حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

  الأماميون الثوريون الحوار المتمدن أسس الإقتصاد السياسي في عصر الإمبريالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باسل
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
باسل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 259
معدل التفوق : 770
السٌّمعَة : 21
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

 الأماميون الثوريون  الحوار المتمدن   أسس الإقتصاد السياسي في عصر الإمبريالية Empty
21122013
مُساهمة الأماميون الثوريون الحوار المتمدن أسس الإقتصاد السياسي في عصر الإمبريالية

وعكس ما يدعيه المناشفة الجدد اليوم عن النظرية الماركسية حول الإشتراكية فإن ماركس وإنجلس بصياغتهما أسس المذهب الماركسي عبر صياغة البيان الشيوعي اعتمادا على الدياليكتيك المادي، قد تجاوزا الطبيعة المثالية للمادية الكلاسيكية وما واكبها من التأملية وصاغا أسس الصراع الطبقي باعتباره المحرك الأساسي للتاريخ. واكتشف ماركس ديكتاتورية البروليتاريا كشكل طبيعي للدولة الإشتراكية التي عمقها بدراسته لثورة كومنة باريس، وأضاف مزيدا من التدقيق لمفهوم الدولة الإشتراكية عبر نقده لبرنامج حزب العمال الإشتراكي الألماني في أطروحته "نقد برنامج غوتا" على ضوء مضمون "البيان الشيوعي ". ففي مؤتمر غوتا الذي انعقد من 22 إلى 27 ماي 1875 تم توحيد حزب العمال الاشتراكي-الديموقراطي برئاسة بيبل وليبكنخت واتحاد العمال الألمان العام برئاسة لاسال، واتخذ الحزب الموحد اسم حزب العمال الإشتراكي الألماني، وانتقد ماركس لاسال في منظوره إلى:

ـ علاقة العمل بالمجتمع لكون العمل مصدر الثروة والثقافة، شريطة أن يكون عملا اجتماعيا حيث لا يوجد مجتمع دون عمل.
ـ علاقة العمل باحتكار الملاكين العقاريين للأرض في ألمانيا لكون احتكار الملكية العقارية أساس الإحتكار الرأسمالي.
ـ علاقة دخل العمل بالتوزيع العادل للثروات.
ـ التمايز بين العلاقات الإقتصادية والعلاقات الحقوقية حيث أن هذه الأخيرة تنبثق عن الأولى.
ـ علاقة الدولة بالمجتمع.

لقد عمل لاسال على مهاجمة الرأسماليين دون الملاكين العقاريين الذين اعتبرهم حلفاء، حيث لم يدرك إمكانية تمركز الإنتاج في الفلاحة الذي يؤدي إلى الإحتكار باعتبار الأرض من بين وسائل الإنتاج الرأسمالية.

وأكد ماركس أن لاسال زور محتوى البيان الشيوعي في "برنامج غوتا" لكونه انضم إلى التحالف مع الإقطاع ضد البورجوازيين، مشددا على بعض المصطلحات التي اقتبسها لاسال من عصبة السلام والحرية البورجوازية ك"تآخي الشعوب العالمية" مقابل التآخي العالمي بين الطبقة العاملة في مختلف البلدان. وانتقد ماركس مفهوم "قانون الأجور" عند لاسال إذ في الوقت الذي يلغي فيه الدور الثوري للطبقة العاملة يسعى إلى إيجاد دور للدولة في بناء المجتمع، وذلك بابتداع ما يسميه "المسألة الإجتماعية" عن طريق "مساعدة الدولة" تحت رقابة "الشعب الشغيل بواسطة حكم الشعب".

وفي تناوله للدولة ينتقد ماركس موقف حزب العمال الإشتراكي الألماني في قوله ب"الدولة الحرة" في ظل النظام الإقطاعي للإمبراطورية الألمانية، حيث اعتبر لاسال أن الدولة لا تنبثق عن المجتمع بل هي مستقلة عنه كواقع له "الأسس الروحية والأخلاقية والحرة"، ويتحدث عن "الدولة الحالية" و"المجتمع الحالي" في الوقت الذي ينسى فيه أن ما يسميه "المجتمع الحالي" هو مجتمع رأسمالي، و"الدولة الحالية" في الإمبراطورية الألمانية ليست كما هي في سويسرا وإنجلترا أو الولايات المتحدة الأمريكية. واعتبر ماركس كل مطالب حزب العمال الإشتراكي الألماني عبارة عن ترداد لمفاهيم بورجوازية لحزب الشعب وعصبة السلام والحرية. فإذا كان الصراع الطبقي هو الذي يحدد مجرى التاريخ كما يقر بذلك الدياليكتيك الماركسي، فإن تطور الرأسمالية من المزاحمة إلى الإحتكارية قد غير أشكال هذا الصراع بين الرأسمال والعمل مما حول مجرى التاريخ في عصر الإمبريالية، إلا أن التناقض الأساسي في الصراع الطبقي لم يتغير والذي يتجلى في وجود العمل المأجور الذي يحدد وجود الرأسمال ويكرس التناقض بين العمل والرأسمال، ويعمل على تكريس الصفة الخاصة لوسائل الإنتاج الضرورية في تنمية الرأسمال وتركيزه في أيدي أقلية من البورجوازيين وتنامي استغلالهم لقوة عمل الطبقة العاملة، والصراع الطبقي يكمن في علاقة التناقض بين القوى المنتجة الجديدة وعلاقات الإنتاج القديمة الشيء الذي يحول شكل البنية الفوقية. يقول ماركس:"إن العلاقات الاجتماعية التي يُنتج الأفراد بموجبه، أي علاقات الإنتاج الاجتماعية، تتغير وتتحول مع تغير وسائل الإنتاج المادية وتطوره، مع تغير القوى المنتِجة وتطورها. وعلاقات الإنتاج تشكل بمجموعها ما يسمى العلاقات الاجتماعية، المجتمع، تشكل مجتمعا في مرحلة معينة من التطور التاريخي، مجتمعا مميزا، معينا. فإن المجتمع القديم، والمجتمع الإقطاعي، والمجتمع البرجوازي هي مجموعات من علاقات الإنتاج، كل مجموعة منها تُميِّـز في الوقت نفسه مرحلة خاصة من مراحل تطور الإنسانية التاريخي". (1)

فالعمل المأجور يعتبر سند الرأسمال في تطوره وتنميته فبدونه لا يمكن وجود الرأسمال رغم إمكانية تقليص أعداد العمال عند كل تطور يلحق وسائل الإنتاج، لأن الآلة وحدها لا يمكن أن تقوم بجميع الأعمال التي يتطلبها الإنتاج إلا أنها قادرة على تقليص أعداد كثيرة من العمال بشكل رهيب والزج بالأعداد الغفيرة منهم في الشارع، وكل ما تطورت وسائل الإنتاج يبقى العمل بسيطا لا يتطلب إلا العدد القليل من العمال ذوي مهارات أقل من أجل الإنتاج الهائل، ويتم كل يوم طرد أعداد هائلة من العمال والعصف بهم في صفوف العاطلين خاصة خلال الأزمات التي تلازم الرأسمالية، ويصبح الرأسماليون أكثر شراسة من ذي قبل كما يقول ماركس:"ولكن الرأسمال لا يعيش من العمل وحسب. فهو كالسيد البربري من مالكي الأرقاء يجتذب إلى قبره جثث أرقائه، وهم جماهير العمال الذين يهلكون خلال الأزمات. وهكذا نرى أنه، حين ينمو الرأسمال بسرعة، تنمو المزاحمة بين العمال بصورة أسرع بما لا حد له، أي أنه بقدر ما يسرع الرأسمال في نموه، بقدر ما تنخفض بمقادير أكبر نسبيا أبواب الرزق، وسائل معيشة الطبقة العاملة؛ ومع ذلك فإن نمو الرأسمال بسرعة هو الشرط الأنسب للعمل المأجور". نفس المرجع. إن وسائل الإنتاج تلعب دورا هاما في تطور القوى المنتجة كما تعمل على تدمير الطبقة العاملة في ظل المزاحمة والتمركز اللذان يفرضان تقسيم العمل، ومع التطور الهائل لوسائل الإنتاج ينمو الرأسمال المرهون بوجود العمل المأجور بأقل أجر مما يؤدي إلى تعطيل قوة عمل عدد أكبر من المأجورين، إن التناقض الأساسي بين الرأسمال والعمل يتجلى في تكديس الجزء الكبير من قوة العمل المنتزعة من الطبقة العاملة من طرف الرأسماليين الذين يكدسونها على شكل قيمة مكدسة في البنوك، ويتم توظيفها من جديد بعد أن أصبحت رأسمالا مستقلا لاستغلال القيمة الحية التي تتحول إلى بضاعة بشراء قوة عمل العمال لكن بأقل سعر ممكن وفي ظل شروط أكثر عدوانية، الشيء الذي ساهم في تطور الرأسمالية من المزاحمة إلى الإحتكارية.

فرغم الإنتقال من مرحلة المزاحمة إلى مرحلة الإحتكارية بعد سيطرة الرأسمال المالي على السوق التجارية العالمية، فإن الأجر ما زال قائما رغم سيطرة المضاربات المالية على المشاريع الإنتاجية نتيجة التطور الهائل الذي عرفته وسائل الإنتاج، التي لا تتطلب إلا القيام بعمل بسيط لا يتطلب الجهد العضلي، وتعاظمت وسائل الإنتاج التي استطاعت توفير الإنتاج الهائل بأقل تكلفة وبأقل عدد ممكن من العمال، مما جعل الرأسماليين يتحاشون المشاريع الإنتاجية في عصر الإحتكارات الكبرى، وهنا انتهت أطروحة ماركس في الإقتصاد السياسي لتحل محلها أطروحة لينين حول "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية". يقول لينين:"إن تطور الرأسمالية قد بلغت حدا تقوض فيه الإنتاج البضاعي فعلا وإن كان ما زال «سائدا» كالسابق وما زال يعتبر أساسا للاقتصاد كله، وتصبح فيه الأرباح الرئيسية من نصيب «عباقرة» التلاعبات المالية. وتقوم هذه التلاعبات والإحتيالات على أساس اكتساب الإنتاج للصفة الاجتماعية، ولكن تقدم البشرية الهائل التي توصلت بعملها إلى حد اكتساب الإنتاج للصفة الاجتماعية يصبح مفيدا… للمضاربين. وسنرى فيما يأتي كيف أن نقاد الإمبريالية الرأسمالية من صغار البرجوازيين الرجعيين يحملون «على هذا الأساس» بالعودة إلى الوراء، إلى المزاحمة «الحرة»، «السلمية»، «الشريفة» .(2)"

ففي مرحلة الإحتكارات الكبرى أصبح اتحاد الرأسماليين واتحاد شركاتهم أمران ضروريان في الإستغلال في ظل الرأسمالية الإمبريالية، وسيطرت التروستات والكرتيلات على السوق العالمية إلى حد لم تبق دولة لم يتم السيطرة عليها في مرحلة الإستعمار القديم لتفرض شروطها على الشعوب المستعمرة، وتم إعادة تقسيم العمل في ظل شروط أسوء قريبة من الرق والعبودية، ولم يكن للمزاحمين مجال في السوق التجارية العالمية حيث تشكل المشاريع الضخمة السمة الأساسية للرأسمالية الإمبريالية. ففي الإحتكارات الكبرى "يتخذ الإنتاج صبغة اجتماعية" بفضل المشاريع الكبرى التي أحدثتها الكارتيلات باستعمال وسائل إنتاج جد متطورة، وجاء في تقرير اللجنة الحكومية الأمريكية عن التروستات:"إن تفوقها على المزاحمين يستند إلى ضخامة حجم مشاريعها وإلى تجهيزها التكنيكي الممتاز. فتروست التبغ قد بذل كل جهوده منذ تأسيسه ليحل العمل الآلي محل العمل اليدوي في نطاق واسع وفي جميع الميادين. " نفس المرجع. عكس ما يقوله الرأسماليون عن الكارتيلات وأهميتها في تطور الرأسمالية بالقضاء على أزماتها، ففي الرأسمالية الإمبريالية يتم تعميق الأزمات المالية التي تحدث رجة هائلة في النظام السياسي والإقتصادي العالمي، حيث يزداد التناقض الأساسي في التعمق بين ملكية وسائل الإنتاج الخاصة والعمل الذي يكتسي صبغة اجتماعية، ويتعاظم التناقض بين الرأسمال والعمل في ظل شروط الإستغلال المكثف للطبقة العاملة من طرف الرأسماليين. يقول لينين:"أمّا قضاء الكارتيلات على الأزمات فهو قصة اختلقها الاقتصاديون البرجوازيون الذين يسعون وراء طلي الرأسمالية بالمساحيق مهما كلف الأمر. بالعكس، إن الاحتكار، عندما ينشأ في بعض الفروع الصناعية، يشدد ويزيد الفوضى التي تلازم الإنتاج الرأسمالي بأكمله. فعدم التناسب بين تطور الزراعة والصناعة، الأمر المميز للرأسمالية بوجه عام، يزداد لدرجة أكبر. إذ أن الوضع الممتاز الذي تجد فيه نفسها الصناعة الأكثر تنظيما في الكارتيلات، ما يسمى بالصناعة الثقيلة، ولاسيما صناعة الفحم والحديد، يفضي، في الفروع الصناعية الأخرى، إلى «انعدام المنهاجية لدرجة أشد» كما يعترف ييدلس الذي وضع كتابا من أحسن الكتب عن «العلاقات بين البنوك الألمانية الكبرى والصناعة." (3)

وحدد لينين تاريخ انتقال الرأسمالية إلى المرحلة الإمبريالية فيما يلي:

ـ سنوات العقد السابع والثامن من القرن الماضي هي قمة، ذروة تطور المزاحمة الحرة. لم تكن الاحتكارات غير أجنة بالكاد تلاحظ.
ـ بعد أزمة سنة 1873 جاءت مرحلة نادرة ولم تكن وطيدة بعد. إنها ما تزال ظاهرة عرضية.
ـ نهضة أواخر القرن التاسع عشر وأزمة سنوات 1900-1903: تصبح الكارتيلات أساسا من أسس الحياة الاقتصادية بأكلها. تحولت الرأسمالية إلى إمبريالية.
كما حدد الوسائل التي يتخذها الإحتكاريون لفرض التنظيم في هذه الإتحادات على المزاحمين والخضوع لها وهي:
ـ الحرمان من المواد الخام («…طريقة من أهم طرق الإجبار على الانضمام إلى الكارتيل»).
ـ الحرمان من الأيدي العاملة عن طريق «الائتلافات» (أي العقود بين الرأسماليين ونقابات العمال بشأن عدم قبول هذه الأخيرة العمل إلاّ في المشاريع المنظمة إلى الكارتيلات).
ـ الحرمان من وسائط النقل.
ـ الحرمان من أسواق التصريف.
ـ عقود مع الشارين بشأن عدم إقامة العلاقات التجارية إلاّ مع الكارتيلات وحدها.
ـ تخفيض الأسعار بصورة منظمة (ليفلس «الدخلاء»، أي المشاريع غير الخاضعة للاحتكاريين؛ تنفق الملايين للبيع بأقل من التكاليف خلال زمن معين: فقد حدثت فترات خفضت فيها الأسعار في صناعة البنزين من 40 إلى 22 ماركا، أي نحو النصف!
ـ الحرمان من التسليف.
ـ إعلان المقاطعة.

وما تطور الرأسمالية من المزاحمة إلى الاحتكارية إلا نتيجة اضطهاد الدول الرأسمالية للشعوب المضطهدة هذا الاضطهاد الذي تلازمه جدلية الحرب والاستعمار، والتي ترتكز على تطور وسائل الإنتاج وتأثيرها على القوى المنتجة مما يساهم في بسط السيطرة الاقتصادية والعسكرية على الشعوب المضطهدة.

ولا يمكن معرفة مميزات الرأسمالية الإمبريالية اليوم إلا عبر هذه التناقضات الملازمة لها من خلال العلاقة بين الحرب والإستعمار، ولا يمكن للتطور الهائل لوسائل الإنتاج أن يحقق الديمقراطية في ظل الرأسمالية الإمبريالية كما يدعي التحريفيون الإنتهازيون، حيث يتم تسخير هذه الوسائل من أجل اضطهاد الشعوب. ففي المجال الإقتصادي سعى التحريفيون الإنتهازيون إلى التأثير على الجماهير بما يسمونه ب"المعطيات الجديدة في التطور الاقتصادي"، زاعمين أن تمركز الإنتاج وإزاحة الإنتاج الكبير للإنتاج الصغير لا يظهر في الزراعة في الوقت الذي يجري ببطء في مجال التجارة والصناعة، واعتبروا أن الكارتيلات والتروستات تخفف من حدة أزمات الرأسمالية إلى حين زوال الأزمة تماما، وأن التناحر داخل النظام الرأسمالي أخذ يقل مما جعل نظرية الإفلاس خاطئة، لذا وجب إدخال تعديلات على النظرية الماركسية وفق هذه المعطيات الجديدة بما في ذلك نظرية القيمة. وواجه لينين البرينشتينيين بصرامة بنقد الإقتصاد السياسي الذي يحاولون من خلاله تركيز الآراء البورجوازية لبوهم-بافيرك، وأوضح أن الإنتاج الضخم يتفوق على الإنتاج الصغير في جميع المستويات الزراعية والصناعية والتجارية، إلا أن الإنتاج البضاعي في الزراعة ضعيف بالنسبة للإنتاج الصناعي لذا لا يظهر التمركز في الزراعة بنفس الحدة كالصناعة، وأوضح كيف أن التقدم العلمي المطرد يؤثر تأثيرا سلبيا على الإنتاج الصغير في المجتمعات الرأسمالية، وأن الإنتاج الصغير لا محل له في عصر الرأسمالية الإمبريالية، وعلى الفلاح تبني النظرية البروليتارية الثورية عكس دعوة التحريفيين الإنتهازيين للفلاح بتبني وجهة نظر الملاك التي تعتبر نظرية بورجوازية. وأوضح لينين أن تطور الرأسمالية وانتقالها إلى مرحلة الإحتكارات الكبرى جعل بضاعة العامل/قوة العمل تتعرض لاستغلال مكثف من طرف الرأسماليين، خاصة بعد تطور وسائل الإنتاج التي تم إنتاجها نتيجة سرقة قوة عمله التي تكدست على شكل رأسمال، و برز الرأسمال المالي المستقل عن الرأسمال الصناعي المسيطر عليه بفضل تحكمه في السوق التجارية العالمية في عصر الإمبريالية عندما تعاظمت الإحتكارات. ويقول لينين عن الرأسمالية:"من خواص الرأسمالية بوجه عام فصل ملكية الرأسمال عن توظيف الرأسمال في الإنتاج، فصل الرأسمال النقدي عن الرأسمال الصناعي أو المنتج، فصل صاحب الدخل الذي يعيش فقط من عائد الرأسمال النقدي عن رب العمل وجميع المشتركين مباشرة في التصرف بالرأسمال. والإمبريالية أو سيطرة الرأسمال المالي هي مرحلة الرأسمالية العليا التي يبلغ فيها هذا الفصل مقاييس هائلة. وهيمنة الرأسمال المالي على بقية أشكال الرأسمال تعني سيطرة صاحب الدخل والطغمة المالية، تعني بروز عدد ضئيل من الدول التي تملك «البأس» المالي بين سائر الدول الأخرى. ويمكننا أن نتبين مدى نطاق هذا السير من أرقام إحصاءات الإصدار، أي إصدار مختلف أنواع الأوراق المالية."نفس المرجع. فالرأسمالية في تطورها عملت على تعميق استغلال الرأسمال للعمل عبر تكديس ما سرقه الرأسماليون من قوة عمل العامل على شكل نقد في البنوك، وتم فصل الرأسمال عن الإنتاج حتى يكون تحت تصرف الرأسماليين لتوظيفه متى وكيفما وأينما شاءوا، وأصبح الرأسمالي يتحكم في مصير الأموال الطائل التي وفرتها البروليتاريا بفضل جهودها تحت استغلال البورجوازية، وساهمت الإحتكارات الكبرى في بروز الرأسمال المالي الذي يملكه قلة من الرأسماليين في الدول الرأسمالية الغنية، الذين يسيطرون على أغلب احتياطي النقد العالمي ويتصرفون فيه، مما عمق سيطرة هذه الدول الإمبريالية على باقي دول العالم وبدت الأرقام المعبرة عن الأرصدة البنكية تسيطر على عقول الرأسماليين وتملي عليهم شتى أشكال أساليب الإستغلال، وتعاظم استغلال الرأسمال للعمل ليتجاوز استغلال جماهير العمال بالمصانع والمعامل إلى استغلال الشعوب المضطهدة عبر السيطرة على ثرواتها والتحكم في السياسات الإقتصادية لدولها عبر الإستعمار القديم، والتي ركزت عبره سياسات التبعية للرأسمالية الإمبريالية خلال مرحلة الإستعمار الجديد عبر القروض التي بواسطتها يتم فرض سياسات تبعية على هذه الدول لتنمية الرأسمال المالي. ويقول لينين:"إن الرأسمال المالي المتركز في أيد قليلة والذي يمارس الاحتكار فعلا يبتز أرباحا طائلة تتزايد باستمرار من تأسيس الشركات وإصدار الأوراق المالية ومنح القروض للدولة الخ.، موطدا بذلك سيطرة الطغمة المالية وفارضا على المجتمع بأكمله جزية لمصلحة المحتكرين."(4)

إن ما دفع التحريفيون الإنتهازيون إلى محاولة تعديل المذهب الماركسي هو عجزهم عن فهم ما حققته الصناعة من تقدم خلال السنوات الأخيرة من القرن 19، جازمين أن الأزمات قد تجاوزتها الرأسمالية بذلك المستوى الطفيف من تطور وسائل الإنتاج، غافلين أن وراء كل ازدهار للرأسمالية أزمة باعتبار الأزمات ملازمة للرأسمالية لكونها نظاما تناحريا، وأوضح لينين أن توحيد إنتاج الكارتيلات والتروستات لم يزد إلا فوضى الإنتاج وتفاقم الأوضاع المزرية للبروليتاريا في ظل طغيان الرأسماليين. والرأسمالية في تطورها تسير نحو الإفلاس عبر مختلف الأزمات السياسية والإقتصادية التي تلازمها حتى تصل إلى الإنهيار التام. إن تطوير النظرية الماركسية اللينينية لا يمكن أن يتم خارج المنطلقات الأساسية للدياليكتيك الماركسي الذي تعتبر الماركسية اللينينية جوهره، والتي لا يمكن تجاوزها بالرجوع إلى الخلف واستنباط النظرية من مرحلة المزاحمة، فما هي إذن الخصائص التي تميز الإمبريالية اليوم عن خصائص الإمبريالية في عصر لينين؟

لقد انطلق لينين لتحديد الوضع العالمي من الاحتكارية وسيطرة الرأسمال المالي في عصر الإمبريالية، وذلك بتطبيق الدياليكتيك الماركس باعتبار وسائل الإنتاج أساسية في تطوير الرأسمالية وأكد أن السكك الحديدية والكهرباء لعبت دورا هاما في بسط السيطرة الإستعمارية، ففي أوائل القرن 20 يعتبر الإستعمار من الأركان الأساسية للسيطرة الإمبريالية. وأوضح لينين أن الوضع العام العالمي في مرحلة الرأسمالية الإمبريالية مرتبط باتحادات الرأسماليين الإحتكاريين على الصعيد العالمي باقتسام العالم اقتصاديا، في علاقته باتحادات السياسيين باقتسام العالم إقليميا على صعيد "الصراع من أجل الرقاع الإقتصادية" من أجل المستعمرات، والعالم قد تحول في بداية القرن 20 إلى عهد جديد بعد تخطي الرأسمالية لأزمة 1900 عهد "سياسة استعمارية عالمية" المرتبط ب"أحدث درجة في تطور الرأسمالية" بسيطرة الرأسمال المالي على السياسة والإقتصاد، وهذا العهد متميز عن العهود القديمة باقتسام العالم على نطاق واسع الذي شدد الصراع من أجل المستعمرات مما جعل السياسة المتبعة في هذا العهد تختلف اختلافا جذريا عن السابق. يقول لينين عن عهد الإمبريالية:"إن الخاصية الأساسية في الرأسمالية الحديثة هي سيطرة الاتحادات الاحتكارية التي يؤسسها كبار أصحاب الأعمال. وهذه الإحتكارات هي أوطد ما تكون حين تتفرد بوضع يدها على جميع مصادر الخامات ... لا يقصر الرأسمال المالي اهتمامه على مصادر الخامات المكتشفة وحدها، بل يهتم كذلك بمصادر الخامات المحتملة، لأن التكنيك يتقدم في أيامنا بسرعة لا يتصورها العقل؛ والأراضي غير الصالحة اليوم قد تغدو صالحة غدا إذا أوجدت لذلك طرائق جديدة."نفس المرجع. إن سياسية الرأسمال المالي الإستعمارية قد وضعت أمام أعينها إستراتيجية استغلال الموارد الطبيعية بالمستعمرات على المدى البعيد عبر تصدير الرأسمال، من أجل القضاء على المزاحمة ب"الطرق الإحتكارية" وتأمين الطلب وتوطيد "العلاقات اللازمة" وغيرها عبر الصراع بين الإمبرياليين من أجل تقسيم العالم سياسيا واقتصاديا مما نتج عنه "جملة من أشكال انتقالية من تبعية الدول". يقول لينين عن الإستعمار:"فما يميز هذا العهد ليس فقط الفريقان الأساسيات من البلدان: المالكة للمستعمرات والمستعمرات، بل كذلك مختلف أشكال البلدان التابعة، المستقلة رسميا من الناحية السياسية والواقعة عمليا في شباك التبعية المالية والدبلوماسية. و قد سبق لنا أن أشرنا إلى شكل من هذه الأشكال – البلدان شبه المستعمرة. والأرجنتين مثلا هي نموذج شكل آخر."نفس المرجع. وحدد لينين دور الرأسمال المالي في التبعية السياسية والإقتصادية في عصر الرأسمالية الإمبريالية عبر "البناء الفوقي غير الإقتصادي القائم" لتركيز الإستيلاء على المستعمرات، ولم تبلغ الرأسمالية الحديث هذا الشأن إلا عندما توفرت شروط الإنتقال من درجة إلى درجة عليا وقد علمنا الدياليكتيك الماركسي كيف يتم نفي النفي مع حلول تناقضات جديدة، وهنا يمكن ملاحظة مستوى هذا القانون الذي يحكم الحركة في التناقض بين "المزاحمة الحرة" و"الإحتكارات الكبرى". يقول لينين:"عندما تكونت وظهرت على طوال الجبهة كلها سمات مرحلة انتقالية من الرأسمالية إلى نظام اقتصادي اجتماعي أعلى. والأمر الأساسي في هذا السير هو من الناحية الإقتصادية حلول الاحتكارات الرأسمالية محل المزاحمة الحرة الرأسمالية. فالمزاحمة الحرة هي أخص خصائص الرأسمالية والإنتاج البضاعي بوجه عام؛ والاحتكار هو نقيض المزاحمة الحرة المباشرة، ولكن هذه الأخيرة أخذت تتحول أمام عيوننا إلى احتكار، منشئة الإنتاج الضخم ومزيحة الإنتاج الصغير، مُحِلَّة الأضخم محل الضخم، دافعة تمركز الإنتاج والرأسمال إلى درجة نشأت وتنشأ عنها الاحتكارات: الكارتيلات والسينديكات والتروستات والرأسمال المندمج فيها لنحو عشرة من البنوك التي تتصرف بالمليارات. وفي الوقت نفسه لا تزيل الاحتكارات المزاحمة الحرة التي نشأت عنها، بل تعيش فوقها وإلى جانبها، مولدة لهذا السبب جملة من التناقضات والاحتكارات والنزاعات في منتهى الشدة والقوة. فالاحتكار هو انتقال من الرأسمالية إلى نظام أعلى."نفس المرجع. وسيادة الإحتكارية لا يعني إزالة المزاحمة الحرة بشكل تام بل هناك تعايش بينهما في ظل التناقض الذي يميز الحركة وهنا تكمن قوة الرأسمالية الإمبريالية، خاصة أثناء الأزمات التي تلازمها حيث أن الإحتكارية تستعين بالمزاحمة الحرة عبر المشاريع الصغرى في ظل المزاحمة الحرة التي تنعش الإحتكارية أثناء الأزمات، فأرباب الأعمال الصغيرة هم صمام أمان أزمات الإحتكارات الكبرى التي تزج بهم إلى الإفلاس وتعصف بهم إلى صفوف البروليتاريا والذين تؤدون ثمن جميع الأزمات.

لقد أوضح لينين أن الرأسمالية الإمبريالية تتميز بالتراكم الهائل للرأسمال المالي في بضعة دول تستحوذ على الأوراق المالية وتتحكم في حركتها في السوق التجارية العالمية، وتعمل على تصدير الرأسمال إلى المستعمرات مما يشدد العزلة لفئة أصحاب المداخيل عن الإنتاج، "الذين يعيشون من "قص الكوبونات" المعزولين تماما عن الإشتراك في أي مشروع". يقول لينين عن تعريف الإمبريالية:"ولكن التعاريف الموجزة للغاية وإن كانت ملائمة لأنها تلخص الأمر الرئيسي، لا تكفي مع ذلك ما دامت ثمة حاجة لتستخلص منها سمات في منتهى الأهمية تصف الظاهرة التي ينبغي تعريفها. ولذلك، ودون أن ننسى أن جميع التعاريف بوجه عام هي ذات طابع شرطي نسبي وأنها لا تستطيع أبدا أن تشمل جميع وجوه علاقات ظاهرة في حالة تطورها الكامل، ينبغي إعطاء الإمبريالية تعريفا يشمل علاماتها الخمس الأساسية التالية:

ـ تمركز الإنتاج والرأسمال تمركزا بلغ في تطوره حدا من العلو أدى إلى نشوء الاحتكارات التي تلعب الدور الفاصل في الحياة الاقتصادية.
ـ إندماج الرأسمال البنكي والرأسمال الصناعي ونشوء الطغمة المالية على أساس «الرأسمال المالي» هذا.
ـ تصدير الرأسمال، خلافا لتصدير البضائع، يكتسب أهمية في منتهى الخطورة.
ـ تشكيل اتحادات رأسماليين احتكارية عالمية تقتسم العالم.
ـ انتهى تقاسم الأرض إقليميا فيما بين كبريات الدول الرأسمالية.

فالإمبريالية هي الرأسمالية في مرحلة من التطور تكونت فيها سيطرة الاحتكارات والرأسمال المالي واكتسب تصدير الرأسمال أهمية كبرى وابتدأ تقاسم العالم بين التروستات العالمية وانتهى تقاسم الأرض كلها إقليميا بين كبريات البلدان الرأسمالية."كتاب :"الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية".

ولعرقلة النضال الثوري البروليتاري الذي تقوده الحركة العمالية الثورية العالمية ضد استغلال الرأسماليين، عملت الرأسمالية الإمبريالية على اختراق صفوف الطبقة العاملة من أجل تقوية التحريفية الإنتهازية بينهم للحد من حركتهم الثورية، ففي انجلترا منذ القرن 19 تتبع ماركس وإنجلس أحوال الحركة العمالية، وكتب إنجلس إلى ماركس في 7 أكتوبر سنة 1858 يقول:"في الواقع تتبرجز البروليتاريا الإنجليزية أكثر فأكثر، ويبدو أن هذه الأمة الأكثر برجوازية بين الأمم تريد أن تكون لديها في نهاية الأمر إلى جانب البرجوازية الأرستقراطية برجوازية وبروليتاريا برجوازية. وبديهي أن هذا، بمعنى معين، أمر منطقي من أمة تستثمر العالم كله". وعن حزب العمال البريطاني كتب إنجلس إلى كاوتسكي في 12 من سبتمبر سنة 1882يقول:"تسألني عن رأي العمال الإنجليز في سياسة حيازة المستعمرات؟ لا يختلف رأيهم عن رأيهم في السياسة بوجه عام. هنا لا وجود لحزب العمال، كل ما يوجد هنا هما حزب المحافظين وحزب الراديكاليين-الليبراليين، أمّا العمال فيتمتعون معهم مطمئنين بوضع إنجلترا الاحتكاري إزاء المستعمرات وبوضعها الإحتكاري في السوق العالمية."نفس المرجع. لقد عملت الرأسمالية الإمبريالية على إرشاء قادة الحركة العمالية العالمية كما تعمل اليوم من أجل منع البروليتاريا من التنظيم لعرقلة مواجهتهم للإحتكارية، وتسخر التحريفية الإنتهازية لضرب الحركة العمالية الثورية العالمية، وحارب ماركس وإنجلس في عصرهما التحريفيين الإنتهازيين كما حاربهم لينين وستالين في مرحلة البناء الإشتراكي.

وعمل لينين على دحض مقولة "ما فوق الإمبريالية" التي يروجها التحريفيون الإنتهازيون ضد الحركة العمالية العالمية الثورية لعرقلة نضالها الثوري ضد الإمبرياليين، وحدد الوضع العام العالمي الذي ميز نشوء الإمبريالية في علاقتها بالتحريفية الإنتهازية ويقول:"والصفة المميزة للوضع الراهن هي وجود ظروف اقتصادية وسياسية لابد وأن تزيد من منافاة الانتهازية للمصالح العامة والجذرية للحركة العمالية فقد:

ـ نمت الامبريالية من جنين إلى نظام سائد.
ـ شغلت الاحتكارات الرأسمالية المكان الأول في الاقتصاد الوطني والسياسة.
ـ تم حتى النهاية اقتسام العالم.

لا يمكن الآن أن تكون للانتهازية الغلبة التامة خلال عقود عديدة من السنين ضمن حركة العمال في بلد من البلدان، كما تغلبت الانتهازية في إنجلترا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولكنها في عدد من البلدان قد نضجت بصورة تامة وأفرطت في النضوج وتعفنت إذ اندمجت بصورة كاملة بوصفها الاشتراكية-الشوفينية في السياسة البرجوازية."نفس المرجع. وقاوم لينين التحريفية الإنتهازية التي سعت إلى عرقلة البناء الإشتراكي بالدعاية إلى "ما فوق الإمبريالية"، من أجل صرف أنظار الحركة العمالية العالمية الثورية عن التناقضات الأساسية بينها وبين الإمبريالية، وكانت الأممية الثانية العمود الفقري لهذه الحركة المضادة بزعامة كاوتسكي. يقول لينين عن هذا الصراع:"ولكن إذا تناول الكلام الظروف «الاقتصادية الصرفة» لمرحلة الرأسمال المالي باعتبارها مرحلة محددة تاريخيا تقع في أوائل القرن العشرين، فإن أحسن رد على الصيغ المجردة الميتة بصدد «ما فوق الإمبريالية» تلك الصيغ التي لا تستهدف إلاّ أمرا رجعيا للغاية (إلهاء الأنظار عن عمق التناقضات القائمة) هو معارضتها بالواقع الاقتصادي الملموس في الإقتصاد العالمي الراهن. إن أقاويل كاوتسكي عما فوق الإمبريالية، هذه الأقاويل الخالية من كل معنى، تشجع، فيما تشجع، الفكرة المغلوطة في عمقها والتي تصب الماء في طاحونة مداحي الإمبريالية، الفكرة القائلة بأن سيطرة الرأسمال المالي تخفف التفاوت والتناقضات في داخل الاقتصاد العالمي في حين أنها تشددها في الواقع."نفس المرجع. وحدد لينين معالم الوضع العام العالمي وفق الدياليكتيك الماركسي في ظل سيطرة الرأسمال المالي التي تميز عصر الإمبريالية بوجه عام باعتبارها "أعلى مراحل الرأسمالية"، وانتقد أسسها والتناقضات التي تلازمها سياسيا واقتصاديا مبرزا دور التحريفية الإنتهازية في تلميع وجه الإمبريالية بالدعاية إلى "ما فوق الإمبريالية" و"النضال السلمي للبروليتاريا" وغير ذلك من المساحيق التي تزين بها وجهها، متجاهلة التناقضات الأساسية للرأسمالية الإمبريالية لضرب النضال الثوري البروليتاري ونشر الفكر البورجوازي في صفوف الطبقة العاملة. يقول لينين عن سيطرة الرأسمال المالي:"إن المقادير الهائلة من الرأسمال المالي المتمركز في عدد ضئيل من الأيدي والذي ينشىء شبكة في منتهى الكثافة والسعة من العلاقات والصلات، هذه الشبكة التي تخضع له جمهورا من الرأسماليين وأصحاب الأعمال المتوسطين والصغار، بل وحتى الصغار جدا، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى النضال العنيف ضد فرق الماليين من الأمم والدول الأخرى من أجل اقتسام العالم ومن أجل السيطرة على البلدان الأخرى – كل ذلك يسبب انتقال جميع الطبقات المالكة أفواجا إلى جانب الإمبريالية. الكلف «العام» بمستقبل الإمبريالية والدفاع عنها بجنون وطليها بما أمكن من المساحيق هي الصفة المميزة للزمن. وتتغلغل الإيديولوجية الإمبريالية كذلك في طبقة العمال، إذ ليس هناك سور صيني يفصلها عن الطبقات الأخرى. فإذا كان زعماء الحزب الحالي المسمى «الإشتراكي-الديموقراطي» الألماني قد نالوا بحق لقب «الاشتراكيين-الإمبرياليين»، أي الاشتراكيين قولا والإمبرياليين فعلا، فقد أشار هوبسون منذ سنة 1902 إلى وجود «الإمبرياليين الفابيين» في إنجلترا المنتسبين إلى «الجمعية الفابية» الإنتهازية." (5)

وحدد لينين مكانة الإمبريالية في التاريخ التي تميزها صفة "الإحتكارية" التي نشأت في حضن "المزاحمة الحرة" في القرن 19، معتبرا الإمبريالية مرحلة انتقال من "الرأسمالية إلى نظام اجتماعي أعلى"، وحدد أنواع الاحتكارات الرئيسية الأربعة:

ـ نشأ الإحتكار عن تمركز الإنتاج البالغ درجة عالية جدا في تطوره. وهذا هو اتحادات الرأسماليين الاحتكارية، الكارتيلات والسنديكات والتروستات.
ـ ساقت الاحتكارات إلى تسريع الاستيلاء على أهم مصادر الخامات، ولاسيما خامات الصناعات الرئيسية في المجتمع الرأسمالي والتي بلغ فيها تنظيم الكارتيلات حده الأقصى كصناعات الفحم الحجري وصهر الحديد.
ـ نشأ الاحتكار عن البنوك. وقد تحولت البنوك من مؤسسات وسيطة متواضعة إلى محتكر للرأسمال المالي.

ـ نشأ الإحتكار عن سياسة حيازة المستعمرات فالرأسمال المالي قد أضاف إلى بواعث السياسة الاستعمارية –إلى البواعث «القديمة» العديدة – الصراع من أجل مصادر الخامات، من أجل تصدير الرساميل، من أجل «مناطق النفوذ» – أي مناطق الصفقات الرابحة والامتيازات والأرباح الاحتكارية وهلم جرا – وأخيرا من أجل الأقاليم الاقتصادية بوجه عام. (6)

وانتقد لينين أقوال كاوتسكي التحريفية الإنتهازية التي تتفق وأقوال هوبسون عن امكانية السلام في ظل الرأسمالية، وأن "الإمبريالية الوسطية" و"الإمبريالية العليا" تقود العالم نحو السلام، وهو يريد أن يكون ماركسيا متجاهلا دور الحرب والإستعمار في تعزيز مكانة الإحتكارية باعتبارها السمة الأساسية للإمبريالية، فبعد تعاظم الإحتكارية وسيطرة الرأسمال المالي إقتصاديا تعاظم الإستعمار والحرب في ظل الرأسمالية الإمبريالية سياسيا. يقول لينين مغالطات كاوتسكي:" لقد أطلق كاوتسكي اسم الإمبريالية العليا أو ما فوق الإمبريالية على ما أسماه هوبسون قبله بثلاثة عشر سنة بالإمبريالية الوسطية أو ما بين الإمبريالية. وباستثناء ابتداع كلمة جديدة عويصة عن طريق استبدال حرف لاتيني بآخر، يتلخص تقدم الفكرة «العلمية» عند كاوتسكي في مجرد محاولته أن يظهر بمظهر الماركسية ما وصفه هوبسون بأنه، في الجوهر، من نفاق القساوسة الإنجليز. فبعد الحرب الإنجليزية البويرية كان من الطبيعي تماما أن توجه هذه الفئة الفائقة الاحترام جل جهودها إلى تعزية صغار البرجوازيين والعمال الإنجليز الذين قتل عدد كبير منهم في المعارك التي دارت في جنوب إفريقيا ودفعوا الضرائب الباهظة لضمان أرباح أكبر للماليين الإنجليز. وهل ثمة تعزية أفضل من أن يقال أن الإمبريالية ليست رديئة لهذا الحد وأنها قريبة من أن تصبح إمبريالية وسطية (أو إمبريالية عليا) يمكنها أن تضمن السلام الدائم؟ ومهما كانت حسنة نوايا القساوسة الإنجليز أو نوايا كاوتسكي المعسول فإن المغزى الموضوعي، أي الإجتماعي الحقيقي، «لنظريته» هو واحد لا غير: منتهى الرجعية في تعزية الجماهير بآمال عن إمكان سلام دائم في ظل الرأسمالية عن طريق تحويل الأنظار عن تناقضات العصر الحادة وقضاياه الشائكة وتوجيه الأنظار إلى آمال خُلب عن اقتراب «إمبريالية عليا» جديدة موهومة. إن نظرية كاوتسكي «الماركسية» لا تتضمن شيئا على الإطلاق اللهم إلاّ خداع الجماهير." (7)

إن أية قراءة للوضع العام العالمي الحالي لا يمكن أن تتجاوز منطلقات المذهب الماركسي اللينيني بالرجوع إلى الخلف للبحث عن الأسس النظرية لمرحلة المزاحمة الحرة التي وضع ماركس وإنجلس أسسها النظرية، إن التاريخ يسير إلى الأمام ولا يمكن للدياليكتيك الماركسي أن يقبل أية هفوة نظرية رجعية إلى وراء ذلك ما أكده الصراع الأيديولوجي والسياسي بين الماركسية اللينينية والتحريفية الإنتهازية والتي بلغت حدتها في عصرنا هذا، عصر تعمقت فيه تناقضات الرأسمالية الإمبريالية التي وصلت فيها الإحتكارية أشدها باشتداد التناقضات الإقتصادية بينها وبين المزاحمة الحرة على نطاق العالم بأسره، وما نتج عنها من تناقضات سياسية بين الحركة العمالية العالمية الثورية و"الإشتراكية الإمبريالية".

إن الاستعمار والحرب ملازمان للرأسمالية الإمبريالية ولا يمكن لأي تطور هائل لوسائل الإنتاج أن يحقق "الديمقراطية" في ظل الرأسمالية الإمبريالية كما يدعي التحريفيون الإنتهازيون، لكون الإحتكارية تسخر هذه الوسائل لاضطهاد الشعوب هذا ما نراه اليوم في الحرب الإمبريالية الثالثة التي بدأت منذ الحرب الأولى على العراق سنة 1991 بعد تأكيد سقوط المنتظم الإشتراكي، وتقود الإمبريالية الأمريكية الحرب ضد جميع الشعوب بما فيها شعوب الدول الإمبريالية التي تؤدي ثمن الحرب غاليا رغما عنها. ويتم تسخير وسائل الإنتاج المادية والثقافية من طرف الإحتكارية لبسط السيطرة الإستعمارية على شعوب العالم، وتعتبر السكك الحديدية في بداية الرأسمالية الحديثة/الإمبريالية وسيلة أساسية لهذه الغاية، للوصول إلى جميع بقاع العالم التي لم يتم استثمارها من قبل. يقول لينين عن تسخير وسائل الإنتاج لاستعمار الشعوب المضطهدة:"إن توزيع خطوط السكك الحديدية وتفاوته وتفاوت تطورها هو حاصل الرأسمالية الاحتكارية الحديثة على النطاق العالمي. وهذا الحاصل يظهر في الحروب الإمبريالية هي أمر محتوم تماما على هذا الأساس الاقتصادي، طالما بقيت وسائل الإنتاج ملكا خاصا." (8) ومن أهم مميزات الرأسمالية الإمبريالية صفتا الحرب والاستعمار الملازمتان للإحتكارية نقيض المزاحمة الحرة التي ميزت عصر ماركس وإنجلس من أجل تقسيم العمل عالميا، وكانت إنجلترا قائدة الإمبريالية في عصر لينين بعد سيطرتها على أغلب المستعمرات في العالم واستثمار خيراتها. يقول لينين عن الإستعمار القديم:"إن مرحلة اشتداد الاستيلاء على المستعمرات اشتدادا هائلا هي بالنسبة لإنجلترا سنوات 1860-1880 واشتدادا ملحوظا جدا في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر, ومرحلة الاشتداد الهائل بالنسبة لفرنسا وألمانيا هي العقدين الأخيرين بالضبط. وقد رأينا فيما تقدم أن رأسمالية ما قبل عهد الاحتكار، رأسمالية سيادة المزاحمة الحرة قد بلغت أوج تطورها في مرحلة سنوات 1860-1880. وها نحن نرى الآن أنه بعد هذه المرحلة بالضبط تبتدئ «النهضة» الكبرى في الاستيلاء على المستعمرات ويحتدم للغاية وطيس الصراع من أجل اقتسام أراضي العالم. ولا مجال للشك إذن في أن انتقال الرأسمالية إلى درجة الرأسمالية الاحتكارية، إلى الرأسمال المالي، مرتبط باحتدام الصراع من أجل اقتسام العالم." (9) وإذا كانت إنجلترا في عهد لينين هي قائدة الإمبريالية فإن أمريكا تعتبر قائدتها منذ نهاية الحرب الإمبريالية الثانية وما تلاها من الحروب اللصوصية، وكانت الحرب على العراق بداية مرحلة استعمارية جديدة بعد سقوط المنتظم الإشتراكي التي نتجت أشكال استعمارية جديدة. وإذا كانت السكك الحديدية وتسخير الطاقة الكهربائية لها هي وسيلة الإنتاج التي اعتمدتها الإمبريالية في عصر لينين للسيطرة على الشعوب المضطهدة، فإن وسائل الإنتاج التي تعتمدها الإمبريالية اليوم في بسط سيطرتها السياسية والاقتصادية والعسكرية هي الأسطولين الجوي والبحري وتسخير الطاقة النووية لذلك.

وعلوم الإعلاميات فما هي إلا تطور هائل في مجال العلوم الطبيعية خدمة لتطوير وسائل الإنتاج المعتمة في السيطرة الإمبريالية على الشعوب، التي تعتمد على الملاحة الجوية والبحرية وتسخير الطاقة النووية كما اعتمدت السكك الحديدية على الكهرباء في عصر لينين، أما إمكانيات الاستفادة من الإعلاميات من طرف الشعوب من أجل تطوير "الديمقراطية" كما يقول التحريفيون الإنتهازيون فما هو إلا ضرب من الخيال، وهذا الإدعاء لا يخرج عن نطاق محاولة تحييد النضال الثوري للطبقة العاملة في الصراع ضد الإمبريالية لتلميع وجهها كما فعلت التحريفية الإنتهازية في عصر لينين. يقول لينين عن التحريفية الإنتهازية:"وهذا التيار الفكري هو، من ناحية، نتاج فساد وتقيح الأممية الثانية وهو، من الناحية الأخرى، نتاج محتوم لإيديولوجية صغار البرجوازيين الذين يبقيهم وضع حياتهم بأكمله في أسر الأوهام البرجوازية والديموقراطية." (10) لقد وضع لينين أسس تناقضات الرأسمالية الإمبريالية في نظريته حول الرأسمالية الحديثة التي عرفت تحولا خطيرا بعد أزمة 1900ـ1903 كما وضع أسس مواجهتها، فواجه التحريفية الإنتهازية خلال الحرب الإمبريالية الأولى في مقاومته لتأييدها للحرب، وبعد انتصار ثورة أكتوبر واجهها خلال الحرب الأهلية، التي استكمل عبرها أسس البناء الإشتراكي باعتباره الأساس الإقتصادي للنظرية البروليتارية الثورية/الماركسية اللينينية. يقول لينين:"إن الحركة البروليتارية الثورية بوجه عام والشيوعية بوجه خاص، هذه الحركة المتنامية في جميع أنحاء العالم، لا غنى لها عن تحليل وفضح الأخطاء النظرية التي تقترفها «الكاوتسكية». وهذا لا ندحة عنه لاسيما وأن النزعة المسالمة و«الديموقراطية» بوجه عام اللتين لا تدعيان بالماركسية إطلاقا، ولكنهما، شأن كاوتسكي وشركائه سواء بسواء، تطمسان عمق تناقضات الامبريالية وحتمية الأزمة الثورية التي تنشأ عنها، هما تياران ما زالا منتشرين لأقصى حد في العالم كله. والنضال ضد هذين التيارين هو أمر إلزامي لحزب البروليتاريا الذي يتوجب عليه أن ينتزع من البرجوازية صغار أصحاب الأعمال والملايين من الشغيلة المخدوعين بها والذين تحيط بهم لهذا الحد أو ذاك ظروف حياة البرجوازية الصغيرة." (11) ولم تتحقق الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي إلا بفعل احتداد الصراع داخليا ضد الكاوتسكية والمنشفية وخارجيا ضد الرأسمالية الإمبريالية، في صراع الماركسية اللينينية ضد الحرب والإستعمار من أجل انعتاق الشعوب بالمستعمرات كشرط أساسي لاستكمال البناء الإشتراكي عالميا ضد التبعية الإمبريالية، ومن أجل التخلص من الطفيلية والتعفن الملازمتان للإمبريالية التي تعمل على ضرب وحدة الطبقة العاملة عالميا بخلق أروستقراطية بروليتارية بالدول الإمبريالية ضد البروليتاريا في المستعمرات. يقول لينين:"إن هيلفردينغ، «الماركسي» سابقا وزميل كاوتسكي اليوم وأحد الممثلين الرئيسيين للسياسة البرجوازية الإصلاحية في «الحزب الاشتراكي-الديموقراطي الألماني المستقل»، قد خطا، كما سبق وأشرنا في متن هذا الكتاب، خطوة إلى الوراء في هذه المسألة بالمقارنة مع المسالم والإصلاحي الإنجليزي المكشوف هوبسون. فالانقسام العالمي لحركة العمال بأكملها قد تكشف الآن على أتمه (الأمميتان الثانية والثالثة). وقد تكشف كذلك واقع النضال المسلح والحرب الأهلية بين الاتجاهين: المناشفة و«الاشتراكيون-الثوريون» في روسيا يؤيدون كولتشاك ودينيكين ضد البلاشفة؛ وأنصار شيدمان ونوسكه وشركائه في ألمانيا هم مع البرجوازية ضد السبارتاكيين، والشيء نفسه في فنلندة وبولونيا والمجر الخ.. فما هو، إذن، الأساس الاقتصادي لهذه الظاهرة التاريخية العالمية؟

إنه يتلخص بالضبط في الطفيلية والتعفن الملازمين للرأسمالية في أعلى مراحلها التاريخية، أي في مرحلة الإمبريالية. فالرأسمالية، كما برهن في الكتاب الحالي، قد أبرزت الآن حفنة (أقل من عشر سكان الأرض، وفي أبعد حالة «للتسامح» والمغالات في التقدير، أقل من الخمس) من الدول في منتهى الغنى والقوى تنهب العالم كله بمجرد (قص الكوبونات). إن تصدير الرأسمال يعطي دخلا يتراوح بين 8 و10 مليارات فرنك في السنة حسب أسعار ما قبل الحرب وحسب إحصاءات البرجوازية لما قبل الحرب. والآن أكثر جدا بطبيعة الحال."نفس المرجع. وهذه السمات الآساسية في تطور الرأسمالية إلى الإمبريالية ما زالت بارزة في عصرنا هذا، و على رأسها سيطرة الرأسمال المالي على السوق التجارية العالمية والتي تحدد الأساس الإقتصادي العالمي اليوم، المتسم بسيطرة الإحتكارية والدولة الإحتكارية على الإقتصاد العالمي وبالتالي، سيطرة إتحاد الرأسماليين الإحتكاريين سياسياعلى الدول الإحتكارية التي تسيطر على الدول الكومبرادورية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الأماميون الثوريون الحوار المتمدن أسس الإقتصاد السياسي في عصر الإمبريالية :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الأماميون الثوريون الحوار المتمدن أسس الإقتصاد السياسي في عصر الإمبريالية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: