حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طموح
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
طموح


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 471
معدل التفوق : 1323
السٌّمعَة : 22
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه Empty
01042017
مُساهمةالتغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه

التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه Z

التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه
مجلة وجهة نظر: إمارة المؤمنين، العدد 31، سنة 2007.
GALLAOUI, MohamedLe Maroc politique à l’aube du troisiéme millenaire (1990-2006)imprimerie Najah Eljadida, Casablanca, 2007.
هل يعرف المغرب تغييرا سياسيا حقيقيا في عهد الملك محمد السادس، أم أن ما يشهده من إصلاحات ليست إلا سياسة تمويهية لا تعمل إلا على إخفاء حقيقة استمرارية الوضع القائم؟
هذا سؤال مركزي تتمحور حوله النقاشات السياسية التي يشهدها المغرب منذ مطلع القرن الجديد. ومن حسن حظنا أن المكتبة المغربية اغتنت مؤخرا بمرجعين بالغي الأهمية لتعميق هذا النقاش.
المرجع الأول هو العدد 31، من مجلة وجهة نظر لسنة 2007 يحمل عنوان إمارة المؤمنين ويشتمل على سبعة مقالات  أنجز معظمها باحثون شباب من خريجي جامعات مغربية، وتقديما عاما من تحرير عبد اللطيف حسني، الذي يدير المجلة بتفان منذ ظهورها.
المرجع الثاني يحمل عنوان المغرب السياسي في مطلع الألفية الثالثة 1990-2006 وهو كتاب أصدره هذه السنة محمد  كلاوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالدار البيضاء.
ما يطرحه هذان المرجعان من مقاربات وأفكار، يمكن اعتباره أيضا نموذجا لنوعية الفكر السياسي الذي تنتجه الجامعة المغربية حاليا، وما يساهم به هذا الفكر في فهم طبيعة النظام السياسي والحياة السياسية المغربية. ومن المؤسف أن كتابات من قيمة هذين المرجعين لا تجد من يحيل إليها في السجالات التي تقدمها وسائل الإعلام السمعية البصرية التي تفتقد إلى نصوص مكتوبة ومنشورة تساهم في عقلنة النقاش العمومي وفي توثيق تراكم معرفتنا السياسية.
يلتقي المرجعان في موضوعهما المركزي، عهد الملك محمد السادس، ولكنهما يرتكزان على أطروحتين متعارضتين في تقييم هذا العهد. تَعتبر وجهة نظر أن النظام السياسي الحالي لا يعرف تغييرا يذكر، بل إن كل ما شهده من سياسات  إصلاحية ، والتي خصّص لها العدد سبع مقالات ركّزت كل واحدة منها على نموذج من هذه السياسات، والتي لا تعدو أن تكون إلا أدوات لتكريس الاستبداد في ظل النظام التقليدي ومؤسساته وبنياته وثقافته. وتلخّص مقالات وجهة نظر هذا الاستبداد في مفهوم إمارة المؤمنين، عنوان العدد، وهي المؤسسة التقليدية التي يجسدها قانونيا الفصل التاسع عشر من الدستور والذي أحالت إليه كل المقالات1.
على عكس هذه الأطروحة، ينطلق كتاب كلاوي من أن للملك محمد السادس رغبة حقيقية وصادقة في التغيير، وأن عهده يشهد تغييرا فعليا. يؤكد الكاتب هذه الأطروحة اعتمادا على تحليل كل من الخطاب الملكي والاستراتيجيات المتبعة على المستوى الاجتماعي والسياسي في عهده.
إذا كانت هاتان الأطروحتان المتعارضتان، استمرارية الاستبداد مقابل التوجه الإصلاحي، تلخصان محتوى النقاش السياسي المغربي اليوم، فأين تتمثل إذن مساهمة كل من وجهة نظر وكلاوي في إغناء هذا النقاش؟
المساهمة الأولى منهجية، إذ خصصت وجهة نظر عددها لمعالجة سبع حالات لما يعتبر مسحا شبه كامل لأهم إصلاحات عهد محمد السادس والتي شملت المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (نص لمحمد اتركين)، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (عبد اللطيف حسني)، اللجنة الملكية الاستشارية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية (هند عروب)، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (مصطفى عنترة)، الهيئة العليا للاتصال السمعي-البصري (يحيى اليحياوي)، ديوان المظالم (فريد لمريني)، هيئة الإنصاف والمصالحة (عبد الرحيم العطري).
مقابل هذا التوجه التجريبي (الامبريقي)، الذي أعطى الأولية للإطار القانوني الذي تمارس فيه هذه السياسات، عرض كلاوي أطروحته انطلاقا من قراءة لخيارات محمد السادس الاستراتيجية كما قُدمت في خطبه وتجسدت في قراراته، واعتمادا على تحليله لمنطق تدبير الشأن السياسي الذي تبنته الدولة العلوية تاريخيا، وبشكل خاص خلال فترتي حكم الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس.
المساهمة الثانية تتمثل في تقديم أطروحات واضحة.
حسب وجهة نظر، تمت هذه السياسات التي تقدم كإصلاحات، من خلال مؤسسات أحدثت في ظل الفصل التاسع عشر، وإطار مقولات البيعة والولاء والتبعية لإمارة المؤمنين، وهي كلها تعكس دعائم النظام التقليدي، وتتناقض مع المرجعية القانونية الحداثية التي لا تكون إلا عبر التصويت وفصل السلط ومؤسسات البرلمان والحكومات المنتخبة، وما ماثلها من دعائم المؤسسات والممارسات الديموقراطية.
كلاوي على العكس من ذلك، يعتبر أن الخطب الملكية، بالخصوص تلك التي قدم فيها الملك محمد السادس عشية توليه الحكم سنة 1999 مفهومه الجديد للسلطة، والتشريعات التي كان وراءها والتي همت مدونة الأسرة، المعهد الملكي للأمازيغية، وهيئة الإنصاف المصالحة، تؤكد جميعها حصول تغيير نوعي في كيفية مقاربة القضايا الكبرى التي يواجهها المغرب، بشكل مختلف عما كان عليه الأمر في السابق.
هذه الخطب اعترفت بضرورة إحداث علاقة أكثر تكافؤا بين الإدارة والمواطن.كما أن التشريعات نجحت في أن تغير محتوى قانون الأسرة إلى قانون يضمن مساواة أكبر بين الرجل والمرأة، ومؤسسة المعهد الملكي للأمازيغية رسخ التعددية الثقافية على أرض الواقع، وهيئة الإنصاف والمصالحة حققت الإنصاف عن طريق توثيق ما ارتكبته الدولة من انتهاكات، وتقديم تعويضات للضحايا، وإن كانت لم تحقق بعد مصالحة كل مقومات المجتمع مع ماضيه.
المساهمة الثالثة للمرجعين تظهر في ما يقدمانه من أسباب لهذه السياسات التي يختلفان في تقييمها والتي تعكس الاتجاهات النظرية الأساسية في تحليل النظام السياسي. والمرجعان بالتالي، يساهمان في الفهم النظري لطبيعة النظام السياسي المغربي الحديث، هذا الفهم الذي تشكل انطلاقا من تجربة حكم الملك الحسن الثاني، وهو اليوم يحتاج إلى أن يمتحن من جديد على ضوء مقومات نظام ما بعد الحسن الثاني.
تكرر مقالات وجهة نظر، مخلصة للإطار العام الذي قُدم به العدد، أن نظام محمد السادس يعتبر استمرارية وفية لمبدأ إمارة المؤمنين الموروثة ليس فقط عن عهد الحسن الثاني، بل عن تاريخ المخزن، والدولة التقليدية المغربية. وأن كل ما يقدم كإصلاحات، ليس في العمق إلا سياسة صورية، شكلية، تمويهية، تسعى لأن تعطي الانطباع بحدوث التغيير في الوقت الذي يكون هدفها الحقيقي هو إخفاء واقع استمرار الحكم التقليدي، بل وتكريس سيطرة الدولة التقليدية وسعيها لاحتواء كل أشكال المعارضة أو المقاومة التي يبديها المجتمع وطنيا وللرد على انتقادات المجتمع الدولي.
وهكذا، فالمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية لا يهدف إلا إلى إضفاء مشاركة صورية للصحراويين في مشروع الحكم الذاتي، بينما لا يسعى كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف والمصالحة إلا لاحتواء المعارضة.
و جاءت اللجنة الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية لتلميع صورة المغرب، ولاستغلال التوترات القائمة بين الإسلاميين والحداثيين “لتوقظ الوظيفة التحكيمية للملكية”.
و أحدث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية “في ظل التنافس بين النظامين المغربي والجزائري والذي كان النظامان يسعيان لإحراج بعضهما البعض عن طريق الاستجابة لمطالب الحركة الأمازيغية في بلده والدفع إلى تجذير مطالب الحركة الأمازيغية في البلد الآخر.”
و يهدف إحداث ديوان المظالم لامتصاص الغضب الاجتماعي وعدم رضى المجتمع المغربي والدولي من أداء الدولة.
إن النظام التقليدي حسب وجهة نظر لا يتغير، ولا يرغب في التغيير، وهو يوظف تغييرات تمويهية من أجل مقاومة المطالب التغيير الحقيقي بهدف إعادة إنتاج مقوماته من خلال الاستمرار في ترسيخ مؤسسة إمارة المومنين، الخيط الناظم لكل ما يقدم كإصلاحات.
لا ينظر كلاوي إلى المؤسسة الملكية المغربية من نفس وجهة النظر، كونها مؤسسة جامدة، متعارضة جوهريا مع فكرة الإصلاح، ولا تسعى إلا إلى إنتاج نفسها. إنها عكس ذلك، قادرة على التجدد والتحديث، وإحداث قطائع مع الماضي. وهذه كلها صفات لا يربطها كلاوي بمحمد السادس فحسب، بل إنه يجدها في مقومات الملكية المغربية بصفة عامة، ويعتبرها مؤسسة غير متناقضة مع الإصلاح والحداثة بل قابلة للانسجام معهما فكرا وممارسة.
فالبيعة، التي تعد أساس مشروعية الملكية، ليست بالنسبة لكلاوي متعارضة مع مبدأ العقد الاجتماعي. ونظرا لأن البيعة “…ارتبطت بكون وظيفة السلطان تلزمه بتحقيق واجبات الدفاع عن الوطن، واحترام قوانين الدين، فيمكن لهذا المبدأ أن يُوسّع لكي يقترب أكثر من فكرة العقد الاجتماعي.”
والملكية حسب كلاوي مؤسسة قابلة للتغيير والتأقلم مع التحولات السياسية والاجتماعية. فالتسلط الذي طبع حكم الحسن الثاني لم يكن ينبني على تعارض مبدئي مع الديموقراطية بقدر ما كان يعبر عن “رد فعل على تسرع المعارضة ومغامرات الجيش.”
وحسب قراء كلاوي، فقد كان الحسن الثاني ذا توجه حداثي في بداية حكمه، ولم يلجأ إلى التقليد إلا لمواجهة الخطر السياسي الذي أصبح يشكله الحداثيون المعارضون. ثم إن الإصلاحات التي عرفها المغرب، خاصة في مجال حقوق الإنسان مع إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، لم تكن ذات أغراض تمويهية، بقدر ما كانت تعكس تصورات إستراتيجية جديدة للحسن الثاني بعد إحساسه بتراجع مشروعيته، والتي برزت من خلال مخلفات نشر الفرنسي جيل بيرو لكتابه “صديقنا الملك.”
هذا التأقلم مع الأوضاع الجديدة، والذي يعكس مرونة المؤسسة الملكية، وبالتالي عدم تعارضها المبدئي مع الحداثة، يفسره كلاوي بكون أن الملك، بالرغم من أنه يحتكر السلطة، فإنه في نفس الوقت مقيد بتصوراته عن الدور التاريخي الذي ينيطه به قَدَرُه. وإذا كان الحسن الثاني اعتبر أن دوره هو بناء المغرب الحديث، فإن محمد السادس يعرف أنه “ابن عصره، عصر العولمة وقيم حقوق الإنسان،” وبالتالي هو مقيد بالسير في هذا الاتجاه الإصلاحي، بالرغم من السلطات غير المقيّدة له التي يمنحها له الدستور.
المساهمة الرابعة للمرجعَين تظهر فيما قدماه من تصور حول النتائج المتوقعة للسياسة التي ينهجها محمد السادس من خلال المؤسسات والمجالس التي أحدثها. إنها فاشلة، حسب حكم قطعي لوجهة نظر. فهي غير قادرة على أن تحقق الإصلاحات لأنها أصلا سياسات توهيمية ولن تستطيع أن تخفي حقيقتها المخادعة. إنها مثل السحر، تقول هند عروب كاتبة مقال مدونة الأسرة، معتمدة ليفي ستراوس كمرجع، حيث ينجح الساحر أن يجذب إليه المتلقي، ولكنه مع ذلك لا يغير واقع الحال. والحكم الذاتي للصحراء، يقول محمد أتركين يعرف “ولادة ميتة” لن تفضي إلا إلى الفشل. والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ليس له أي قدرة على التأثير لأن الانتهاكات مستمرة.
وحده مقال مصطفى عنترة عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يخرج نسبيا عن أطروحة العدد. إذ بالرغم من حديثه عن استمرار المعيقات التي لا تزال تعترض تطور المسألة الأمازيغية، اعترف المقال بما حققه المعهد من منجزات في مجال البحث العلمي، والتعليم، والإعلام وفي إخراج الأمازيغية من دائرة المحرمات، وكون أن مرجعية خطاب أجدير أصبحت تشكل اليوم إحدى محاور التعاقد بين الملك ونخبه في تدبير الشأن الأمازيغي.
إذا كانت وجهة نظر حسمت في استنتاجاتها السلبية حول نتائج سياسات الملك محمد السادس، فإن توقعات كلاوي بمستقبل الإصلاحات أقل تبسيطا. إنه في الوقت الذي لا يشك في قناعته بالتوجه الإصلاحي لمحمد السادس، يلاحظ مظاهر التقليد ومقاومة التغيير داخل كل من أجهزة الدولة وسلوكات الأفراد. والأحزاب، كما ظهر من خلال حكومة التناوب، أخفقت هي الأخرى في العديد من المناسبات في تحقيق الإصلاحات الضرورية.
لكن كلاوي يعتبر أن ما يحققه المغرب لحد الآن، لا يمكن اعتباره المرحلة النهائية من الإصلاحات، إذ أن الدفع في اتجاه الإصلاحات والدمقرطة، عملية دائمة لا تتوقف، سواء بالنسبة للمغرب أو للبلدان ذات الديمقراطية المترسخة، ومرحلة الإصلاحات الحالية في المغرب بالتالي، ليست سوى دورة من دورات تعلم الديموقراطية.
وفي الوقت الذي تخلص فيه وجهة نظر إلى توقع أزمة سياسية أعمق لا يقدم التحليل أي مخرج منها من داخل المؤسسات السياسية القائمة، فإن كلاوي، المتفائل من مستقبل الإصلاحات، يدعو إلى تطوير فكر واقعي عن الديمقراطية، فكر أكثر قدرة على مسايرة التطور التدريجي الذي يشهده المغرب من التوقعات التي لا يؤدي سقفها المثالي إلا إلى السقوط في خيبات الأمل.
لا شك أن رد الفعل التلقائي لتقييم هاتين الأطروحتين سينطلق من موقف القارئ الإيديولوجي، أي من مدى تعاطفه المبدئي مع أطروحة إمارة المؤمنين الاستبدادية، أو أطروحة الملكية المصلحة. ويُتوقع أن يفضى هذا الشكل من التقييم إلى البحث عن موطن ضعف الموقف المخالف وتناقضاته ونقائصه.
هذا النوع من ردود الفعل يساهم في إغناء الجدل السياسي العمومي، ويضفي عليه طابع الحماس والتشويق والإثارة، ويدفع كل اتجاه إلى مواصلة البحث الدؤوب عن الأفكار والمقاربات والوقائع التي يوظفها للدفاع عن مواقفه.
وانطلاقا من هذا المنطلق الإيديولوجي، فإن الاتجاهان يتوفران على إمكانيات متقاربة في ساحة الجدل السياسي العمومي. وهذه الوضعية في حد ذاتها جديرة بأن تثير انتباه المحلل. ذلك أن أطروحة الملكية المصلحة قادرة اليوم على اقتحام الجدل السياسي الحر والعلني بأدوات فكرية ومعطيات ميدانية لم تكن متوفرة بنفس القوة في أي فترة في السابق، هذا في الوقت الذي لا تزال فيه أطروحة الملكية الاستبدادية تشكل الإطار المرجعي، الواعي أو غير الواعي، للثقافة السياسية السائدة. ولا شك أن تطوير الجدل السياسي في بلادنا، والمساهمة في عقلنته، لن يحدث إلا بإخضاع كل من الأطروحتين إلى امتحان المعطيات والوقائع ومنطق التأويل وتفكيك الثقافة السائدة.
هناك مقاربة ثانية لمعالجة هذين المرجعين، وهي ذات بعد نظري. من هذا الجانب، فإن أطروحة وجهة نظر تعتبر استمرارا للتراكم النظري حول النظام السياسي المغربي الذي ينطلق من هيمنة البعد التقليدي للنظام السياسي سواء في مرجعياته القانونية، أو في بنياته السياسية، أو ثقافته. وإذا كانت أطروحة وجهة نظر لا تتسم بالجدة من هذه الزاوية، فإن إشارات مقتضبة لبعض مقالاتها تؤشر على بروز أفكار جديدة تتطلب المزيد من التطوير من بينها الدور التمويهي للإصلاح.
لا شك وأن هذا التمويه سيتطلب إمكانيات جبارة من طرف الدولة لكي تستمر في سعيها لتمديد عمر الإقناع الخادع، خاصة إذا لم يصاحب هذه العملية التوهيمية أي إنجاز ملموس. كما أن تمديد عمر التمويه يزداد تعقيدا في الوقت الذي تتسع فيه هوامش حرية التعبير وتضيق فيه قدرة الدولة على اللجوء إلى استعمال العنف كوسيلة لمنع عودة الوعي إلى المجتمع كلما فقد التمويه فعاليته.
وعلى مستوى أقل تجريدا، فإن استمرار الإصلاحات في مجالات المرأة و الأمازيغية على وجه الخصوص، لم يؤد مع مرور الوقت إلى عودة وعي حداثي معارض لهذه الإصلاحات التمويهية، بل إن بروز نتائجها الملموسة، وإن لم تكن كاملة، ما فتئ يقوي القناعات بأهمية هذه الإصلاحات، وبضرورة متابعتها وترسيخها.
ويبدو أن بوادر التوجهات المعارضة لهذه الإصلاحات، بما فيها تلك المتعلقة بالمرأة والامازيغية وحقوق الإنسان، وبالرغم من أنها لم تتشكل في جبهات موحدة، تصدر عن الفئات المحافظة المعادية للإصلاحات أصلا والداعية إلى التخلي عنها كلية. وبالرغم من هذه الاضطراب الذي يعترض أطروحة التمويه، إلا أنها لا تخلو من فائدة نظرية في فهم السياسة ليس فقط في إطار النظام التقليدي المغربي، بل بارتباطها بمفهوم السيطرة في كل الأنظمة، بما فيها الحداثية وما بعد حداثية.
أما بالنسبة لأطروحة الملكية المصلحة، فإن كلاوي يؤسسها اعتمادا على قناعات الكاتب التلقائية والتي يدافع عنها انطلاقا من تأويله لنصوص الخطب وللمشاريع الإصلاحية. لكن هذه المشاريع ليست متساوية في قوة توجهاتها الإصلاحية كسياسات.
فإذا كان إصلاح قانون الأسرة والمسألة الأمازيغية حققا نتائج ملموسة، فإن منجزات مشاريع أخرى تبدو متواضعة، كتلك المتعلقة بالمفهوم الجديد للسلطة، أو ديوان المظالم، أو مشاكل القضاء بصفة أعم. ويمكن تبرير هذا التعثر بعوامل ظرفية كبطء الإدارة أو نقص المؤهلات البشرية أو بتراتبية الأولويات، لكن مع ذلك، تبقى هذه العوامل غير كافية لتقديم تفسير منطقي مقنع للأساس الذي ترتكز عليها أطروحته، قناعة الكاتب الشخصية بالتوجه الإصلاحي للملك. هنا تكمن نقطة الضعف في أطروحة كلاوي، افتقادها إلى مرجعيات فكرية تأطر تحليل موضوع الإصلاح، وتساهم في المعرفة النظرية للتحول السياسي الذي يعرفه المغرب.
الحصيلة هي أن المرجعين يضعان الفكر السياسي المغربي أمام تحديات منهجية ونظرية جديدة تتلخص في استمرار هيمنة أطروحة الاستبداد كمرجع نظري قوي سائد في تحليل السياسة المغربية في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية تغييرات لا يمكن إنكارها ميدانيا من جهة، ثم من جهة ثانية، تراكم الإصلاحات التي تفتقر إلى مرجع نظري يؤطر فهمها.
1-للتذكير فنص الفصل التاسع عشر من الدستور المغربي الحالي هو ما يلي: ” الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحق.”
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه :: تعاليق


شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز 

واصل تالقك معنا في المنتدى 
 

التغيير السياسي في المغرب بين أطروحتي الإصلاح والتمويه

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: