بقلم: أحمد النعيميما استغربته! تجاهل الإعلام العربي والعالمي لمسألة الدعم اليهودي
للمجرم بشار، حامي حدودهم الأمين، هو ووالده –بائع الجولان– ما يقارب نصف
قرن، ومحاولتهم تناسي التصريحات الرسمية التي صدرت عن رئيس الأمن القومي
في وزارة الدفاع الإسرائيلية “عاموس جلعاد” في منتصف شهر تشرين الثاني
العام الماضي، عندما أعلن ولأول مرة بشكل صريح موقف اليهود الرسمي تجاه ما
يجري في سوريا، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، جاء فيه:” إن إسرائيل
ستواجه كارثة وستصبح مهددة دائماً بالحرب مع الأخوان المسلمين في مصر
وسوريا والأردن، إذا نجحت الثورة السورية الجارية منذ أسابيع متواصلة من
الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي يمثل وجوده مصلحة لإسرائيل”. وإلى الأمس
وأنا أتابع التحليلات الإخبارية كان هناك تعتيم بشكل مقصود لتصريح “عاموس”
السابق، والتأكيد بأنه لم يصدر أي تصريح رسمي من اليهود، وكأن تصريح عاموس
فص ملح وذاب!!
-
بخلاف الجانب الأمريكي الذي بيّن عن سياسته الغبية وتناقضه الفاضح في
التصريحات، فمرة تعلن “كلينتون” عن خوفها من أن يصدق الشعب السوري رواية
الأسد بوجود عصابات مخربة في سوريا، وفي الوقت نفسه يصرحون على لسان رئيس
مخابراتهم ورئيس أركان جيوشهم بأن القاعدة هي من تقف خلف تفجيرات سوريا،
وتتقول “كلينتون” بأن الأسد قد أصبح معزولاً دولياً وأنه قارب على السقوط،
بينما “السابقين” صرحا أن الأسد لن يسقط وأن جيشه متماسك، ثم تعود
“كلينتون” لتفضح حقيقة المؤامرة الكونية التي يزعم النظام السوري أنه
يتعرض لها من قبل الأمريكان واليهود، حيث أكدت بأن أمريكا تخاف من وصول
أسلحة بشار إلى أيدي حماس أو القاعدة، وكأنها تؤكد أن الأسلحة موجودة في
يد أمينة، ولا خوف عليها ما دامت بيد أدعياء الممانعة، لتتضح أن هذه
المؤامرة الكونية التي يقصدها بشار، هي محاولة الشعب السوري الوصول إلى
أسلحته، الأمر الذي من شأنه أن يقلقل حدود اليهود، ولهذا أعطي له أمر
بالإبادة والتصفية للشعب السوري بدون أي هوادة، وذلك بعد الفيتو الروسي
الصيني، لكي ينهي المؤامرة الكونية التي يتعرض لها “المُبير بشار” وأسياده
الأمريكان ومدللتهم دولة الاحتلال الصهيوني!!
-
فبدأ “المُبير” بمحاصرة المدن السورية مدينة تلو مدينة، وبلدة تلو أخرى،
فحاصر “بابا عمرو” وانتقل إلى “بديتا” و”بلين” و”بلشون” وقتل أغلب شبابها
وأحرق بيوتهم، وسرق ممتلكاتهم، وقطع أشجارهم، ثم مر بـ”سرمين” و”حلفايا”
و”الاتارب” و”سراقب” و”معرة النعمان” و”منخ” و”عندان” ونزل بـ”ريف دمشق”
فأباد من مر بطريقه، وبقي حي “بابا عمرو” عصياً عليه وعلى “مبًيريه” رغم
قصفها المتواصل شهراً كاملاً.
وفي يوم الاثنين الماضي السابع والعشرين من شهر شباط وصل عدد ضحايا
“المُبير” إلى مائة وأربعين شهيداً، قتل أغلبهم في حي “بابا عمرو” حيث
أقدم عدد من سكانه على الفرار من الجحيم المصبوب على حيهم، قتلقتهم قوات
“المبير” المحاصرة للحي، فقتلت خمساً وستين شاباً ذبحاً بالسكاكين، وقامت
باغتصاب نسائهم وكيّ صدروهنّ وبطونهنّ كاتبين عليهنّ عبارة “لا إله إلا
بشار”، ثم قتلت بعضاً منهنّ، واقتادت الأخريات أسيرات إلى القرداحة.
ودون حياء أو خوف واصل “المًبير” سفكه للدماء، وإبادته لأصحاب –المؤامرة
الكونية– فقتل في اليوم التالي أكثر من مئة شهيد جديد، ولليوم الثالث على
التوالي ووسط إشاعات كان يبثها لتخويف الناس، بان قوات الوحش ماهر قد دخلت
الحيّ المحاصر؛ استمرة ابادته وفتكه بكل ما يمر في طريقهم، حتى أن جنده
قبضوا على مصاب كان يحاول دخول الحدود الأردنية، فتم ربطه إلى فرس ومزقت
أوصاله تمزيقاً، ثم تبين أن دخوله الحي أكذوبة جديدة من أكاذيبهم، وأن
كتيبة “الفاروق” قد كبدت جيوشه خسائر فادحة في كل متر مربع كان يتحركه،
ولم يتمكن من دخول الحي لبسالة أبطال الجيش الحر، سوى تمركزه على الأطراف.
ونهضت المدن السورية في “ريف دمشق” وحماة وادلب وغيرها، لتخفيف الضغط عن
إخوتهم المحاصرين في حي “بابا عمرو”، وقامت كتائب الجيش الحر بشن هجمات
عديدة على جيش “المُبير” بسلاحهم الخفيف وعتادهم البسيط، وسط مواصلة
العالم نومه إزاء ما يجري من ابادة في سوريا. بينما كانت التطمينات
الغربية المتواصلة تساعده على المضي قدماً وتشجعه في مواصلة إبادته ووأد
مؤامرة الشعب السوري، بعد أن عجز هو في تحقيق أحلامه بمفرده، حيث أعلن
الفرنسي “جوبيه” بأنه لن يكون هناك أي تدخل عسكري في سوريا، بينما الشقراء
“كلينتون” وجهت تطميناً جديداً إلى “المُبير” ودعت إلى عدم تسميته بمجرم
حرب، لأن توجيه هذه التهمة إليه يمكن أن يعرقل جهود الحل بالبلد.
ولم تكد هذه التصريحات والتطمينات ترسل تباعاً إلى “المُبير بشار” حتى جسد
من يقف خلفها، عندما كُشف النقاب عن مطالبة وزير الدفاع اليهودي “يهود
باراك” واشنطن التخفيف من ضغوطها على دمشق خشية من انهيار نظام الأسد في
هذه الآونة، ووصول الأسلحة التي بحوزته إلى حماس أو القاعدة، وذلك كما
علمته العربية من مصادر متطابقة في واشنطن، بأن الأوضاع في سوريا والتأثير
المحتمل على إسرائيل كانت في صلب المحادثات الإسرائيلية الأمريكية، وأن
إسرائيل طالبت الولايات المتحدة التخفيف من لهجتها ضد نظام الأسد والحرص
على عدم تقديم المساعدة العسكرية للمعارضة السورية إلى أن يتم تحديد ملامح
البديل المحتمل.
وهذا يفسر كذلك ما قاله رئيس الجيوش الأمريكية “مارتن دمبسي” بأنه من
المبكر الحديث عن تسليح المعارضة، والهدف هو أعطاء مزيد من الفرص لعميلهم
“المُبير بشار” لإنهاء المؤامرة الكونية التي يتعرض لها، من قبل شعبه،
والساعية للإطاحة به.