يقول رينيه ديكارت في كتابه رسالة في المنهج ما نصه : لقد لاحظت انني وانا اريد ان افكر على هذا النحو في ان كل شئ باطل فقد وجدت من الضرورة المطلقة ان اكون انا الذي افكر هكذا شيئا موجودا وكما لاحظت ان هذه الحقيقة وهي انني افكر اذا انا موجود هي حقيقة يقينية لا يمكن الشك فيها وحتى ان كان الشك مفرطا فقد خلصت من ذلك انن يمكن ان اعد ذلك دون تردد مبدأ الفلسفة الاول الذي كنت ابحث عنه !!
لقد حاول ديكارت بعد ذلك ان يثبت مستعينا بهذه المبادئ الواضحة المتميزة اثبات الالوهية بطريقتين اعرض براهين اثبات الالوهية لاحقا ولكن اذا اثبتنا الالوهية ومنحني الله ميلا طبيعيا الى الايمان معه بأن بعض تجاربي الحسية على الاقل ذات علل في هذا العالم مماثلة لها واذا لم يصح دل فمعناه ان الله يخدعني ولكن الله تعالى منزه عن ذلك ولا يمكن ان يخدع لأن الخداع لا يكون الا عن ضعف كما كان يرى وينبع من ذلك ان ايماني طبيعي بالعلل المماثلة لتجاربي الحسية ايمان ينبغي ان يكون موثوقا به في أكثر الاحيان فان ادى بي احيانا الى الخطأ كما يحدث حينما تبدو العصا المستقيمة منكسرة في الماء مثلا فهذا الخطأ لابد ان يكون خطأ يمكن تصحيحه بالانتباه والحذر وقد اعاد ديكارت بهذه الطريقة الثقة العامة بالتجارب الحسية وكذلك فان ثقتنا العامة بشهادة الحس السليم امر له ما يبرره
وقد تنتابنا نشوة فرح لذلك ولكن ينبغي ان تلاحظ مع ذلك ماذا يرافق هذا الرفض المرغوب فيه للشك الدكارتي العميق فينبغي اولا تنظيم المعرفة تنظيما هرميا تكون المعرفة اليقينية في قاعدته والمعرفة المشروطة المشتقة منها في قمته ثانيا ان اعادة الحس السليم امر يقوم على الاستبطان لان الوضوح والتميز الذي نجده بالاستبطان احيانا هو ما يضمن لنا صحة بعض المعلومات الخارجية و ثمة مسألة ثنائية المادة والعقل وهي مسألة لم نفرغ منها الى اليوم وانا في جوهري القائم بي شئ مفكر غير مادي ولكن حياتي العقلية متصلة عليا بالعالم المادي و الهيولي وهذا مما يقتضيه برهان من براهين ديكارت على اثبات الوهية الله وذلك كله من اجل التخلص من الشك الذي لم يكن في بدايته مع ذلك الا تجربة فكرية خالصة ولابد بعد ذلك ان نستفسر ونتسأل هل استطاع ديكارت ان يزيل الشك الفائق وهل تصح براهينه على اثبات الالوهية؟ وهل من المستحيل حقا الشك في مبادئ الامور الحدسية التي يعتمد عليها ديكارت بل هل هذه المبادئ والامور الحدسية صحيحة ثم ماذا عن اولى الخطوات في هذا المنهج هي ينبع وجود المفكر من وجود الفكرة؟
ان التفكير العقلي المجرد عند ديكارت لهو شبيه بالعلم الدقيق الذي يمكن اثباته بيقين يماثل اليقين الرياضي لقد كان ديكارت يحلم باقامة علم يتأسس على براهين يقينية بفضل العقل والذي هو اعدل الاشياء ولهذا وضع مشروعا لاقامة منهج يتقيد بمدرسة الرياضيات الشاملة وانتزع العقلانية من الميتافزيقا التقليدية وجعل منها الاساس في هذا البناء الرياضي القويم
__________________
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحـــا * وَآفَتُــهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيــــمِ
وَلَكِـــــــنْ تَأْخُـذُ الآذَانُ مِنْــه * عَلَى قَـدَرِالقَرَائِحِ والعُلــومِ