حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 الأرواح الشريرة للمصاعد نجوى بن شتوان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سوسية
ثـــــــــــــــائر نشيـط
ثـــــــــــــــائر نشيـط
سوسية


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 159
معدل التفوق : 341
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 05/03/2012

الأرواح الشريرة للمصاعد  نجوى بن شتوان Empty
12032012
مُساهمةالأرواح الشريرة للمصاعد نجوى بن شتوان

الأرواح الشريرة للمصاعد
نجوى بن شتوان

الأرواح الشريرة للمصاعد  نجوى بن شتوان Najwa


في
البناية حيث عشت وليس في البناية حيث ولدت، يوجد مصعدان، أحدهما عاطل إلى
الأبد منذ أخطأ المهندس تركيبه، وعاد لبلاده وضرب تلك البلاد البعيدة
زلزال عنيف، سحق رأس المهندس تحت أحد الأقبية، فدفن بمكان لا يمكنه العودة
منه إلى بنغازي وإصلاح الخطأ.


أما
المصعد الثاني فقد حظي بعقل غير مشوش ركبه تركيبا ممتازا، وهو ما جعله
يعطل أحيانا تحت وقع الإجهاد اليومي وأحياناً حين تشهد البناية حدثا جامعا
للناس، لكنه ما يلبث أن يستجمع قواه ويعود للعمل مثل دلو حديدي كبير،
تحركه الكهرباء بدلا عن البغال، حتى لا يقال بأن حياة المدن هي عبارة عن
أنواع صغيرة من المكابدات، تتجمع مع بعضها لتصنع الجحيم الخاص بساكني
المدن، والمصاعد المتلكئة جزء من فسيفساء الأنواع تلك.


سارت
حياتنا على متن المصاعد حتى كبرنا فيها دون أن نشعر أنها صارت واحدا من
أعز أصدقاء طفولتنا ومشيبنا، لا يمكن أن نتحدث عنه دون أن نبكي، أو نحكي
قصة لا يكون موجودا فيها، أو نحفظ سرا لا يكون مطلعا عليه قبلنا.


ولأن
التيار الكهربائي الذي يعمل به المصعد قل ألا ينقطع، فإن تعرض كل واحد من
السكان للاحتجاز في مصعد البناية يقدر في العام الواحد مابين 90- 120مرة
تقريبا، إضافة لتوقفه حتى في وجود الكهرباء لأسباب تتعلق بجوهر الحياة
المدينية كما هي عندنا.


لكني
لا أعلم كيف يغدو من عادات سكان المدن مواجهة صعوبات العيش في مدن ينقصها
كل شيء من العيش الطبيعي، لهذا فإن أول ما رأيتهم يفعلونه عندما ينتقلون
لبناية جديدة، هو أنهم يرسلون الرسائل القصيرة لأهلهم وأقاربهم وأصدقائهم،
يعلمونهم فيها عن عنوان البناية الجديدة وعن حالة مصعدها، ويطمئنونهم إلى
أن صحته يجب ألا تتسبب في قطع صلة الرحم بينهم، وأنهم حظوا بمساعدة من
الله الذي يساعدهم دائما في أي بناية ينتقلون إليها، فوجدوا حلا محليا
لحران المصاعد وتوقفها عن العمل بعد انقطاع الكهرباء، وأن تلك العادات غير
الصحية للمصاعد يجب ألا تفزعهم أو تروعهم، فهي تصبح إحدى مشكلات الماضي
إذا ما قاموا بسحب ردفه المصعد الداخلية، ودقوا المصعد من الداخل بقوة،
ليثيروا انتباه من في الخارج إلى أنهم محتجزون في الظلام دون أكسجين، كي
يهب شخص ما إلى إنقاذهم، دون حاجة للموت من فوبيا الأماكن المعتمة
والمغلقة والمرتفعة، وتوفير ذلك الخوف لمناسبة تستحقه، أو حادثة يكون فيها
الإقبال على الموت، ناتجا عن الموت نفسه وليس عن الخوف.


ترتب
على تلك الحلول المحلية جدا، عدم وجود إمرءٍ يخاف، فعملية فتح باب المصعد
لا تكلف من يقوم بها إلا أن يكون ألِفَ المصاعد على اختلاف أنواعها
وألفته، بل أن الأطفال الذين ولدوا في البناية واعتادوا توقف المصعد بهم
وهم في أحشاء أمهاتهم، ما عادوا يخشون الصعود والنزول فيه وحيدين، حين
تعلموا النزول للبقالة المحاذية للبناية أو النزول لباص المدرسة أو اللحاق
بعربة القمامة، فقد رأوا آباءهم يفتحونه مئات المرات ويحررون من بداخله
دون أن يذرف أحد الدموع على أحد.


كان
على كل شقة أن تحتفظ بالحل في درج من أدراج المطبخ، مفك متوسط الحجم
يهرعون إليه عند اللزوم، لفتح براغي أحد ردف باب المصعد، ثم يقوم الشخص
المحتجز بالداخل بتسيير عجلة الباب يدويا لكي ُيفتح جزء من المصعد دون
كلمة سر، ودون استخدام جرس الإنذار الذي جعله مصممو المصاعد يعمل
بالكهرباء ويعطل بالكهرباء، فلا وظيفة لتلك الأجراس أصلا في جميع المصاعد
إلا استهلاك الطاقة أو تذكير مصممي المصاعد في المستقبل إلى ضرورة إيجاد
وسيلة لتفعيل وجودها وجعلها ترن عند انقطاع الكهرباء، في الأقل من أجل
الاستغناء عن الطريقة التقليدية في طلب النجدة، وهي المعتمدة على إعمال
اليدين والقدمين والحنجرة لإنقاذ بقية الجسد.


ليتم
ذلك التفعيل متى ما تم، فالبنايات عندنا في الوقت الحالي ليس فيها بوابين
تقرع لهم الأجراس، فيهرعوا مسرعين لطالب النجدة، مثلما أخطأ الأب الروحي
للمصاعد وتخيل، لأن من أعراف مهنة البوابة عندنا أن يكون البواب مصريا
وليس ليبيا، ليس لأن الليبي شخص لا يقبل أن يعمل بوابا، حتى وإن كان ذلك
هو الحل الوحيد لمشكلة البطالة، بل لأن الليبي شخص مستعد أن يعمل في عمل
أقل من البوابة، لكن في بلاد أجنبية لا يوجد بها ليبيين.


إذن
في الوقت الحاضر ورئيس البلاد يحارب الشعب، لا توجد ضرورة لأجراس الإنذار
في مصاعد البنايات، حتى لو لم يهرب بوابي العمارات إلى بلادهم خوفا من
كتائب القذافي، فالأجراس تبقى مجرد أجراس تضيء لكنها لا ترن، والمصاعد بها
أو بدونها تتوقف وتعطل، حتى أفراد أولئكم الكتائب الذين أتوا لإخضاع
بنغازي، لم يكن بوسعهم إجبار المصاعد على نقلهم من أسفل العمارات إلى
أعلاها، لأداء وظيفتهم كقناصة أكفاء، فهم لا يعرفون كيفية التعامل معها
بحكم إعدادهم في صحاري أفريقيا ليقنصوا كل ما له عقل وروح.


لقد
كان بوسع طفل صغير ترعرع ما بين المصاعد المتهالكة واعتاد لف المفكات في
أبنيتها القديمة، أن يقوم بتحريرهم من الاختناق داخل مصعد معتم، إلا أن
البنايات كانت خاليه تماما من الأطفال الذين غادروها هربا من راجمات
مجنونة تسابقت إلى هدم مدينتهم، أولئكم الأطفال الذين يعرفون كيف يفتحون
أبواب كثيرة موصدة، عندما يعودون لبناياتهم ويكبرون بين طلوع المصاعد
ونزولها واستراحاتها المتعددة لإلقاء التحية على جيران الطوابق الأخرى،
سيروون لجيل جديد يولد في المصاعد، كيف ُخنق بضعة من مرتزقة القذافي داخل
مصعد بناية هرمه، مصعد في بناية غير هذه البناية ومدينة غير هذه المدينة،
كي يبقى الأطفال ينزلون للبقال وباص المدرسة ويلحقون ببائع غزل البنات،
وحتى لا تنقطع صلة الرحم مع الأقارب والأصدقاء، بسبب أرواح المرتزقة وما
ينسب إليها من تصرفات غريبة تفاجئ بها المصاعد راكبيها.


سيروون
أن مجيء المرتزقة إلى مدينتهم، كان مناسبة اغتنمت لإحداث ثورة ما بين
مصاعد البناية، أصلحت العاطل وأوقفت العامل، دونما حاجة لانتظار أن يبعث
الله المهندس المقبور حيا من جديد، أو ينتهز أحدهم الفرصة، كي يروي حكاية
عن الأرواح الشريرة في مصاعد البنايات، جميع البنايات، دون استثناء تلك
التي لم يهرب منها أحد يوم دخول الكتائب لبنغازي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الأرواح الشريرة للمصاعد نجوى بن شتوان :: تعاليق

avatar
رد: الأرواح الشريرة للمصاعد نجوى بن شتوان
مُساهمة الإثنين مارس 19, 2012 12:15 pm من طرف عادل33


الأرواح الشريرة للمصاعد  نجوى بن شتوان Www.almsloob.com-90b67bca1f
 

الأرواح الشريرة للمصاعد نجوى بن شتوان

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الحريم الكولونيالي والعين الشريرة
»  داريوش شايغان: الفضاء الافتراضي بمثل ثراء العالم الأسطوري ـ الشعري ألان فالاد وباتريس فان الترجمة عن الفرنسية: نجوى بركات
» ذكريات ميلتون حاطوم: أرابيسك برازيلية - ميلتون حاطوم بقلم: نجوى بركات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: