أمام إخفاق هجومه الهمجي الاخير، على جبهات ريف دمشق وحلب والقلمون وإدلب وحمص والرقة والدير ودرعا وغيرها من الجبهات، على طريق التحضير لمؤتمر جنيف٢، والخسائر الهائلة التي تكبدتها الميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية، لم يبق أمام النظام المجرم، للتغطية على هزيمته ورفع معنويات مقاتليه المنهارة، سوى الانتقام من السكان المدنيين وصب حقده براميلا متفجرة وحارقة على المدن والأحياء السكنية، لقتل أكثر ما يستطيع من الأطفال والنساء والرجال، وإحداث أكبر كم من الخراب والدمار.
حملات الحقد والانتقام البدائية هذه ليست جديدة على السوريين. لكن وقوف الحكومة الروسية ضد قرار يدين هذه الأعمال الوحشية الفاضحة ضد المدنيين، اليوم في مجلس الأمن، يضفي على حرب البراميل المتفجرة والحارقة المصنوعة في موسكو، معنى جديدا يجعل من روسيا طرفا ضالعا في التغطية على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وشريكا في عمليات القتل المنظم للشعب السوري، ويفقدها أي صدقية في أن تكون وسيطا أو راعيا للسلام في مؤتمر جنيف٢ الموعود. والتبرير الذي تسعى بعض الأوساط لتقديمه تبريرا للمجازر الوحشية ضد المدنيين، وهو فتح الطريق أمام إخراج السلاح الكيماوي وتدميره، يفضح بشكل أكبر روح التشفي والانتقام التي توحد جميع أولئك الذين لا يرون في سورية شعبا وبشرا لهم حقوق وتستحق حياتهم الحماية وإنما مصالح انانية، سياسية أو استراتيجية، ويبرز مدى السقوط الأخلاقي وانعدام الشعور والضمير والانسانية التي وصل إليها هؤلاء، وهم يقفون متفرجين على مأساة السوريين وعذاباتهم.
لكن مسؤولية ما يحصل من انتهاكات لا توصف لحقوق البشر في سورية لا تقتصر على نظام القتلة وحلفاء السوء الذين لم يعرفوا يوما معنى المباديء واحترام حياة الإنسان وحقوقه، وإنما يشارك فيها أولئك الأصدقاء الغربيون الذين شجعوا هذه العصابة الحاكمة والميليشيات الطائفية المتحالفة معها على الذهاب أبعد ما يمكن في غيها والتعبير عن حقدها وانتقامها، عندما تخلوا عن واجبهم في حماية شعب يذبح، وجعلوا من عدم التدخل لحماية الناس المهددين، بأي شكل وفي أية ظروف، عقيدة مقدسة، مكتفين باللعب بورقة الإدانة السطحية في مجلس الأمن بدل أن يوجهوا لنظام القتلة الإنذار الذي يستحق. هؤلاء جميعا هم الشركاء في مذبحة شعب ليس له من ذنب سوى التطلع إلى أن يعيش مثل بقية الشعوب، بامان، وحرية وتحت حكم القانون. هؤلاء الذين سلموه، مقيدا بالسلاسل، لنظام قاتل، ورفضوا أن يصغو لحظة إلى معاناته وصرخات آلامه، منذ خمسين عاما، هم أنفسهم الذين يشتركون، لمصالح متباينة لكن متقاطعة، في قتله، ولا يتورعون بعد ثلاثة سنوات من الجرائم الموصوفة عن الدفاع عن قاتله وتحويله إلى شريك. هكذا أصبحت إدانة الانتهاكات الخطيرة في مجلس الأمن مهمة شاقة ومستحيلة على المجتمع الدولي في سورية الروسية والايرانية والطائفية .
كلاهما: الذين وقفوا ضد إدانة نظام القتل والحقد والانتقام في مجلس الأمن، وأؤلئك الذين لم يجدوا وسيلة أقوى، لمواجهة هذا النظام سوى قرارات الإدانة الشكلية، مسؤولين عن الجريمة، وشركاء في تقويض مستقبل العلاقات الدولية، وتدمير الأسس والمباديء التي قام عليها حلم البشرية بالسلام والأمن واحترام الإرادة الحرة للأفراد والشعوب، والقضاء على ما تبقى من صدقية للثقافة والمجتمعات الغربية.،