بقلم : سوري عادي
—
السلام عليك يا سيدي يا أبا عبدالله ، عليك سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني .
السلام على الشهيد المظلوم ، السلام على الغريب المكلوم ، السلام على المقتول بيد العصاة ، السلام على الصريع بأرض فلاة .
السلام
عليكم سيدي الشيخ حسن ،أعتذر لأن وقتكم أثمن من أن تقرأ سطوراً هي من
أبجديات الحوزات ، وكلمات جعلتها كربلاء ليست كالكلمات ، لكن ذكرى أبي عبد
الله تشفع ، وتأملاتي للمتابعة تدفع.
أعد القراءة سيدي ، أراك لَحَنت ، وعن المقصود ابتعدت .
إليك الكربلائية ثانية :
السلام
على الشهيد المظلوم ، على الأوصال المقطعة ، على الجسد المسجى شهراً دون
جنازة ، على جثمان حمزة … ليس حمزة الذي استشهد في مواجهة مسلحة ، في غزوة
أحد ، وبكاه الرسول ، واعترف قاتله وتاب ، إنما هو الفتى حمزة الخطيب ،
الذي خرج إلى شعب إخوانه ، الذين قاطعتهم قريش الأسد وحاصرتهم ، فلم تطبّق
فيه جاهليةُ الأسد حكمَ أبي لهب ، فتكتفي بوضع الحطب ، ولا هي تبعت تعاليم
هبل ، فقالوا صاحبكم غوى وضلّ .
سلام على كعبة الأحزان
وعزاء الأيتام ، جبل الصبر ورمز القهر ، ليست زينب الحوراء ، سفيرة
كربلاء ، زينب الكبرى التي نعرف قدرها ، إنما هي سفيرة باب سباع ، شبه
جسد محروق معرّى ومقطّع ، حرموه حتى اسمه الحقيقي ، كالآلاف في وطني ،
واتهموه بأنه زينب الحصني ، ليت مأساتها كانت كزينب الكبرى ، إذن لعرفنا
من نواسي ، وأي أم نعزّي ، وكيف نصوغ المراثي!
سلام على
من عرف حقيقة شهود الزور ، وكَشَف المستور .. لا أقصد شهود محكمة قتلة
الحريري الدولية ، إنما قصدت شهود زور محكمة العدل الإلهية ، الذين
أقسموا لنا أن الدم سينتصر على السيف ، وأن كل يوم عاشوراء ، وكل أرض
كربلاء ، وأن ثورة الحسين منار للتائهين ودليل للمستضعفين !
ولما اتبع المستضعفون الدليل ورأى التائهون المنارة ، اتهمتموهم – يا سماحة السيد الثائر- بالخيانة !!
لماذا
ثار الحسين ؟ لم تنقل لنا كتب تاريخنا ولا تاريخكم ولا تاريخهم أن يزيداً
أو من قبله أو من يتبعه منع الصلاة في الثغور ، أو أجبر الجنود على
الإفطار في نهار رمضان ، أو السجود لمعاوية أو يزيد!
على
أن كتبكم نقلت لنا أن الحسين عليه السلام اتصل بجهات خارجية ، شجعته
ووعدته بالتمويل بالمال والسلاح ، فقد ورد ذلك في مصادركم ، وقد اعترف
بذلك أقرب أهله : ” ثم ناداهم الحر بن يزيد ، أحد أصحاب الحسين وهو واقف
في كربلاء فقال لهم : أدعوتم هذا العبد الصالح ، حتى إذا جاءكم أسلمتموه
، ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالأسير في أيديكم ؟ لا سقاكم الله يوم
الظمأ ” ( الإرشاد للمفيد 234 ، إعلام الورى بأعلام الهدى 242 ) .
سيّدنا
الحسين لم يطالب بإصلاحات ، ولم يجلس إلى طاولة حوار ، ولم يعط النظام
مهلة استمرت سنوات ، بل توجه مباشرة إلى من حرّضه على الثورة المسلّحة ،
وأسلم نفسه لهلاك محتوم! حتى قال له ابن عمر مودعاً : ” أستودعك الله من
قتيل ” .
فلماذا خوّنتم ثورتنا ومجّدتم ثورة الحسين !
آلاف
المقاطع توثق بالصوت والصورة إجرام هولاكو العصر وزبانيته ، ثم تدّعون
أنها مفبركة ، فكيف تطلبون منا أن نصدق روايات منذ مئات السنين ، بُنِيَ
عليها مذهبُكم ، ربما في غرف سوداء مغلقة ، أو مربعات دنيا متآمرة ، أو
دوائر جزيرة مغرضة ، تفرقت الأمة بعدها شيعاً ، وزرع الحقد وحب الانتقام
فيها زرعا ، رغم اعترافكم أنها روايات تحتاج تنقيحاً !!
تقول في الأربعينية بأنك حريص على شعب سوريا !!
اسمع
مني : ذَكَر المؤرخ اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل علي بن الحسين الكوفة
رأى نساءها يبكين ويصرخن فقال : ” هؤلاء يبكين علينا فمن قتلنا ؟ ” أي من
قتلنا غيرهم { تاريخ اليعقوبي 235:1 } .
سيدنا سماحة
الشيخ حسن : هي ليست محاكمة لمنهج ، ولا جرد حساب لمذهب ، لكنها زفرة
مصدور ، موجهة لمن جعلوا من أنفسهم أوصياء على عقول العامة ، وكأنها مكب
نفايات ، تصلح لهرطقتهم وشطحاتهم !
قيل في تحليل للبي بي
سي أيام غزو الكويت ، تعقيباً على تأييد الراحل ياسر عرفات للراحل صدام
حسين ، قيل : إن انتهت الأزمة بإخراج العراق من الكويت ، فسيكون موقف
أبوعمار أكبر خطأ استراتيجي ارتكب في تاريخ القضية .. والموقف اليوم
يشبهكم !
ولنا أن نتساءل :
كيف تربطون مفهوماً تاريخياً ودينياً وإنسانياً كالمقاومة ، بمصير نظام وحكم شخص ؟
ألا يعطينا هذا الحق في أن نرتاب في المشروع من أساسه !!
هي فوضاكم الخلاقة إذن ،لا تستند لمبدأ ، ولا تحكمها الثوابت ، تميل مع الأسد حيث يحكم ، بلا تَقَيّة !
سيدنا
الشيخ أبو هادي ، ارفع يديك – ولا تنسَ الأصبع التي تمنى أن يتقمصها
شيخنا البوطي – لندعو لكم بما دعا لكم به سيدنا أبو عبد الله الحسين سلام
الله عليه حيث قال : ” اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً ، واجعلهم
طرائق قددا ، و لا ترض الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا
علينا فقتلونا ” كما نقله المفيد في الإرشاد : 241 ، والطبرسي في إعلام
الورى : 949 ، وكشف الغمة : 2/18+38 .
سيدنا أبوهادي ، إن
كان من مقومات بقاء الممانعة لطم الخدود وشق الجيوب وجرح الصدور حزناً ،
فمن الصعب أن تُقنِع الثكالى منّا واليتامى والجرحى والمهجّرين
والمعذَّبين -عندما تحين ساعة الاعتذار – بغير كُليب حيّاً .
أخشى أن يكون الوقت قد تأخر كثيراً ، حتى لو جعلتم من تراب بابا عمرو قطعاً فخارية تسجدون عليها في صلاتكم .