حسين فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 473 معدل التفوق : 1303 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 18/12/2011
| | عبوديتنا حرة … بقلم محمد عبد العزيز | |
لا احد يعرف عن حياتة او الحياة بشكل عام هتكون ازاي لانها الان في طور الانشاء ، العالم يتطور بناءً علي التغيرات التي تحدث بداخل كل فرد وبداخل كل شئ حي ، لذلك نجد صعوبة في تخمين ما قد يحدث في الغد اذا كنت عايش معتمد فقط علي المعرفة الانسانية وفقاً لمبادئ معينة ومعايير تقليدية ، اذاً انت مازلت تعيش في الماضي ولن تعرف الجمال او السعادة الحقيقية ، اذا لم تشعر بأحساس الحرج من افعالك وفشلك فرحلة المعرفة الذاتية لم تبدأ بعد ، يجب ان يكون عندك الاستعداد ان تفشل لانك اذا كنت خائف منه ، من المؤكد انك مش هتوصل لشئ بعيد ،لازم يكون عندك الشجاعه لتواجة الخوف ولاستخراج الكنز المدفون في داخلك …” نيتشة بيقول :- قد يكون هناك عدد لا يحصي من المسارات والجسور الاخري لكن هناك مسار واحد ، لا احد يستطيع المشي عليه الا انت ، الي اين يؤدي لا تسأل فقط أمشي ،،، ” إن حرية الارادة هي إحدي المشكلات الفلسفية سيئة السمعة، أذ أن ألمع العقول البشرية قد كافحت لكي تحلها علي مدي أكثر من ألفي عام ،و في سبيلها بنيت الأنظمة الفلسفية العظمي واحداً تلوا الأخر، و استخدم المنهج العلمي بصرامة تامة،و سالت أنهار من الحبر علي جبال من الورق ،كل ذلك بلا جدوي ،فالحرية مثل السراب، تبدو أبعد كلما تقدمنا نحوها خطوة ،و في عصرنا هذا ،يشعر الكثير من الفلاسفة بالحرج من هذا الارث البغيض، فيحاولون اخفائها تحت السجادة عبر مختلف أنواع الحيل البارعة ، مثل اعادة تعريف كلمة “معنـي” بحيث يصبح السؤال عن الحرية بلا معني! بينما يبحث أخرون عن مخرج مشرف بأي ثمن و في أي مكان ،في علم النظم المعقدة ،في نظرية الفوضي ، في فيزياء الكوانتم ، و حتي في العوالم الموازية! و رغم سمـعتها السيئة و مزاجها الثائر المتقـلب الذي يثير الجنون، و برغم انفضاض كثير من الفلاسفة المحترفين عنها نفورا من ماضيها القاتم،إلا أن لحرية الارادة سحراً ما فتئ يجذب اليها المغامرين من كل التخصصات العلمية، حتي لقد صارت الكـتابة عنها تقليداً ثابتاً يمارسه كتاب العلم الشعبيون أيا كان موضوعهم الأصلي ! و ليس هناك ما هو أدل علي ذلك المزيج الغريب من الخـجل و الافتتان مما قام به مؤلفوا – شظـايا الحقيقة- عندما ختموا كتابهم عن التطور بفصل عنوانه -نحن نرغب في كتابة فصل عن حرية الارادة،و لكننا قررنا أن لا نفعل ذلك،هذا هو!! إن مشكلة حرية الارادة هي –باختصار مخل جدا- مشكلة البحث عن مكان للحـرية الانسانية في عالم تحكمه القوانين و الصدف التي لا يد لنا فيها، ان أجسادنا مكونة من ذرات تخضع لقوانين الفـيزياء و الكيمياءو جيناتنا قد -كُتبت- ببطأ و علي مدي ملايين السنين تحت تأثير الانتخاب الطبيعيو حتي خبراتنا الفردية و تاريخ حياتنا تحدده سلسلة من الحوادث -في أي بلد و لدنا و في أي أسرة و في أي طبقة اجتماعية و من هم البشر الذي قابلناهم و ما هي التغيرات الاجتماعية و الاقـتصادية الكبري أثناء فترة حياتنا – الخ – و إذا كان كل قرار نتخذه يمكن –من حيث المبدأ- أن نرده الي حدث كيـميائي في دماغنا أو الي جين في خلايانا أو الي خبرة سابقة مررنا بها في ماضينا،أذن فان حرية الارادة تكون مجرد وهم ،و لسوء الحظ فان ما نعرفه عن العالم و عن الانسان يشير بقوة في هذا الاتجاه ،فأفعال البشر لا تنبثق فجاة من لا مكان ،انها نتائج لأسباب ،و تلك الأسباب تنتمـي أما الي العالم الطبيعي أو العالم العضوي أو العالم الاجتماعي، لا يبدو أن هناك مكاناً للارادة في هذا المخطط الكئيب ,,, ” يعتقد الكثير من العلماء أن مشكلة الارادة سوف تحل بمجرد العثور علي مخرج مشرف ،علي جزيرة مختبئة في مكان من العقل و معزولة سببياً عن العالم، و من الناحية النظرية فذلك ليس مستحيلا ، فالأشياء الصغيرة جدا –كالذرات و ما دونها – تتصرف بطريقة لا يمكن التنبؤ بها حتي لو كانت أدواتنا لانهائية الدقة و حتي لو كنا نعرف كل شيئ عن أي شيئ أخر في العالم،و علي سبيل المثال ، فانه اذا كان احتمال تحلـل ذرة معينة من عنصر مشع هي 50%في الساعة، فانه ليست هناك طريقة اطلاقا لكي نتيقن بها مما اذا كانت هذه الذرة ستتحلل أم لا خلال الساعة القادمة،و ليس هناك أي شيئ يمكننا فعله لكي نتنبأ مقدماً بالنتيجة،علينا فقط أن نجلس و ننتظر ما اذا كانت الذرة ستقرر ان تتحلل ,,, “تبدو هذه كوصفة مغرية للحرية! دعنا نتخيل أنه في ركن من عقلنا لم يكتشفه العلماء بعد , ثمة نظام كمومي يعمل بطريقة مشابهة لتحلل الذرات المشعة و ذلك النظام مرتبط بألية اتخاذ القرار بحيث أنه كلما كان علينا أن نختار بين فعلين -مثل ‘الذهاب الي الكلية ام التنزة مع الاصدقاء ‘ فان دماغنا يربط كل فعل ممكن بأحد النواتج المحتملة لذلك النظام الكمومي،و بالتالي فعندما “يختار” النظام واحداً من تلك النواتج المحتملة، فان الدماغ “يقرر” القيام بالفعل الذي تم ربطه بذلك الناتج ،و علي سبيل المثال فاذا كان تحلل الذرة يعني الذهاب الي الكلية ، و عدم تحللها يعني التنزة و اذا اختارت الذرة أن تتحلل فعلا ،فان قرار الذهاب الي الكلية في هذا المثال قد نتج عن حادثة احتمالية يستحيل التنبؤ بها قبل حدوثها ،و فقا لطريقة معينة في التفكير ، فان هذه تكون حرية! “من المثير أن منظري فيزياء الكم لم يكونوا الوحيدين الذين وقعوا علي هذا الحل الغريب لمشكلة حرية الارادة، فعند مشاهدة افلام باتمان نري ان عدو باتمان اللدود قد فكر مثلهم بالضبط ، فبعد أن خسر حبيبته و تشوه وجهه بفـظاعه انقلبت شخصيته الي الشر، و عندها قرر أن يصنع قدره بنفسه، فأصبح يحمل قطعة من العملة معه في كل مكان ،و كلما تعين عليه أن يتخذ قرارا ما -عادة ما يكون قتل أحدهم أو تركه!- فانه يلقي بالعمله تاركا الحظ وحده لكي يختار، و بهذه الطريقة فان قراراته تكون “حرة” تماماً علي الأقل بالمعني الضيق الذي يفيد باستحالة التنبؤ ! ان حياته غريبة حقاً ، و لكن دعنا نأخذها لأبعد حتي من ذلك ،و لنفترض أن عبقريا مجنونا قد افتتن بنظرية “الحرية الكمومييه التي تحدثنا عنها بالأعلي ،و لكنه ,بدلا من أن يتصرف كالفيزيائيين المحترمين و يكتفي بالأمل بأن يكون الدماغ ألة كموميه ، فان عالمنا هذا قد قرر أن “يفرض” علي الدماغ أن يصير ألة كمومية تامة النقاء، و هكذا قام باختطاف رجل سيئ الحظ هو (شخص ما ) و حبسه في معمله السري تحت الأرض ،ثم أجري علي دماغه جراحة وحشية زرع فيها اختراعه الرهيب “مُولد الحرية” و هو جهاز صغير يربط دماغ (هذا الشخص ) بأحداث كمومية عشوائية تحدث في الجهاز علي نفس النحو الذي وصفناه في النظرية،و بعد انتهاء العملية فان (هذا الشخص) يصبح في وضع مشابه لعدو باتمان مع فرق وحيد ،هو أن “عملته” ليست في يده الأن و انما بداخل رأسه، و هو بالتالي غير قادر علي أن يتجاهلها ، و بعبارة أخري فانه مجبر علي أن يكون حرا ، شاء ذلك أم أبي! و عندها قام باطلاق سراحه لكي يمارس حريته الكموميه !! “و بالطبع فان هذه العملية سوف تغير حياة (هذا الشخص ) الي الأبد ، فمنذ استيقاظه من العمليه و حتي موته فانه لا أحد يمكنه معرفة ما سيقوم به (هذا الشخص ) في اللحظة التالية ، و حتي هو نفسه لن يعرف!قد يحتضنك بحرارة او يتجاهلك و كأنك لا أحد .قد يبتسم برقة في وجهك أو يوجه لك لكمة قاسية .قد يذهب الي العمل في يوم الاجازة أو ربما يعتكف في منزله لا يبرحه لعام كامل .انه سوف يكون رجلا خطيرا جدا … ليس فقط علي نفسه و انما علي كل من حوله، فهو قد يقف في وجه شاحنة مسرعة، أو ربما يتناول خنجرا من المطبخ ليغمده في قلبك بلا سبب ،و تماماً كما أن توقع أفعال (الشخص) أمر مستحيل ،فان التواصل معه أمر اكثر استحالة ،فالحجج العقلانية لن تفلح في اقناعه، اذ أن الالتزام بالمنطق يفرض نوعا من القابلية للتنـبؤ لا يسمح بها مولد الحرية و بالمثل فان الاغراء أو التهديد لن يجديان في السيطره علي سلوكه الجامح، لأن قرارات (هذا الشخص) لا تتحدد بالغرائز الطبيعية و لا بالقيم الأخلاقية و انما برميات عملة كموميه تحدث بداخل رأسه و لا سبيل للتأثير عليها علي أي نحو، و (هذا الشخص ) لن تكون لديه اي “عادات” اذ أن ماضيه لا يحدد مستقبله ،و حتي ان كان هو موشكاً علي الموت من الجوع و هناك مائدة عامره أمامه فانك لن تعرف و لا هو سيعرف ان كان سيأكل ام لا، اذ أن جوعه لا يستطيع التأثير علي احتمالات قراره القادم ,,, “و بالنسبة لانسان عادي مثلي، فان سلوكي تحكمه رغبات طبيعية ملحة لا يد لي فيها ، كالرغبة في الحياة و في الحب و في الجنس و في التعلم و في النجاح الاجتماعي ، و أنا “أريد” أن أكون قادرا علي السعي وراء هذه الرغبات، و أريد أن أكون قادرا علي استخدام المنطق و الخبرة لتحسين فرص نجاحي في هذا السعي، و مما لا شك فيه أن رغباتي، هي و المنطق و الخبرة ،كلها تجد جذورها في قوانين هذا العالم لا في خياراتي الفردية، و لذا فانا لا اكون حرا عندما أسعي عقلانيا لتحقيق رغباتي الطبيعية، أما (هذا الشخص ) –ذلك التـعس- فهو حر !! “أن الحرية كلمة متعددة الوجوه مليئة بالظلال ،و لذا فأنا لا أعرف ان كانت حرية (الشخص هذا ) هذه “حرية حقيقية” أم لا ،و لكن ما أعرفه يقينا هو أنني لا أريد أن أكون في هذا الوضع! و ان كانت تلك فعلاً هي حرية الارادة -معشوقة الفلاسفـة – فما أسعدنا اذن بعبوديتـنا هذه !! | |
|