[rtl]حينما يريد الباحث أن يشخص مفهوم الحقيقة عند ش. س. برس فإنه يقع في مسالك ضيقة نظرا لأن هذا المنطقي والرياضي والميتافيزيقي متعدد الأبعاد متنوع التفكير كثير الكتابة، فإذا أجمع الباحثون على أنه أهـم فلاسفة أمريكا في العصر الحديث، أو على الأقـل من أهمهم فإنـهم لا يتفقون في تشخيص آرائه وإثبات تماسكها وانسجامها.[/rtl]
[rtl]إلا أن ما كاد الرأي يستقر عليه هو أن برس تَبَنَّـى موقفا نقديا مناوئا للميتافيزيقا التقليدية، وأنه هو مؤسس المذهب الذرائعي أو الذرائعاني، وخصوصا في أعماله الأخيرة، مع التنبيه إلى أن تحقيب تفكيره يختلف من باحث إلى آخر. على أن كثيرا من الآراء تميل إلى أن برس يتميز تفكيره الذي صاغـه فيما بعد 11907عما قبل هذا التاريخ، وما دام إشكالنـا هو البحث عن الموقف من ميتافيزيقيا الحقيقة فإننا سنَتَبَنَّـى هذا التقسيم. وسندعو المرحلة الأولى بالاسمية، والمرحلة الثانية بالواقعية مع التسليم بامتداد تفكير المرحلة الأولى في المرحلة الثانية.[/rtl]
[rtl]I ـ المرحلة الاسمية[/rtl]
[rtl]يمكن اعتبار هذا التحقيب قسمة كبرى يحتوي كل طرف منها على حقب صغرى. وهذا ما فعله كثير من الباحثين. ولـهذا رصدت ثلاث حقب أساسية :[/rtl]
[rtl]1 ـ الحقبة الأولى:[/rtl]
[rtl]الحقبة الأولى هي الكانتية (1855 ـ 1870) حيث راجع فيها المقولات الكانتية مثل العلاقة والكمية والكيفية، والجهة، وهي مقولات مستمدة من المنطق الأرسطي القديم، وهي تتشاكل مع الكلية، والإثبات، والجزم، والإمكان. ولكن مراجعته بقيت ضمن الإطار المنطقي الأرسطي فأبقى على مقولة العلاقة ومقولتي جهتي الإمكان والضرورة، ومقولة الشـيء في ذاته، ولكنه رفض مقولة الجزم، ومهما يكن فإن "كانت" مـن أهم المؤثرين في برس الذي كان يخصص ساعات عديدة مدة سنـوات لمدارسة نقد العقل الخالص، حتى كاد يحفظه2.وتبنى أطروحة "كانت" المركزية التي تدعي: أن "وظيفة الوعي هي اختزال تعدد الانطباعات الحسية إلى وحدة"3.[/rtl]
[rtl]2 ـ الحقبة الرياضية المنطقية :[/rtl]
[rtl]تتلو هذه المرحلة مرحلة العلائق (1870 ـ 1884 أو 1887). وقد تأثر فيها بالمنطقي "دومركان" De Morgan الذي كتب مقالة سنة 1866 حول منطق العلاقات مقترحا فيها قائمة جديدة للمقولات. وقد بعث "دو مركان" بـها إلى برس فكتب من جرائها مقالة حول وصف ترميزي للمنطق العلاقي، كما تأثر فيها بالرياضي دو بوول De Bool. وقد تجلى تأثر برس في إقامة فلسفته الميتافيزيقية ومنهاجيته الدليلية على مقـولات ثلاث أو على علاقة بين أطراف ثلاثة. وبناء على هذا التأسيس فإنه لا يمكن أن تفهم أية ظاهرة ضمن حد واحد أو حدين، أو ضمن أربعة حـدود، وإنـما في إطار علاقة بين الأطراف الثلاثة. ولذلك، فإن ما دون الثلاثة يجب أن يصير إياها، وإن ما فوقها يجب أن يختزل إليها4.والمهم أن هذه العلاقة الثلاثية المنطقية والرياضية تأسست عليها فلسفة برس الميتافيزيقية ومنهاجيته الدليلية والعلمية.[/rtl]
[rtl]3 ـ الحقبة التطورية :[/rtl]
[rtl]إلا أن برس لم يقف عند العلائق المجردة، وإنما منحها مستندات تطورية وتأسيسات ظاهراتية (1887 ـ 1907). ويرى بعض الباحثين أنه أنفق من حياته ما يقرب من ثلاثين سنة لإنجاز تصور انتظام كوني (كوسمولوجيا) يرى أن العالم سيرورة متصلة نحو الانتقال من العماء إلى النظام، ومن لعبة المصادقة إلى قاعدة5القانون. ومن الذين تأثر بـهم الطبيعانيون الذين من أشهرهم Agassiz, Louis وخصوصا كتابه محاولة في التصنيف (1867)، ولـهم أطروحاتـهم في نشأة الكون وتكون المخلوقات، كما تأثر بالنظرية التطورية بصفة عامة6.وما يهمنا في هذا الصدد هو تأثره بالنـزعات التطورية المختلفة التي انعكست في فلسفته الميتافيزيقية وفي دليليته. ويجده القارئ يناقش هيجل وشيلينغ رافضا الأفكـار المجردة والمنهاجية الجدلية، ولكن في الوقت نفسه يأخذ بمثالية موضوعية ترى أن نسق الطبيعة مساوق لنسق الأفكار7،والحق أن مسألة المساوقة ضاربة الجذور في الفكر البشري منذ مثالية أفلاطونية إلى الواقعية المدرسة فإلى الواقعيات الجديدة ؛ ومن ثمة فإن هناك مساوقة بين الإدراك البشري وبين الموجودات ذلك أن "كل شيء يقدم لنا هو تمظهر ظاهراتي لذواتنا"8.[/rtl]
[rtl]II ـ المرحلة الواقـعية[/rtl]
[rtl]تلك هي حقب المرحلة الاسمية التي اعتمدت على الفلاسفة المثاليين والـمُتَدَيِّـنين، ولعل الفقرة التالية تعكس ما قدمناه، يقول : "الكون علامة هائلة، ورمز عظيم لقصد الله يصنع خلاصاته من الواقعات الحية"9،و"الكون الشامل ليس كون الموجودات فقط، ولكنه هو الكون الشامل كله المحتوي على الموجودات باعتبارها جزءا،أي ذلك الكون الذي اعتدنا أن نحيل عليه باعتباره "حقيقة"، كل هذا الكون متشرب بالعلامـات، إذا لم يكن مركبا بصفة خاصة منها"10.[/rtl]
[rtl]1 ـ حقبة الإرهاصات الواقعية :[/rtl]
[rtl]قد يفهم مما تقدم أن النـزعة المثالية كانت هي المهيمنة على توجهاته الميتافيزيقية والدليلية رغم حديثه عن العادة وتحولاتـها وعـن دور المعتقدات والمقاصد والغايات في كتاباته سنة 1877، و 1878، و 1900، أي أنه بقي محصورا في نطاق الحديث عن العلامة التي تتولد منها العلامة ؛ أي في إطار الأقوال لا الأفعال، وقد يفهم آخرون أنه كان واقعيا منتقدا للفكر الميتافيزيقي منذ بداياته الأولى. ولكل من الفهمين أدلته في كتابات برس. وللخروج من هذا المأزق يجب افتراض تحقيب آخر لتطور فلسفة الرجل. والتحقيب الإبستمولوجي المقترح هو ثلاث حقب، أولاها حقبة مثالية (1839 ـ 1877)، وثانيتها حقبة مشوبة بالمثالية والواقعيـة (1877 ـ 1907)، وهي التي وقع فيها الانتقال من الشكلانية الكانتية نحو الذرائعية والطبيعانية والتجربانية، وثالثتهاحقبة واقعية11.[/rtl]
[rtl]2 ـ الحقبة الواقعية :[/rtl]
[rtl]إذا كانت الحقبة الوسطى مشوبة أو متشربة للمفاهيم الكانتية، ومنها الذرائعية، فإنها تشربت أيضا بالطبيعانية التي كان يمثلها أكاسّـيز Agassiz، وبالتطورية الداروينية. وكان لـهذه النـزعات العلمية أكبر الأثر في الحقبة التي أسميناها بالواقعية ؛ وهي حقبة تمتاز بنقد الميتافيزيقا والقضايا التي تتحدث عنها فرأى أنـها غير ذات معنى وعبثية، وتمتاز بتطويره للمنهاجية الذرائعية التي تبناها منذ سنة 1878 في مقالته الشهيرة : "كيف نجعل أفكارنا واضحة"، ووصل التطوير أوجه في سنة 1907. إذ يمكن اعتبار هذا التأريخ بمثابة قطيعة مع الاتجاه المثالي السابق12.[/rtl]
[rtl]يظهر من أقواله عن الذرائعية أنه حافظ على معناها الكانتي الذي هو الفعل أو العمل، ومن ثمة أقام ترابطا بين المعرفة العقلية والغاية العقلية، ومن ثمة فإنـها أيضا "ليست مذهبا ميتافيزيقيا وليست محاولة لتحديد حقيقة ما للأشياء،ولكنها مجرد منهاجية لتحقيق معاني الكلمات القوية ومعاني المفاهيم المجردة"13.ولتحقيق هذا التحديد فإنه اقترح قواعد تقوم على الـهدم والبناء ؛ يتعلق الهدم بالمسائل الفلسفية المزيفة، وبإبعـاد المسائل الميتافيزيقية، وأما البناء فيتجلى في اقتراح حلول للمسائل الفلسفية "الحقيقية" بالمناهج التجريبية المعتمدة على الملاحظة والاستقراء، ووسيلة الهدم والبناء هي تحليل المفاهيم الثقافية والعلمية، وهكذا حللت بعض المفاهيم العامة مثل المؤول إلى مفاهيم خاصة واقعية تقابل المفاهيم المجردة، أو توازيها. إن "المؤول الذي كان عبارة عن تحديد مجرد أنتجته علامة استبدلت به تعديلات متنوعة ناتجة عن استجابات عادية"14.[/rtl]
[rtl]III ـ تجليات المرحلتين[/rtl]
[rtl]1 ـ فرضية الاتصال :[/rtl]
[rtl]يقرر كثير من الباحثين في فكر برس أنه كان ينطلق من فرضية أساسية هي : "اتصال الكون"، وهي فرضية تستلزم نتيجة طبيعية هي "انتظام الكون"15.وهذه الفرضية ليست من اختراع برس لأنـها قالت بها كثير من التيارات الفكرية القديمة والمعاصرة، وخصوصا الأفلاطونيات والفيتاغوريات. وقد يفهم من هذا أن برس فيلسوف اسماني بالضرورة. ولعل هذا ما يستشف من كتاباته الأولى ولكن كثيرا من كتاباته الأخيرة تبين أنـه صار فيلسوفا واقعيا وذرائعيا. ومع ذلك، فإنه يمكن القول: إنه حافظ على الفرضية ولكنه تخلى عن أبعادها الاسمية فجعلها مجرد افتراض تشييد علائق وترابطات واتصالات. وهذا ما أكده بعض الباحثين ومنهم ماكس فيتش Max Fishحينما قال: "الترابط ليس مذهبا ميتافيزيقيا مطلقا ونـهائيا، ولكنه مبدأ منطقي منظم معين لصنف الفرضية التي يجب أن تعالج"16.قد يفهم من هذه القولة أن برس لم يتأثر بالكسمولوجية الأفلاطونية وفرضياتـها، وإنما تأثر بإجراءاتـها الرياضية، وليس هذا صحيحا بإطلاق.[/rtl]
[rtl]إن ما يهمنا هو أن مفهوم الاتصال، ومفهوم الانتظام ومفهوم الترابط يستند إلى تصور كسمولوجي معين يرى أن أي شيء يمكن أن يُـجَزأ بحسب مرتبته ومنزلته في النسق العام. وتبعا لـهذا يمكـن البداية من المجرد والانتهاء بالمحسوس، وهذا هو شأن الميتافيزيقا القديمة : الوجود المجرد والوجود في عالم الأذهان والوجود في عالم الأعيان، أو "عالم" الشـيء في ذاته، وعالم الظواهر؛ وإذا تبنى هذه المفاهيم فإنه بـدأ بالمحسوس وباليومي المستند إلى الإدراك الإنساني وإلى دور المجتمع والتراضـي في قبول الأشياء الحسية والمعنوية وإن انتهى إلى نوع من المطلق.[/rtl]
[rtl]ميتافيزيقا برس تجمع بين ما في الأذهان وبين ما في الأعيان، وبين ما في الأذهان وبين ما في الأبدان ؛ وهذا الجمع هو ما أطق عليه بعض الباحثين اسم المنهاج الظاهراتي الذرائعي، فهو ظاهرتي من حيث إنه يَعْتبر الظاهرة بأنها هي كل ما هو حاضر في الذهن بطريقة مّا أو بأي معنى دون اعتبار ما إذا كان مناسبا لشيء واقعي أو غير مناسب له، وهو ذرائعي من حيث إنه يتخذ الغاية والمنفعة والعادة والمجتمع منطلقات لخلق الرموز والقوانين ؛ فهذه المنهاجية، إذن يمتزج فيها الفكري بالواقعي والتأملات الذهنية بالملاحظة المباشرة الأمنية المستمرة.[/rtl]
[rtl]2 ـ فرضية الاقتطاع :[/rtl]
[rtl]في إطار هذه النـزعات المثالية الأفلاطونية والمثالية الخالصة، والمثالية الوضعية، والطبيعانية والتطورية والتصورات العلمية التجريبية والواقعية اليومية فإننا سنتابع تقطيعات برس للوجود من حيث جهاته ومراتبه، ومراتب علاماته، ومراتب تأويلها، ومراتب طرق الاستكشاف، ثم من حيث البحث عن إقامة توازٍ بين ما وراء الطبيعة وبين الطبيعة.[/rtl]
[rtl]أ ـ جهات الوجود :[/rtl]
[rtl]1 ـ الأولانية :[/rtl]
[rtl]انطلق برس في تقطيعاته لجهات الوجود من تصور ميتافيزيقي ورياضي في آن واحد. التصور الميتافيزيقي يتجلى في البداية بالمجرد والانتهـاء بالمحسوس، وأما التصور الرياضي فهو الابتداء بالصفر والاستمرار إلى مـا لا نـهاية، ولكن برس اكتفى بمراتب ثلاث بعد الصفـر ؛ ففي درجة الصفر ليس هناك شيء، وليس هناك داخل وخارج وقانون، وإنما هناك إمكانيات غير محدودة. وبعد الصفر تأتي مرتبة الأولانية، وهي وجود الشيء في نفسه مرتبط بشيء من الأشياء، ولكنه ممتد في الأشياء المادية17.أما الأولانية ـ إذن ـ تمثل الوجود الكيفي.[/rtl]
[rtl]2 ـ الثانيانية :[/rtl]
[rtl]حينما يتحقق الشيء ويصير موجودا فإنه من المرتبة الثانيانية لأن ما وجد وجد بارتباط مع شيء آخر. وما وجد بعلاقة الثانيانية هو مثل الفعل ورد الفعل، والضغط والمقاومة، وعلاقة الحال بالمحل، والصانع بالمصنوع، واللازم بالملزوم…، هو وجود يقابل العدم له داخل وخارج وقبل وبعد… إنه الوجود الفعلي المتجسد المرتبط بعالم الموجودات التي يترابط بعضها ببعض.[/rtl]
[rtl]3 ـ الثالثانية :[/rtl]
[rtl]ولا يكتسب الموجود هويته ووظائفه إلا بانتظامه وتبنيه من المجتمع الذي يجعل منه قانونا عاما ملزما؛ أي ثالثانيا، إن الثالثانية لازمة عن المرتبتين السابقتين، فهي تتويج لـهما أو قمة لـهما من جهة أو باعتبار، وهي مـن جهة ثانية أب لهما حيث يمكن التنقيص والضغط والإضعاف، أو التكبير والنشر والتنمية. ومن ثمة فإن كل ظاهرة تحتوي على الأولانية والثانيانية والثالثانية، وأغلب الثقافات الإنسانية هي إحدى درجتي الثالثانيـة. ولفهم هذه الدرجات يجب إدراكها في نسق كما يجب إعادة التضخمات إليه. الثالثانية نسق يتحكم في عناصره الموجودة ويستحضـر إلى الذهن ما غاب منها، والثالثانية ليست مفروضة من الطبيعة ولكنها فرضت على الطبيعة لتحديد اللامحدود كما فعل الأسلاف من الفيتاغوريين على الخصوص18.[/rtl]
[rtl]ب ـ عناصر التدلال :[/rtl]
[rtl]إن هذه الثلاثية الميتافيزيقية تضاهيها ثلاثية تدلالية، وهي تتكون من ثلاثة عناصر : هي الممثل والموضوع والمؤول. ويعثر القارئ على تحديدات كثيرة لكل عنصر من هذه العناصر، لكن النص التالي يقدم خلاصة ما انتهى إليه برس، يقول : "العلامة أو الممثل هو الأولاني الذي ينوب عـن الثانياني الذي يسمى الموضوع. والممثل يحدد الثالثاني الذي يدعى المؤول، وهذه هي العلاقة الثلاثية الأصيلة (…) وأي شيء يحدد شيئا آخر هو (مؤوله)، بحيث إن المؤول يحيل على موضوع، وهذا الموضوع يحيل بدوره على موضوع آخر بنفس الطريقة ؛ أي أن المؤول أصبح هو نفسه علامة وهكذا إلى ما لا نـهاية"19.إلا أن هذه القولة تحتاج إلى تفصيل وخصوصا فيما يتعلق بتراتبية العناصر. يمكن أن ينظر إلى مراتبها مـن جهتين : جهة التحليل وجهة التأليف. فمن جهة التحلـيل فالممثل ß المؤول ß الموضوع ؛ وأما من جهة التأليف الموضوع ß المؤول ß الممثل.[/rtl]
[rtl]1 ـ تراتبية العناصر :[/rtl]
[rtl]تلك هي عناصر التدلال، وهي عناصر يحتل كل واحد منها رتبة معينة في العملية التدلالية، إلا أن كل رتبة يمكن أن تدرج إلى ثلاث درجات من الوجهة الحسـابية الخالـصة مما ينتج عنه سبعة وعشرون درجة (33)، إلا أن برس لم يحقق هذا عمليا، فقد درج بعض الرتب ولم يدرج بعضا آخر. ومهما كان فلنذكر العناصر ورتبها ودرجاتـها إذا وجدت.[/rtl]
[rtl]1 ـ الممثل، وله ثلاث رتب هي الكيفية والتفردية والقانونية.[/rtl]
[rtl]2 ـ الموضوع وله ثلاث مراتب هي الأيقون والمؤشر الرمز، والأيقون ثلاث درجات هي : الأيقوم المطابق، والمماثل، والمشابه، والرمز درجتان :طبيعي وعقلي.[/rtl]
[rtl]3 ـ المؤول وله ثلاث مراتب هي الحمليـة والقضوية والبرهانية؛ وقد درجت البرهانية إلى ثلاث، والقضوية إلى اثنتين.[/rtl]
[rtl]يتبين من هذا أن هذا التراتب والتدريج منهما ما هو كامل ومنهما ما ناقص، ومنهما ما هو غير مذكور.[/rtl]
[rtl]2 ـ التراتب الكامل :[/rtl]
[rtl]ينطلق برس في بنية ثلاثية العناصر هي الأولانية والثالثانية إلا أنه يجعل الثالثانية هي المهيمنة في عمليات التوليد، ويجعل الثانيانية والأولانية منحلتين عنها. ويوضح هذا قوله: "افتراض شيء مَّـا يدور حول عنصر إدراكي معين تكمن فيه الفكرة بدون اعتبار لأي عنصر آخر"20.الثالثانية هي العنصر الإدراكي، وهو الذي يقع التوليد منه، وهذا يقتضي أن الأب يتحكم في الولد، والأكبر في الأصغر والمحسوس، والعام في الخاص، وقد أسمى هذه الثالثانية بالطبقة الطبيعية ؛ وما دامت كذلك فإنـها يمكن أن تتكون من ثالثانية أصيلة وثالثانية منحلة انحلالا قليلا، وثالثانية منحلة انحلالا كثيرا21،كما يمكن أن تنشطر الثالثانية إلى ثالثانيات على درجة واحدة من التكافؤ وكذلك في الثانيانيات والأولانيات22.[/rtl]
[rtl]يشجع على هذا التأويل الذي اقترحناه ما نلاحظه من تماثل بين الميراث المنطقي وصنيع برس، التراث المنطقي يتحدث عن الأجناس العليا والوسطى والأنواع والأصناف، وتعكس هذا الترتيب الشجـرة الفورفورية، وبرس يستعمل الطبقات وشبع الطبقات، أو الأجناس والأنـواع والسلاسل23؛ومع وجود بعض الاختلاف فإن الآلة التصنيفية واحدة.[/rtl]
[rtl]لنوضح هذا في خطاطات :[/rtl]
[rtl]انحلال الطبقة الواحدة :[/rtl]
[rtl]3[/rtl]
[rtl]3[/rtl]
[rtl]3[/rtl]
[rtl]تكافؤ الطبقات :[/rtl]
[rtl]3[/rtl]
[rtl]3 3[/rtl]
[rtl]3[/rtl]
[rtl]الانحلال التراتبي:[/rtl]
[rtl]2 2[/rtl]
[rtl]1 1[/rtl]
[rtl]3 ـ تصنيف التراتب الكامل :[/rtl]
[rtl]إلا أن هذا التراتب لا يتم دائما بهذه الكيفية والخطاطة وبين عناصر محدودة، ولذلك يجب أن يرصد بين الطبقات جميعها حتى تتبين قيود الترتيب ومظاهر الانحلال والتنامي، لـهذا نقترح الخطاطة التالية :[/rtl]
[rtl]أ- قيود الترتيب:[/rtl]
[rtl]جهات الوجود[/rtl] [rtl]جهات التدلال[/rtl] | [rtl]الأولانية[/rtl] [rtl]1[/rtl] | [rtl]الثانيانية[/rtl] [rtl]2[/rtl] | [rtl]الثالثانية[/rtl] [rtl]3[/rtl] |
[rtl]الممثل[/rtl] [rtl]1[/rtl] | [rtl]الكيفية[/rtl] [rtl]1 . 1[/rtl] | [rtl]التفردية[/rtl] [rtl]1 . 2[/rtl] | [rtl]القانونية[/rtl] [rtl]1 . 3[/rtl] |
[rtl]الموضوع[/rtl] [rtl]2[/rtl] | [rtl]الأيقون[/rtl] [rtl]2 . 1[/rtl] | [rtl]المؤشر[/rtl] [rtl]2 . 2[/rtl] | [rtl]الرمز[/rtl] [rtl]2 . 3[/rtl] |
[rtl]المؤول[/rtl] [rtl]3[/rtl] | [rtl]حملي[/rtl] [rtl]3 . 1[/rtl] | [rtl]قضوي[/rtl] [rtl]3 . 2[/rtl] | [rtl]برهاني[/rtl] [rtl]3 .3[/rtl] |
[rtl]من خلال التوليف بين هذه العناصر وترتيبها تنتج عشر طبقات ؛ هي :[/rtl]
[rtl]1 ـ الكيفية الأيقون الحمل (1.1.1) ß عاصفة ما.[/rtl]
[rtl]2 ـ التفردية الأيقون الحمل (1.1.2) ß رسم هندسي.[/rtl]
[rtl]3 ـ التفردية المؤشر الحمل (1.2.2) ß صرخة تلقائية.[/rtl]
[rtl]4 ـ التفردية المؤشر القضية (2.2.2) ß ناعورة.[/rtl]
[rtl]5 ـ القانونية الأيقون الحمل (1.1.3) ß مخطط عام.[/rtl]
[rtl]6 ـ القانونية المؤشر الحمل (1.2.3) ß اسم الإشارة.[/rtl]
[rtl]7 ـ القانونية المؤشر القضية (2.2.3) ß صوت في زقاق.[/rtl]
[rtl]8 ـ القانونية الرمز الحمل (1.3.3) ß اسم مشترك.[/rtl]
[rtl]9 ـ القانونية الرمز القضية (2.3.3) ß قضية.[/rtl]
[rtl]10 ـ القانونية الرمز البرهان (3.3.3) ß برهان منطقي24.[/rtl]
[rtl]ب ـ مظاهر الانحلال والتنامي :[/rtl]
[rtl]كما يمكن أن ينظر إلى هذه البنية من حيث الأصالة والتنامي، وهي بـهذه الجهة تنقسم إلى ثلاث طبقات، الطبقة الأولى وهي الأصيلة وتتمثل في الكيفية (1.1) والمؤشر (2.2) والبرهاني (3.3)، والطبقة الثانية هي المنحلة وتتجلى في الأيقون (1.2) وفي الحملي (1.3) وفي القضوي (2.3)، وأما الطبقة الثالثة فهي المتنامية، وهي التفردية (2.1) والقانونية (3.1) والرمزية (3.2).[/rtl]
السبت أبريل 22, 2017 7:25 pm من طرف ساحة الحرية