدسة في فلسطين، فهل الروس مستعدين
للعودة لهذا الطرح الذي سقط سابقاً.
-
الروس والغرب يحاولون طرح حلولاًً ومبادرات وهم على قناعة انه لايمكن
تحقيقها حالياً، فلن يقبل النظام ان يتنازل عن جزء ولو هامشي من مكتسباته
ولا المنتفضين يقبلوا ان تبقى العصابة حاكمة في سوريا، فالعصابات الأسدية
توغل في القتل والتدمير وترفع في درجة الكراهية والحقد المتبادل وتجعل
الحلول التفاوضية مستحيلة، فلذلك هم يسعوا من هذه المبادرات إطالة الازمة
لاطول فترة ممكنة واستمرار الوضع على ماهو عليه، فعندما ييأس المنتفضون
ويصلوا الى قناعة انهم لن يستطيعوا اسقاط النظام، وان تترسخ قناعة لدى
العصابة الحاكمة بان ليس باستطاعتهم القضاء على المنتفضين وكتم انفاسهم،
وعندما يصل الطرفين الى قناعة بعدم المقدرة على الحسم ويبدؤوا بالتفكير
بامكانية المفاوضة والتنازل عن بعض مطالبهم، عندئذ يستطيع الغرب فرض رؤيته
لحل تفاوضي يضمن بقاء راس الحكم الاسدي مع زوال النظام الاستبدادي، مع
المحافظة على مصالح روسيا في سوريا بدون مساس.
مبادرة كوفي عنان وإصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن يؤيد المبادرة تأتي
في هذا السياق ولا تخرج عن تسويق حلاً لا يرضاه السوريين المنتفضين وسوف
يصاب كوفي عنان بإحباط من مماطلة بشار الاسد وتسويفه في انتظار ردوداًً لن
تأتي. والروس قبل غيرهم أدركوا ذلك وسعوا اليه فهم أيدوا مبادرة عنان
ودعموها واصروا على عدم تحديد اطار ومهلة لهذه المبادرة لعلها بلينها
وضعفها تنقذ نظام عصابة القتلة من مصيرهم المحتوم، والغرب رأى فيها فرصة
تنجيه من الانتقادات الشديدة لخذلانه للشعب السوري وعدم دعمه وتدخله
لحماية المدنيين.
-
الشعب السوري عرف درب الحرية وعلم كلفتها وقد سار على الطريق وضحى بالغالي
والنفيس لكي يصل الى هدفه، والثوار المنتفضين في حمص وادلب وحماه ودرعا
وبقية المناطق السورية وهم محاصرين تقصفهم الدبابات وتتساقط على منازلهم
قذائف الهاون ويتربص بهم قناصوا الاسد على مفارق الطرقات لم ولن يتراجعوا
ولو للحظة واحدة عن اسقاط النظام.
السوريين قدموا للعالم معنى للصبر والتضحية والشجاعة ولن يثنيهم تخاذل
العالم بأجمعه عن نصرتهم من إكمال الطريق حتى النهاية، لذلك عندما توضع
الحلول وتقترح المبادرات ولكي تنجح يجب على واضعيها الأخذ في الاعتبار
تضحية السوريين وطلباتهم والا سوف تفشل جميعها.