نوشك أنْ نندم لأنَّ الثورة قامت! الإدارة | مايو 10، 2011 | التعليقات: 6
محمد صالح البدراني“نوشك
أنْ نندم لأنَّ الثورة قامت”, كلماتٌ قالها مصريٌّ, تُشعرك بالغثيان حقيقة
الأمر, ذاك أنَّها تُبرز من حيث لا يدري – هذا الإنسان البسيط – ضعف
انتماءٍ ونفعيَّةٍ مقيتةٍ ضيّقةٍ… وكأنَّ الثورة التي مازالت فتيَّة
تتحمَّل بنية عقليته وعقلية غيره, وكأنَّها أمرٌ واقعٌ على الثورة تعاملها
معها وليس مطلوبًا من هذه العقليات أن تتغير أيضًا لتندمج مع الثورة…
ويتوهم الثوار أو هؤلاء التنابلة في عقولهم أنَّ الثورة لكي تكون جيدة
عليها أنْ تخضع لهذا التخلف في الشخصيَّة بعقليّتها ونفسيّتها لكي تكون
عندها وعندها فقط ثورة جيدة ومتسامحة وإلا فالبلد مهدد بانقسام واضطرابات،
هذا يخفي تلك العقلية اللامنتمية والقابلة لتكون ثغرة في السور المنيع
للأمن القومي, ليس لشيء إلا أنَّ المفهم الخاطئ هو من يوجهها نحو ما يشبه
الانتحار.
هذا الفهم هو ذاته فهم بعض الخلف لما تركه السلف, الذين تظاهروا لظنّهم
أنَّ هنالك إنسان غيَّر دينه ومحتجزٌ في كنيسة، ولا أدري أيّ سلف يتبعون
وهم أناس لهم رأيٌ, محض رأي!، تُرى هل أتباع السلف يعني السلفية أم جمود
العقل في فهم كل قضية؟، وهل كان التشريع والفهم الصحيح يُؤخذ عن غير رسول
الله (صلى الله عليه وسلم)، ألم يرَ رسول الله آل ياسر يُعذبَّون ويُقتلون
وهو من سلَّمَ مُسلمٌ هاربٌ بدينه إلى دار الإسلام ساعة توقيع صلح
الحديبية؟، وهو من أخرج القبيلة اليهوديَّة التي اعتدت على مسلمة نقيّة؟،
فمن كان يظن أنّه أفقه بدينه من رسول الله فليفعل ما يشاء!
إنَّ الثورة الفتية لابد أنْ يرعاها الجميع بالصبرِ وليس بالتذمّر وأن
يحتضنوها بالقلوب وليس بألسنٍ تهتف هنا وهناك, وتصيح مع كل صائح، ومن أراد
الثورة له فليكبر معها ولينظّم عقله في الواقع, ولا يركض وراء الأوهام
وأحلامٍ زُرِعَت فيه قبل ربيع الثورة العربيَّة، فقبل نار البوعزيزي كان
الدفء وهم العقول, لكن الأمة أخذت من النار نورها لتشرق بشكلٍ جديد, الفضل
فيه لمن يضحي ويصبر, وليس لتفسير كوابيس العقول المريضة.
من المؤكد أنَّ للثورة طريق, وهي سائرة فيه, وتحميه العقول النيّرة, ومن
المؤكد أيضًا أنَّها لن تستطيع أنْ تغير عيش من يريد أنْ يبقى يظنّ أنَّ
النفائس ممكن أن تشترى من أرصفة النزوات… نعم قد تبحث طرق الحق عن المارة
والسالكين وتزدحم طرق الشر، لكن الطرق المفتوحة المعلومة النهايات لا
تتبادل نهاياتها وبينها برزخ واضح المعالم لمن ألقى السمع وهو شهيد.
إنَّ من الخطأ أن يتصور من يطلب الحق أنه يناله بالالتواء, ومن
خدع نفسه ورفع شعار الحق بأيدي رغباته فنور الحق كاشف عورة الشهوات، وإن
ستر.على المصريين أنْ يفهموا أنَّهم صنعوا واقعًا جديدًا لابد أنْ يضحي
الجميع من أجله وأنْ يحدث تغيرات في نفسه وعقله، لتكون شخصيته ملائمة
للمصري الجديد، وأنَّ الاحتفاظ بالعصبيات ووسائل الماضي يعني أنّهم سيبقون
في تخلف أنكروه، وأنَّ للدولة مسئولياتها ولا يمكن أن يتجاوز الدولة كل من
أراد بهواه, فذلك ليس صوابًا بل الحق أن يأخذ كل مسئوليته بما يعلم, ولا
يتصرف إلا من خلال الجمع الرشيد.
اخرجوا من التسميات والسلوكيات التي صنعتها المؤثرات, فأنتم اليوم إما في موقع التأثير أو السقوط التاريخي الكبير.