بقلم: أحمد النعيميلا للتدخل العسكري في سوريا بأي شكل من الأشكال، لا لتسليح المعارضة
السورية، لا للممرات الإنسانية لمنع الموت الذي يحيق بالشعب السوري، نعم
لوقف العنف، نعم لتنحي الأسد على غرار الطريقة اليمنية، وتشكيل حكومة وحدة
وطنية، وتسليم صلاحيته لنائبه، رغم إيغاله في سفك دماء عشرات الآلاف من
الشعب السوري؛ وهو ما خرج به أولئك الذين زعموا أنهم أصدقاء للشعب السوري
وأن مؤتمرهم جاء نصرة لهذا الشعب الأبي، وكأني في هذه اللحظة بالمجرم
الأسد يضحك ملء أشداقه على القرارات الهزيلة التي خرج بها هؤلاء
المجتمعون، وهم يطلبون منه أن ينهي هذه الثورة قبيل يوم السادس والعشرين
يوم التصويت على دستوره الجديد، وهي نفس الدعوة التي وجهتها له “الجامعة
العربية” منذ شهور عديدة، وكأني به كذلك – أي السفاح الأسد– يقول لهم بأن
هذا المؤتمر كان الأجدر به أن يكون قد حمل عنوان “أصدقاء الأسد” بدلاً من
ادعائهم أنهم اجتمعوا كأصدقاء للشعب السوري، الذي ارتقى منه اليوم مئة
شهيد جديد، بينما أصدقاء الشعب السوري يجرمون تسليحه للدفاع عن نفسه.
-
وهذا الموقف لم يكن غريباً صدوره بهذه الطريقة، وهو مواصلة إعطاء المهل
للنظام الأسدي التتري، والتي كان يمهد له بالتصريحات الأمريكية في
الأسبوعين الماضيين، كما صرح بهذا رئيس الاستخبارات الأمريكية “جيمس
كلابر” ورئيس أركان القوات المشتركة للجيوش الأمريكية الجنرال “مارتن
دمبسي” الذين ذهبا إلى اتهام القاعدة بأنها تقف خلف التفجيرات التي حدثت
في سوريا، وأن المعارضة السورية غير موحدة، ومن السابق الحديث عن تسليحها،
مؤكدين عدم التدخل في سوريا وأنه سيكون مستحيلاً، إضافة إلى تصريحات
الأمين العام لحلف الناتو “اندرس فوغ” الذي أعلن بكل حسم بأن الحلف لن
يتدخل في سوريا ولو تم أخذ قرار بهذا الصدد من مجلس الأمن؛ وهو ما ذكرته
في مقالي السابق “الدور الأمريكي الشيطاني في تشويه الثورة السورية”، وقد
كان، فجاءت القرارات الهزيلة التي انبثق عنها مؤتمر “أصدقاء الأسد” حرفياً
كما كان يروج لها الجانب الأمريكي، وودت لو أن المؤتمر لم يعقد، اللهم إلا
إذا كان المقصود به تأكيد وقوف العالم إلى جانب إجرام الأسد، وتقديم شكرهم
له على مساعيه الجادة في إبادة الشعب السوري.
-
موقف مشرف جاء هذه المرة من الجانب السعودي، في الوقت الذي كان فيه “برهان
غليون” رئيس المجلس الوطني السوري، مشغولاً بإجراء محادثات ثنائية مع
الشقراء الوادعة “كلينتون”؛ هذا الموقف المشرف تمثل في انسحاب الأمير
“سعود الفيصل” من المؤتمر بعد أن ألقى خطابه ودعا إلى إزاحة الأسد طوعاً
أو كرهاً، بعد أن فقد شرعيته وتحول إلى قوة احتلال، وأشارً إلى دعمه تسليح
المعارضة السورية في قتالها للمجرم الأسد ووصفها بالفكرة الممتازة، دون أن
تلقي دعوته آذاناً صاغية، فغادر المؤتمر قائلاً بأنه جاء مضيعة للوقت فقط،
وأنه لا يرقى للمسؤولية تجاه ما يتعرض له الشعب السوري، فيما أعلن “غليون”
بعد أن رجع بخفي حنين من لقائه الشقراء بأن المؤتمر لم يحقق طموحات الشعب
السوري.
-
وبناء على هذا الموقف السعودي المشرف، وحتى يكون على قدر المسئولية، يجب
على السعودية أن تعلن موقفاً حازماً مما يجري في سوريا، وتدعم ثورة الشعب
السوري بكل الوسائل، كما أعلنها من أيام ” علي أكبر ولايتي” مستشار
الخامنئي بأن الأسد لن يسقط لأن وراءه إيران والعراق وحزب الله، وذلك في
تصريحات بثتها وكالة “فارس” للأنباء يوم الخميس الماضي، مضيفاً: “بمساعدة
العرب استهدفت الولايات المتحدة النقطة الأكثر حساسية في محور المقاومة
ونسيت أن إيران والعراق وحزب الله تدعم سوريا بحزم” مشيراً إلى دعم روسيا
والصين لنظام الأسد كذلك، ونسى أن يضيف كيف سمح له العالم بأن يعلن دعمه
بكل وقاحة للقاتل الأسد، بينما يُجرم المجتمعون في مؤتمر “أصدقاء الأسد”
أي طرف يتحدث عن تسليح الثورة السورية.
-
ما يحتاجه الشعب السوري ليس مؤتمرات واجتماعات جديدة، لم ولن تسعى إلى
تحقيق طموحات الشعب السوري، وإنما تسعى إلى إعطاء الأسد مزيداً من المهل
لإبادة هذا الشعب البطل، كما كانت تقوم بهذا الدور “الجامعة العربية”؛
ولكن ما يحتاجه الشعب السوري دعم جيشه الحر بكل الأسلحة الممكنة لوقف
الإجرام الذي يتركب بحقه من قبل الحلف الإيراني المجرم، ومن خلفها كل من
روسيا والصين، وهذا ما ينتظر أن تقوم به السعودية، حتى تكون مواقفها
متوافقة مع ما يصدر عنها من كلام.
-
والعار كل العار للمجتمعين في مؤتمر أصدقاء الأسد، الساكتين عن دعم روسيا
والصين والحلف الإيراني للأسد بالسلاح والعتاد والرجال، والمُجرِمين لأي
طرف يسعى إلى تسليح الثورة السورية، ولا زال الولي الفقيه يتبجح بأن الغرب
في حالة عداء مع الأسد.