بقلم: عقيل حامدخاضت البشريه منذ نشأتها و إلى يومنا هذا معاركاً وحروباً بدوافع معروفة
و أسباب معلومة, بعضها لم يدم طويلاً , و أخرى استمرت لسنوات طويلة, أزهقت
خلالها أنفس عزيزة غالية, رمّلت نساء و يتّمت أطفال كثيرة , و أهدرت
خلالها أموال طائلة و كل هذا وذاك من أجل أن يخرج هذا الفريق منتصراً أو
ذاك, وربما انتهت الحرب الضروس على قاعده لاغالب ولا مغلوب, و نقشت ذكراها
فى الأذهان على مر العصور و الأجيال, و لكن الحرب التي نحن بصدد ذكرها, و
تسطير رموزها و أبطالها, تختلف اختلافاً جذرياً ونوعياً عن كل تلك الحروب
والمعارك, فهذه المعركة اندلعت بدوافع غير معروفة, ولأسباب غير معلومة,
فجيّش أحد أطرافها جيوشاً جرّارة, تتقدمها دروعٌ و تحرسها من فوقها
طائراتُ للرصد و المتابعة, استنفرت خلالها بارجاتُ البحر العملاقة, بينما
كان الطرف الثانى يداعب صغاره, وهو يتناول إفطاره, ولم يفطن لجلاّدٍ قد
شاعت أخباره, وانتشرت فى الكون أضراره, فسارت جيوشُ الظلم نحو قلاعه و
أهواره, فرمى كل صنف من الجيش ناره, و أحكم قبضته و أسواره, و أجمع أمره و
قراره, على ألاينجو من ذلك الجمع أحد, فتُقتل جميع أفراده, بصغاره وكباره,
كي تُطمس أنواره, و تضيع أخباره, و لم ينجو من ذلك الجمع إلا حماراً, ولّى
على أدباره هارباً, ليحكي للعالم بأسره, بشاعة جلاّده و جزّاره, فعقد
مؤتمراً صحفياً مباشراً , ودعى وسائل الإعلام المختلفة, و نفى الاتهامات
الموجهة له و لجمعه, بأنهم سبب المجزرة المروعة, وصاح بأعلى صوته: يابني
آدم قد جاوز ظلمكم حد المذبحة, إنما نحن قطيعُ حميرٍ كنا نرعى فى أرضنا, و
تحت سمائنا, ولم نعبر حدود المنطقة, أفهكذا نُقتل ونُباد… و تدّعون أن هذا
هو حكم عقولكم وضمائركم المبدعة!