حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 "لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shosho
ثـــــــــــــــائر متردد
ثـــــــــــــــائر متردد
avatar


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 20
معدل التفوق : 40
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 27/02/2012

"لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع" Empty
06032012
مُساهمة"لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع"

"لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع" Arton7754-82984
"الوجه دلالة لا تُردّ إلى أيّ سياق(…) إنّه المعنى في ذاته"

إيمانويل ليفيناس







عاد الحديث مجدّدا في العالم الإسلاميّ وفي أوربا، عن البرقع والسدل
والحجاب وغيرها من أشكال الزّي المسمّى بـ"الإسلاميّ"، إثر صدور قانون يمنع
ارتداء البرقع في بلجيكا، وإثر مصادقة البرلمان الفرنسي منذ أيام على منعه
في الأماكن العامّة. وانقسم الناس في هذا الأمر إلى فرق، فريق يثمّن
"القرار الشجاع" (اليمين الفرنسي)، وفريق يستهجنه ويدعو لإلغائه بدعوى أنّه
يشكل تراجعا في مساحة الحريات العامة (الجاليات المسلمة وبعض وسائل
الإعلام العربية)، وفريق ثالث يدعو لأن يكون مقتصرا على المرافق العمومية،
وألا يتمّ تعميمه (بعض أطياف اليسار). والحقيقة أنّ هذا النقاش ليس جديدا
تماما، إذ هو ما يفتأ يعود في كلّ مرّة، وقد شهدنا نموذجا لذلك في قضية منع
الحجاب المدرسيّ في فرنسا مطلع هذا العقد. وعندنا نحن أيضا هذا موضوع ليس
جديدا، إذ فتحت نقاشات ساخنة حول "شرعية" النقاب في الإسلام بين علماء
المذاهب منذ بدايات القرن الماضي، وانقسموا هم بدورهم فرقا، بين من يقول
بأنّه جزء من شريعة الإسلام الثابتة، ومن يقول بأنّه مجرّد عادة ذات أصول
إثنية عربية لا علاقة لها بالعقيدة في ذاتها؛ وهذا الموقف هو الذي عبّر عنه
شيخ الأزهر السابق، في حادث طرده الشهير لإحدى الطالبات المبرقعات من
حلقته في جامع الأزهر. على أنّ خروج هذه القوانين المذكورة إلى الوجود، وفي
الدول الغربية تحديدا، مع ما يرتبط بوضعية الإسلام والمسلمين هناك من
مشاكل وقضايا وأسئلة ساخنة تخصّ الثقافة والهويّة والوضع الاجتماعي والعرق،
أعاد النقاش من جديد.


لست أرغب في أن أتناول الموضوع في حيثياثه العقدية ولا في "ظرفيته"
الأوربية، بل أريد أن آخذ الحدث مناسبة للتفكير في البرقع ذاته، أي في
دلالته ومعناه، ومن منظور فلسفيّ محض، تاركا جانبا الحوافّ واللواحق
الثقافية والاجتماعية للمسألة، لأنّها قد تتيه بنا عن المقصد.

يتحجّج المعارضون لهذا القانون بدليل "الحرية"، فيقولون مثلا إنّ من حقّ
الأشخاص أن يرتدوا البرقع، لأنّ هذا جزء من الحرية الشخصية، وهو ما يعني أن
منعه سيكون منعا لحقهم في اختيار اللباس الذي يرغبون به. وهذه الحجّة هي
التي يتبنّاها زعماء المنظمات الإسلامية في فرنسا، وكذلك بعض وسائل الإعلام
العربية المعروفة التي تسعى لبيان ما تسميه "بتناقضات الغرب" الذي يتنكّر
لمبادئه بإصداره لمثل هذه القوانين، فيضيّق على حرية الجاليات المسلمة، في
وقت يدّعي فيه مناصرتها؛ وواضح أنّ الغاية البعيدة لمثل هذا القول هي "ضرب"
النموذج الأوربي الحديث برمّته، والبرقع ليس إلا تعلّة في سبيل ذلك.

والحقيقة أنّ ما أريد أن أناقشه شخصيا في هذه الورقة هو هذه المسألة
تحديدا، أي مسألة الحرية، وذلك بأن أبيّن أنّ البرقع ليس أبدا مسألة
اختيارات فردية، بل هو في نظري، قضية اجتماعية وأخلاقية. بيد أنّي لا بدّ
أن أقول ابتداء أنّ غرضي ليس الدفاع عن أطروحات اليمين الأوربي المتطرّف في
هذه المسألة، بل أنا أتحدّث من موقعي كعربي يشاهد يوميا هذه الألبسة
الغريبة تتكاثر كالفطر في أزقّة ودروب مجتمعه نفسه، حتى صار لمن يلبسها اسم
مخصوص عند عامّتنا في المغرب وهو "النينجا".

من أعمق ما قرأت عن الوجه قول المفكرة الفرنسية "إليزابيت
بادينتير"Elisabeth Badinter بأنّ الوجه هو" العضو الذي لا لباس له" «il
n’y a pas de vêtement pour le visage». بدت لي هذه العبارة قوية، لأننا
فعلا إذا تأمّلنا الوجه ندرك بأنه، وفي كل الثقافات تقريبا، العضو الذي لا
لباس مقرّر له، إذ لكلّ عضو في الجسم رداء، حتى الأرجل والأيدي لها شرابات
وقفّازات، ولكنّ الوجه يبقى دائما مكشوفا، ولا يغطّى إلا اضطرارا، و لظروف
طبيعية خاصة (لثام أهل الصحراء مثلا).

لماذا الوجه يظلّ مكشوفا دائما؟

لأنّ الوجه منطقة خاصة واستثنائية في الجسم، سواء نظرنا إليه في بعده
البيولوجي (التركيبته الفيزيونومية)، حيث هو طرف الجسم الذي تجتمع فيه كلّ
الحواس تقريبا، ويتداخل فيه أكبر عدد من العضلات، من أكثرها قوّة إلى
أكثرها دقّة؛ أو نظرنا إليه في بعده الاجتماعي والثقافي، حيث هو عنوان
الفرد والدليل عليه أخلاقيا، إذ بالوجه "يواجه" الفرد باقي الأفراد ويظهر
ويمثل أمامهم، ومن هنا أصل كلمة "المواجهة" في العربية، والتي تعني ملاقاة
الأغيار؛ وحتى في اللغات اللاتينية تسمية الوجه تعود لكلمة vis, visum التي
تفيد ما يُرى؛ ولعلّه لهذا السبب- أي لهذا البعد الاجتماعي والثقافي الذي
يميّز الوجه- قرّر أرسطو قديما بأنّ الوجه كلمة لا تقال إلا على الإنسان،
فلا يقال إنّ للدوابّ أو الطيور وجها مثلا، بل وحده الإنسان، من حيث هو
الحيوان القادر على "المواجهة"، أي على أن يبني إمكانا سياسيا واجتماعيا؛
يملك وجها.

على أنّ هذه الدلالة الأخلاقية للوجه ستصير موضوع اشتغال مستقل في
الفلسفة، وهذا ما نجد نموذجه الأرقى في أعمال الفيلسوف الفرنسي إيماوييل
ليفيناس، الذي سعى، ومن منظور فينومينولوجيّ خالص، إلى أن يدفع هذه الحدوس
العامّة إلى أقصاها، وذلك بالبحث في علاقة الوجه بمفاهيم الغيرية والأخلاق
والمجتمع.

يمثل الوجه عند ليفيناس أساس كلّ علاقة إنسانية ممكنة، ولهذا فهو عنده
رهان وجوديّ للإنسان، ناهيك عن كونه رهانا سياسيا وأخلاقيا، فلا إنسان إلا
بوجه(1)، أو قل بلغته هو إن الوجه – إضافة إلى اللغة- هو عنوان الإنسانية
فينا؛ فأنا لا ألتقي بالآخرين إلا بالوجه، ولهذا كان هو ما يمنعني من أن
أصير مجرّد رقم أو عنصر في جنس أو نوع، فالوجه يعطيني فرادتي وهويتي كشخص،
ويمنحني ذاتية تستعصي على "الموضعة"(2)، وبهذه الهوية والذاتية أستطيع أن
أتحرّر من جنسي العامّ، وأن أبني علاقات مع الأغيار من موقع "الأنا"، وما
ذلك بممكن إلا لأنّ الوجه ليس "شيئا" للإدراك، ولا موضوعا للتنبّؤ، بل هو
الحركة التي لا تختزل في أيّ صورة جامدة (moule)، فالوجه هو ما لا ينفك عن
الانفعال و"التعبير"، ولهذا كان توقّف الوجه عن تعبيريته رديفا للموت، إذ
لا يكفّ الوجه عن التعبير إلا عند الموت.

وإذا كان عري وجهي أمام الغير يشعرني بهذه الفردية والاستقلال، فإنّ عري
وجه الآخر بدوره هو دعوة إلى أن ألاقيه في بعده الإنسانيّ، فعري وجه الغير
أمامي بلا سلاح ولا غطاء هو دليل سلم ورغبة في التلاقي(3)؛ هو توتّر بين
القوّة والضعف؛ هو كشف، وهو بهذا الكشف يذكّرني بأرقى ما فيَّ كإنسان،
ويشعرني بمسؤوليتي تجاهه، ويدفعني لأن أصوغ وعيي الأخلاقي والاجتماعي،
فبالوجه أتواصل مع الآخرين وأسجّل عهودي الأكثر حميمية؛ فوجهي نصر
لإنسانيتي، ووجه غيري أمامي هو دعوة لتزكية هذه الإنسانية، بل حتى في
الحرب، تظلّ المواجهة دليل شرف وعنوان سموّ إنساني، ومن هنا الأدبيات
الكثيرة التي تمجّد القتال بـ"المواجهة" والسيف، ضدّا على القتال برمي
السهام أو "الطعن" من الخلف مثلا.

بهذا الاعتبار يصير الوجه هو الطريق نحو المجتمع والسياسة، وتصير المواجهة
هي القادرة على تحديد انتماءاتنا الاجتماعية، فلا اجتماع ولا مشروع عامّا
إلا في "المواجهة"، أي في الرؤية، فالأفراد لا يتحقّقون إلا في "البينية"
(intersubjectivité )، وفي المسؤولية تجاه الغير.

ما الذي يعنيه إذن أن أقنّع وجهي وأمنعه من الانكشاف؟

يعني- قياسا إلى ما تقدّم- شيئين اثنين، أوّلهما رفض ملاقاة الآخر في
المستوى الإنساني، وثانيهما رفض ملاقاة الآخر في المستوى السياسي.

يحتجّ المدافعون عن البرقع بالقول إنّه "لباس"، وأنّه اختيار في الزّيّ،
والحقيقة أنّ الأمر ليس كذلك، لأنّ من يتبرقع لا يلبس، بل يغطّي العضو الذي
به نلاقي الآخرين، وهو بهذا السلوك يعلن رفضه لكلّ علاقة أخلاقية أو
إنسانية مع الآخر، فأنا أرفض التواصل معك بتقنّعي، وأنا بفعلي هذا أعلن
رفضي التعايش معك في نفس الوسط؛ ولهذا فالبرقع ليس مجرّد لباس، وليس ممارسة
للحرية، بل هو رفض للإنسانية وللانتماء للمجتمع، ولهذا فالمجتمعات التي
يتمّ فيها فرض البرقع على النساء هي نفسها المجتمعات التي ليس للمرأة فيها
أيّ انتماء للمجتمع، أي ليس لها فيه أية قيمة أو هوية سياسية، بل هي مجرّد
"موضوع" للمتعة في المجال الخاص. ولا معنى في هذا السياق أيضا للحديث عن
الحرية الشخصية في اختيار "اللباس"، لأن لا حرية إلا داخل مجال سياسي،
فالحرية كما تبيّن "حنّا أرندت" ليست مفهوما ميتافيزيقيا صوريا، بل هي
مفهوم يبنى في التفاعل السياسي، أي هي ما لا يتحقّق إلا في المجتمع(4)،
والحال أنّ تغطية الوجه هي بالتعريف رفض وإقصاء لكلّ علاقة اجتماعية أو
بينية مع الآخر، فلا حرية ولا عقلانية ولا تواصل سياسيّا إلا بالمواجهة،
والحال أنّ التبرقع رفض للمواجهة.

يتوضّح هذا الأمر أيضا إذا ما تأمّلنا لعبة التقنّع الإراديّ، فتغطية
الوجه في الكارنفالات أو الحفلات التنكّرية مثلا، هو رغبة في التحرّر من
أثقال المجتمع و"عقلانيته" السياسية وقوانينه التي هي نفسها أثقال الوجه،
فما يعجب ويسلّي في الكرنفال هو أنني فيه أتخلّى عن هويّتي السياسية
بتغطيتي لوجهي، وبذلك أتحرّر من كلّ تكاليفي ومسؤولياتي للحظة، لهذا ارتبط
التقنّع - كما كان في الأوساط الأرستقراطية سابقا- باللعب والحرية
واللامسؤولية، ولكنّ هذا التحرّر اختياريّ وظرفي ومتوافق عليه، أو قل إنّه
استراحة سرعان ما يعود منها المشاركون لينهضوا بواجبهم الاجتماعي والسياسي
بعد ذلك.

ليس البرقع لباسا إذن، بل هو رسالة سياسية وأخلاقية تعلن للآخر في رفضها
تعرية الوجه، رفضها لكلّ علاقة ممكنة معه؛ البرقع إعلان برفض التواصل،
وبرفض الحياة والمجتمع، وهو بذلك مقدّمة وإيذان بالحرب والكراهية تجاه
الآخرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

"لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع" :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

"لا لباس للوجه" تأملات في قضية "البرقع"

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» قضية العقلنة في الإسلام
»  القبض براس الخيط في قضية مصرع سندريلا الشاشة العربية
»  قضية الكوكب المختلس اكتشافه(*) هل سلب البريطانيون اكتشاف نپتون؟
» "تأملات ديكارتية"([1]) إدموند هوسرل
»  تأملات في السياسة وسوسيولوجيا الاحتفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: