...*بقي عندي مقالان الأول عن الدولة الدينية والثاني عن الجيش الحر والعسكرة، ثم أختم بمعايدة للثورة ولأمي.
يعود
سبب عزوف كثير من السوريين عن الدخول بالحراك الداخلي إلى ثلاث جهات:
الأولى تتعلق بالنظام وبطشه، والثانية تتعلق بطبيعة الناس نفسها ورغبتها
بالمشاركة بأساليب أخرى غير الموجودة ، والجهة الثالثة هي الثورة والثوار.
وأهم
الأسباب عند الجهة الثالثة برأيي هو ضبابية الطرح الموجود لشكل الدولة
المستقبلية، والاكتفاء بشعارات عامة دون الخوض في تفاصيل تشكل بحد ذاتها
حقل ألغام لم يجد من يعبره بجرأة ووضوح. هل ستكون دولة دينية أم علمانية
مع فصل الدين، أم شكل هجين بين الإثنين.
لن أدخل في
تفاصيل عن تعريف هذه الأشكال ومواصفاتها، كما لن أتبنى أي طرح منها، ولكني
ستكون مقالتي عبارة عن تساؤلات بحاجة لإجابة واضحة موجهة لمن يتبنى أي شكل
من هذه الأشكال.
أولاً: إلى المنادين بالدولة الدينية:1- هل سيكون شكل الدولة مبنياً على مذهب معين، وماهو، وعلى أي أساس سيتم اختيار هذا المذهب؟
2- ماهو الموقف من أتباع باقي المذاهب والذين ينادون أيضاً بدولة على مذهبهم؟
3- ماهو الموقف من أتباع باقي الطوائف والديانات والتي لا تؤمن أصلاً بشرعية مرجعيتكم الدينية؟
4- ماهو الموقف من حقوق المساواة بين المواطنين، هل لهذه المساواة مستوى معين يجب أن لا تتجاوزه؟
5- ماهو الموقف في حال وجود تناقض بين أي طرح سياسي أو إنساني عام وليس شخصي في أي من مجالات الحياة وبين مرجعيتكم؟
6-
كيف ستم التوفيق بين المرجعية الالهية لدولتكم، وبين اللجوء للأسلوب
الديمقراطي في وصولكم للسلطة والمعتمد أساساً على مرجعية البشر والقوانين
الوضعية؟
7- هل سيكون الحكم عندكم نابع عن إرادة الشعب بوسائل التعبير والإختيار الديمقراطية، ويخدم مصالح الشعب حسب رغبته وقراره؟
8- ماهي حدود مشاركة الباقين معكم في الحكم؟
9-هل ستطبقون كل الأحكام الموجودة في دينكم على الآخرين، حتى وإن لم يعترفوا بشرعيتها أصلاً؟
10- وأخيراً، تخيلوا أن مذهباً أوديناً آخر وصل للسلطة وطبق دولته الدينية على مذهبه أو دينه، فما موقفكم في هذه الحالة؟
ثانياً: إلى المنادين بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة واعتباره أمراً خاصاً بين الإنسان وربه:1- على أي قاعدة وعلى أي أساس موجود ومعروف ستبنون هذه الدولة ( أي نموذج ) ؟
2- ماهو الموقف من أتباع الديانات والذين يريدون تطبيق قوانينهم وعقوباتهم على من يخالف قواعدهم الدينية؟
3-ماهو الموقف من الآخرين الذين يعتبرونكم خارجين عن الدين أصلاً ويجب تقويمكم؟
4-ماهو
الموقف بالنسبة لمن يؤمن بوجوب تطبيق قواعد معينة على حقوق المرأة
والميراث والزواج والطفل، والتي قد تخالف قوانين الدولة التي تحكمونها؟
5-ماهو الموقف في حال طبقت جماعة معينة قوانينها الدينية على نفسها وهي تخالف قوانين الدولة التي تحكمونها؟
6-كيف
سيتم مراعاة حقوق أتباع الديانات في مراعاة مرجعيتهم التي يعتقدون بوجب
اتباعها، وذلك في إزالة كل مايؤذيهم بصرياً وسمعياً وتربوياً واجتماعياً؟
7-إذا
أدت القوانين التي أوصلتكم للسلطة إلى وصول أتباع الدولة الدينية للسلطة،
فهل ستقبلون بذلك وأنتم تعلمون أنهم سيغيرون هذه القوانين إلى قوانين أخرى
تناسب مرجعيتهم؟
8-ماهي حدود مشاركة الباقين معكم، وأنتم تعرفون أن ليهم مرجعية أعلى وأولى بالاتباع فيما يتعلق بالقوانين والأنظمة السائدة؟
9-هل ستطبقون أحكام الدولة على من لا يعترف بشرعيتها أصلاً، وإن رفضوا هم التطبيق لأسباب دينية، فماذا ستفعلون؟
10-تخيلوا أن أتباع تيار سياسي أو ديني آخر وصل للسلطة، وغير قوانين الدولة بما يناسب اتجاهه، فما الموقف؟
ثالثاً: المنادين بالدولة الهجينة:كل ماسبق، إضافة للسؤال الأهم:
ماذا ستأخذون من الدولة الدينية، وماذا ستأخذون من الدولة العلمانية، ومن يقرر؟؟
الإجابة على ماسبق سيساهم في توضيح شكل الدولة المنشودة، وآخر ما أتمناه أن يكون النزال بين الطرفي في المستقبل كصراع الديكة.