بقلم: ثائر رحمةأيها السادة المراقبون والخبراء الكرام
نرحب بكم نحن أبناء الشعب السوري الغارق في عبق الحضارة وألق التاريخ
ودماء المجازر ونتمنى لكم طيب الإقامة في ربوع بلدنا الساحرة وحدائقه
الغناء المتحوّلة جزئياً إلى مقابر وبين أشلاء شبابنا وحطام منازلهم وركام
آلامهم.
نعلم أن مهمّتكم صعبة ومعقّّدة ولكن لا عليكم فبالإمكان تحويل هذه
المهمة إلى جولة سياحيّة مميزة ستحتفظون بيومياتها وتفاصيلها في سجل
ذكرياتكم الأثيرة.
شعبنا مضياف وكذلك نظامنا فلا تلتفتوا إلى ما يشاع عن تسلطه وقمعه
وجبروته .. فلن تحظوا منه إلا بما يسهّل عملكم ويشعركم بالراحة والاسترخاء.
يؤسفني أن أخبركم أن النظام لن يجرّب إغراءكم بحسناوات الفنادق فهو يعلم
أنكم أكثر مناعة من الدابي ورفاقه ولكنكم بكل الأحوال ستحظون بجلسة غداء
ربيعية في أحد البيوت الشامية العتيقة وستظللكم عرائش الياسمين الدمشقي
ذائعة الصيت، وستلتقط عدساتكم صوراً تذكارية في رحاب الجامع الأموي الكبير
حيث المآذن الباسقة التي لم تقصف بعد والفسيفساء الفريدة التي لم تلتهم
ملامحها نيران المدافع.
لا تكرروا خطأ لجنة المراقبين العرب لذلك أحضروا معكم ما يكفي من
الأقلام والدفاتر وآلات التصوير لتسجيل ملاحظاتكم فنحن في أتم استعداد
لتوثقوا وبكل دقة مشاهد قتلنا وقنصنا وتدمير بيوتنا فوق رؤوسنا ولكن لن
تكونوا مطالبين بتحرّي الدقة الكاملة في عدد القتلى أو الجرحى أو المعتقلين
فما سيفوتكم توثيقه في حمص وحماة لن يفوتكم في إدلب ودرعا وريف دمشق ودير
الزور.
وعليكم أن توثقوا كل ذلك بحيادية ومهنية وموضوعية وتذكروا أننا كشعب
أعزل نمثّل الطرف الثاني في معادلة إيقاف العنف المبتكرة التي تضمنّها قرار
مجلس الأمن الذي أرسلكم إلينا.
لا تلتفتوا إلى المعوّقات التي قد تعرقل مهمتكم فقد يصاب أحد أعضائكم
بوخزة ضمير تدفعه إلى إيقاف المهزلة والانسحاب من بعثتكم ولكنّ الحقيقة
ستبقى في تقريركم النهائي الذي لن يتأثر باعتراض أحد الأعضاء أو انسحابه.
لا تلقوا بالاً لما ستبثه القنوات المغرضة من تقارير ومقاطع وصور يرسلها
الناشطون السوريون على الأرض بشكل يومي والتي قد تناقض وتكذب ما سيحتويه
تقريركم المهني فلن يتمّ الالتفات في النهاية إلا إلى ما اتفق عليه أهل
الخبرة ولا مكان في التقارير الأممية لتقارير الهواة الذين لا يجيدون حتى
تثبيت عدسات هواتفهم النقالة تحت وابل القذائف.
نرحب بكم مرة أخرى ونقول لكم سيروا فعين النظام ترعاكم وتكلؤكم بنخبة من
العواينية والمخبرين والجواسيس ذوي الطراز الفريد والمؤهلين لمهمات صعبة
كهذه.
نحن بانتظاركم وانتظار تقريركم على أحر من لهب القذائف.