حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باسل
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
باسل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 259
معدل التفوق : 770
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح Empty
21012014
مُساهمةفي نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح



في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح Arton7059-623a8
لعل من خصائص الإصلاحية الإسلامية الميل إلى استشكال الفروع دون الأصول، والبحث عن المخارج الاحتيالية لتجاوز الاستعصاءات الهيرمينوطيقية والإبستمولوجية. فالذات الإصلاحية مسكونة بهمّ استنقاذ النواة الصلبة للاعتقاد، ضدا على مقتضيات ومفاعيل التاريخ وتفاعلات الذوات الحضارية وتشابكات المصائر التاريخية. وفي هذا السياق، تحمل مسؤولية التشوش النظري للأمة، واضطراب عالمها الدلالي إلى الأغيار من جهة والى مكر الرتل الخامس وغفلة بعض ممثلي الذات من جهة أخرى.
يفتقر الخطاب الإصلاحي إلى الصرامة الفكرية والى التماسك المنهجي وإلى التناسق النظري؛ فإرادة الاعتقاد تغلب إرادة المعرفة في المنظورية الفكرية الإصلاحية، وتخضعها لمقاصدها الفكرانية البعيدة عن جوهريات الممارسة العلمية في الإنسانيات والاجتماعيات. فهو يتعامل تعاملا انتقائيا مع المنجز النقدي في الأركيولوجيا والتاريخ والهيرمينوطيقا وتاريخ الأديان المقارن، ويكتفي غالبا باقتناص الخلاصات والاستنتاجات، دون وضعها في سياقاتها النظرية والبحثية. كما أنّه يقرأ المنظورية الهيرمينوطيقية التقليدية قراءة استنطاقية اتهامية، دون البحث في مجريات التفسير والتأويل التراثيين. فمن المحقّق أن للهيرمينوطيقا التراثية سياقات تاريخية واجتماعية، لا بدّ من مراعاتها في أيّ تناول نقديّ لرؤاها النقدية. فالمفسّر والمؤوّل، لا يشتغلان على النصوص، بمعزل عن الإشكاليات الإبستمولوجية والسوسيو- تاريخية للعصر الإسلامي. فبدون استحضار تاريخية الهيرمينوطيقا الإسلامية، يصعب فهم المناهج والآليات والأطر التفسيرية المعتمدة لدى الأرثوذكسية الإسلامية.
إلا أنّ البقاء ضمن الحدود التأويلية للهيرمينوطيقا، لا يكفي لإدراك إشكاليات نص تناصي تفاعلي مثل النص القرآني. فالواقع أن المفكر الإصلاحي، يبدي جسارة كبرى في مخاصمة النصوص الثواني بدعوى تناص منتجها مع النصوص الكتابية، ويظهر وداعة غير نقدية في تعامله مع النصوص المؤسسة، مع أن النظر الموضوعي يقتضي الكشف عن كل التداخلات والاستيحاءات والتناصات الواقعة أو الممكنة بين النص المؤسس والنصوص الكتابية القانونية أو المنحولة.
كما أنه يبدي تجاوبا كبيرا مع نتائج النقد التاريخي للكتاب المقدس، ومع الانتقادات الداحضة لصحته استنادا إلى أدلة تاريخية أو اركيولوجية. ولا يكشف هذا التجاوب، عموما، عن أية رغبة بحثية استكشافية أو عن أيّ انهمام عقلاني علمي باركيولوجيا المعرفة الكتابية أو بمورفولوجيا المقدس الإبراهيمي عموما.
فمما لا شك فيه، أن المفكّر الإصلاحي، المنشغل بالنتائج والاستنتاجات دون الماجريات المعرفية أو المسالك النقدية أو السراديب التاريخية، يتعامل على نحو غير نقديّ مع النظريات النقدية المستلهمة، ومع مأثورات ومرويّات التراث المطعون فيها بدعوى تماهيها مع المتخيل الإسرائيلي.
تنهض الأطروحة الإصلاحية على انفصال الروح التوحيدية للإسلام عن المقدس اليهودي والمسيحي، وعلى الأصالة التاريخية والأخلاقية للتاريخ القرآني بالقياس إلى التواريخ التوراتية والإنجيلية. فالإسلام لا يكتسب تفرّده إلا بتصفيته النقدية للشبهات والشوائب التعديدية العالقة بالتواريخ الكتابية، وبإعادته الروح الحنيفية-الإسلامية إلى تلك التواريخ وربطها بالتاريخ القيامي المنتظر. وعليه، فالانجاز الروحي للإسلام، إنما يكمن في تنقية الرسالة الإسلامية الأصلية من أوشاب التاريخ الكتابي ومن العثرات التعديدية واللاأخلاقية للتواريخ المضافة إلى الخطاب النبوي المعياري. ليس الإسلام، والحال هذه، إلا صقلا لمرآة الحنيفية – الإسلام، وإظهارا لماهية الحقيقة النبوية، المطموسة تاريخيا بفعل تلويث اليهودية والمسيحية التعديدي والتشريكي والتحريفي للخطاب الأولي.
إلا أن المفكر الإصلاحي يصطدم بانطباع التراث التفسيري والتأويلي الإسلامي بالسمات الإسرائيلية والنصرانية، وكأن المفسر لا يكفيه النص القرآني، فيستعير الدلالات المخفية أو الضمنية من النص التوراتي والإنجيلي أو من النصوص التلمودية لفهم النص المعياري المنفصل عن الفضاء الفكري للنصوص الكتابية أصلا. فالاستعانة بالنصوص التوراتية أو الإنجيلية أو التلمودية، خيانة للنص القرآني ولجوهر خطابه المستعيد للأصول الإبراهيمية والمؤصل للإيمانية المحمدية الناسخة. وهكذا، يعود خطاب الغير، ليستولي على المخيلة الإسلامية وليرخي سدول التعديد والتشريك على النصوص الثواني وعلى النصوص التفسيرية والتأويلية، فيما يقترب من تراجيديا معرفية بلا حل تقريبا. ولعل مكر التاريخ يلبس هنا، لبوس مكر المعرفة، ويحقق أغراضه برونق تضامني، رغم الاختلاف المعلن بين المنحدرين من الدوحة الإبراهيمية الواحدة!
تميزت كتابات نضال عبد القادر الصالح بانكبابها على اللاتماسك الجوهري في المنظورية الإسلامية راهنا. لا يمكن بعد كل المستجدات المعرفية والتاريخية، الاكتفاء بهناءة الخطاب السلفي ولا بحقائقه الأنثروبولوجية الباذخة. لا مناص إذن من استصلاح الوعي الإسلامي من جديد، إن شاء الوعي الجمعي، الانخراط النوعي في حضارة العصر، وبناء ذلك الانخراط على أسس سيكولوجية وابستمولوجية وتاريخية متماسكة، معرفيا ومنهجيا، وملائمة لماهية النصوص المؤسسة. إلا أن العدة المنهجية والجهاز الابستمولوجي المعتمدين، لا يطابقان المراد الفكراني السياسي. فثمة فجوة ابستيمية وانطولوجية رهيبة بين المنجز والمبتغى، بين إرادة المعرفة وإرادة الكينونة،يعجز الفاعل الاجتماعي التحديثي دوما عن تجاوزها وطي صفحتها المؤلمة وجدانيا وذهنيا.
يحاول المفكر الإصلاحي أن يظهر بمظهر المفكر الحديث المنشغل بالمستجدات المعرفية للعصر، وبالنظر الاستشكالي للموروثات التراثية. فهو يقر بالقلق المعرفي لبعض ظواهر النصوص، ومخالفة بعض منطوقاتها وحمولاتها الدلالية لنتائج البحث العلمي .والواقع أن المفكر الإصلاحي، القائل بتأويل الظواهر القلقلة، معرفيا وعلميا، وباستشكال التراث التفسيري والتأويلي الإسلامي الكلاسيكي، إنما يستعيد ضمنيا بعض المقولات الكلامية أو الكلامية – الفلسفية المتداولة لدى بعض المعتزلة والفلاسفة وخصوصا ابن رشد.
(لا يكفي اليوم أن نقول بظاهر النص المقدس، ويجب أن لا يدفعنا خوفنا على قدسية وصفاء هذا النص إلى القبول قسرا بظاهر النص، أو بقبول تفسير وشروحات السلف للنص، فنضعه في إطار متحجر ضيق ونعرضه للتعارض مع المعلومات العلمية المتجددة على الدوام. إن التعارض الظاهر بين النص القرآني وبين الحقائق العلمية العصرية ليس ذنب النص القرآني وإنما ذنب قراءتنا الخاطئة له، ويجب إعادة قراءته على ضوء عالمنا الفكري المعاصر، وأدواته الجديدة.)
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني – الإسرائيليات في التفسير القرآني على ضوء تاريخية التوراة – دار الطليعة – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 2003- ص161).
يطالب الفكر الإصلاحي هنا، بتفعيل التأويل، لدرء كل تعارض قائم في المتاح المعرفي الراهن أو ممكن في المحتمل المعرفي المستقبلي بين منطوق النصوص الشرعية ونتائج المعارف العلمية؛ فظواهر النصوص ما هي، على التحقيق، إلا الحجاب الشفيف الموضوع على بواطن دلالية لا يمكن أن تخالف المرسخات العلمية بأي معنى من المعاني. فالحداثة هي ما يحدد الإطار المعياري للنظر انطلاقا من هذا التصور.
إلا أن الخطاب المفعم بالطمأنينة اللاهوتية، لم يورد حالات التخالف أو التعارض أو التصادم بين الظاهر القرآني ومستجدات الاركيولوجيا أو التاريخ. فهو يطالب باستعمال التأويل لإظهار الدلالة العميقة للنص المؤسس، وتبديد كل مخالفة ممكنة بين النص القرآني والمنجز العلمي التاريخي أو الاركيولوجي، إلا أنه يكتفي بقراءة ظواهر النصوص بمعزل عن أي تأويل ممكن. يترك التأويل مكانه للدلالة النصية الظاهرة، فيما يمثل الوعد التأويلي، ورقة للاستعمال ربما برسم المستقبل!
والأغرب في مسلكية المفكر الإصلاحي، هو تجاهله الكلي لإمكان قراءة تأويلية لنصوص الكتاب المقدس. فكيف يجوز تأويل ظواهر النصوص القرآنية المتشابهة أو الملتبسة من منظور المنجزات العلمية، ويستحيل تأويل نصوص التوراة والعهد القديم بناء على نفس الآليات التأويلية؟ وكيف يدعو المفكر الإصلاحي للتأويل، في غياب هيرمينوطقا عصرية، متماسكة وخارجة عن الترميق التأويلي المعمول به هنا وهناك لاعتبارات مذهبية أو فكرانية أو سياسية أو مصلحية ذرائعية؟ وهل يمكن الحديث عن التوراة والعهد القديم،بمعزل عن المقاربات الأدبية والسيميائية والبلاغية والإيطيقية المنجزة استنادا إلى المادة الأسطورية لأسفار الكتاب المقدس؟
فقد استفرغت الهيرمينوطيقا الغربية جهدها في التأويل وتلوين المعاني تفاديا للمخالفة والمناقضة والمباعدة بين النص التوراتي وبين المنجز العلمي؛ وعملا بمعايير ما يمكن أن نسميه بالهيرمينوطيقا الوجودية، تم تغليب المفاهيم الوجودية على المحتوى الموضوعي للمتصورات. فهل يمكن نقد الكتاب المقدس، دون استشكال التأويلات التكييفية والترهينات التداولية والتسويغات المعيارية لرودولف بولتمن وبول ريكول ونورثروب فراي وهانز كينغ للفضاء الدلالي والبلاغي التوراتي؟
يقول بولس نويا عن تجريد الدين عن الأسطورية في الفضاء الثقافي الغربي ما يلي :
( إذا قارنا، مثلا، التوراة بالتراث الديني السومري –البابلي، نجد أن إزالة الخرافة تبدأ في الصفحة الأولى من التوراة، في قصة خلق العالم، حيث يتجلى فعل إله شخصي يخلق من العدم عالما منفصلا عنه انفصلا جذريا. ويمكن القول أن شهادة التوراة بوحدانية الله تنزع بشكل جذري صبغة الخرافة عن تصورات الألوهة في العالم القديم. كذلك الأمر في العهد الجديد : فهو يزيل الصبغة الخرافية عن عقيدة النشور اليهودية.)
( - بولس نويا – تجريد الدين عن الأسطورية –مواقف – العدد : 15-1971-ص.31-32)
فنقد التوراة والعهد القديم بدون استحضار الهيرمينوطيقا الحديثة، يفصح عن نزوع فكراني أو ثيولوجي – فكراني إلى نزع الصوابية الفكرية والايطيقية عن الآخر. فالتعامل التأويلي مع ظواهر القرآن والاكتفاء بظواهر نصوص التوراة والعهد القديم، يكشفان عن لا تماسك جوهري في المنهج وفي الرؤية الفكرية وعن المحدودية الإبستمولوجية للفكر الإصلاحي تعيينا. فقد بلور الفكر الأوروبي، إلى جانب النقدية الكتابية، هيرمينوطيقا توراتية، قائمة على التفسير الوجودي للنصوص ومراعاة الزمان الوجودي للمؤول الهيرمينوطيقي أو الوجودي أو الفينومينولوجي. ومن هنا،لا يمكن الاكتفاء بنتائج النقدية الكتابية وتجنب القراءت التأويلية الهيرمينوطيقية،طالما أن هذه الأخيرة، حاولت تقديم إجابات فلسفية – ثيولوجية لقضايا تاريخية وثيولوجية وفلسفية وايطيقية كبرى، في خضم الصراع بين الرؤية النفاتية – العدمية والرؤية الجوهرانية الباحثة عن المعنى النهائي.
فالقول بتأويل ظواهر النصوص يقتضي، منهجيا، عدم حصره في القرآن، والاستقراء النقدي للتأويلات المسيحية المنجزة في سياق الاحتراب الدلالي بين النقدية الكتابية والفلسفات الإيمانية المستلهمة للتوماوية الجديدة والوجودية الهايدغيرية والفينومينولوجيا الهوسرلية... الخ. كما يقتضي بناء نظرية في التأويل، لإظهار الإمكانيات النظرية والمفهومية والإجرائية للتأويل المقدم، والتدليل على صلاحيتها في سياق التناهب بين التأويل التراثي والتأويل الهجين الجامع راهنا بين مفاهيم تراثية وإجراءات مستلة من الهيرمينوطيقات الغربية كما نجد عند محمد شحرور ونصر حامد أبو زيد وعبد الكريم سوروش مثلا.
وفي غياب تسويغ المطالبة بتأويل ظواهر النصوص والسكوت الكلي عن التراث التأويلي الغربي للتوراة والعهد القديم، يترك الاستشكال مكانه للمسبقات الثيولوجية والفكرانية.
( إن قراءة النصوص التوراتية تكشف لنا عن حقيقة أن رموز بني إسرائيل والشخصيات الرئيسية في الرواية التوراتية تسلك سلوكا مخالفا لكل الأصول الأخلاقية حتى تلك المتبعة في ذلك الزمان ؛ و أننا إذا تتبعنا سير حياة رموز بني إسرائيل في التوراة، سنجد تصرفها مخالفا للسلوك الأخلاقي المعترف به. )
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –ص.16)
وليس تحكيم الأخلاق ونقض المتن التوراتي بناء على النقد الأخلاقي بجديد في الكتابة العربية – الإسلامية؛ يقول ابن حزم ما يلي :
وتالله ما رأيت أمة تقر بالنبوة وتنسب إلى الأنبياء ما ينسبه هؤلاء الأنذال الكفرة ، فتارة ينسبون إلى إبراهيم عليه السلام أنه تزوج أخته فولدت له إسحاق عليهما السلام . ثم ينسبون إلى “يعقوب” أنه تزوج امرأة فدست إليه أخرى ليست امرأته فولدت له أولادا منهم انتسل “موسى” و “هارون” و“داود”و“سليمان” وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام . )
(-ابن حزم – الفصل في الملل والأهواء والنحل – وضع حواشيه : احمد شمس الدين – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة الثانية : 1999- الجزء الأول – الصفحة : 173) .
فالتوراة والعهد القديم لا يقبلان التأويل من منظور الفكرية الإسلامية ؛والحال أن تيارات التأويل الرمزي أو المجازي ، قد سعت قديما وحديثا ، إلى تسويغ التشبيه و القلق الأخلاقي لبعض حوادث أو شخصيات التوراة ، عبر استعمال العدة الفكرية أو المنهجية المتوافرة.فالقول بالتأويل يستلزم العمل بمقتضاه في تناول السرود التوراتية والقرآنية بدون تمييز أو معاملة نقدية تفاضلية من الغرار المعتاد في كتابات الإصلاحية الإسلامية . أما القول بتأويلية المنطوق القرآني دون التوراتي ، فيندرج في التقريظ الفكراني أو الثيولوجي لفكرية الذات .ويتضح الطابع المفارق لهذا التفضيل ، إذا استحضرنا التقليد التأويلي في الأدبيات الثيولوجية اليهودية والمسيحية القديمة والحديثة والمسوغات الدلالية والتداولية المقدمة لرفع كل تضاد ممكن بين المنطوق التوراتي أو الإنجيلي والبرهان العقلي أو المسوغ الأخلاقي . يقول موسى بن ميمون ما يلي :
( لا شك أنه قد تبين واتضح أن معظم نبوة الأنبياء بالأمثال ، إذ الآلة في ذلك هذا فعلها اعني المتخيلة .وكذلك ينبغي أن يعلم أيضا من أمر الاستعارات والإغياآت طرف ، لأنه قد يأتي ذلك كثيرا في نصوص الكتب النبوية . فإذ حمل ذلك على تحرير ولا يعلم أنه إغياء ومبالغة ، أو حمل على ما يدل عليه اللفظ بحسب الوضع الأول ، ولم يعلم أنه مستعار ، حدثت الشناعات . وقد بينوا وقالوا : التوراة تتكلم بلغة المبالغة يعني الاغياء . )
(-موسى بن ميمون –دلالة الحائرين – تحقيق : حسين اتاي – مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة – 2002- ص .448)
ينهض النص التوراتي ، عند ابن ميمون ، على خطاب تمثيلي استعاري ميال إلى التضخم الاستعاري والاغياء المعنوي ؛ وبناءا على هذا المقتضى ، يمكن البحث عن التآلف المعرفي والايطيقي بين التوراة والعهد القديم ومنجزات العلم التجريبي والإنساني وإعادة سبك الحقائق التوراتية بما يحقق الموافقة والراهنية والملاءمة المعرفية .
فالإقرار المبدئي بمنهجية التأويل ، يقتضي تعميمها على الخطابات النبوية ،أيا كانت حيثياتها الثيولوجية أو مساقاتها السوسيو- تاريخية . إلا أن المعاملة التفضيلية والتفاضلية ، كثيرا ما تقود المفكر الإصلاحي ، إلى تعيين الفوارق ورصد التمايزات والمخالفات ، وطمس التشابهات والتقاربات بين السرود التوراتية والقرآنية .
تقتضي المقاربة المتوازنة ، منهجيا ومعرفيا ، رصد الموافقة والمخالفة ، على الصعيد الحكائي وعلى الصعيد الدلالي – المقصدي بين السرد التوراتي والقرآني .فلا يمكن إقامة المطابقة الدلالية أو التداولية بين السردين الحكائيين ، بالنظر إلى اختلاف المقصدية القرآنية عن المقصدية التوراتية والى تلون الفكرية القرآنية بخصوصيات المشهد السوسيو-ثقافي للعربيا ، و بالفرادة الشخصية للشخص المؤسس.فالسرد القرآني ، منغرس في حيثيات الصراع المرير آنذاك بين التوحيد و التشريك أو التعديد ، بين التوحيد الموسوي والتوحيد المحمدي ، بين الناموس المغلق والشريعة المنشأة والمصاغة غب كل واقعة أو نازلة شخصية أو جماعية .بيد أن اختلاف المقاصد ، لا يلغي التشابهات الحكائية بين السردين ،وبين المواد المصدرية المعتمدة في بناء الشخصيات الحكائية لكلا النصين .
(لقد كتب المؤرخون الغربيون والعرب تاريخ إبراهيم وسلالته معتمدين على رواية التوراة عنهم .ولم يرد اسم إبراهيم و أسماء سلالته وتاريخهم في أي وثيقة يمكن اعتمادها كمصدر تاريخي ، والمصدر الوحيد الذي لدينا والذي يتحدث عن تاريخ إبراهيم وسلالته في الزمان والمكان هو التوراة التي ثبت عدم مصداقيتها .
ولقد ورد ذكر إبراهيم وسلالته في القرآن الكريم ، ولكن القرآن لم يضع قصصهم في إطار تاريخي ولو يحدد الزمان والمكان إلا في إطار ما يخدم القصة والعبرة المقصودة منها . ).
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –- ص.69).
يعكس هذا الشاهد ، ميل المفكر الإصلاحي إلى المفاضلة غير المبررة منهجيا بين النصوص .فهو يتعامل مع القصص القرآني بوصفه محملا بالمعاني والمقاصد الروحية والأخلاقية فيما يحيل السرود التوراتية إلى اضمامة من الحوادث الأسطورية – التاريخية المقطوعة عن دلالاتها ومغازيها الكلية .فمن المحقق ، أن الرؤية الإصلاحية الإسلامية ، لم تتمكن من استزراع الحكايات والسرود والآداب التوراتية في استهدافها الجوهري المدموغ بالمقصد الأخلاقي- الثيولوجي . ففصل المادة الأسطورية – التاريخية التوراتية ، عن الأطر الفكرية الكلية للتوراة والعهد القديم ، وقراءة تلك المادة المجردة عن حمولتها المعنوية والمجازية ، استنادا على تلوينات نفس المادة في القرآن ، يدلان على رغبة ضمنية لا في الاستشكال بل في المنافحة الإيمانية عن اليقين التداولي للذات الإسلامية .
فإبراهيم القرآني يشبه إبراهيم التوراتي في بعض المناحي السردية؛ إلا أنه يخالفه دلاليا ، بالنظر إلى اختلاف السياق الفكري والأخلاقي والمساق السوسيو- تاريخي للقرآن عن السياقات المعرفية والأخلاقية والتاريخية للتوراة والعهد القديم . يقول غي مونو :
( ولكنه ينبغي عدم نسيان المبدإ الكبير الآتي : إن الأدوات التي تتألف منها الفكرة لا تحدد طبيعتها . وفي الحقيقة ، فإن الفكرة القرآنية والإسلامية ليست توراتية الطابع ، كما أن القرآن ليس ابن عم التوراة . ثم إن السيل التوراتي لا يسري في القرآن . )
( غي مونو – الإسلام وما ليس هو – مواقف – العدد -68-صيف 1992-ص.51) . 
كما أن المحلل الموضوعي ، ملزم باستقراء نوعية الكتابة القرآنية ، وخاصياتها النوعية ؛فالخطاب القصصي يشبه الخطاب الحدثي في القرآن ،طالما أنهما يجوهران الوقائع وينزاحان عن المعينات الزمكانية أو عن الحوامل الشخصية.وعليه ، فليس تغليب المقصد الفكري على المادة “التاريخية” ، خاصا بالقصص القرآني كما يعتقد نضال الصالح ، بل هو سمة من السمات المائزة للنص القرآني عموما .
إلا أن التأكيد على نمطية الشخصيات النبوية القرآنية ، لا ينفي انطواء القصص القرآني على تفاصيل كثيرة ، موافقة حينا ومخالفة للسرد الحكائي التوراتي حينا آخر .والمخالفة في الجزئيات“الحدثية”والمنحى الروحي والأخلاقي لإبراهيم، تقتضي عدم الاقتصار على العبرة والمغزى بل تحيل على تأمل الدلالة المعرفية والأخلاقية لتلك المخالفات بالذات .لا يمكن اعتبار ايراد النص القرآني لتفاصيل مخالفة للنص التوراتي ، عرضيا لا من جهة الاعتقاد ولا من جهة الاستشكال المعرفي العلماني ؛ واستنادا إلى هذا الاعتبار ، يقتضي التناول العلمي ، رصد الموافقة والمخالفة والتدليل على أبعاد جدلية المخالفة والموافقة في النصين المؤسسين.
تنبني رؤية المفكر الإصلاحي ، على نفي الموافقة حتى يتمكن من إنكار تاريخية السرد التوراتي ، وعلى التنصيص على المخالفة ، ناسيا أن التأكيد على المخالفة التصحيحية أو التنقيحية تأكيد ضمني“لتاريخية” القصص القرآني وعلى إنكار جدلية الموافقة والمخالفة ، علما أن التراث الإبراهيمي ، ينهض على الاستعادة التحيينية والترهينية والتكييفية لسرود واستعارات ومجازات قديمة .فالكتابات التوراتية والموازية للتوراة ، أعادت صياغة وتكييف الكتابات الرافدينية والمصرية والكنعانية القديمة ؛ كما أعادت الكتابات المسيحية صياغة الأدب التوراتي بما يخدم جوهر الخطاب الإنجيلي ورسالة يسوع الناصري.
ومن هنا ، فالقصص القرآني ، ليس أمثولة مجازية فقط ، بل هو معرفة شبه تاريخية “بتاريخية”الخطاب النبوي وبيوميات التدافع بين الفكرية التوحيدية والفكرية التعديدية/ التشريكية / الوثنية.فاختلاف صورة إبراهيم القرآني عن إبراهيم التوراتي ،في كثير من التفاصيل والجزئيات ، يدل على رؤية نقدية وتصحيحية للسرد التوراتي .وهكذا ، لا يمكن أن نستبعد اعتبارات التاريخ في تعاملنا مع القصص القرآني .فمادام النص القرآني ، يورد معلومات دقيقة عن الشخصيات النبوية ، ويورد أحداثا ووقائع غير واردة في التوراة والعهد القديم ( تواجد إبراهيم في العربيا وبناء البيت بمكة مثلا ) ،فإنه لا يمكن التعامل مع القصص القرآني باعتباره تمثيلا أو تصويرا أوكنايات .
لا يمكن إذن نفي “واقعية” القصص القرآني ،ومنظوره الاستعادي والترهيني والتكييفي للسرد التوراتي .فالنص القرآني ، لا يعنى بالمغزى والمعنى ، فحسب ، بل يقدم حوادث وواقعات بلمسة نقدية صريحة أو ضمنية ، ويتوسع في الواقعات بما خالف النص التوراتي جوهريا . وعليه ، فإن نصا يخالف النص المستقر في الوعي الجمعي للإنسية القديمة في تفاصيل دقيقة ، لا يمكن أن يقرأ باعتباره تمثيلا أو كناية أو استعارة أو مجازا لا بد له من التأويل ، بل لابد من اعتبار حقيقة أو تاريخية الحوامل الحدثية لمعناه الكلي.وعليه ، لا يمكن اعتبار اختلاف بعض التفاصيل ، أمرا عرضيا من منظور المعرفة المقارنة .وللتدليل على الطابع الإشكالي لاختلاف بعض التفاصيل بين النصين ، نحيل على شاهد لابن كثير :
( ورواه أيضا من حديث قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وقال تعالى : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ) [ الأنعام ] هذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر وجمهور أهل النسب منهم أبن عباس على أن اسم أبيه تارح و أهل الكتاب يقولون تارخ بالخاء المعجمة فقيل إنه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر .
وقال ابن جرير والصواب أن اسمه : آزر ولعل له اسمان علمان أو أحدهما لقب والآخر علم . وهذا الذي قاله محتمل والله أعلم . )
(ابن كثير – قصص القرآن من القرآن والأثر – تحقيق : صدقي جميل العطار – دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 1996-ص. 120) .
يعيدنا الاختلاف بين النصين إذن ، إلى مجال التاريخ والاركيولوجيا ؛ فحيث إن الاختلاف تعدى حيز الرؤية إلى حيز“الحدث” ، فلا بد من الاحتكام إلى معطيات التاريخ المتوافرة .وعليه ، لا يجدي المسلك المنهجي للإصلاحي ، القاضي بالتسليم بتاريخية السرد والأدب التوراتي واعتبارية القصص القرآني من جهة ونفي صدقية تلك التاريخية استنادا إلى دراسات المختصين في الاركيولوجيا التوراتية والتاريخ القديم مثل طوماس طومسون من جهة أخرى في حل الإشكال .فمادام القصص القرآني موصولا بحقائق التاريخ العقدي المندغم بالتاريخ الاجتماعي والسياسي لجماعات آسيوية مخصوصة ، فإنه لا ينفصل ، بأي معنى من المعاني ، عن وقائع التاريخ ومستجدات الاركيولوجيا وتاريخ الأديان المقارن .
ليس الشخصيات القرآنية ، منغرسة في الحقيقة التوحيدية فقط ، بل هي متجذرة في الحقيقة التاريخية ؛ والنص القرآني ، لا يحقق التلوين العقدي إلا بتعديل الوقائع أو إضافة واقعات غير واردة في الأدب التوراتي .واستنادا إلى هذا التقدير ، فإن نفي أهمية الحدثية القرآنية ، لا يحقق مراد الفكرية الإصلاحية من جهة ، ولا متطلبات البحث الاستشكالي النقدي من جهة أخرى.
(أنا كمسلم لا يهمني إن كانت القصة قد وقعت في زمن الملك فلان أو غيره .كما لا يهمني إن كان عزيز مصر رئيس الشرط أو مسؤول خزينة المملكة أو الملك ذاته . كما لا يهمني أبدا إن كان يوسف قد نال ثلث الجمال والحسن أو ربعه أو نصفه ، فإن كل ذلك لا يزيد من قيمة القصة و إنما يخرج القصة من سياقها وعن قصدها وهو العبرة لمن يعتبر .)
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –ص.123).
إن إدراك المغزى لا يتم من غير سبر بنية ومسار السرد وأفعال الكلام الإجمالية ؛ فالسرد ليس مجرد حامل شكلي للمعنى ، بل هو جزء جوهري من ماهيته .وتتضح أهمية البنية السردية متى لمسنا الفرق بين سردين في انعطافة حدثية ومفصل دلالي واحد . ونورد ، في هذا السياق ، اختلاف النص القرآني عن النص التكويني / التوراتي في موضوع استجابة يوسف لإغراء زوجة سيده .
نقرأ في سفر التكوين ما يلي :
( ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت . فأمسكته بثوبه قائلة اضطجع معي . فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج . وكان لما رأت أنه ترك ثوبه في يدها وهرب إلى خارج أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة انظروا . قد جاء إلينا برجل عبراني ليداعبنا . ) ( سفرالتكوين : الاصحاح 39: 11-14)
وحين نقارن هذا السرد بالسرد القرآني ، نلاحظ فرقا جوهريا في الاستجابة اليوسفية للاغراء بين النصين .وقد كان طبيعة الاستجابة اليوسفية موضوع نقاش وتأويل كبيرين بين المفسرين والمتكلمين . نقرأ في( فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراسية من علم التفسير ) ما يلي :
( وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب في قوله : ( همت به وهم بها ) قال : طمعت فيه وطمع فيها ، وكان فيه من الطمع أن هم أن يحل التكة ، فقامت إلى صنم لها مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه ، فقال : أي شيء تصنعين ؟ فقالت : أستحيي من الهي أن يراني على هذه السوءة ، فقال يوسف : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ، ولا أستحي أنا من الهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ؟ ثم قال : لا تناليها مني أبدا ، وهو البرهان الذي رأى . )
( الشوكاني – فتح القدير – اعتنى به وراجع أصوله : يوسف الغوش – دار المعرفة – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 2002-ص.692)
تطرح المخالفة القرآنية للنص التوراتي ، إشكاليات معرفية وأخلاقية وثيولوجية كبيرة على العقل الإسلامي ؛ ويفصح المجهود التأويلي المبذول لتسويغها عن معضلة كلامية يصعب حلها في سياق المقتضيات الفكرية والأخلاقية المركزية للخطاب النبوي .وتتضح جوهرية الإشكال ، متى علمنا أن يوسف التوراتي من الآباء البطاركة ،أما يوسف القرآني فنبي أولا ومتى استحضرنا تسليم الإصلاحية الإسلامية بتصحيح النص المؤسس لمبالغات ونكارات التوراة والعهد القديم ثانيا .
(قصة يوسف كما بينت لنا الآيات القرآنية هي من القصص القرآنية التي يتلوها الله على نبيه وما جرى فيها بين يوسف وإخوته آيات وعبر للسائلين . لم تضع الآيات القرآنية القصة في سياق تاريخي بالزمان والمكان والأسماء ، إلا ما يلزم لسياق القصة . ومحاولة كتبة التراث وضعها في التاريخ المحدد بالزمان والمكان وبالأسماء لا يزيد ولا ينقص من قيمة القصة ولا من قيمة العبر التي تقصدها وإنما يضعها في تصارع مع التاريخ وتقلباته ، وهو ما لم يكن من ضمن قصد الآيات .)
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –- ص.123).
ثمة مؤشرات نصية كثيرة تشير بوضوح إلى حقيقة القصص القرآني ؛فالسرود القرآنية ليس مجازات أو أمثالا تصويرية من الغرار الإنجيلي ( مثل الزارع / مثل الوزنات / مثل الابن المطيع والابن غير المطيع /مثل العرس والمدعوين إليه في إنجيل متى مثلا ) ، بل هي مسارات سردية ذات بؤرة فكرية واحدة .إلا أن توحد البؤرة الفكرية ، لا يلغي اختلاف السياقات الحدثية وارتهان الواقعات بمعينات تاريخية مخصوصة .
( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون .) سورة يوسف -102 )
فالقصص القرآني نوع من الغيب التاريخي ، أو من التاريخ الغائب عن أذهان الناس ومداركهم ؛إلا أن مادة تلك القصص تخضع للمسارات الدلالية الكبرى للخطاب المحمدي وللسمة العربية المميزة للشخصية المؤسسة .يسعفنا إدراك جدل المادة السردية والنسق السوسيو-ثقافي للمحمدية ، في استكشاف آليات النص القرآني في بناء الدلالة ورسم حدود الاختلاف مع المادة السردية التوراتية .ويقتضي الكشف عن التمفصل بين المادة السردية التوراتية والسياق السوسيو- تاريخي للمحمدية ، الاحتكام إلى المادة التاريخية والمقارنة بين السردين من جهة التاريخ والاركيولوجيا ومن جهة المعالجة البنائية والوظيفية.وهكذا ، تستعيد المادة السردية طابعها التاريخي من جديد ، بعد أن صار الغيب التاريخي ، تاريخا حاضرا بفعل تطور الأبحاث التاريخية والاركيولوجية والفيلولوجية والأنثروبولوجية .استنادا إلى هذا الاعتبار ، فإن التعامل مع القصص القرآني باعتباره تمثيلا ، لا ينبني على استدلالات معرفية موضوعية بل على تدليلات ذاتانية لاهوتية في المقام الأول .كما أن توجيه تهمة استعارة المادة التاريخية الإسرائيلية لفهم النص المؤسس لمبلوري النص الثاني التراثي ، لا تتأسس على رؤية حاذقة لإشكاليات التفسير والتأويل في الزمن الإسلامي التأسيسي . لا يدل نفي التاريخية عن القصص القرآني ، عن أي اشتغال علمي ؛ فالاكتفاء بحكائية القصص ، لا يمت بصلة إلى المنهجية العلمية ، مادامت الممارسة العلمية منشغلة بكشف العلل والمسببات والخلفيات البعيدة للظواهر الاجتماعية والاستهدافات المسكوت عنها .
وتأسيسا على تشابه القصص القرآني مع السرود الحكائية التوراتية ، يصير الاعتصام بتصويرية وحكاية الحكي القرآني تحوطا ميثو-انثروبولوجي يتحول الخطاب الإصلاحي بموجبه إلى خطاب ميثي –كلامي جديد .
والغريب في مقاربة المفكر الإصلاحي هو تحمسه غير المبرر ثيولوجيا لنتائج البحث الاركيولوجي والتاريخي والأدبي المقارن في التوراتيات والتوراتيات الموازية ،علما أن نتائج تلك البحوث تطال جزئيا أو كليا ، النص القرآني مادام يتناص ، بطريقة أو بأخرى مع المتن التوراتي .
( لقد وصل بعض الباحثين في الأعوام الأخيرة إلى قناعة بأن شخصية إبراهيم شخصية أسطورية وغير تاريخية ، و أن حكايات التوراة تقدم أصولا أسطورية للأمم باعتبار إبراهيم أبا لهم حسب بلدانهم ولغاتهم . وليست تلك الأنساب والقصص من كتابة التاريخ في شيء . كما أن جميع قصص البطاركة (الآباء) في التوراة ، مجرد قصص خرافية لا ظل لها من الحقيقة ، و أن قصة يعقوب (إسرائيل ) الذي تصارع مع الرب والذي كان أبا لإثني عشر ولدا ، أصبحوا جميعا بدورهم آباء قبائل إسرائيل الإثنتي عشرة ، إنما هو شخصية من وحي الخيال ، قائمة على الوجود المزعوم لإسرائيل بأسباطها الإثني عشر ، وقليل من الباحثين يشكون اليوم في ذلك . )
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –- ص.72).
يشكك المفكر الإصلاحي في التاريخ التوراتي والكتابي ، وينزع الصحية التاريخية عن المادة الحكائية التوراتية .ورغم كل الاحتياطات المنهجية والتأويلات المعرفية المعتمدة في تسويغ المادة الحكائية القرآنية ، فإنه لا يوفق في مصادرة إمكان سريان نفس النتائج على القصص القرآني .وتبرز خطورة المسلك المقارن متى عدنا إلى الكتابات المتخصصة في قراءة المخالفة القرآنية للسرد التوراتي استنادا إلى الأدبيات التوراتية الموازية مثل :التلمود والمشنا .
ثم إن المفكر الإصلاحي ، يقر مداورة ، بأدبية التوراة ، وخلاصية الخطاب التوراتي المتجاوزة ، للنطاق الحدثي المحصور تاريخيا أحيانا .
( يؤكد طومسن أن التوراة ليست كتاب تاريخ ، ولا يمكن العثور عليه ضمن تاريخ فلسطين . فالأصول التوراتية تنتمي إلى العالمين الفكري والأدبي وليس إلى عالم الأحداث ، سياسية كانت أو اجتماعية ، ويمكن وصف التوراة بأنها أدب الخلاص أو أدب خلاصي .) .
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –
في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح Puce_rtl ص.68-69).
ومن المحقق أن أدب الخلاص يركز على المقصد الدلالي الكلي ، لا على الماجريات الحدثية ذات القيمة الوسيلية.وتعكس هذه التوترات الفكرية ، حالة القلق المنهجي ، المتحكمة في لحمة وسدى الكتابة الإصلاحية .
ومن تجليات هذا القلق ، اسقاط صورة السرد اللاحق على السرد السابق ، وعدم الالتفات إلى إنباء الدلالة في السردين معا والى آليات التمفصل والتناص المركبين بينهما . والواقع أن استكشاف آليات التمفصل والتناص بين النصين ، يتطلب استحضار مدونات نصية وتاريخية وأسطورية كثيرة ، للمقارنة واستكشاف مواطن التعالق والتخالف النصيين ، و دواعي ذلك . ويكفي التأمل في قصة التقاء سليمان مع ملكة سبإ في النصين المؤسسين ، لنكتشف غنى النص القرآني بالعناصر الميثية بالقياس إلى النص التوراتي .
( ولم يخف عن سليمان أمر إلا و أخبرها به .فلما رأت ملكة سبا حكمة سليمان والبيت الذي بناه وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدامه وملابسهم وسقاته وملابسهم ومحرقاته التي كان يصعدها في بيت الرب لم تبق فيها روح بعد . فقالت للملك صحيح الخبر الذي سمعته في أرضي عن أمورك وعن حكمتك . ولم أصدق كلامهم حتى جئت و أبصرت عيناي فهو ذا لم أخبر بنصف كثرة حكمتك . زدت على الخبر الذي سمعته . فطوبى لرجالك وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين أمامك دائما والسامعين حكمتك . ليكن مباركا الرب إلهك الذي سر بك وجعلك على كرسيه ملكا للرب إلهك . لأن إلهك أحب إسرائيل ليثبته إلى الأبد قد جعلك عليهم ملكا لتجري حكما وعدلا . ) أخبار الأيام الثاني / الإصحاح التاسع :2-8)
وبسبب ذهول المفكر الإصلاحي عن الفويرقات وعن التعالق المركب بين النصين ، فإنه يسقط التلوين القرآني على النص التوراتي .
( ويسرح كتبة التوراة في الخيال فيصبح سليمان على أيديهم وبأقلامهم أحد أشهر ملوك الأرض ، سيدا على مملكة عظمى تغنت بها الأساطير ، فتسلط على الوحوش والهوام والجن والعفاريت ، و أصبحت مملكة إسرائيل في زمانه أغنى الدول حتى كانت الفضة في الشوارع مثل التراب ..)
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –- ص.29)
يقدم هذا الشاهد نموذجا لقراءة نص سابق من خلال عدسة نص لاحق ،ولإسقاط التلوين البعدي القرآني على شخصية ملوكية توراتية ذات مواصفات خاصة .والحقيقة أن ثمة فوارق كبيرة بين التناول التوراتي والقرآني لشخصية سليمان، مما يستدعي استحضار نتائج التاريخ والاركيولوجيا والمدونات النصية للشرق الأدنى القديم أولا ، وتوطين كل سرد من السردين في سياقه النصي والتاريخي ثانيا . وبدلا من استيفاء شروط المعالجة الموضوعية الحذرة ، فإن المفكر الإصلاحي ، يختار الخلط بين الرؤيتين، وعزو الأسطرة إلى التوراة مع أن المعالجة التوراتية لسليمان تبقى ضمن المقتضيات المحتملة والممكنة للعقلانية رغم مبالغاتها التاريخية الراجعة إلى موجبات وموجهات سياسية بعدية .
(وكان لسليمان أربعة آلاف مذود خيل ومركبات واثنا عشر ألف فارس فجعلها في مدن المركبات ومع الملك في أورشليم .وكان متسلطا على جميع الملوك من النهر إلى ارض الفلسطينيين والى تخوم مصر . وجعل الملك الفضة في أورشليم مثل الحجارة وجعل الأرز مثل الجميز الذي في السهل في الكثرة . وكان مخرج خيل سليمان من مصر ومن جميع الأراضي . )
(أخبار الأيام الثاني –الإصحاح التاسع : 25-28)
لا يمكن التحقق من تاريخية سليمان التوراتي إلا بالإحالة على التاريخ والاركيولوجيا ؛والحال أن مدونات التاريخ لا تقدم أية إضاءة تاريخية عن هذا الملك التوراتي الاستثنائي مما يشكك في تاريخية التوراة والعهد القديم ويضع المترتبات الثيولوجية عن إثبات تلك الملوكية الاستثنائية في موقع الانتقاد المشفوع بنزع الأسطرة .
( ...فسلميان وداود اسمان لا تعرفهما وثائق التاريخ ، لا في نص ولا في نقش ولا حتى في بقايا آثارية يمكن تأويلها أو يشتم منها أو يستنتج ما يشير إلى داود وولده عليهما السلام ، بينما نجد في ذات الوقت المزعوم للملكة المزعومة في نصوص مصر ، تقارير تذكر أمورا مفصلة ودقيقة عن كافة أحوال المنطقة ، والحدود السينائية ، كنقل موظف ، أو تحرك
بعض الكتائب العسكرية ، أو انتجاع قبيلة بدوية ، وحتى الحفريات التي جرت في فلسطين ، فإنها حتى الآن لم تفد بأي دليل مادي بوجود ( سليمان ) أو أبيه ( داود ) ، ومن المشكوك فيه أن يطالعنا المستقبل القريب بمثل هذه الكشوف . )
(- سيد القمني – الأسطورة والتراث – سينا للنشر – القاهرة- مصر – الطبعة الثانية -1993-ص.204) .
إلا أن إنكار تاريخية سليمان وسرود التوراة والعهد القديم ،لا يمكن أن لا يمس المدونات الإسلامية ، لاعتبارين :
أولهما تناص السرد القرآني مع بعض مفاصل السرد التوراتي ، وثانيهما تناص النصوص الثواني جوهريا مع المدونات التوراتية والتوراتية الموازية .
فقبول المبدإ ، يقتضي قبول كل مستلزماته ؛ والحال أن المفكر الإصلاحي يقبل بحماسة ثيولوجية مضمرة ، نفي تاريخية التاريخ الكتابي ، ويتعالى بتاريخ الانبيائية القرآنية ، مع أنها قابلة، من منظور العلمي ، للقراءة في ضوء مستجدات الحفريات الاركيولوجية والأبحاث الانثروبولوجية والفيلولوجية .
(المصدر الوحيد الذي يؤرخن عظمة بني إسرائيل وعظمة ممالك بني إسرائيل وملوكها هو التوراة . وعلم التاريخ الحديث بوثائقه وحفرياته ونصوصه أثبت كما مر معنا أن هذه الأحداث ملفقة من كتبة التوراة ، وأنه أصبح من الواضح لعلماء التاريخ الحديث أنه لا يمكن الأخذ بالتوراة كمصدر موثوق به لكتابة تاريخ فلسطين والمنطقة و أنه لا يمكن اعتبار التوراة مصدرا تاريخيا . ) .
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –ص159)
مما لا شك فيه ، أن المفكر الإصلاحي ، يتغاضى ، عن الإشارة إلى فحوى النصوص القرآنية المقررة للتفضيل الإلهي لنبي إسرائيل ، ولعلو شأن الإسرائيليين الملوكي والنبوي والرسولي .
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم و أني فضلتكم على العالمين . ) ( سورة البقرة 2 : 47)
(و أورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ) الأعراف : 137.
( يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ) ( طه 20: 80)
( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) ( الدخان 44: 32)
(وإذ قال موسى لقومه يا قوم أذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين . يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم خاسرين ) ( المائدة 5: 20-21)
( ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل اللذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكن من الممترين . ) (يونس : 93-94)
تنطوي هاتان الآيتان الأخيرتان،على إقرار صريح بصحة الكتاب القديم وبإمكان الاستعانة بعلم الأحبار لإزالة الشك وتثبيت الحق ، مما يولد إشكاليات معضلة ،يصعب حلها على الفكرية الإصلاحية وعلى الفكرية السلفية على السواء .
ورغم وضوح دلالة الآيتين ، اختارت الهيرمينوطيقا الإسلامية ،التكييف المعنوي لمنطوقهما ، تلافيا لكل الاستشكالات الممكنة أوللمستتبعات الثيولوجية للتدبر الحرفي لهما .
إلا أن التأويل التكييفي لهما ، يوقع في معضلات اكبر ، طالما أنه يربط تحريف الكتاب بالزمان الإسلامي فيما تشير معطيات التاريخ إلى تكريس المدونة اليهودية الرسمية منذ أزمان بعيدة .
( ...أن الله عز وجل قدم ذكر بني إسرائيل وهم قرأة الكتاب ، ووصفهم بأن العلم قد جاءهم ، لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، فأراد أن يؤكد علمهم بصحة القرآن وصحة نبوة محمد عليه السلام ، ويبالغ في ذلك ، فقال : فان وقع لك شك فرضا وتقديرا – وسبيل من خالجته شبهة في الدين أن يسارع إلى حلها وإماطتها ، إما بالرجوع إلى قوانين الدين و أدلته ، و إما بمقادحة العلماء المنبهين على الحق – فسل علماء أهل الكتاب ، يعني : أنهم من الإحاطة بصحة ما أنزل إليك وقتلها علما بحيث يصلحون لمراجعة مثلك ومساءاتهم فضلا عن غيرك ، فالغرض وصف الأحبار بالرسوخ في العلم بصحة ما أنزل إلى رسول الله ، لا وصف رسول الله بالشك فيه ، ثم قال ( لقد جاءك الحق من ربك ) أي ثبت عندك بالآيات والبراهين القاطعة أن ما أتاك هو الحق الذي لا مدخل فيه للمرية ( فلا تكونن من الممترين ، ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله ) أي فاثبت ودم على ما أنت عليه من انتفاء المرية عنك والتكذيب بآيات الله. )
(-الزمخشري-تفسير الكشاف – رتبه وضبطه وصححه : محمد عبد السلام شاهين– دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 1995- المجلد 2-ص.357)
لا يلتفت الخطاب الإصلاحي إلى الطابع الإشكالي للمقررات الإسلامية في هذا السياق .فنزع الشرعية التاريخية عن التوراة والعهد القديم ، لا يمكن تمريره في المصفاة التأويلية بدون إبطال الأصول الشرعية ،بدلالة تضمن النص القرآني لبعض المعطيات المماثلة لما في التراث الكتابي أولا ، ولصعوبة تسويغ تحريف المدونة اليهودية الرسمية في الزمان المحمدي ثانيا .
يملك المفكر الإصلاحي جسارة كبيرة في مقاربة النص الكتابي ،وتناول محتويات مروياته من منظور العقل التعليلي والعقلانية التاريخية . وحيث إن المحكيات التوراتية لا تستجيب لمعايير التعليل العقلي ، فإنها تصير محكيات لا تاريخية فكرانية مفتقرة إلى أي مستند عقلي أو تاريخي.لا مجال هنا ، للتأويل البلاغي أو للتكييف الأخلاقي أو التسويغ الفلسفي – الثيولوجي ، أو للتنسيب المعرفي أو لمراعاة البنية المجازية أو الترميزية أو الكنائية للنص .فالخطاب النقضي يتقصد القطع والحسم ومحاصرة الخطاب النقيض بأسئلة استشكالية نقضية دحضية ، دون استحضار الإشكاليات اللسانية والبلاغية والتاريخية المباطنة للخطاب التوراتي .
( وفي الحقيقة فإن قارئ التوراة ليتعجب كيف استطاع فرعون أن يجمع جيشا من المصريين بعد كل ما فعله موسى التوراتي وربه في الشعب المصري من قتل وابادة . ففي كل ضربة تحدثنا التوراة عن الدمار والخراب والابادة التي حلت بالشعب المصري ، حتى أن القارئ يصل إلى قناعة جازمة بأنه بعد كل تلك الضربات لم يبق في مصر مصري واحد على قيد الحياة وتحولت مصر إلى ارض قفراء عفراء خالية من حياة . ولكن كتبة التوراة بما لهم من خيال واسع لا يلتفتون لمنطق الأشياء وإنما يكتبون ما يروه مناسبا لدعم فكرهم وعقيدتهم . )
(-نضال عبد القادر الصالح – داء الفصام بين الديني والوطني –ص.21).
لا يبدي المفكر الإصلاحي أي تردد في قراءة المحكيات التوراتية قراءة تمحيصية بله دحضية .فالنص من منظوره ليس معيار الحكم على فحاويه ومتضمناته وافاداته السردية والدلالية ، بل لا بد من الاحتكام إلى نواميس الكون وقوانين التاريخ ومعايير العقل التاريخي في تسويغ وتعليل محتوياته .فثمة قراءة حركية دينامية ، تحتكم دوما إلى تحكيم المعطيات الخارجية في المعطيات الداخلية للنص . لا يقبل محتوى النص التوراتي إلا إذا طابق النواميس والقوانين ، أما إذا خالفها فإنه نتاج خيال جامح وذهنية ميثية .
بيد أنه لا يحتكم إلى نفس البروتوكول في تعامله مع النص القرآني .تسلم القراءة الإصلاحية بالمعيارية المطلقة للنص القرآني ؛ فدلالة النص لا تدرك بالإحالة إلى دينامية العلاقة بين النص و العالم والقارئ بل إلى“الدينامية”الغيبية للنص .وكل مخالفة محتملة أو ضمنية بين النص والعالم ، فهي نتاج تفسير قاصر أو افتقاد جزئي أو كلي لملكة السبر والاستكناه والاعتبار أو لقصور نظري أو عملي في العقل البشري .
إن اللاتماسك في بروتوكولات القراءة ، هو المسؤول عن الاجتزاء والابتسار والانتقاء وكل أشكال المسكوت عنه في النص الإصلاحي .وهكذا لا يمتلك النظر الفكراني ، إلا الصمت أمام شواهد قرآنية معضدة للفحوى التوراتي .
( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا . قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر و إني لأظنك يا فرعون مثبورا )( الإسراء 101-102-)
( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

في نقد فصام الفكرية الإصلاحية نموذج نضال الصالح

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  ما بين مروة الشربيني والميجر نضال والحقّ الإلهيّ
» الأسباب الفكرية لسقوط الاخوان
» نموذج عصبي جديد قد يساهم في تطوير أطراف صناعية أكثر واقعية
» روسيا الاتحادية: وكالة حصرية بحماية الدكتاتوريات العربية،أو حماية مصالح مالية... سورية نموذج...!!
»  الاتجاهات السياسية-الفكرية في الوسط الاسلامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: