المسألة الأيديولوجية، بمنظور جديد ( 2 – 2 ) إن
كل ما ذكرناه من المتشعبات والتفرعات الجديدة، التي نمت من جذور أشكال
الوعي الاجتماعي وبإرواء من علاقات الإنسان الثلاث في مراحل معينة من تطور
المجتمعات البشرية، كل هذا مهد الطريق لخلق سايكولوجيات جديدة وبالتالي
ظهور أيديولوجيات جديدة علاوةً على الأيديولوجيات الدينية والأيديولوجيات
المتمثلة بمصالح الطبقات الاجتماعية، فأخذ مفهوم الآيديولوجيا محتوىً
جديداً، وهذا ما أدى بالضرورة إلى ظهور الأحزاب الأيديولوجية ، وخلال
الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية ظهرت الكثير من
الأيديولوجيات
( القومية، البرجوازية، الليبرالية، الديمقراطية، الاشتراكية، الشيوعية،
الفاشية، النازية، وبرزت الأيديولوجيات الدينية من جديد........ الخ ) بقي
البعض منها جزئيا لم يستطع استيعاب كل المفاهيم، في حين ظهرت
الأيديولوجيات كلية، استوعبت حركة التطور، وكانت لها نظرة شمولية وأسساً
للتعامل مع جميع أشكال الوعي الاجتماعي بما يتفق مع تحقيق أهدافها.
يبقى هنالك حاجة إلى توضيح مسألة الآيديولوجيا وعلاقتها بجهاز الدولة الذي
نشأ آنذاك: إن كل أيديولوجية برجوازية هي بالضرورة أيديولوجية قومية، وذلك
لأن البرجوازية تتطلب جهاز الدولة، فالبرجوازية حالما تنشأ تبدو طبقة
تقدمية بالنسبة إلى ما قبلها، ويكمن جانبها ألتقدمي في محتوى الفكرة التي
تشكل نواة أيديولوجياتها وهي الفلسفة بفرعيها الرئيسين: المادية
والمثالية، لان كليهما تتضمن جوانب علمية، لكن ما إن تنشأ البرجوازية
وتؤسس جهاز الدولة، حتى تنشأ معها البروليتاريا في وحدة الأضداد، فتبدو
الأولى رجعية محافظة وتبدو الثانية تقدمية ثورية، وخوفاً من تقدم
البروليتاريا الثوري تضطر البرجوازية إن تضم إلى بنائها الفوقي مؤسسة
قديمة تزداد عنها رجعية إلا وهي الدين، كما فعلت ذلك البرجوازية الفرنسية
في القرن التاسع عشر حيث لا خوف عليها من عودة الإقطاعية والدين، وهذا ما
يذكرنا ويعود بنا إلى المرحلة العبودية عندما استطاع الأسياد وبقوة الفكر
لديهم إن يعطوا للدين أهمية ومكانة بارزة في جسد أيديولوجياتهم ليضفوا
صبغة القداسة على كل أعمالهم الدينية، إن الفعلة التي فعلتها البرجوازية
كانت السبب الرئيسي لتنامي دور الدين مجدداً (( ولكن ليس بالقوة نفسها ))
في المجتمعات الغربية، وهذا هو تعليلهم تمسكهم بالكنائس والمذاهب الدينية
واهتمامهم بها.
هذه كانت بالنسبة إلى المجتمعات الغربية، أما المجتمعات الشرقية ونقتصر
الحديث على مجتمعات العالم الثالث وخصوصاً العالم الإسلامي، فلا تختلف عن
الغرب من حيث شكلية مراحل التطور (( أو بالأحرى شكلية المد والجزر التي
أصابت كلا المجتمعين بأثر من الأيديولوجيات الدينية: المسيحية في الغرب
والإسلام في الشرق )) سوى الفارق الزمني والذي يقدر بأربعة قرون . بدءاً
بتسلم رجال الدين من كلتا الديانتين السلطة ( ونقصد السلطة الدنيوية ) أو
بالأحرى بدءاً بفرض كلتا الديانتين أطر وقوالب الآيديولوجياتهما على
المجتمع.
ولنبدأ من المسيحية، ففي القرن الثالث الميلادي وبعدما اتخذت الإمبراطورية
الرومانية الديانة المسيحية كدين رسمي لبلادها، انتشرت المسيحية في باقي
دول الغرب وتلاءمت مع حياة هذه المجتمعات لمدة ستة قرون (( أي إلى القرن
التاسع الميلادي )) وبدءاً من القرن التاسع افتقدت المسيحية تلاؤمها مع
حياة المجتمع الغربي، إلا إنها وبدافع من مصالح رجالها فرضت نفسها
وبالقوة، مما حلت بالمجتمعات الغربية عصور مظلمة وامتدت طيلة أربعة – خمسة
قرون (( أي إلى القرن الرابع عشر والخامس عشر، وعندها تبدأ النهضة ويتحرر
العقل من قوالب الأيديولوجية أللاهوتية، فينفصل الدين انفصالا يكاد يكون
تاما عن الحياة الدنيوية السياسية منها والاجتماعية و الاقتصادية
......... الخ. ومع بدء عصر النهضة تبدأ الإقطاعية بالتلاشي والزوال ودخلت
الغرب إلى مرحلة جديدة وهي البرجوازية، ونستطيع القول بان النهضة لازالت
مستمرة.
أما الإسلام فقد انتشر في القرن السابع الميلادي في بعض من المجتمعات
الشرقية وتلاءمت مع حياة هذه المجتمعات لنفس الفترة الزمنية التي تلاءمت
فيها المسيحية مع الغرب (( أي ستة قرون إلى القرن الثالث عشر والرابع عشر
)) بعدها افتقدت تلاؤمها أي انه لم يلب حاجات الإنسان في تحقيق المهام
الجديدة التي تفرضها الحياة، مما حلت بالمجتمعات الإسلامية عصور الانحطاط
(( وهي العصور الشبيهة بالعصور الوسطى في الغرب )) وامتدت هذه العصور إلى
القرن التاسع عشر، وعلى هذا المنوال كان المفروض وكضرورة لصيرورة التاريخ
إن تبدأ النهضة في العالم الإسلامي بعد عصور الانحطاط، وتزول فيها
الإقطاعية وان تدخل مرحلة جديدة، كما حدث في الغرب، إلا إن الغرب وبفضل
تقدمه على الشرق بأربعة قرون تكونت فيه دول عظمى بقوتها العسكرية
والاقتصادية الضخمة مقارنة مع المجتمعات الإسلامية، إن هذا التفوق خلق
للغرب وخصوصا الدول الرأسمالية العظمى أطماعها في المنطقة، فاحتلوها
وغزوها، لذا اعتقد إن هذا التدخل الاستعماري في المنطقة كعامل موضوعي سلبي
أجهض العامل الذاتي وبالتالي حال دون إن يتخذ التطور مجراه الطبيعي
والتاريخي في مجتمعات العالم الثالث، بل زاد من تعنت وتمسك هذه المجتمعات
بالدين كمنقذهم الوحيد أمام تدخلات الاستعمار، وهذا ما جعل النهضة تتسم أو
تصطبغ بالصبغة الإسلامية في المنطقة وبالتالي تم تأسيس جهاز الدولة في
العالم الثالث بمؤثرات وقوى خارجية وليست نتيجة التطور الداخلي والطبيعي
وإفراز ما تتطلب الحاجة له (( أي أنهم كانوا في تشكيلات متخلفة عن
البرجوازية )) لذلك فان هذه الدول وبعكس من المجتمعات الغربية اتبعت
أيديولوجيات يشكل الدين نواتها، ولكن بعد إن أخضعت مفاهيم الدين إلى جملة
من المتغيرات والمتحولات تحت منظار رواد النهضة وحركة التجديد الإسلامي من
(( جمال الدين الأفغاني، محمد عبده ... وغيرهم )) بحيث تنسجم المفاهيم
الجديدة مع متطلبات المرحلة الجديدة التي ستتشكل.
الجانب المعرفي للايدولوجيا (( تعريفا ومفهوما ))
اعتقد بأننا وفي القسم الأول من هذه الدراسة، قد استطعنا إن نزيل بعض
الغموض الذي يكتنف مفهوم الايدولوجيا، وذلك بإعطاء إيضاح كاف حول الجانب
المعرفي للايدولوجيا، من خلال عملية البحث عنها عبر المراحل التاريخية
المختلفة التي مرت بها المجتمعات البشرية، وفيه (( أي القسم الأول من
الدراسة )) توصلنا إلى تعريف (( للايدولوجيا )) أراه كفيلا بإزالة الجزء
الأكبر من الغموض الذي يحيط بالمفهوم،لكن قبل التطرق إلى التعريف وتحليله،
أرى من المفيد الحديث عن سببين آخرين ساهما في تشويه وتعقيد مفهوم
الايدولوجيا وهما:
1- كثرة وتنوع التفسيرات التي أعطيت للايدولوجيا بالمنظور الماركسي.
فهنالك من يعتقد بان الفكر الماركسي يعد من ابرز الاتجاهات التي عالجت
مسالة الايدولوجيا. وبصورة مجسمة وأعطت الوضوحية لمفهوم الايدولوجيا،
وهناك من يقول (( إن مدلول مصطلح الايدولوجيا لم يزل متقلبا في ذهن ماركس
)) وهناك من يقول إن مؤسسي الماركسية لم يستطيعا إن يضعا صيغة واضحة
لمفهوم الايدولوجيا حتى أواخر حياتهما.... وهناك من ينسب إلى ماركس الشخص
تعريفات بصدد الايدولوجيا تتناقض جوهريا مع تعريفات أخرى نسبت إليه من قبل
آخرين، وهكذا بات من العسير على متتبع هذه المسالة إن يعرف الصواب من
الخطأ وان يستنتج ويستخلص مفهوما واضحا للمسالة بالمنظور الماركسي، لذلك
أرى إن المعرفة والجواب الصحيح لسؤال: كيف عالج الفكر الماركسي مسالة
الايدولوجيا ؟ كفيل بإزالة جزء أخر من الغموض. وما يلي الإجابة على ذلك
السؤال: إن فكر ماركس ومفهومه للايدولوجيا قد مر بمراحل ألخصها كالآتي:
* المرحلة الأولى: المعاداة للايدولوجيا والنظر إليها نظرة تحقيرية: في
هذه المرحلة كان مفهوم الايدولوجيا محددا وتسميتها محدودة أيضا، فلم يكن
يجوز أطلاق تسمية الايدولوجيا إلا على البرجوازية المثالية وخصوصا
الألمانية منها، وقامت البرجوازية كما قامت بها البرجوازية الفرنسية أيضا
بضم الدين كمؤسسة رجعية إلى بنائها الفوقي، حيث لا خوف من عودة الإقطاعية
وعودة الدين بقوتها السابقة أولا، وثانياً لدرء مخاطر ومجابهة الطبقات
التقدمية الثورية، فما كان من ماركس الشاب ألا مهاجمة الايدولوجيا وبشدة،
خصوصا في مؤلفه (( الايدولوجيا الألمانية )) بالاشتراك مع رفيقه انجلز،
ووصفها بالزيف والخداع والوهم وبأنها (( إي الايدولوجيا )) تتقلب الأشياء
رأسا على عقب ( 12 ) وباختصار فان ماركس وكذلك رفيقه انجلز كانا يتصوران
بان ليست هناك سوى أيديولوجية واحدة وهي الأيديولوجية البرجوازية والتي
تشكل الفلسفة المثالية نواتها والتي تطلب (( الأيديولوجية البرجوازية ))
أنشاء جهاز الدولة، تلك الدولة التي تخفف وتؤجل ( إذ لم نقل تتجاهل ) في
إطارها الصراعات الطبقية، لذلك ما كان ماركس يتردد بوصفها (( أي
الايدولوجيا ) بالزيف والصورة الكاذبة التي يرسمها الناس عن أنفسهم. حتى
أن ماركس خاطب فلاسفة الألمان (( اليسار الهيكلي )) قائلاً.......... أنكم
تلفقون التاريخ الواقعي وبإلغائكم إياه تملئون أذهانكم بأوهام، وتعرضون عن
معرفة الواقع فكركم إذن أيديولوجي غير علمي ( 13 ).
* المرحلة الثانية: وفيها تم إطلاق تسمية الايدولوجيا على البناء الفوقي.
أن اعمل ماركس الفكرية ومحاولاته التدريجية في دحض الايدولوجيا البرجوازية
جعلت من أعماله تتسم وتصطبغ بالصبغة الأيديولوجية ويظهر ذلك جلياً في
مؤلفاته (( فقر الفلسفة )) و (( البيان الشيوعي )) ومن ثم في مقدمة كتاب
(( نقد الاقتصاد السياسي )) عام (( 1859 )) حيث سميت فيها الأبنية العلوية
بالأيديولوجية، وبهذا فقدت الايدولوجيا صفتها التحقيرية لدى ماركس
بالتدريج (14 ). وباختصار يمكن تسمية هذه المرحلة بالمرحلة التمهيدية
لاستقبال تسمية الايدولوجيا وإطلاقها على أراء وأفكار ونظريات الطبقات
الكادحة، يقول انجلز(( لقد وقع تقصير في عنصر أخر فقطلم يتناوله التأكيد
الكافي، فعلى العموم والحق يقال، لا في أعمال ماركس، ولا في أعمالي والذنب
في هذا المجال نتشاطره كلانا بالقدر نفسه، واعني به، أننا ركزنا بصورة
رئيسية ، حيث كان ينبغي علينا أن نركز بادئ ذي بدء على استخلاص التصورات
الأيديولوجية، والأفعال التي تشترطها الوقائع الاقتصادية التي تقوم على
أساسها، وبسبب المضمون أهملنا آنذاك مسالة الشكل، اى سبل يتبعها تشكل هذه
التصورات وما إلى ذلك. وهذا ما أعطى خصومنا الحجة المنشودة من اجل الإشاعة
الكاذبة وكذلك من اجل التشويه ( 15 ).
* المرحلة الثالثة: تم فيها ربط الايدولوجيا بالقوى والطبقات الاجتماعية.
في هذه المرحلة وبعد إن أصبحت الايدولوجيا تدل على البناء الفوقي، تم
ربطها بالقوى والطبقات الاجتماعية، وخصوصا الطبقات الكادحة، حيث إن كل
طبقة اجتماعية صاغت لنفسها أيديولوجيا تتضمن أفكارها- أسس تعاملها مع
أشكال الوعي وفقا لمصالحها – وتحيزاتها إزاء باقي الطبقات الأخرى، لكن حتى
بعد أن توصل ماركس إلى هذا المفاد والاستنتاج ظل مركزا حتى في أواخر أيام
حياته- على إن هذه الأيديولوجيات ما هي إلا محاولة لتزييف الواقع وتغليب
مصلحة طبقة على طبقة أخرى ( 16 ) لذلك لم يطلق هو على أعماله الفكرية اسم
الايدولوجيا، مع أنها كانت أيديولوجيا واضحة المعالم، تعبر عن مصالح
الطبقات العاملة وتعادي مصالح الطبقة البرجوازية المضادة لهم. إذا كانت
الماركسية بحد ذاتها أيديولوجية متكاملة، لكنها لم تسم بذلك، وبقيت في حقل
النظرية (( مع انه كانت هناك محاولات لترجمتها إلى الواقع العملي لكنها
باءت بالفشل )) إلى أن تمت الترجمة على يد القائد لينين والذي استطاع أن
يكمل ما كان قد أغفله مؤسسا الماركسية وتكونت على يديه أيديولوجية ((
النحن )) ( 17 ) وهذا ما لم يتصوره ماركس على الإطلاق مقابل أيديولوجية
الطرف المعادي والنقيض وبها (( الأيديولوجية )) ومع حزب حمل لواءها-
استطاع ترجمة الماركسية إلى الواقع العملي وذلك في ثورة أكتوبر العظمى عام
1917، وعندها أصبحت تسمية الايدولوجيا تطلق لا على البرجوازية والمثالية
والدين، بل وعلى المادية والبروليتاريا وكل فكرى يحمل في طياته بذور
المبادئ والعقيدة (( وخصوصاً الفكر الفلسفي )) ومنذ ذلك التاريخ بدت
الايدولوجيا سلاحا قويا في أيدي الطبقات التقدمية من البروليتاريا
واضطرابها فالتصقت هذا المفهوم بالفكر الماركسي وأصبحت كتوأم لها.
2- معرفة وتوضيح الجانب الشكلي للايدولوجيا (( أنواعها – أشكالها – تصنيفها )).
إن عدم وضوح الجانب الشكلي للايدولوجيا يجعل مفهومها غامضا ومشوها، لذا
سنحاول توضيح ذلك. إن كارل مانهايم وفي مؤلفه الايدولوجيا والطوباوية يحدد
/ يصنف الايدولوجيا إلى مستويين: الخاص والعام، الأول تعددي ويقصد به
الأفكار والتصورات التي يعتنقها فرد عن نفسه حسب الظروف والأحوال. أما
الثاني ((المستوى العام )) فهو محدد بأيديولوجية عصر من العصور، أو طبقة
من الطبقات الاجتماعية، ويقصد به جماع التصورات أو الأفكار التي تعتنقها
تلك الطبقة أو الفئة أو الحزب.....الخ لتبرير وضعها. إما لينين فانه ينطلق
من تقسيم العالم إلى منطقتين ايديولجيتين كبيرتين تنضوي داخلهما كل
التفاصيل الأيديولوجية الفرعية والصغيرة سواء عن خصوصية بعض المجتمعات ((
المجتمعات النامية مثلاً )) أو خصوصية الخلفيات الاجتماعية للأفراد
المتخلفين، وهاتان الأيديولوجيتان هما: الأيديولوجية البرجوازية المثالية
والأيديولوجية الاشتراكية المادية، أي حسب المسألة الأساسية في الفلسفة
وهي مسألة أولوية الفكر أم المادة. ( 18 ) إما وجهة نظرنا فهي كالأتي:
يوجد هنالك نوعان أو شكلان من الأيديولوجيات وهما على التوالي:
* الأيديولوجيات الدينية: وهي الأيديولوجيات التي تشكل الدين بنيتها
ونواتها، ولحامل لواء هذه الأيديولوجيات أسسه وصياغته للتعامل مع جميع
أشكال الوعي الاجتماعي بالمنظور الديني، وقد ظهرت هذه الأيديولوجيات مع
بدء مرحلة العبودية، ولازالت البعض منها باقية إلى يومنا هذا، متمثلا في
الحركات الأصولية وخصوصا الإسلامية منها. إن أسس أو صياغة التعامل مع
أشكال الوعي الاجتماعي يختلف اختلافا جوهريا من أيديولوجية دينية معينة
إلى أيديولوجية دينية أخرى، لكن ومع هذا الاختلاف يبقى هنالك شكل أو إطار
عام تتخذها جميع الأيديولوجيات الدينية لاحتواء أو لربط أشكال الوعي
الاجتماعي بها: انظر الشكل رقم ( 4 ).
* الأيديولوجيات الفلسفية: وهي الأيديولوجيات التي تشكل الفلسفة بتياراتها
المختلفة وخصوصا المادية في الفكر الماركسي والمثالية في الفكر البرجوازي
الغربي بنيتها ونواتها، ولحامل لواء هذه الإيديولوجيات أيضا أسسه وصياغته
للتعامل مع جميع أشكال الوعي الاجتماعي لكن بالمنظور الفلسفي. وقد ظهرت
هذه الأيديولوجيات لأول مرة في المرحلة العبودية في اليونان، وبنيت على
أساسها الحضارة اليونانية (( وهي الحضارة الوحيدة التي تشكلت على أساس من
الإيديولوجية الفلسفية )) ثم ظهرت مجددا في الغرب مع بدء عصر النهضة
الأوروبية وإنهاء الإقطاعية وزوال الدين كايدولوجيا، ثم انتشرت في الشرق
أيضا، ولا زالت هذه الأيديولوجيات باقية إلى يومنا هذا وبقوة.
وكما هي الأيديولوجيات الدينية هكذا هي الأيديولوجيات الفلسفية، حيث إن
هنالك اختلافا جوهريا في أسس وصياغة التعامل مع أشكال الوعي الاجتماعي من
إيديولوجية فلسفية معينة إلى إيديولوجية فلسفية أخرى، مع ذلك فان هنالك
إطارا أو شكلا عاما تتخذها جميع الإيديولوجيات الفلسفية، كما في الشكل
الآتي:
يمكن إن نظيف شكلا – نوعا – أخر من الأيديولوجيات،
وهي الأيديولوجيات العلمية: فالعالم بتطوره المستمر والهائل كفيل بالقضاء
على جميع الأيديولوجيات، ليصبح هو الإيديولوجية الوحيدة التي ستقود
العالم، وعلى هذا الأساس نستطيع القول بان هذا الشكل من الايدولوجيا في
طريقها إلى التكوين وخصوصا بعدما هدمت أطر وقوالب الإيديولوجيات الفلسفية،
لكن هذا سيكون في مرحلة متأخرة من الحياة البشرية تقدر بالقرن الخامس
والعشرين، إما ادعاء الماركسية بأنها أيديولوجية علمية على أساس إنها تعكس
الواقع بصورة صحيحة فهو إدعاء باطل لكون الماركسية فلسفة وليست علماً.
هذه كانت أشكال وأنواع الأيديولوجيات، أما من حيث التقسيم أو التصنيف،
فأصنف الأيديولوجيات بشكليها الأول والثاني إلى صنفين: الأيديولوجيات
الكلية ( الشاملة ) والأيديولوجيات الجزئية ( الناقصة ) واليكم مقارنة
بينهما:
الأيديولوجية الكلية الأيديولوجيات الجزئية
1 كلية وشاملة. لها أسس للتعامل مع جميع أشكال الوعي الاجتماعي 1 ناقصة وجزئية، لها أسس للتعامل مع بعض من أشكال الوعي الاجتماعي.
2 منغلقة على نفسها ضمن أطار دائري أي لها اطر وقوالب. 2 منفتحة وليس لها اطر وحدود.
3 تبدو على هيئة عقيدة ومبدأ. 3 لا تبدو كذلك.
4 تخاطب البشر جميعاً. 4 لا تخاطب البشر جميعاً.
5 تحاول إخضاع جميع التصورات القائمة والتصورات التي ستقوم. 5 تحاول ذلك أحيانا.
بعد هذه المقارنة، أرى من المفيد إعطاء بعض الأمثلة على الإيديولوجيات الجزئية والأيديولوجيات الكلية وبشكليها الديني والفلسفي:-
ففي الأيديولوجيات الدينية، هناك الجزئية منها، ونقصد بها أفكار اغلب
الشخصيات الدينية، وخصوصا ما سمي بالأنبياء والرسل في القرآن ونذكر منهم
على سبيل المثال ( إبراهيم الخليل، أيوب، نوح، يونس، سليمان.....) وغيرهم
كثيرون. فهؤلاء الشخصيات لم يستطيعوا إن يكونوا لهم نظرة عن جميع أشكال
الوعي الاجتماعي وجميع الظواهر الطبيعية والمجتمع، فتكونت على أيديهم
أيديولوجيات جزئية ناقصة، إما الأيديولوجيات الكلية فهي المسيحية
والإسلامية، والكنفوشيوسية والبوذية والهندوسية والزرادشتية، فممثلو هذه
الأديان استطاعوا إن يكونوا لهم وجهة نظر ورأي حول جميع ظواهر الطبيعية
والمجتمع.
أما بالنسبة إلى الأيديولوجيات الفلسفية فهنالك أيضا الجزئية منها والتي
تشكلت من أفكار اغلب الفلاسفة الذين تعاملوا تعاملا جزئيا مع أشكال الوعي
الاجتماعي، نذكر منهم جميع فلاسفة عصر النهضة والتنوير. أما الأيديولوجيات
الكلية نذكر منها المادية الدياليكتيكية كأيديولوجية الطبقة العامة، وكذلك
الأيديولوجية البرجوازية المثالية التي تشكلت ككل من جمع أجزاء (( أي من
جمع الأيديولوجيات الجزئية )) والتي تتبعها الآن أكثر الدول الأوروبية
وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.
ذكرنا في مقدمة هذه الدراسة، بان عدم وجود تعريف واضح ومحدد للايدولوجيا
هو من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت مفهوم الايدولوجيا مشوها و معقداً
وغامضا ومجزءاً، إلى جانب أسباب أخرى تحدثنا عنها في هذه الدراسة بما فيه
الكفاية، وأننا وفي القسم الأول من هذه الدراسة قد (( توصلنا )) إلى ((
تعريف )) أرى الحديث عنه كفيلا بإزالة ما بقي من غموض يكتنف مفهوم
الايدولوجيا، وكان التعريف كالأتي:-
الايدولوجيا: هي أسس أو صياغة أو فن بل بالأحرى هي علم التعامل مع جميع
أشكال الوعي الاجتماعي – تلك الأشكال التي ظهرت وأفرزت كناتج طبيعي لتفاعل
الإنسان مع علاقاته الثلاث ( مع الطبيعة، مع الذات، مع المجتمع بما فيه من
صراعات ) وذلك من خلال عملية النشاط والإنتاج المادي التي تقوم بها
الإنسان – بحيث يكون اثر وتأثير كل شكل من أشكال الوعي الاجتماعي ((
بفروعها المختارة )) مع بعضها البعض أثرا وتأثيرا ايجابيا بما يتفق وينسجم
مع تحقيق الغايات والأهداف المنشودة لحاملي الأيديولوجية المعينة.
بناءً على التعريف سأناقش أفكار كتاب عديدين تناولوا مسالة الايدولوجيا
وأركز المناقشة على الكاتب عدنان عويد، وفي دراسة له بعنوان ((
الايدولوجيا والوعي المطابق )) *19 يستهل الكاتب بداية دراسته. وفي فقرة
بعنوان(( في المفهوم وإشكالية المفهوم )) قائلا: (( لست أظن بان هنالك
موضوعا أو مسألة من المسائل الفكرية لاقت من التعقيد والتشابك والتشويش
والتجزيء والتخريب بل والتفريغ المتعمد أو غير المتعمد، مثلما لاقت مسالة
الايدولوجيا )) ويرجع الكاتب أسباب ذلك إلى مجموعة من الاعتبارات: كارتباط
الايدولوجيا بالوعي أولا وارتباطها بالسياسة ثانيا وبسبب طبيعة التطور
الهائل للعلوم النظرية والتطبيقية ثالثا وأخيرا وليس أخرا لتسلم بعض
الأحزاب الاشتراكية السلطة في عدد من البلدان. ومن ثم يؤكد بان هناك
تضاربا وتداخلا قد حصلا نتيجة الصراع الدائر حول الأيديولوجية ويحصرها
بمحتواها وبنشوئها وببنيانها وبوظيفتها، ثم يعود الكاتب ليؤكد بان المشكلة
الأساسية التي ظل يعاني منها مصطلح أو مفهوم الايدولوجيا تعود إلى طبيعة
العامل الاجتماعي الذي يتعامل معه ودور هذا العامل في رسم حدود هذا
المفهوم الايجابية، أو العمل على تشويهه و تمييعه، والسعي الدائم لإفراغه
من مضامينه الإنسانية ذات التوجهات العقلانية والتقدمية، وفي آخر هذه
الفقرة يقول على الرغم من هذا التشابك والتعقيد في طبيعة مفهوم
الايدولوجيا، إلا إننا نستطيع إن نقدم تعريفا أوليا لها بأنها: نسق من
الآراء والأفكار والنظريات السياسية والحقوقية والدينية والأخلاقية
والجمالية والفلسفية.....الخ. وهي في سياقها العام، تشكل جزء من الوعي
الاجتماعي، تتحدد طبيعته، بناء على طبيعة ظروف حياة المجتمع المادية،
مثلما تتحدد أهدافه بطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في مرحلة تاريخية
محددة، وبدور ومكانة ونسبة القوى الاجتماعية الفاعلة في هذه العلاقة. هذه
كانت عرضا مبسطا مختصرا جدا فيما ذهب إليه الكاتب، فلنعود الآن إلى ((
تعريفنا )) الذي توصلنا إليه ونسال في البداية: ما الذي يمكن ملاحظته من
هذا التعريف:-
1- انه تعريف محدد ويصلح لتنوع الاستعمال من قبل التيارات الفكرية
المختلفة، كالمادية، المثالية، الوضعية، اللاهوتية، الفرويدية .....الخ.
وهذا يضاد مع ما ذهب إليه، الكاتب (( بأن ارتباط الايدولوجيا بالوعي
ادخلها في مضمار الصراع الذي ظل يدور ولم يزل بين التيارات الفكرية
المختلفة حول أصل الوعي ومرجعيته )) فنحن نعتقد إن ارتباط الايدولوجيا
بالوعي لا يؤدي إلى تشويه أو تعقيد أو تشابك مفهوم الايدولوجيا، بل يؤدي
إلى تنوع الايديولجيات حسب التيارات الفكرية المختلفة، فالمادية الجدلية
أو بالأحرى الماركسية اللينينية كايدولوجيا الطبقة العاملة لها نظرتها
التي تختلف كل الاختلاف مع نظرة الأيديولوجية البرجوازية إلى أشكال الوعي
الاجتماعي، ونظرتهما غير نظرة اللاهوتي، وهذه الاختلافات تنتج عنها
اختلافات في الأسس والصياغة المعمولة مع أشكال الوعي وهذا ما يؤدي في
النهاية إلى تنوع الأيديولوجيات. وهكذا فانا اعتقد إن التشويه قد حصل
أساسا عن عدم تحديد ومعرفة إشكال التي يمكنها أن تكون وتشكل أيديولوجيات
(( أي إن تكون بمقدورها توظيف جميع الأشكال الأخرى وإخضاعها لها )) وقد
أوضحنا هذا في الجانب الشكلي للايدولوجيا وقلنا بان هناك شكلين (( مع
احتمال إن أيكون العلم الشكل الثالث )) لا غير من أصل سبعة أشكال لها الحق
في أن تشكل أيديولوجيا، وهذان الشكلان: الدين والفلسفة، إن هذه المسالة لم
تنل قسطا من الفهم والاستيعاب وهذا ما شوه وعقد وجزأ مفهوم الايدولوجيا.
2- كذلك يمكن ملاحظة تحديد المفهوم وتحديد سعة الدلالة في هذا التعريف:
عرفنا فيما سبق بأنه يصح/ يحق للدين وللفلسفة فقط أن يؤديا ويمثلا دور
الايدولوجيا، وهذا هو بالضبط تحديد مفهوم الايدولوجيا وتحديد سعة دلالته،
فكثير ما سمعنا وقرأنا (( مصطلح الأيديولوجية السياسية )) وهذا خطاء محض
فلا السياسة ولا الفن ولا الحقوق ولا الأخلاق كأشكال للوعي الاجتماعي، لا
يمكنها أن تمثل وتؤدي دور الأيديولوجيات، بل يمكن لها كل على حده أن تشكل
جزءاً من سبعة أجزاء يتألف منها جسد أو هيكل أيديولوجيات الكاملة لذلك
اتفق مع القائلين ومنهم الكاتب ( عدنان عويد ) بأنه من الخطاء إن تكون
السياسة مرادفة لكلمة الأيديولوجية وبالعكس أيضا ولا يمكن أيضا إن تكون
السياسة مضمون الايدولوجيا بل السياسة هي التطبيق العملي للأيديولوجية
بالإضافة إلى كونها جزءاً من الأيديولوجية أي كل الأيديولوجيات تضمن نظرة
للمجال السياسي وبدونها تبقى الأيديولوجية ناقصة. أذا السياسة هي الادات
التي تحول الأيديولوجيات من حقل النظرية إلى حقل التطبيق وهكذا فان مفهوم
الأيديولوجية لا تقتصر على الظواهر السياسية وعملياتها المؤسساتية
المتعلقة بها. يطالعنا التاريخ وبشكل غير مباشر بان هناك أيديولوجيات
كثيرة بمظهريها الديني والفلسفي قد اندثر لأنها لم تطبق إلى الواقع العملي
بأدوات السياسة، كالأيديولوجيات الفلسفية لأفلاطون في جمهوريته وقد اندثرت
بعض الأيديولوجيات أيضا بالرغم من أنها حاولت استخدام أداة السياسة إلا
أنها لم تتقن فنها كالايديوجية الزرادشتية ويطالعنا التاريخ أيضا بان هناك
سياسات كثيرة لم تكن لها مضمونها و محتواها الأيديولوجي كالسياسات
والثورات الكوردية لذلك فشلت فشلا ذريعا كما كانت هناك سياسات مستندة إلى
( 1 ) أيديولوجيات جزئية وخالية من المضامين والأبعاد الإنسانية (( أي لا
تخدم الإنسان بشيء )) ففشلت هي الأخرى وأصابت البشرية بالماسي والويلات
كالأيديولوجيات الفاشية والنازية.
3- سعة المجال أو سعة الفترة الزمنية التي تصلح فيها هذا التعريف: أن
التعريف المذكور سكوني ( ستاتيكي) من حيث الصورة والهيكل فالأيديولوجيات
بأنواعها وفي كافة المراحل التاريخية والفترات الزمنية تأخذ هذا الشكل وهو
حركي وتغييري من حيث أواصره وعلاقاته الداخلية (( أي ما يتعلق بجوهرها ))
نتيجة تأثرها بالعلم حيث إن طبيعة التطور الهائل للعلم (( الاعتبار الثالث
للعويد )) تستدعي حدوث تغيرات في علاقة أيديولوجيا بأشكال الوعي الاجتماعي
(( أي حدوث تغيرات في أسس وصياغة تعامل حاملي الأيديولوجيات مختلفة مع
أشكال الوعي الاجتماعي )) إن العلم هو شكل الوعي الاجتماعي الوحيد الذي لا
يتأثر بالأيديولوجيات بينما تتأثر به الأيديولوجيات فهو لم يخضع يوما ((
ولن يخضع )) لأية أيديولوجية مهما كانت نوعها ومضمونها، فهو (( أي علم ))
يأخذ شكلا مستقلا ينشا وينمو ويكبر بعيدا عن كل التأثيرات الأيديولوجية
وكما أسلفنا سابقا باني اعتقد بان العلم (( يشكل اكبر خطر على
الأيديولوجيات الدينية والفلسفية وانه كفيل بإزالتهما والقضاء عليهما
نهائيا من العالم.)) أي انه يحاول إزالة كافة الأيديولوجيات ليصبح هو
الأيديولوجية الوحيدة في العالم. فالأيديولوجيات وبشكليها الديني والفلسفي
لم تسلم من تطور العلوم ومنجزاتها، فالعلم احدث تغيرات ثانوية وأحيانا
رئيسية على جميع أشكال الوعي الاجتماعي، وهذا ما أدى بالتالي إلى إحداث
تغيرات في التركيب الداخلي لتلك الأيديولوجيات من حيث الأواصر والعلاقات
الداخلية التي تربط أشكال الوعي مع بعضها البعض وذلك في إطار الأيديولوجية
المرسوم.
4- يمكن ملاحظة بذور جميع التعريفات النشؤية والوظيفية والماهوية والبنيانية من هذا التعريف :
أ- فمن حيث الماهوية أو المحتوى : الأيديولوجية لا تعد ثقافة عامة ولا
مرادفة لها بل هي اختيار فروع معينة من كل شكل وعي اجتماعي وترك فروع
أخرى، وفقا لمصالح حاملي الايديلوجية مثال: الفن على سبيل المثال والأدب
كجزء منه، علاوتا على أقسامهما لها مدارس ومذاهب واتجاهات أيضا وعلى حاملي
الايديلوجية المعينة اختيار تلك المذاهب والاتجاهات التي تخدم قضيته، وترك
واهمال المذاهب والاتجاهات الأخرى لأنها بوجهة نظره لا نفع لها ولا ضرورة،
وهكذا تتسم الايدولوجيا بسمة الدكتاتورية أو بالأحرى إن كل أيديولوجيا
تحتوي ما بين طياتها جزءا من الدكتاتورية.
ب- من حيث النشوء والارتقاء: خلال عملية تعامل الإنسان المؤدلج مع أشكال
الوعي الاجتماعي تتكون أو تتشكل له بنية فكرية واضحة المعالم، ويمكن لأي
كتلة اجتماعية طبقة، فئة، شعب،عرق.....الخ إن تتشكل لها الايديلوجية
واعتقد بان الأيديولوجية كأساس لتعامل الإنسان مع أشكال الوعي هي التي
أبقت الحضارات، وان الحضارات التي سقطت لم تكن لها أيديولوجية، ويمكن
ملاحظة الايدولوجيا في كل الحضارات التي ما زالت باقية فلكل منها (( مع
مراعاة تأثرها بالعلم )) أسسها وصياغتها للتعامل مع أشكال الوعي الاجتماعي
والتي تختلف هذه الأسس من حضارة إلى أخرى.
ت- من الناحية البنيوية: اعتقد إن التعريف واضح جدا من هذه الناحية بان
الايدولوجيا هي علم التعامل مع أشكال الوعي الاجتماعي، بحث يكون اثر تأثير
كل شكل مع – وعلى بعضها البعض أثرا وتأثيرا ايجابيا.
ث- إما من حيث الوظيفة: الأيديولوجية تبدو كأنها أداة ومرشد العمل وجامع
الطاقات، أو بالأحرى هي الأداة التنفيذية للأهداف والغايات المنشودة بما
فيها الحفاظ على مصالحها.