سلسلة المواقف
العصبية و الشديدة الحدة التي ميزت نقاش مجلس الأمة الكويتي الأخير حول
الأزمة السورية قد أثارت العديد من علامات الإستفهام المستقبلية وخصوصا
بعد أن دخلت الإتهامات الطائفية المرفوضة على الخط فاتحة بذلك الطريق
لصراعات مؤسفة ولتنابزات لها بداية وليس لها نهاية , فالطريق إلى جهنم
يبدأ من تلك النقطة تحديدا...!.
وبين ثنايا الأحداث وتطوراتها تبرز مواقف عدد من النواب الكويتيين
بإعتبارها الصورة الفاحصة لما يجري من خلافات وإختلاف رؤى , وهنا يعود
للصورة النائب المحترم فيصل سعود الدويسان والذي بتصريحاته المؤسفة ضد
الثورة السورية وحرية الشعب السوري ينثلم جزء مهم من مشاعره الأدبية
وأحاسيسه الإنسانية المرهفة , فمن الواضح إن السيد الدويسان ومعه رهط قليل
من أحباب النظام السوري في طليعتهم الرفيق المناضل "البلبل الإيراني"
لايخفون أبدا مشاعرهم المؤيدة إلى حد الجزع لرأس النظام السوري القاتل
والمجرم والمعروف بإنتهاكاته لإنسانية الإنسان , وهو نظام يمارس الإرهاب
الشامل منذ أن تمت صناعته في كواليس الغرب في 8 مارس عام 1963 وساهم أبشع
مساهمة في الهزائم القومية , وكرس السياسة الأمنية والإستئصالية وأبدع
أيما إبداع في حرق وتهديم وإستباحة المدن السورية الثائرة بينما توارى
خجلا أمام الغارات الإسرائيلية التي كانت تتجول فوق قصره الرئاسي بحرية
وراحة لامثيل لهما , هذا النظام الذي لم تسلم من جرائمه كل العناصر الخيرة
والمناضلة من الطائفة العلوية الكريمة ذاتها وحيث كان ضحاياه من العلويين
هم البداية في حملات الإستئصال , دفاع الدويسان ورهطه وبلابله عن النظام
السوري للأسف مخالف لكل الطروحات الدينية والإنسانية التي يتمسك بها
ويعلنها ويفتح ذراعيه في الهواء بالدعاء لها ? والثورة السورية ليست أبدا
من صناعة قناة "الجزيرة" بل أنها صناعة شعبية خالدة كانت مستمرة منذ عام
1963 ضد الفاشية البعثية بحمولاتها الإرهابية والطائفية وتواصلت الأجيال
السورية في حمل رسالة الثورة من الأجداد الى الاحفاد الذين يسطرون اليوم
أروع ملاحم الحرية والكرامة , الدويسان وكذلك ذلك البلبل الفتان المغرد في
البستان السوري يعلم جيدا بحقيقة الوضع السوري وبمظلومية السوريين ولكنه
للأسف ملتزم كما أعلن سابقا بنصرة موقف الولي الفقيه الذي يؤمن به
وبفتاويه وهو المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يقلده شرعيا السيد الدويسان
والذي تعادي فتاواه ومواقفه الثورة السورية ولأسباب لاعلاقة لها بالموقف
الطائفي بل بالموقف السياسي فخامنئي ليس مرجعا فقهيا فحسب بل أنه مرجع
سياسي أساسا ومواقفه ذات علاقة مباشرة بمصلحة الدولة الإيرانية وإن تعارضت
مع الموقف الإسلامي العام ? وإلا فإننا لا نعتقد بوجود أي مرجع ومن أي ملة
أو دين يمكنه الدفاع عن نظام البعث السوري المجرم ? أي بصراحة إن مواقف
الدويسان تتعارض تماما مع الدستور الكويتي لأن كلمة واحدة من الولي الفقيه
هي أكثر إحتراما وتنفيذا وواجبا للطاعة من الدستور الكويتي ومن أي أحكام
وصيغ وضعية أخرى ? ومن جانب آخر فإن البلبل الإيراني الذي يغرد هذه الأيام
بكثافة لمصلحة النظام السوري ويتغزل بالدستور السوري الجديد هو نفسه من
يهاجم علنا في منابر لندن وفي حضرة المعارضة البحرينية التابعة للنظام
الإيراني المملكة العربية السعودية بكلمات واضحة تدعو لسقوطها و إسقاطها ?
وهو نفسه الذي هتف في تجمع النجف في العراق ضد الشرعية البحرينية وفي حضرة
نواب الولي الفقيه في العراق أحمد الجلبي وإبراهيم الجعفري وصولاغ أفندي!!
, وهو المستمر أيضا في مواقفه المعروفة و التي يتدثر تحتها بعباءة الدفاع
عن المصلحة العامة , إنني أتساءل حقيقة عن موقف من يقلد الولي الإيراني
الفقيه في حالة إندلاع حرب في المنطقة تهدد الوجود الخليجي فمع من سيقفون
? وفي أي سفينة يركبون ? ووفق أي طريق يسيرون? المنطقة والأوضاع الداخلية
في ظل حالة الإستقطاب الشرسة اليوم لا تتحمل أي مواقف مزدوجة فإما الوقوف
مع الأوطان بشكل صريح و إما تبني الخطاب المعادي الآخر ? و أي لعب بين
المنطقتين هو من طراز الألعاب البهلوانية الخطرة!! , جميعنا يعلم بأن
حالات التشابك القائمة في المنطقة تهدد اليوم بإعادة صياغة شكل الخريطة
الإقليمية , والمواجهة الغربية مع النظام الإيراني قائمة ولربما تشتعل و
تلتهب قريبا فمع من سيقف أنصار النظام الإيراني ? ومعركة إسقاط النظام
السوري هي إحدى معارك الجبهة الإيرانية أساسا والوقوف مع النظام السوري
المجرم ترجمته و معناه تأييد النظام الإيراني في حربه المعلنة للهيمنة على
المنطقة وفرض أجندته الطائفية و العرقية المعروفة منذ عام 1980 ? السيد
فيصل الدويسان هو اليوم يمارس اللعب الخطر في الوقت الضائع وبلابل إيران
مازالت ترفع نسخ الدستور السوري المسخ الجديد وتهدد بإحتلال البحرين..!!
فإلى أين نحن سائرون ?