حسين فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 473 معدل التفوق : 1303 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 18/12/2011
| | إكتشاف مكونات بيلوجية في الفضاء الخارجي | |
د تم إكتشاف المزيد من المُركبات البيلوجية في الفضاء الخارجي حديثاً، الامر الذي يؤكد إمكانية تشكل هذه المُكونات في رحاب الكون الخارجي وبالتالي يفتح الطريق لمعرفة بدايات نشوء الحياة على الارض، وواقعية افتراض وجود حياة على الكواكب الاخرى. عندما يوجه علماء الفلك مراصدهم الى السماء لاتظهر لهم الكواكب والنجوم فحسب، بل ايضا المُركبات الكيمائية بالرغم من انها تقع بعيدة عنا مسافات خيالية. فقط عام 2006 تم إكتشاف ثمانية مُركبات كيميائية جديدة، جميعها بيلوجية (جميع المُركبات التي تحتوي على الكربون تعتبر بيلوجية عدا غاز اول وثاني اوكسيد الكربون). الكربون عنصر اساسي في بناء المُركبات البيلوجية التي تشكل احجار بناء اجسام الكائنات الحية. احدى هذه المُركبات ، وتُدعى acetamid, مهمة بشكل خاص، بإعتبارها تحتوي على روابط بيبتيدية، المستخدمة لربط الاحماض الامينية في سلاسل طويلة، مما يؤدي الى إنطلاق الحياة. حتى الان لم يتمكن احد من العثور على احماض امينية في الفضاء الخارجي، ولكن مجرد العثور على اسيتاميد كافي للتأكيد على إمكانية وجود احماض امينية سابحة في الفضاء الخارجي.
دور الغبار الكوني علماء الفلك يشيرون الى ان هذه المركبات البيلوجية هي نتيجة عملية فلكية معقدة. في الفضاءات بين النجوم يوجد غبار كوني ذو احجام مجهرية. من هذا الغبار يوجد ماهو من بللورات معادن السيليكات واوليفين (Silikat & Olivin), متواجد على شكل سحب خفيفة من الغبار الكوني. الجزيئات الغبارية تشكل الرحم الذي تحدث فيه التفاعلات الكيميائية، حيث ان المُركبات الكيميائية المختلفة، الموجودة في الفضاء، تتجمع على هذه الجزيئات متلاصقة بما يكفي للتفاعل مع بعضهم. بالطبع لاتزيد حرارة سحابة الغبار الكوني عن حرارة الصفر المطلق والتي تعادل ناقص 273 مئوية إلا قليلا، ولكن المركبات تنهمر عليها الطاقة بدون توقف على شكل اشعاعات كونية واشعاعات مافوق البنفسجية. هذه الاشعاعات كافية لخلق ارتباط بين المُركبات وفصم الروابط القائمة او تغييرها. ايستطيع العلماء إكتشاف هذه المُركبات طالما انها ملتصقة بالغبار الكوني، ولكن عند انفصالهم بفضل تأثير عوامل مثل الاشعة مافوق البنفسجية مثلا، يصبح الامر ممكناً. الاشعاعات الكونية الدائمة وطاقة الحركة الصادرة عن اصطدام بين المُركبات نفسها وحتى الحرارة المحدودة في الفضاء الخارجي تجبر المُركبات على الدوران حول نفسها وبالتالي تبعث ميكرو موجات إشعاعية تكشف عنها. هذه الاشعاعات يتمكن العلماء من إلتقاطها بواسطة التلسكوبات الهائلة. على الاغلب ليس من الممكن رصد المرُكبات المنفردة ، ولكن عندما تتعرض المليارات من المُركبات لتأثير واحد ومشترك يصدر عنها إشارة بقوة كافية ليلتقطها التليسكوب، إذا حدثت في مجال رؤيته وتوجهه.
من الضروري الاشارة الى انه بإستطاعة العلماء التعرف على المُركبات الناشئة. إذ عندما تقوم هذه المُركبات بالدوران حول محورها تتوصل الى تحقيق وجود مستقر. سرعة الدوران وزاوية إنحراف المحور لأحد المُركبات، مع بعض يطلق عليهم مصطلح: الزاوية اللحظية. هذه الزاوية تتغير كل مرة يصدر عن المُركبة طاقة او تحصل على طاقة على شكل إشعاع كهرومغناطيسي. أطياف هذه الاشعة يمكن إستخدامها كعلامة مميزة تماما مثل بصمة الاصبع. من خلال دراسة درجة اطياف هذه الاشعة يتحقق للعلماء القدرة على تعيين المكونات الكيميائية لهذه المُركبات وبنيتها الاتحادية. من اجل إلتقاط هذه الاشارات الضعيفة يستخدم العلماء الراديوتيلسكوب. اكبر تيليسكوب من هذا النوع يسمى Green Bank Telescope, ويوجد في غرب فرجينيا كما يوجد مثيل له في اونسالا جنوب مدينة غوتبوري السويدية. هذا التلسكوب يملك 2004 عاكس، يمكن تعديل كل منهم على حدة، في حين يغطي منطقة إستقبال بمساحة 33 الف كيلومتر مربع.
التليسكوب يتلقى إشارات قادمة من مسافات تبعد عنا عدة آلاف من السنوات الضوئية ، ولكن زاوية رؤيتها حادة الى درجة ان العلماء غالباً يستطيعون التعاطي فقط مع جزء صغير من السحابات الكونية. الإشارات، وبسبب البعد الهائل، تكون غالبا مصحوبة بتشويش من مختلف المصادر الاشعاعية. لهذا السبب يجب التدقيق لفصل شعاعات الكون الخلفية.
Phil Jewell المسؤول عن التليسكوب الى جانب Jan Hollis من قسم الابحاث في ناسا، قادوا المجموعة التي تمكنت من العثور على المُركبات البيلوجية الثمانية الجديدة، التي عثر عليها في الكون مؤخراً.
هذه المُركبات تتآلف من ترابطات لمابين 6 الى 11 ذرة. ثلاثة منهم تم إكتشافهم في السحابة الكونية المسماة Taurusnbulosan TMC-1, وهي سحابة لاتملك اي نجوم على الاطلاق وتبعد عنا 450 سنة ضوئية، في حين تم إكتشاف البقية في المنطقة المسماة Sagittarius B2(N), والتي تعتبر منطقة نشوء نجوم في درب التبانة، وتبعد عنا مسافة 26000 سنة ضوئية. المثير للانتباه في المُركبات التي وجدت في المنطقة الثانية قربهم مع مُركبات البروبينال والبروبانال (Propenal, Propanal). كلاهما من مجموعة الديهيدر التي تملك ثلاث ذرات من ذرات الكربون، وهم يختلفون عن بعضهم فقط من خلال كون الاخيرة تملك ثلاث ذرات اضافية من الهيدروجين، هذا الامر اثار الاهتمام. في المنطقة نفسها كان العلماء في السابق قد اكتشفوا مُركبة مشابهة من مجموعة الديهيد بإسم propynal, ولكن تفتقد الى ذرتين من الهيدروجين. هذا الامر يجعل العلماء يعتقدون ان تتطور المُكونات البيلوجية في الكون الخارجي يجري ببطء وعلى مراحل من خلال إستحصال المُكونات على ذرة الهيدروجين على مراحل.
Prebiotic molecules such as glycolaldehyde that are carried by a comet may be deposited on a planet that collides with the comet or passes through its tail, giving a head start to the life-formation process (Image credit: Bill Saxton, National Radio Astronomy Observatory/Associated Universities Inc., National Science Foundation).
في الوسط العلمي يسود الاعتقاد بأن الحصول على ذرة اوكسجين يفترض به ان يؤدي ايضا الى تتطور المُكونات وتكوين مُركبات جديدة. بين المُكونات الجديدة التي تم العثور عليهم عام 2006 يوجد المُركب المسمى cyklopropenon. هذه المًركبة نشأت على الاغلب عن طريق تتطور المادة المسماة cykloprpoyliden, والتي تم العثور عليها سابقا في الفضاء الخارجي عام 1987، التي تفاعلت مع ذرة اوكسجين. التفاعل بين ذرات الاوكسجين والهيدروجين يحدث عندما يجمعهم الغبار الكوني، ولكن التفاعلات الكيميائية يمكن ان تحدث ايضا عندما تكون العناصر المُكونة لها سابحة في السحابة الكونية بشكل حر. الإتحادات بين العناصر من نمط CH2, CH3, غير مستقرة وبسرعة تتلقف المُركبات الاخرى وتضيف لهم ذرة كربون. من الممكن ان acetamid التي اكتشف وجودها في الفضاء حديثا قد نشأت بهذه الطريقة اعلاه، من خلال تتطور المادة المسماة formamid, التي تم العثور عليها في الفضاء سابقا، والتي تختلف عن الاسيتاميد فقط بنقصان مجموعة CH2 منها.
المُكونات البيلوجية الكونية يتم انتاجهم في المختبر بالرغم انه من الصعب البرهنة على بناء المُركبات البيلوجية المعقدة من مُركبات ابسط (احجار بناء ابسط) ينطلق العلماء من نظريتهم هذه كحقيقة معتمدة للبحث عن المزيد من احجار البناء البيلوجية. من اجل إلتقاط الموجات الاشعاعية الضعيفة القادمة من مُكونات بيلوجية على مسافة بضعة سنوات ضوئية من الضروري ان يكون المرء عارفاً بما يبحث عنه بالضبط. لهذا السبب تنطلق عملية البحث دائما من المختبر، حيث يقوم الكيميائيين في البدء بإنتاج إصطناعي للمواد التي يأملون بالعثور عليهاً. هذا الامر صعب للغاية، إذ ان الكيمياء الكوني ذو طابع خاص. ثلثي المواد المعروفة في الفضاء غير مستقرة ولاتوجد بشكل طبيعي على الارض، وتحضير مثيل لها يستدعي الكثير من الجهد واكثر المعدات حداثة.
عند إنتاج المواد المطلوبة يجري إرسالهم الى مختبر اخر ليحولهم الى الحالة الغازية ليتم بعدها قذفهم بإشعة اليكترومغناطيسية تماما كما في ظروف الفضاء الخارجي. تحت تأثير الاشعة تقوم المُكونات الكيميائية بالدوران حول محورها وبعث أشعتها المميزة لها. هذه المعلومات يجري رصدها وتحليلها وأرشفتها، وبعد ذلك يوجه التليسكوب للبحث عن معلومات مشابهة لمعطيات المختبر. حسابات العلماء تشير الى ان هذه المُكونات التي تم إماطة اللثام عنها حديثاً موجودة في جميع انحاء الكون، تماما كما كانت موجودة عند نشوء الكرة الارضية قبل 4,7 مليار سنة مضت، وبدون شك وصلوا الى الارض مع النيازك التي امطرت الارض في السنوات الاولى للنشوء. النيزك ALH8400 والنيزك Murchison meteorite احدى الامثلة التي اثارت اهتماما كبيرا عند العلماء . بفضل الحمايةالتي يقدمها الغطاء الجوي من التأثير القاتل للاشعة الكونية ، تمكنت هذه المُكونات من الحفاظ على روابطها وبناء روابط جديدة. هذا الامر اتاح الفرصة لظهور ثورة في الكيمياء البيلوجية عبر عصور من الزمن، انتهت بتكوين البروتين والهيدرات والدهون والاحماض الامينية.
حتى الان كان اكبر مُكون تم العثور عليه يتآلف من 13 ذرة، ولكن من الممكن ان يكون هناك مُكونات تحوي على عدد اكبر من الذرات. إن عدم العثور عليها مرتبط بصعوبة بقاء مثل هذه المُكونات لفترة طويلة بسبب الاشعة الكونية التي تقوم بتحطيم الروابط، إضافة الى ان مثل هذه المُركبات ترسل إشعاعات ضعيفة للغاية. غير ان الاجهزة التي نستخدمها تتطور بإستمرار وتصبح اكثر حساسية والكثير من الدلائل تشير الى اننا سنتمكن من العثور على المزيد والاكثر تعقيدا خلال السنوات القريبة القادمة.
مصادر: Green Bank Radio Telescope Chemical Precursors to Life Key to Investigating Our Molecular Origins Sugar in Space Space Sugar's a Sweet Find Molecular Origin of Life Two newly found space molecules LIFE'S INGREDIENTS IN SPACE Murchison meteorite Murchison CM2 ALH84001 The Meteorite | |
|