عمليات القتل التي تمارسها كتائب الأسد في سباق مع الزمن في محاولة لإنهاء
انتفاضة الشعب السوري المتواصلة منذ ما يقارب العام، وبدا واضحا أن هذا
النظام الدموي والحزب الحاكم لا يتعلم من دروس التاريخ وتجارب الشعوب
الاخرى.
الآلة الاعلامية لهذا النظام الطاغي والمستبد هي أيضا تستعجل طي هذا
الملف، ولم تعد تمتلك ما يساعدها على مواصلة الكذب لتبرير المجازر التي
تتعرض لها مدن وبلدات سوريا الثائرة، وما أشبه ما تتعرض له حمص حاليا بما
تعرضت اليه حلب قبل عشرات السنين من قتل وتدمير، فالابن على نهج والده.
ان النظام السوري أظهر بما لا يدع مجالاً للشك، قدرة غريبة على الجمود
والتحجر والانفصال عن الواقع، فلم يستجب للنداءات والنصائح، وتبخرت كل فرص
الحل العربي، وما زال يمنهج سلوكه الأمني على انه خياره الأوحد، فأدخل
البلاد والعباد بالفعل مرحلة الحرب الأهلية الشاملة على القاعدة المشهورة
"أنا والطوفان من بعدي".
حتى محادثات الحليف الروسي في دمشق لم تحدث أي نقلة نوعية فيما يرتكبه
النظام السوري ضد الشعب، ولم يقدم نظام الأسد أية تعهدات تقطع الجدية في
احداث تغييرات على الأرض من شأنها أن تؤكد الثقة به.
وباعتقادنا اذا لم يجرِ التوافق على أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا
سياسياً، فإن من غير المتوقع للأزمة السورية أن تضع أوزارها في المدى
المنظور، بل إن هذه الأزمة ستكون مرشحة للتحول إلى حرب أهلية مفتوحة،
والمسبب في ذلك هذا الحاكم الطاغية الذي القى بسوريا وبشعبه في ملعب
الصراع الدولي، مفضلاً أن يعتلي في كل يوم هرما من جماجم السوريين، ولو
أنه أمعن النظر لأدرك أن أعداءَه الحقيقيين هم أولئك الذين يحيطون به
إحاطة أو يزينون له الحلول الأمنية والعسكرية، ويبسّطون له الثمن، ففي
سبيل حماية النظام لا مانع من سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، فإن
المهم والاهم جداً، هو أن يبقى الرئيس، ولتذهب سوريا وليذهب السوريون إلى
الجحيم.
لقد بات واضحا ان السباق المحتدم ميدانياً في سوريا هذه الأيام انتهى الى
خيار "الحسم العسكري"، والضامن هو روسيا التي تتماهى مع هذا المنهج ولها
أسبابها المرتبطة بمصالحها، وليس لهذا الموقف الروسي أي اخلاقية أيدلوجية
على أرضية نصرة الشعوب المناضلة ضد الاستبداد والتسلط، كما كان الحال في
حقبة الاتحاد السوفييتي سابقا.
تأسيسا على ما سبق، لا نعتقد أن الوزاري العربي بشأن الازمة السورية الذي
سيجتمع الأحد، بمقدوره تغيير ما يجري على الأرض في سوريا، ولا بامكان بعثة
المراقبين العرب أن تكون مجدية، بل ان المطلوب مواصلة التحرك الدبلوماسي
والسياسي العربي في مختلف المحافل، واتخاذ نفس قرار دول مجلس التعاون
الخليجي بطرد سفراء دمشق وتفعيل قرار المقاطعة العربية للنظام القاتل.
جريدة الشرق القطرية