حسين فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 473 معدل التفوق : 1303 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 18/12/2011
| | أسطورة الدماغ المغلوطة “الدماغ لا جنس له” … بقلم فاطمة الزهراء حان | |
أتذكر منذ طفولتي مدى اختلاف تعامل والدي معي ومع أخي، أتذكر كل الرجال الذين مروا في حياتي مؤمنين عن جهل أن المرأة فعلا ناقصة عقل، أتذكر ويا ليتني لا أتذكر كل النساء اللواتي عرفتهن واللواتي أكدن لي على أن التغيير لازال بعيدا عن مجتمعاتنا، إيمانهم بكونهن إنسانا ناقصا شكل لي عقدة في حياتي، أمر مخيف أن يؤمن الإنسان بعجزه رغم قدراته المذهلة. أصبحت حينها الكتابة شيئا أساسيا في حياتي لتغيير ما يعتبره الآخرون من المسلمات رغم كونها أفكارا مغلوطة لا أساس لها ولا صحة، أؤمن أن الأفكار تساهم في تغيير المسلمات، فإن كل التيارات الفكرية التي ساهمت في التغيير في العالم قامت على الأفكار، كيف وإن كانت متمردة. دخول المرأة عالم الرجل كان خيارا ذكوريا هو الآخر، لأن الرجل يعي تماما أنه لا يستطيع تحقيق التنمية وحده | هل العيب في التربية التعجيزية؟ لما يشكل الاختلاف في مجتمعاتنا عائقا لا ميزة؟ لم لا نقيم الأشخاص بناء على ما تقدمه للبشرية لا بناء على جنسها؟ لماذا؟ سؤال لا يجب أن يفارق أي إنسان حر يريد التغيير.كلما زادت الفجوات بيننا وبين الرجال كلما صعب الحوار، كلما زاد احتقارنا لأنفسنا زاد احتقار الآخرين لنا وتقليلهم من شئننا، كلما ساهمنا في تحقيق العدل من خلال الأفكار المتمردة التي ينبغي أن تدعو للحرية، للكرامة والمساواة بين البشر أيا كان اختلافهم الجسدي أو الفكري. جهلنا لطبيعة الإنسان كما لخبايا الكون التي على عكس المجتمعات العربية، تشكل لدى المجتمعات المتحضرة لغزا ينبغي تفكيكه بشكل مستمر مما يجعل مجتمعاتنا العربية أكثر المجتمعات جهلا، ويجعل من العربي أشد قسوة من غيره على نفسه أولا ثم على الآخرين من جراء القيود التي تحجب عقله عن التفكير وتجعل منه إنسانا مستهلكا للأفكار أيا كان مصدرها وهالكا لنفسه. تمردي على أسلوب تربية والداي الدينية لي التي لا تختلف عن أسلوب التربية السائد في مجتمعاتنا العربية كان بداية طريقي للتحرر من الأفكار التي وجدت أغلبها رجعية ومتناقضة مع حقوق الإنسان والحرية، تفوقي طيلة مساري الدراسي كان يؤكد لي كل سنة أن الرجل كونه رجلا لا يجعل منه إنسانا أكثر ذكاء مني أو من غيري، كوني إنسانة كونية، نظرتي الإنسانية للرجل لم تتغير لليوم، هو إنسان قبل أن يكون رجلا، تشبه إنسانيته إنسانيتي، اختلافه عني لا أرى فيه سوى الاختلاف الجسدي البيولوجي، هذه النظرة الكونية تشمل نظرتي للحيوان وللطبيعة ولكل ما يشاركني على هذا الكون، فنحن نحمل في أجسادنا الطاقة التي يحملها الكون بأسره، تلك التي خلفتها ولادة الكون الغريبة التي لا يعرف عنها فعليا أحد إلى الآن.لا تهم الحقائق حقا لكونها ليست مطلقة، ما يهم هو طريق البحث عنها، هو إعادة النظر في معتقداتنا التي لا تكون غالبا صحيحة، فكرة التفوق الفكري لدى الرجل عن المرأة تشكل فعلا أسطورة آمن بها أسلافنا ولازلنا نؤمن بها إلى الآن رغم ما توصل إليه الإنسان الغربي خصوصا من تقدم اقتصادي وعلمي، فما نحن إلا متفرجون، مصفقون لنجاحات غيرنا، لا نسعى وراء النجاح، بل وراء انتقاد من جعلوا حياتنا أفضل مما كانت عليه. لأن مجتمعنا ذكوري أولا وأخيرا، لأن السيطرة والسلطة احتكار ذكوري محض؛ ليس من صالح مجتمع أبوي ذكوري أن تؤمن المرأة فيه بقدراتها الفكرية، الجسدية والإبداعية، أن تفكر، أن تكتب حتى أو تدير دولة، دور المرأة عند الكثيرين لازال لليوم يقتصر على إشباع رغبات الزوج وتربية الأولاد، حيث يشكل هذا الدور عند الكثيرات لسوء الحظ أكبر الأحلام، في وقت تدير فيه المرأة أكبر الدول المتقدمة وتساهم في تطوير حياة الإنسان بشكل أو بآخر في شتى المجالات. لا يمكننا أن ننكر أن هذا التقدم جاء حيلة ومساندة لنجاح الرجل، دخول المرأة عالم الرجل كان خيارا ذكوريا هو الآخر، لأن الرجل يعي تماما أنه لا يستطيع تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية كما الاجتماعية وحده، وجود المرأة كان ضرورة لا خيارا نسويا. لحسن الحظ، العلم لا جنس له، و هو يؤكد اليوم من خلال العديد من البحوث العلمية أن الدماغ لا جنس له، لا يوجد هنالك فرق بين المرأة والرجل من حيث القدرات العقلية، رغم أن دماغ الإنسان يشكل لغزا يحير العلماء من شدة تعقيده، كونه يتكون من آلاف الخلايا العصبية التي تجعل البحث شيقا ومعقدا في آن واحد، فمنذ بداية البحوث التي كان تركيزها عن الفوارق البيولوجية بين الرجل والمرأة، كانت المرأة تحصل دائما على أفضل النتائج على عكس الأفكار المتداولة في الاختبارات العالمية المعتمدة لقياس درجة الذكاء، القدرة على الحكم وتحكيم العقل، القدرة على الاستيعاب… الخ. الرجل والمرأة يملكان نفس القدرات العقلية إلا أن التربية تفسد دائما الطبيعة، فكلاهما قادر على التفوق في أي مجال يقع عليه اهتمامه | حدسها القوي وغريزتها الفطرية كما قدرتها على التقاط وتحليل إشارات الجسد تجعلها تملك من العمق ومن الذكاء ما لا يملكه الرجل، في حين يستعين الرجل بعقله فقط تستعمل المرأة الإحساس والعقل معا، هذا لا يجعل منه إنسانا غير قادر على استعمال أحاسيسه بشكل مطلق بل على العكس، يؤكد العلم على أن الإنسان لديه قدرة مثيرة للدهشة على التعلم المستمر أيا كان جنسه وعمره، يعطينا من خلالها الأمل على أن الأوان لا يفوت أبدا لكي يخلق الإنسان من نفسه إنسانا جديدا.لا يوجد في العالم إنسان غبي، بل على العكس كل إنسان لديه القدرة على تطوير ذكائه شرط أن يتوفر المحيط المناسب الذي سيساهم في تطوير ذكائه، بالإضافة إلى الرغبة الكافية لذلك، أو ينبغي عليه أن يخلق بنفسه هذا المحيط من حوله، مثلا ما يمكنه أن يحدث فارقا هو الإحاطة بأصدقاء أذكياء ومفيدين ذي طاقات إيجابية، لهم من الدهشة ما يدهش الآخرين وما يجعلهم دائمي الرغبة في المعرفة والاستطلاع، مساندة الأهل، خلق فضاء خاص في البيت مهما كان صغيرا لممارسة الهوايات أيا كانت فنية أو فكرية، الشرع في تحقيق الأحلام يساهم كذلك في تطوير ذكاء الإنسان، لا يمكننا أن ننسى بكل تأكيد أهمية الصحة الجسدية والفكرية اللتان تقومان على ممارسة الرياضة، القراءة بشكل مستمر والاهتمام بالفنون بشكل عام، لما لهذه الممارسات من منافع لصحة الإنسان وقدرتها على تطوير خياله وبالتالي ذكائه. ينبغي الاعتراف باختلافنا الجسدي كما الفكري، لكن ليس من حق أي أحد أن يهين ذكاء المرأة وإقناعها بأنها كائن غير كامل، الرجل والمرأة يملكان نفس القدرات العقلية إلا أن التربية تفسد دائما الطبيعة، فكلاهما قادر على التفوق في أي مجال يقع عليه اهتمامه، لذلك على المرأة الإيمان بقدراتها كما عليها أن تمنح نفسها فرصة لاكتشاف ذاتها واكتشاف آفاق جديدة غير التي تحد نفسها فيها. من قال إن المرأة أقل ذكاء من الرجل . | |
|