حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزالدين احمد
ثـــــــــــــــائر متردد
ثـــــــــــــــائر متردد
avatar


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 6
معدل التفوق : 16
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 17/12/2011

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Empty
17122011
مُساهمةالثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..

الثورة ومشروعية الثورات
هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Klein_Ze_004_Ineinander




"الثورة".. مفهوم هلامي فضفاض؟..
الثورة والانقلاب وصبغة المشروعية
الثورات عبر التاريخ
اضمحلال مشروعية الثورات وتضييعها
أمثلة من الواقع وضوابط

ليس
أهل الثورة الإيرانية أوّل من اتخذوا لأنفسهم موقع المشروعية والحق أن
يكون عنوان "الثورة" كافيا لنزع المشروعية عن أي تمرد عليهم، وحتى عن
المعارضة لمحور "أساسي" من محاور ما أقاموه عبر الثورة.
وتتجاوز
التساؤلات المطروحة بهذا الصدد ما أثارته أحداث انتخابات الرئاسة الإيرانية
2009م، وليست هي تساؤلات غائبة في الأصل، بل مغيّبة نتيجة التعامل عموما
مع معادلة "الثورة ومشروعيتها ومعارضتها" تعاملا يتراوح ما بين الرهبة
والغفلة والانحراف. من هذه التساؤلات:
- ما مصدر مشروعية الثورات عموما وما هي معاييره، عبر مراحل الاندلاع فالاستقرار فالاستمرار؟..
- ألا تسري هذه المعايير على مشروعية "الثورة ضد الثورة" أيضا؟..
- ما موقع حالة إيران بالذات، حيث أصبحت "ولاية الفقيه" تربط الثورة كحدث تاريخي بالدين أرضيةً للحدث؟..
هذه
الأسئلة وأمثالها لا تجد أجوبة شافية عبر مجرى الأحداث وما تسفر عنه،
فصناعة الحدث عموما وما يكتسب وصف "ثوروري" تخصيصا، لا تخضع بالضرورة
لنظريات السببية في علوم السياسة النظرية ولا المنطق العلمي القانوني، بل
ترتبط بعوامل عديدة أبرزها موازين القوى وتقلبها.
ولا يخفى أن مفهوم كلمة "ثورة" نفسه أصابته شوائب تستدعي وقفة قصيرة قبل النظر في الموضوع نفسه.

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Up
"الثورة".. مفهوم هلامي فضفاض؟..

يختلف الأصل الأول لاستخدام كلمة "ثورة" في اللغة العربية عما يقابلها
في اللغات اللاتينية، فقد استخدم العرب كلمة ثار يثور بمعنى الغضب
والانتشار، وبمعنى الهياج، ومن ذلك اشتقاق اسم الثور -ذَكَر البقر- لغلبة
الهياج عليه، كما استُخدم اشتقاق كلمة ثَوْر بمعنى السيّد أيضا، ومنها قول
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) يعني عثمان بن
عفان رضي الله عنه بوصفه "سيّدا".
يربط اللسان العربي لفظ "الثورة" بذلك لغويا أو إيحاءً لغويا بمعاني عدم الانضباط غضبا وبانتشار السيطرة والسيادة.
أما أول استخدامات الكلمة باللغات اللاتينية فكان أقرب إلى حركة "منتظمة روتينية"
في نظريات كوبيرنيكوس الفلكية، إذ تعني كلمة "ثورة" دوران كوكب من الكواكب
دورة كاملة ومستقرة وخاضعة للقوانين الفلكية حول جسم سماوي آخر.
ومعروف
أن كلمة الثورة أصبحت تستخدم في سياقات ومعاني متعددة -حسب تعبير موسوعة
المعرفة- فانتشرت مقولات الثورة الصناعية، والثورة العلمية، والثورة
الألكترونية، والثورة المعلوماتية، وما شابه ذلك كما هو معتاد في انتشار
المصطلحات عبر غلبة استخدامها الواقعي بغض النظر عن اشتقاقها لغويا، وجميع
ذلك وأمثاله مرتبط بمعنى "التغيير الشامل أو الجذري" مع ملاحظة حدوثه خلال
فترة زمنية معينة.
الاستخدامات المذكورة والإيحاءات الكامنة فيها تنعكس عموما في استخدام كلمة ثورة الأوسع نطاقا في عالم التاريخ والسياسة، أي في وصف:
حدث
يغير الأوضاع بصورة شاملة أو جزئية في نطاق جغرافي واسع أو في إطار بلد من
البلدان، انطلاقا من طاقة الغضب والرفض إزاء وضع ما، وصولا خلال فترة
وجيزة نسبيا إلى هيكل سيطرة جديدة.
إضافة إلى هذا المعنى الأساسي استُخدمت الكلمة في الأدبيات السياسية العربية بمعاني إضافية أهمها:
1- وصف تحرك المقاومة المسلحة ضد احتلال أو عدوان
أجنبي، فقيل الثورة الجزائرية عن حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي،
والثورة السورية الكبرى وثورة إبراهيم هنانو وأمثالها في سورية ضد
الاستعمار الفرنسي أيضا، كما وصفت المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد
الاستعمار الاستيطاني الصهيوني بالثورة الفلسطينية، وجميع ذلك وأمثاله لا
يثير إشكاليات كبيرة تتجاوز حدود الاختلاف اللغوي وتعدد النظرات في استخدام
مفاهيم اصطلاحية.
2- إطلاق كلمة ثورة على تحرّك قوة عسكرية ضد سلطة قائمة،
على نطاق واسع كما كان مع ما سمي "الثورة العربية الكبرى" ضد السلطة
العثمانية، أو في حدود بلد من البلدان (انقلابات) كما كان مع "ثورة 23
يوليو" المصرية ضد آخر سلاطين سلالة محمد علي باشا، ويسري ذلك على
الانقلابات السورية وآخرها ما سمي "ثورة شباط التصحيحية"، وعلى انقلابات
مشابهة في العراق وليبيا واليمن والسودان وسواها. وهنا تتجاوز الإشكاليات
الجانب اللغوي إلى "المفهوم الاصطلاحي" وإلى مقدمات الحدث وتقويمها،
ووقائعه وتفسيرها، وحصيلته وموقعها من الرؤى والتصورات المتباينة والمتعددة
وما ينبثق عنها من أهداف التغيير.
ألا ينبغي إذن تخليص مفهوم الثورة
من شوائب، لا سيما المرتبطة بالانقلابات، مما لا يتلاءم مع ما أضافته أحداث
تاريخية على أرض الواقع؟..
على أي حال، لا بد من ذلك ليتضح المقصود في الموضوع المطروح عن مشروعية الثورة، من أين تأتي وكيف تضمحل.

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Up
الثورة والانقلاب وصبغة المشروعية

بادئ ذي بدء:
نبتعد في هذه الفقرة مبدئيا عن تعددية المنطلقات
والتصورات والأهداف المستقبلية، ونبتعد أيضا عن المشروعية المرتبطة
بالدوافع والأهداف، أي بموازين الإرادة الشعبية والمصلحة والعدالة وما إلى
ذلك.
لا نتعرض إذن إلى تساؤلات من قبيل: هل السلطة المستهدفة استبدادية
أو عادلة؟.. وهل صيغ الدستور والقانون بطريقة مشروعة أم فُرض بالإكراه؟..
وهل يسري مفعوله عبر طريقة تشريعه وعبر قبوله شعبيا وعبر تطبيقه على أسس
المساواة والتكافؤ أم لا يسري؟.. بل نقتصر على تقويم وسيلة التغيير، من حيث
كونها وسيلة -سواء كانت في نطاق هذا الموضوع ثورة أو انقلابا- فنجد أن
تقويمها مرتبط بدرجة توافر عدة عناصر على أرضية الواقع، هي:
1- التعبير عن إرادة شعبية.. (المنطلق)
2- الاقتناع بحتمية إزالة مظالم مرفوضة.. (الهدف)
3- ضرورة تغيير الوضع تغييرا جذريا.. (التعليل)
4- غياب قابلية تغيير الوضع القائم من داخل بنيته الهيكلية.. (التسويغ)
5- الوصول إلى وضع جديد يجد القبول على وجه التعميم.. (النتيجة)
بغض
النظر عن عناصر التقويم هذه نرصد استقراءً أن كل مجموعة عسكرية تتحرك ضد
سلطة حاكمة، بأسلوب "انقلاب عسكري" يخرق القانون أو الدستور، حريصة على
استخدام تعبير "الثورة" وتجنّب تعبير "انقلاب"!.. لا ريب إذن أن
الانقلابيين أنفسهم ينطلقون من الاقتناع بوجود إيحاءات إيجابية أو مشروعية
ما في كلمة ثورة، وافتقادها في كلمة "الانقلاب" الذي صنعوه، وهذا ما يضيف
إلى عناصر التقويم السابقة عنصرين آخرين:
6- الحس الشعبي المعرفي،
إيجابي تجاه كلمة ثورة، فهي أقرب إلى التعبير عن الإرادة الشعبية، وسلبي
تجاه كلمة انقلاب، فهو موضع اتهام من البداية باستغلال استخدام القوة
العسكرية استغلالا يتناقض مع وظيفتها.
7- اكتساب صبغة المشروعية أقرب منالا مع كلمة ثورة منها مع كلمة انقلاب.
بتعبير آخر:
قد تكون الثورة وسيلة مقبولة أو مرفوضة.. أما الانقلاب فهو وسيلة مرفوضة مهما كانت الدوافع والنتائج.
لماذا؟..
ما الذي تقوّضه وسيلة الانقلاب ولا تعوّض عنه نتائجه وإن كانت إيجابية،
ولا تتبدل الصورة السلبية عنه وإن طال الأمد بتلك النتائج لعشرات السنين؟..

قد يجد الانقلابيون لاحقا تأييدا شعبيا أو لا يجدون، وقد يتوافق
صنيعهم مع تطلعات شعبية أو لا يتوافق، وقد تزيل النتائج مظالم قائمة أو لا
تزيل.. جميع ذلك لا يبدل شيئا من ضرورة التمييز بين وسيلتي الثورة
والانقلاب عبر عنصر أساسي أخير هو الحاسم على ضوء ما سبق، وهو ما يكمن فيما
يترتب على استخدام القوات العسكرية بعملية التغيير
بالقوة، فهذا بالذات ما يقوّض أساسا من أسس وجود الدولة أو الوطن أو
المجتمع، وهو الأساس الأهم في الوعي المعرفي الشعبي والأبعد مدى من العناصر
السبعة السالف ذكرها، والمقصود:
8- الحيادية السياسية ومهمة الدفاع الوطنية أساس وجود أي جيش من الجيوش، كي يؤدي الغرض من وجوده، وكي يستقر أمن أي مجتمع ودولة.
إن
الانقلاب العسكري يقوَّض الاعتماد المشترك على هذه الصفة، فيقوض علاقة
الثقة بين الشعب وجيشه، أي عنصر اطمئنان الشعب إلى حصيلة ما يقدمه هو من
أجل تزويد فئةٍ منه، بالمال والعتاد والأنفس، كي تكون هذه الفئة هي القوة
العسكرية "المشتركة" التي تدفع عن الوطن الأخطار الخارجية. وعندما يتحول
استخدامها عبر انقلاب داخلي إلى غرض آخر، يكون لذلك مفعول مزدوج:
(1) ضياع أرضية الثقة بين الشعب وجيشه..
(2) واستحالة الاطمئنان إلى الغرض من الانقلاب بحد ذاته..
من
هنا إن كان للثورة احتمالُ اكتساب صبغة المشروعية، فليس هذا ممكنا لأي
انقلاب عسكري، مهما كانت دوافعه ونتائجه، ومهما طال الأمد بتلك النتائج
وغلبت ظاهريا إيجابياتها على سلبياتها
.

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Up
الثورات عبر التاريخ

يوجد عدد كبير من أحداث التغيير التي حملت وصف ثورات في تاريخ العالم،
إنما انتقل إلى الساحة المعرفية العربية من خارج نطاقها تركيز الأنظار على
تغييرات اعتبرت أبرز من سواها وأحق بوصف الثورات، وهي الإنجليزية
والأمريكية والفرنسية والشيوعية، وأضيفت الإيرانية حديثا.
وبغض النظر
عن مسار ما أدت إليه هذه "الثورات" في العقود والقرون التالية بصفتها
"وسيلة" تغيير، نلاحظ في اللحظة التاريخية لوقوع حدث التغيير نفسه، أن:
- الإنجليزية كانت "مؤسساتية" من داخل السلطة، فبدّلت مواصفاتها من ملكية استبدادية مطلقة إلى ملكية مقيدة ديمقراطية..
- الأمريكية كانت "حرب استقلال" ضد استعمار أجنبي..
- الفرنسية كانت "طبقية" باسم طبقة اجتماعية أنهت هيمنة أخرى..
- الشيوعية كانت "حزبية" واعتمدت على فرق مسلحة شكلها الحزب ضد السلطة..
- الإيرانية جمعت بين كونها "دينية" بمعيار قيام فئة رجال الدين عليها تدبيرا وقيادة، وبين كونها "شعبية"
بمعيار المشاركة الشعبية في صناعة الحدث بمعدلات غير مسبوقة، أبرز معالمها
خروج زهاء 16 من أصل 32 مليونا من السكان في يوم واحد في أنحاء البلاد ضد
السلطة القائمة.
وقد انتشر الاعتقاد عموما بأن الثورة تنطوي على
التغيير فجأة ودون ضوابط، وهذا انطباع يتناقض مع استقراء معظم ما أطلق عليه
وصف ثورات، إذ كانت جميعا بعد مقدمات ويسري هذا على الأمثلة المذكورة
آنفا.
الإنجليزية التي يؤرخ لها بعامي (1688 و1689م) بدأت واقعيا في
الثلاثينات من القرن نفسه، أي قبل زهاء خمسين عاما، عبر تمرّد النواب على
السلطة الملكية.
والأمريكية يؤرّخ لها بعام 1776م، وكانت بدايتها الفعلية مع الهياج الشعبي ضد ما عرف بقانون الطوابع عام 1765م.
والفرنسية
التي يؤرخ لاندلاعها بسقوط الباستيل عام 1789م، سبقتها مقدمات عديدة وكان
من أهمها اضطرار الملك الفرنسي للتراجع تحت احتياجات الدولة المالية أمام
خصومه فيما عرف بحق "تصويت طبقات الأمة" بصيغة أعطت ممثلي العموم من الشعب
ثقلا كان من قبلُ حكرا على الطبقة المسيطرة في السلطة.
والشيوعية أو البلشفية عام 1917م، كانت لها مقدماتها أيضا، منها مثلا هزيمة الدولة أمام القوات اليابانية قبل ذلك بعشرة أعوام.
والإيرانية
المؤرخة بعامي 1978-1979م سبقتها مقدمات عديدة مثل المواجهة الأولى بين
الخميني والشاه عام 1963م، واشتباكات مدينة قم عام 1976م.
إن النظرة
الأعمق إلى المقدمات السابقة للحظة التغيير التاريخية في الثورات المعنية،
بالغة الأهمية والضرورة عند محاولة الإجابة على السؤال:
من أين تستمد الثورات مشروعية خرقها للقانون السائد قبل اندلاعها؟..
هل
العنصر الحاسم هو التعبير عن "إرادة الشعب" بمعنى أن بدهية أولوية السيادة
الشعبية على سيادة السلطة تبيح للإرادة الشعبية خرق قانون تستند السلطة
إليه!..
ولكن متى تستند الثورة إلى إرادة الشعب، بمعنى إرادة غالبية شعبية عالية؟..
إذا
كان الترجيح من جانب المؤرخين والباحثين ممكنا في نموذج ثورات "المقاومة
المسلحة ضد احتلال أجنبي" كما كان مع الثورة الأمريكية أو الثورة
الجزائرية، فليس الترجيح سهلا في حالات أخرى لثورات تغيير وضع داخلي،
واستبدال سلطة بسلطة، لا سيما وأن مرحلة مقدمات الثورة لا تشمل إعطاء أدلة
قطعية بشأن التعبير الحقيقي عن إرادة الشعب.
بغض النظر عن المقدمات والظروف المؤدية إلى التغيير إذن، لا تكتسب الثورات مشروعيتها مسبقا قبل وقوعها، ولهذا أهميته البالغة في السؤال عن مشروعية الثورة ضد أوضاع تشكلت نتيجة ثورة سابقة!.

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Up
اضمحلال مشروعية الثورات وتضييعها

قد تتوافر المشروعية للتغيير باستخدام القوة استخداما ينتهك قانونا
قاهرا ساري المفعول، إنما لا يسهل إعطاء الدليل على توافرها إلا بعد وقوع
عملية التغيير نفسه، وبالتالي من خلال مواصفات الوضع الجديد الذي يحمل
القائمون بالثورة المسؤولية عن وضع بذوره أو لبناته الأولى، بصورة مغايرة
للوضع الذي سوّغوا لأنفسهم الثورة عليه.
لا توجد قيمة ذاتية لادعاء
المشروعية لحظة وقوع ثورة من الثورات، وإذا تطابق هذا الادعاء مع معطيات
الواقع الذي أدّى شذوذه إلى التغيير، فبقاء هذه المشروعية مرتبط بأنها
مشروطة مضمونا ومكتسبة قانونيا ومؤقتة زمنيا.
يعني ذلك:
1- المشروعية مرتبطة مضمونا بسلسلة من ثلاث حلقات، إذا سقطت حلقة سقطت المشروعية نفسها، وهي: "وضع مرفوض وإرادة شعبية ووضع جديد"، فمشروعية وسيلة التغيير رهن بتعبير الوضع الجديد تعبيرا واضحا مشهودا عن الإرادة الشعبية الرافضة للوضع القديم.
قبل
الثورة لا تتوافر بالضرورة ظروف وآليات كافية ومقنعة لضمان معرفة موقف
الإرادة الشعبية من الوضع الآني القائم، فإذا بقيت تلك الظروف والآليات
غائبة أو مغيبة، ومزيفة أو غير مضمونة، في نطاق الوضع الجديد بعد لحظة
التغيير التاريخية، فقدت وسيلة الثورة مشروعيتها، وانتقلت المشروعية إلى
دواعي تغيير ذلك الوضع الجديد الناقص أو المنحرف، بما في ذلك استخدام وسيلة
الثورة عليه.
2- المشروعية مرتبطة قانونيا بتوافق السلطة الجديدة المنبثقة عن وسيلة الثورة مع التعبير القاطع عن السيادة الشعبية، وليس سيادة من استخدم وسيلة الثورة باسم الإرادة الشعبية.
في
مقدمة ما ينزلق إليه منفذو الثورات، بغض النظر عن عناصر الإخلاص والوطنية
وما شابه ذلك، هو أن "يبيحوا" لأنفسهم ما "ثاروا" هم ضدّ إباحته من جانب
سواهم لأنفسهم، والمحور الجوهري لذلك هو "احتكار" السلطة، سيان هل اتخذ هذا
الاحتكار شكل مادة دستورية يجري تمريرها أثناء موجة تأييد الثورة، أو
بالتحايل على آليات التصويت، أو اتخذ صيغة تشكيل هيئة مرجعية فوق السلطات
الثلاث، مع ضمان عدم خروج تلك الهيئة عن نطاق سيطرتهم، أو ما شابه ذلك، فهم
بذلك يوجدون شذوذا في بنية المعطيات الدستورية والقانونية، يبيح الثورة
على سلطتهم وفق ذات المنطق والمعايير التي استندوا إليهم في الثورة على
سلطة سبقتهم.
3- مشروعية الثورات استثنائية ومؤقتة زمنيا، وهذه أهم
المواصفات التي تميزها عن المشروعية الدائمة في الأحوال الاعتيادية
القويمة، ولا تكتسب وسيلة الثورة مشروعيتها المؤقتة إلا بمقدار الضرورة
الزمنية والموضوعية لاستخدامها وسيلةً لتحقيق مشروعية دائمة تحل مكانها، فوجوب التغيير هو مصدر المشروعية المؤقتة،
وينتهي سريان مفعوله مع اللحظة التاريخية التنفيذية له، ثم تنقلب
المعادلة، فيصبح كل عمل يطيل تلك اللحظة التاريخية سببا في نزع صفة
المشروعية عن السلطة المنبثقة عن التغيير.
إن تحويل مشروعية "تنفيذ"
التغيير بوسيلة الثورة، إلى مشروعية "تأبيد" بقائها، بمعنى عدم الانتقال من
أوضاع انتقالية مرحلية في تشكيل "سلطة الثورة" إلى وضع طبيعي دائم في
تشكيل "سلطة الدولة"، هو ما يفقد الثورة، وعلى وجه الدقة يفقد السلطات
المنبثقة عن الثورة، صفة المشروعية.
يسري ما سبق على كثير مما بات يوصف
في الساحة العربية (وسواها) بالشرعية الثورية والنضالية وما شابه ذلك،
فجميع ذلك مرتبط بلحظة وقوع الحدث وبتزامنه مع وجود رغبة شعبية واسعة في
تغيير استهدفه أو حققه.
إن "مشروعية الثورات" مرتبطة بكونها وسيلة لا غاية:
1-
من جهة بصدور الاقتناع الشعبي بضرورة استخدامها عن وجود مظالم قاهرة
سابقة، مادية أو معنوية، تنتهك الحقوق والحريات والمكتسبات المشروعة، مع
الاقتناع الشعبي بعدم قابلية التغيير دون الثورة على تلك المظالم وإن وقعت
مخالفة للقوانين، ما دامت منحرفة أو معطلة.
2- ومن جهة أخرى بألا تصبح
وسيلة الثورة نفسها مدخلا إلى مظالم قاهرة جديدة، مادية أو معنوية، تنتهك
الحقوق والحريات والمكتسبات المشروعة، فتصبح بالتالي مدعاة لثورة جديدة
عليها وخرق القوانين المنحرفة أو المعطلة التي اصطنعتها لنفسها.
ليس
"التأييد الشعبي" في مرحلة زمنية مصدرا "لمشروعية دائمة" لصالح من يحقق
التغيير، بل يبقى هو وتبقى المشروعية المنبثقة عنه رهنا بتحقيق هدف
التغيير، الكامن في إيجاد أوضاع قويمة دائمة.
وليس التأييد الشعبي لمن
ينفذ حدث الثورة بالتالي تأييدا غير مشروط، بل هو مشروط جملة وتفصيلا،
ومحور الشرطية السببية فيه "إزالة المظالم.. وإقرار وضع جديد خال منها".
والحصيلة مع تجنب التفاصيل:
ترتبط صفة المشروعية كما يرتبط زوالها بعدة قواعد حاسمة، في مقدمتها:
1-
العامل الزمني: عندما يتحقق هذا الهدف فعلا على أرض الواقع، ينتهي "حدث
الثورة"، على نقيض ما يُصنع باستخدام وصف "عهد الثورة" عاما بعد عام، وجيلا
بعد جيل، وسلطة حاكمة بعد سلطة!..
2- السبب التسويغي: تنتهي مشروعية
استخدام القوة المخالفة للقانون السائد مع انتهاء وجود الغرض الذي سوّغها،
وهو إزالة السلطة المسؤولة عن المظالم، فإن استمر استخدامها سقطت مشروعية
ذلك ومشروعية بقاء السلطة التي أوجدت نفسها عبر وسيلة الثورة.
3-
العنصر الموضوعي: إذا كانت المشروعية مرتبطة بإزالة المظالم، وانتهى حدث
الثورة إلى إيجاد وضع جديد حافل بمثل تلك المظالم أو ما يشابهها، فلا يمنع
استمرار استخدام وصف "عهد الثورة" من حقيقة زوال مشروعيتها ومشروعية من
يتشبث بالسلطة باسمها.

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..  Up
أمثلة من الواقع وضوابط

كيف نحدد العلاقة بين الحديث النظري آنفا، والواقع القائم في عدد من
البلدان العربية والإسلامية التي تزعم السلطات فيها لنفسها مشروعية الثورة،
قولا وواقعا، أو واقعا على الأقل؟..
لا بد من معايير وضوابط تخرج
بالموضوع من دائرة السجالات السياسية تأييدا ومعارضة، وتساعد على تقويم
موضوعي لأوضاع قائمة، قد يتخذ المسؤولون منه منطلقا لتصحيح أوضاعهم، أو
يتخذ الثائرون عليهم منه منطلقا لضوابط يلتزمون بها كيلا يقعوا فيما وقع
فيه من يثورون عليهم.
العنصر الأهم في الأمثلة التالية هو:
لا
تغيب مشروعية الثورات، وتظهر مشروعية ثورات ضدها، بسبب ممارسات استبدادية
مرفوضة فقط، بل يقع ذلك بمجرد "تقنين" معطيات من شأنها أن تمرّر تلك
الممارسات عند رغبة السلطة في ممارستها، مع إعطاء ذلك صبغة قانونية مصطنعة،
ابتداءً من اللحظة التاريخية المفصلية لوقوع الثورة.

في مثال
إيران، الذي فرض نفسه عموما من خلال أحداث انتخابات الرئاسة 2009م، نرصد
أن الثورة الشعبية ذات المنطلق الديني اكتسبت مشروعيتها عبر إرادة الشعب
وتطلعه للتخلص من حكم الشاه القائم على عنصري الاستبداد الداخلي والتبعية
الأجنبية. أما فترة ما بعد الثورة وإن سمي "ثورة"، فقد حافظ على إنهاء
التبعية الأجنبية، ولكن أوجد معطيات بنيوية هيكلية تحت عناوين "دستور جديد"
و"ولاية الفقيه" و"مجلس صيانة الدستور"، مع صيغ وآليات تجعل ممارسة
الاستبداد ممكنة وقابلية التغيير الإيجابي للسلبيات ضمن إطار الدستور
والقانون مستحيلة أو مقيدة.
يسري شبيه ذلك أيضا على الانقلابات التي
أعطت نفسها وصف ثورات، ومنها -كأمثلة- ثورة "23 يوليو" بمصر، والثورة
التصحيحية في سورية، وثورة الإنقاذ في السودان، فلئن كانت هذه الانقلابات
-مع تفاوت المواصفات والدرجات- قادرة على تسويغ استخدام القوة عند وقوعها،
فإنها مع كل يوم إضافي على حدّ الضرورة القصوى المؤقتة لوجود ما يسمى سلطة
"مجلس قيادة الثورة"، قد بدأت بالانحراف، ثم تضاعف حجم الانحراف عبر اصطناع
معطيات "تأبيدية" لبقاء السلطة، دستورية شكلا، منحرفة مضمونا (دستور مؤقت
ثم دساتير شبه دائمة مفصلة على مقاس استمرار سلطة "الثورة" بعد احتكار
أسباب القوة وصناعة القرار ومراكزها) وكذلك اصطناع ما يشبه معطيات قانونية
(مثل حالات الطوارئ واحتكار الصلاحيات الحاسمة وقمع المعارضة والعبث
بقوانين الانتخابات ومنظمات المجتمع الأهلي وما شابه ذلك) بالإضافة إلى
معطيات بنية هيكلية جديدة للسلطة تجعل المؤسسات صورية إلا السلطة التنفيذية
وأجهزتها الأمنية، وتغيّب الفصل بين السلطات الثلاث وتمنع وجود مرجعية
مستقلة للاحتكام إليها.
ويمكن تعداد المزيد، ويبقى القاسم المشترك بين
هذه الأمثلة وسواها، هو إيجاد أوضاع لا تختلف مضمونا وإن اختلفت شكلا، عما
كان قائما قبل تلك الثورات أو الانقلابات، وبالتالي أصبح صانعو هذه الأوضاع
والمتشبثون بها، هم من يحمل المسؤولية الأولى عن تسويغ ثورات أو انقلابات
ضدهم، إذا ما توافرت شروط القدرة عليها، ناهيك عن المشروعية الأصيلة
للمعارضة الرافضة لسلطاتهم عبر ما يوصف بالطرق السلمية.. أي عبر الكلام
بقدر ما يكون مسموحا به، وليس مجهولا أنه لا يسمح به في الظروف والمعطيات
الراهنة إلا بالمقدار الذي لا يعرض استمرار الاستبداد القائم لخطر حقيقي!..

والجدير بالذكر استكمالا لهذا الموضوع أن كثيرا من الجهات الرسمية
والفكرية والإعلامية تحذر من توجيه النقد العلني، ناهيك عن ممارسة عمل شعبي
للمعارضة، ضد هذه السلطة أو تلك، بحجة أن لها سياسات إيجابية لا ينبغي
تعريضها للخطر، أو أنها مستهدفة بأخطار دولية لا يصح معها المشاركة في ضغوط
عليها. وغالب هذه التحذيرات في الوقت الحاضر ما ينوه بدعم المقاومة ضد
الاحتلال والعدوان، من جانب دول بعينها مثل إيران وسورية، أو ينوه بظروف
الاحتلال الاستيطاني ومحاولة انتزاع تنازل سياسي ما بالحسنى، كما يقال عن
السلطة في إطار قضية فلسطين، أو بإعطاء الأولوية لمكافحة الفقر والتخلف في
بعض البلدان، وما شابه ذلك.
هنا يمكن ذكر قواعد وضوابط عديدة لنقض ما سبق أو ترشيده، ويكفي التنويه بملاحظتين مما يتصل بالموضوع مباشرة:
1- لكل سلطة، بما فيها السلطات الاستبدادية، إيجابيات وسلبيات، والنظرة الموضوعية لا تغفل عن جانب لحساب آخر في مختلف الظروف.
2-
كل مهمة إيجابية كدعم المقاومة أو مكافحة الفقر أو إنهاء الهيمنة
الأجنبية، لا تتحقق عن طريق التغافل عن السلبيات الذاتية، فهذه هي التي
تمنع من أن تكون تلك المهام فاعلة تحقق الغرض المعلن لها.
والحصيلة:
إن
المخاطرة باستمرار السلبيات وتراكمها لا سيما على صعيد الاستبداد
وممارسته، أكبر من المخاطرة الناجمة عن مواجهتها بما لا يقاس، وأدعى إلى
وصول الاحتقان بسببها إلى مستوى انفجار يصنع ثورات دون ضوابط، كما أن وجود
تلك السلبيات هو في مقدمة أسباب الإخفاق دون تعبئة القوى المشتركة وطنيا في
مواجهة الأخطار الخارجية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟.. :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الثورة ومشروعية الثورات هل للثورات مشروعية.. وكيف تفقدها؟..

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: