لأمْبيكلابروسَ1 الخُرافيِّ الناشفِ على الحبل
(لأمبيكلابروسَ نديمي وحُجَّتي في الكوابيس)
للمقفّع وابنه المتهدِّلين لُفافةً تومض في فم القمر
لسمعانَ العامودي وهو يصوِّب عدسة الـ ديجيتال
على براعمِ “شجرة الدر” تحت القباقيب
وعلى ذراعَي رابعةَ العدويةِ المشرئبةِ إلى رياض العطر...
لهؤلاء وسلالاتهمُ
(المتقاطعةِ المتناحرةِ المجتمعة هُلاماً مع الريح)
لكم جميعاً أستدير بمكبِّر الصوت، وأُنصت للطبول:
أمبيكلابروس. – نطقَ هامداً، كمن يقدّم نفسه بقوّة الخنوع،
أو يسمّي الميت الذي يرقد في جواربي الآن.
لم أحِر جواباً، ومثلَه كنتُ لا مبالياً تعقد لسانيَ الكلمات.
أمبيكلابروس!- كرّر وهو يضغط على الفرامل بقوّةٍ
لحظة الانتقال من الأصفر إلى الشمس،
لإخراجيَ من الجُبّ.
أنت، يا أمبيكلابروس، - ولم أُمِطِ الصداعَ الذي
يقرع كأسَه برأسيَ طول الليل، - أنت فارعُ الطول، يصعب أن
تُلِمَّ بما صغيرٌ هكذا يسرِّع نبضي
ويرفعني يمامةً تشبك رئتيها بدبّوس.
لم أقل ما ظننتُه كلاماً راودني أو قرأه تمتمةً سابحٌ في خليج دمي
يريد أن يُنكِر، قبل أن يصيح الديك ثلاثاً، ما يتخطّفني من أمواج حُبّ:
فلأعُدْ إلى النوم، ووداعاً، يا أمبيكلابروس الطالعَ من الطين!
دعِ الحرير الذي يفتك بأصابعك وأنت تجرُّني به إلى الأرض.
كلٌّ يبحث عن شيء يخلّده أبداً
(دَجلاً، ضلالاً، وهماً...)، أو إلى حين... – وزاد أمبيكلابروس
شدَّ نواجذه على معصمي: - أنتَ تتعذّب بالسؤال:
“مَن يخلِّد مَن؟”.
... في الحلقة السادسة عشرة أتلوّى في مِرجلي، شاخصاً بناظري إلى
ألليِغري:
رُدَّ لي ساعة من هناء النسيان لأُهديَ سواد شعرها وعينيها
جذوةً في دمي لا تموت!..
أيُّ شيء أشدُّ قوّة وسموّاً وبقاء من هذا اللهيب الرميم!- تَهدِل بياتريس
وهي تعلِّقنا بطوق حمامتها وتطير بنا إلى فوق.
آهٍ، يا أمبيكلابروس، أنتَ تضحك من سذاجتي؟!
ليتَ صدرك الدافئَ يرميني على العُشب.
أوقِفْ جيادك، إذاً، واقذِف بي إلى الأرض:
إلى الفوضى التي تجعل السِّوارَ ضيِّقاً على القلب
إلى القهوة الانفرادية في زنزانة صمت الصباح
إلى السيف الساهر كأضلاع حوّاءَ صغيرةٍ فوق جثّتي النابضة بالحياة
إلى ديمقراطيةٍ تحكم غيابياً بالإعدام
إلى افتقار المجامر الموقَدة تحتنا إلى العار.
... لم يكن بيننا أي شيء
لم يكن تحتنا أي ريح
لم نكن
لم تبعثرْنا ثيابُ أيلولَ الصفراء
ولا صلابةُ جوزةِ الهند بين الضلوع:
كنتُ وحيداً
أتملّى صورتكِ المرفرفةَ في الفضاء.
هامش:
1- أمبيكلابروس اسم أوجدناه، بصعوبة نطقه وملمحه الإغريقي القديم، للإشارة إلى ما يصعب التقاطه، أو تسميته، أو الإحاطة به عن طريق الكلام، إلى ما يشبه الـ “أنا” الثانية فينا، أو القرين، أو المجهول الهلامي الحاضر...
الثلاثاء ديسمبر 31, 2013 10:08 am من طرف حسين