سأناقش معكم زملائي المتنورين في هذه المشاركة شخصية الإنسان في الجنة الوهمية الموعودة، من منظورٍ نفسي وتأثير الضرورات الحياتية التي يستوجبها نمط العيش الرغيد الهانيء في فردوس الحور العين، دون تكديرٍ ولا تنكيد،، إذ يُعتبر الإدراك أهم عنصر في تحديد شخصية الفرد الواحد وتمييز الفروق اﻟﻔﺮدﻳﺔ على مستوى اﻟﻘﺪرات واﻟذكاء وحتى اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ، كما ﺗﺪﺧﻞ فيه اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ وﻣﻔﻬﻮم اﻟﺬات وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻜيّف على شكل عمليات نفسية، تتجلى في إنفعال المدركات الحسية من تخيلٍ وتصور ثم تخزينٍ وتذكّر، وبعد ذلك تحويلٍ وتفكّر، وصولاً إلى التفاعل الإرادي واللاإرادي مع مختلف المواقف والتغيرات والطوارء الحياتية،،
ولقد وعد محمد اتباعه المخلصين المؤمنين بالغيب، بجنات عدن شاسعة واسعة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مما يوحي بأنها مجرد فبركة خيالية، وجزرة ساق بها ابن آمنة ويسوق بها من بعده تجار الأديان وحكام الدول الثيوقراطية، قطعان الخرفان الدهماء لتحقيق مآرب شخصية،،
وفي محاولةٍ من محمدٍ لتقريب صورة الجنة من عقول وإدراك الناس، لم يفلح في الخروج عن الصورة الحياتية العادية المخزنة في وعي الانسان، لتنحصر ملذات الفردوس في المأكل والمشرب،، (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ)،، والمناظر الجميلة والملبس الأنيق،، (أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)،، دون أن ننسى فخر الصناعة الإباحية البورنوغرافية الإسلامية، التمتع منقطع النظير والمثيل بما لذ وطاب من الحور العين والولدان الصّبية المخلدين، إذ قال رأس ومفتي القوّادين في كل زمانٍ وحين: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لّا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا) ،، أسِرّة وفرشٌ ونكاح في كل حينٍ وآن، وتمزيقٌ لفروج العذارى لا يحاسب فاعله ولا يُدان،،
وعلى الرغم من أن تلكم الملذات، هي في حقيقتها انما ضرورات حياتية وصفات تطورية، تضمن للكائنات الحية عموماً والانسان خصوصاً الإستمرارية والبقاء على شكل جينات يتناقلها جيلاً بعد جيل، إلا اننا سنسلم جدلاً بكونها تختلف إختلافاً جذرياً عن متاع الدنيا، فيحق لنا بالتالي طرح تساؤلاتٍ منطقية وموضوعية حول ماهية الانسان في الجنة، وشخصيته وإدراكه،، وفي هذا السياق وحتى لا أطيل، فيَمَلّ القارء الحبيب أو يتشتت ذهن المريد، سألخص هدفي على شكل مثال تقريبي بسيط:
يزعم الدين الإسلامي أن كل من مات مؤمناً ستلحق به أسرته وزوجته، لتسكن معه خيام الجنة، في جوّ دراميّ بدائيّ خالص، إذ يقول محمد في كتابه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)،، وهذا مبتغى كل انسان طموح في جنة الخلد، بين ابنائه وقرب زوجته وقرة عينه، في جوّ حميميّ سعيد،،
لكن الأمر لن يقف عند هذا الحد، بل قد وُعد المؤمن بحورٍ عذراوات، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ،، مما دعانا وأوجب علينا التفكير في شعور تلك الزوجة المؤمنة العفيفة المخلصة والمحبة لزوجها،، وشعور الغيرة الذي سيلهب قلبها وفؤادها الرقيق،، ليأتي الجواب غريباً عجيبا،، من أتباع ابن آمنة المغيّبين،، فاسمعوا اخوتي واحكموا:
سينزع الله برحمته شعور الغيرة من قلب المرأة المؤمنة، فلا تشعر بغِلّ أو ألمٍ، من كون زوجها وحبيبها يناكح ويغازل حورياته!!!،، إذ في الجنة لن يشعر الإنسان بحقد أو حسدٍ أو حزن أو مللٍ أو ... إلخ،، بل فقط متاع وفرح وأكل وشرب وطبعاً نكاحٌ ونكاحٌ ونكاح ...
وهنا نقع في اشكالية محددات شخصية الفرد، إذ أنك بإلغاء هذه اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ، تكون قد أزلت الفروق الفردية لساكني الجنة، فصاروا شخصاً واحداً متوحداً، كما أنك غيّرت تغييراً جذرياً في إدراك ووعي الشخص، بحيث لم يعد بعده المأجور على أفعاله في الدنيا موجوداً!! فمن يتمتع بمتاع الجنة الموعودة إذاً؟!!
ومنه فبإلغاء أو تحويل شخصية المؤمن الدّاخل إلى الجنة، لا يعود له وجود، فلا يكون من عاش في الدنيا متبعاً مغيّباً، نفس الشخص الدّاخل إلى الجنة، وانما مسخ وصورة فوتوغرافيةٌ لشكله ربما، وإلا فحتّى هذه النقطة أيضاً قصة أخرى!!
فأنت يا عزيزي لن تكون أنت وأنت في الجنة.
ودمتم بودّ.