بقلم: ولات احمـه مع دخول الثورة السورية شهرها الأول بعد السنة الأولى من اندلاعها،ودخول
ملفها أروقة المجتمع الدولي،وبعدالمهل (العربية والدولية)المجترة التي لم
تستطع إيجاد طرح سياسي تنفيذي متبعا السلوك التنظيري سياسة له،الذي استغله
النظام متبعا بذلك سياسة الأرض المحروقة، مستخدما شتى صنوف وأساليب القمع
لثورة الكرامة، ومن خلال الإفرازات التي حدثت عبر مخاض الثورة، تأسست
العديد من المجموعات والمؤتمرات والمجالس لتصبح حال لسان الثورة سياسيا،إلا
أن تشتت المعارضة السورية،والإنجرار وراء لغة الإقصاء،والتّزمت والتشدق
المفرط بآلية – الأنــــا – والتهميش المفرط لدورالحراك الشبابي في
الثورة،ساهم في إدخال الثورة في طريق آخـــــر،مما أدى إلى بروز شـــرخ (
سياسي ,ثقافي ,اجتماعي ) ما بين المكون السوري بمختلف أطيافه.
إن تهميش عينة كبيرة من شريحة اساسية في المجتمع ( الشباب ) بدون أي
مسّوغات،أمر يثيرالقلق والدهشة في الوقت نفسه،بالرغم من وجود طاقات وقامات
فاعلة في الحراك الشبابي،إلى جانب وجود خامات جيدة نستطيع صقلها والأستفادة
منها الآن وما بعد إسقاط النظام.
للشباب دور فاعل و سوي في بناء المجتمع،فهم القوة اليانعة المشبعة
بالحيوية والنشاط و الأفكار،فهم عنصرالقوةالنشط والفاعل والقادرعلى تحقيق
العديد من الفعاليات وقهر و تخطي التحديات وتجاوز العقبات.وهم محرك ومسننات
الثورات،والحالة البيولوجية القادرة على التفاعل والإنسجام والتطور مع
محيطه الطبيعي. إلا أن هذه الفئة لم تنل سوى الاٍستلاب والتمييع بكل
أشكاله،بدءا من المقررات السياسية و الحزبية، التي أصبحت حاجزا أمام
قدراتهم في التفكير والإبداع والتحليل والتمحيص و النقد البّناء ،بالإضافة
إلى كبح قدراتهم المعرفية وإبعادهم عن المشاركة الفعلية في القضايا
المصيرية.
السلوك الديماغوجي الذي يستخدم و يمارس مع قطاع الشباب،ومضاجعة الأحرف
واللجوء إلى الخطاب الطوباوي،العمل والضرب على الوترالحسي الوطني،هي غاية و
طرق ممنهجة، بغية تفريغ وإبعاد الشباب عن مجمل النشاطات والقدرات الفكرية و
الذهنية المدنية،ومحاولة جــرالشباب للسجود لقاعدة سياسية ثقافية كلاسيكية
افتقدت وزنها و محيطها في الكم والكيف,وإن اتباع سلوك تجميد وتكليس
الأفكار لدى شريحة الشباب وإدخالها في معلبات مقاسة ومفصلة حسب رغبة
الفصائل السياسية, ومنعهم من ركب الحضارة و التكنولوجيا,أدى إلى نفورالشباب
من العمل الحزبي والسياسي لأسباب و عوامل مرتبطة، بما أصبح يقينآ تحت
يافطة هرم الزعامات الحزبية و السياسية,وعدم تجديد النخب و دورة الدم في
مفاصل التسلسل الهرمي والعمودي والأفقي في الهياكل و المربعات والدوائر
السياسية و الحزبية التنظيمية،وعدم ترسيخ مفهوم الديمقراطية،وحق الرأي في
الهيكلية الداخلية للأحزاب ذاتها،بل جعلها مجرد ومضات لغوية في الهامش
التنظيمي للأحزاب و الفصائل،هذا وغيره من الأسباب جعل استقطاب الشباب عصيآ
على الفصائل السياسية،التي أصبحت منعزلة ومتقوقعة ولا تستطيع أن تستقطب سوى
أعداد قليلة من الشباب المنخرطين في السلك الحزبي و السياسي.
سحل الغايات والمشاكل الشخصية والاجتماعية والسياسية، من قبل الزعامات
الهرمة نحو الحركات الشبابية يبقى السبب الرئيس في تشتت طاقات و قدرات
الشباب داخل تنسيقياتهم،وتكالب معظم هذه الزعامات نحوالإنضمام إلى الحركات
الشبابية ! واستلام زمام الأمور بأن يكون رئيسآ أو ناطقا،والسيطرة على
العلاقات العامة, و الهرولة نحو المجالس و المؤتمرات وسد الأبواب أمام
طاقات الشباب، باتت مواضيع جوهرية و واضحة في عدم ظهور الشباب في المجالس
والمحافل وعلى القنوات الإعلامية والسياسية.
إن ما يظهرعلى المنبر الإعلامي الكردي،من أساليب واتهامات وألفاظ بذيئة
ضد فئة من الشباب،كشف الوجه العاري لطبقة من الأقلام المستهلكة الهرمة،التي
تحاول دائمآ اتباع سياسة ( فرق تسد )،بل أكثراستغلال العواطف القومية ضد
الشباب أنفسهم وذلك بتوجيه التهم إليهم بالتنازل عن الحقوق القومية
المشروعة، بغية تشتيت القوى الشبابية و إفراغها من مضمونها، و نعتهم
بالمراهقين السياسيين،وماهذا التشدق سوى للهيمنة على مركزالقرار . فاللجوء
إلى الهدوء والتروي،وضبط النفس على رتم (عدم الرد هو…. رد)،هوما يقع على
عاتق الطاقات الشبابية في هذا الظرف،وكذلك عدم الإنجرار في الرد على هذه
الأقلام التائهة التي لا تكتب لتخدم الثورة،بل إرضاء نرجسي و ذاتي لعقول
نخرت بإرث لا مدني لا يرغب بالتغيير وافساح المجال أمام الآخــر. فإن تنحي
الزعامات من مركز السلطة ,والقرار داخل البيت الشبابي،وتسليمها إلى الطاقة
الهادئة والفاعلة المتمثلة بالشباب،هو الحل الأنجع للوصول إلى الذيوع
المرجو،وللحفاظ على مجمل الحركات الشبابية التي أشعلت شرارة الثورة و
وجهتها نحو السمت الحقيقي دون أي خلافات تذكر فيما بينهم.
يتوفر لسن الشباب مزايا أساسية, توفر لهم الرغبة في مشاريع التغيير,
منها :الطاقة والحيوية المتجددة والمتفجرة ,والإنسجام والتفاعلية مع
المتغيرات والأحداث، والطاقة والقدرة على العطاء (البدني ،العقلي)،الطموح
المتجدد و الصبرعلى المصاعب وعدم الاستسلام واليأس، حب المغامرة ومواجهة
التحديات وعدم الخوف، ورفض الذلة والاستسلام للظلم أو التعايش معه، والقدرة
على التطوير والتطور بشكل يومي و سريع ,جميعها باتت مزايا و خصال تميز
قطاع الشباب عن غيره من القطاعات.
بات الشباب حالة فيزيائية واقعية موجودة,عبر تقاطع و تشابك مسنناتهم مع
الحدث اليومي,على مختلف الأصعدة،وكذلك يحملون سائل كيميائي خاص,قادرعلى
التفاعل و الانشطار مع المادة الخامة,التي تتوفر لهم في البيئة الاجتماعية و
السياسية،وقادرين على تلقيح المواد الخامة بأفكار و آراء ومقترحات سليمة
إن توفرت لهم الظروف المادية و المعنوية،التي تسمح بإنتاج و ولادة طبيعية
لجيل قادرعلى الخلق والإبداع في كل الزوايا و التفاصيل الحياتية. لذا بات
من الضروري إلغاء نظريات الإقصاء والتهميش لقطاع الشباب،و إبعادهم عن
البطالة السياسية والحزبية، بل البحث عن مظلة أو بيئة مدنية تكون مهمتها
تجميع و تأطيرهذه القوى من القامات الشبابية،بغية الإستفادة منها و تفعيلها
في المكان المناسب داخل المجتمع.وتجهيزها للمساهمة الفعلية في قيادة
المفاصل الأساسية في الدولة المدنية,والبحث عن بيئة سليمة لتفريغ شحناتهم
الفكرية والمعرفية،لتصطدم بآليات و أدوات و ركائز ايجابية قابلة على تحويل
شحناتهم إلى قيمة فعلية سليمة في المجتمع