حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 ضحايا السياسة في بلاد لا سياسة فيها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساحة الحرية
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
ساحة الحرية


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 902
معدل التفوق : 6211
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 11/12/2011

ضحايا السياسة في بلاد لا سياسة فيها  Empty
27032017
مُساهمةضحايا السياسة في بلاد لا سياسة فيها

اعتقال وتعذيب، نفي أو منع من السفر وإقامة شبه جبريّة، تكميم للأفواه؛ 
هذا ما كان يختصر واقع الحال في المنطقة العربيّة برمّتها حتّى أشهر قليلة 
خلت؛ الآن لم يعد بوسعنا التعميم. يحقّ لنا أن نتفاءل قليلاً، بل يجب علينا
أن نتفاءل بعد عقود طويلة من صناعة الخوف واليأس. يحقّ لنا أن نتفاءل إذ 
اغتنى قاموسنا بعبارات جديدة مثل: الشعب يريد إسقاط النظام، Game over، Yes
we can، ومع أنّ العبارة الأخيرة مأخوذة من حملة أوباما للرئاسة 
الأمريكيّة إلا أنّها الآن، وهنا، مثقلة بقدر أكبر من التحدّي، وقبل التحدي
سيكون اكتشافاً مفعماً بالفرح والزهوّ أن نثق بقدراتنا بعد نسيانها لفترة 
طويلة. العبرة الأكبر ليست في إسقاط النظام؛ العبرة هي في "الشعب يريد..".

قبل مدّة من ظهور بشائر الانتفاضات العربيّة نشرتُ مقالاً بعنوان "بعد أن 
انقضى نصف العمر الذي لم أعشه"، وتتويجاً للمرارة التي تخللته فقد انتهى 
النصّ إلى أن فرصتي الوحيدة هي أن أستيقظ من النوم، وأكتشف أن العيش هنا 
كان مجرّد كابوس ثقيل لشخص يحيا في مكان آخر. أحسب أن الكثيرين ممّن أشبههم
قد عاشوا حياتهم كلّها، أو الشطر الأكبر منها، على هذا النحو: يتفتّح وعي 
المرء منّا على قائد أوحد هو بمثابة الإله، أو يفوقه؛ هذا القائد/الإله 
يحتكر كلّ المزايا بعد أن احتكر كلّ الأشياء، بما فيها البشر الذين باتوا 
من متاعه الخاصّ يفعل بهم ما يشاء. الأمل الوحيد المتبقّي للخلاص هو الخلاص
البيولوجيّ، فمع هذا النوع من القادة لم يكن من أمل سوى موتهم كهديّة من 
القدر، هذا قبل أن تسعفهم "البيولوجيا السياسيّة" بأبنائهم.

لا بأس في أن أستعير من ميلان كونديرا؛ لقد كان الأمر هكذا، ولزمن طويل: 
"الحياة هي في مكان آخر". فقدت غالبيّتنا خيار العيش هنا فارتحلت، إن لم 
يكن جسديّاً فوجدانيّاً، والبعض ارتحل في الزمن فعاد قروناً طويلة إلى 
الوراء؛ الآن ربّما بات بوسعنا اختبار الحياة في أمكنتنا وفي راهننا. 
الغالبيّة الساحقة من أفراد مجتمعاتنا لم تجرّب خياراً آخر سوى العيش تحت 
ظلّ سيادته أو جلالته، لم يكن هناك احتمال آخر ممكن، حتّى أنّ التفكير في 
البديل بدا دائماً على أنّه ضرب من الجنون لا يتجرّأ عليه سوى القلائل 
المأسوف عليهم. هكذا، وفي زمن لم نودّعه بعد، تعدّ أبسط الحقوق الإنسانيّة 
أحلاماً مؤجّلة، لأنّ ما يُحجب لا يقتصر على الحقوق السياسيّة؛ ما يُحجب هو
الحقّ البسيط في الحياة، الحقّ الإنساني لأناس لم يُعترف لهم حتّى 
بإنسانيّتهم.

يحلم السجناء أحلاماً متشابهة ونمطيّة، ونكاد نحن أيضاً أن نحلم بالأشياء 
ذاتها؛ عقود طويلة وأجيال مرّت لتحلم الحلم نفسه، وبتفاصيله التي لم تتطور 
قيد أنملة. لم تصل أحلامنا إلى أبعد من القليل من الحريّة والكرامة، كان من
الترف دائماً أن نشطح بأحلامنا إلى أبعد ذلك، ولطالما بقي الحلم في إطار 
العموميّة وأيّ غوص في تفاصيله قد يكون مثاراً للسخرية. لم ندخل السياسة 
حتّى في أحلامنا، لم نفكّر فيها على أنّها إدارة للصراع أو إدارة للعيش؛ 
اقتصر تفكيرنا فيها فقط على الحدّ الذي يُعنى بشبهة الوطن والمواطَنة.

للشاعر التشيكيّ المعروف "فلاديمير هولان" عبارة يقول فيها: "إنّه الزمن 
الذي لا تستطيع فيه أن تحبّ يأسك لأنّه يأس الآخرين أيضاً". لعلّ هذه 
العبارة تختصر انمحاء ذواتنا، لا في الآخرين وحسب وإنّما تلاشيها في فكرة 
اليأس والبؤس ذاته، ولأنّ السياسة هي فنّ الاختلاف فقد عملت الأنظمة 
الأمنيّة على محو الاختلافات بيننا. أكثر من أيّ شيء آخر؛ وحّدتنا أجهزة 
المخابرات، وحّدتنا في البؤس دون أن نتّحد حقّاً، بل وحّدتنا وأجادت في 
الوقت نفسه زرع النفور والشكّ فيما بيننا لأنّنا فقدنا القدرة على حبّ 
ذواتنا، ولأنّ ثقتنا بذواتنا انحدرت إلى حدّ اليأس المطلق. فقدنا إحساسنا 
بذواتنا وبفردانيّتنا، لأنّه لا فردانيّة بلا حرّيّة، ولا حرّيّة بلا فضاء 
عامّ تُمارس فيه؛ توقّفت طموحاتنا عند عتبة التحرّر دون الحرّيّة.

لم نكن يائسين بحكم الظروف، كنّا يائسين من أشباهنا؛ نرى فيهم مرآتنا 
المخزية فنشيح بوجوهنا ونحمّلهم وزر خنوعنا جميعاً. على نحو ما كانت 
فرديّتنا تتماهى مع الحاكم الفرد، فلا نرى في الآخر شريكاً محتملاً، لم 
نؤمن بالشعب بل تعزّزت لدينا فكرة الجماهير، وما كانت الجماهير المسكينة 
تنجو من سكّين الجلاد إلا لتدخل مختبرات نخب تبتغي شعباً على مقاسها. لم 
نُسأَل عمّا نريد، ولم نُمنح الفرصة لنفكّر فيما نريد حقّاً، كانت اليافطات
جاهزة لتقول لنا ما ينبغي علينا فعله، وعلينا أن نقتنع بأنّ الشعارات لم 
تخذلنا، بل نحن الذين لم نرْقَ إلى مستوى الشعار. لم يُتح لنا أن نختبر 
الأفكار أو أنّ نضعها تحت المساءلة، صارت الأفكار هي اختبارنا الذي نفشل 
فيه، مع اليقين الدائم بأنّها ليست سوى غطاء مخاتل للواقع. واقع مزر تُرفع 
فوقه شعارات مكابرة، طوال الوقت كان الشرخ يتّسع بين الاثنين، وكان الشرخ 
يتّسع فينا فذاتٌ مسحوقة من جهة ومتورّمة من جهة أخرى؛ ذات غير متحقّقة لا 
بالقوّة ولا بالفعل، هي أيضاً أشبه بفكرة غائمة أو غائبة على الأرجح.

قد تكون هي اللحظة التاريخيّة التي تُقتنص فيها الذات، فإمّا الآن أو قد 
لا تتكرّر الفرصة، هذا ما بات لسان حال الشعوب، لم يعد ثمّة مجال للحلول 
الوسط، أو بمعنى آخر ليس هناك فرصة للسياسة، لا لأنّ الذين الحكّام الذين 
اضطرّوا إلى استخدام أدوات السياسة، تحت ضغط الشارع، قد فقدوا مصداقيّتهم 
وحسب بل لأنّ هؤلاء الحكّام أنفسهم قد حجبوا السياسة عن المجتمع لزمن طويل.
لا مكان الآن للتسويات التي ترجع إلى حقل السياسة لأنّ الاستبداد مناف 
بطبيعته لها، ولأنّ منطق الفرصة الواحدة هو الذي يحكم؛ لا ثقة عميقة لدينا 
بأنفسنا بعد، ونخشى إن أفلتت هذه اللحظة من أيدينا أن نعود إلى ما كنّا 
عليه من قبل.

ما يزال الوقت مبكراً على الخوض في السياسة بمعناها الواسع، قد يأتي ذلك 
فيما بعد وهذا يتطلّب تدريباً للذات على مهارات جديدة لا استنفاراً مؤقّتاً
لها، فالانتقال إلى موقع المشارك، بدلاً من موقع الضحيّة، يحتّم التخلّص 
من الإرث الثقيل للجلاد والضحيّة معاً. ربّما نكون، لأوّل مرّة، على عتبة 
السياسة، وقد يكون بوسعنا اختبار ما تعنيه دون أن نحسّ بالإرهاب أو 
بالتقزّز؛ نحن الذين اعتدنا على كوننا ضحايا السياسة دون ممارستها حقّاً!. 
لقد دُفع ثمن باهظ من أجل هذا، أُهدرت حيوات ودماء، وحتّى لحظة كتابة هذه 
السطور لم يتوقّف القتلة عن جعل الحلم البسيط غالياً.

نعم، على المستوى العامّ للمنطقة، تبدو اللوحة أكثر إشراقاً من ذي قبل، 
لكن عذراً إن لم أبالغ في التفاؤل، مبرري في ذلك أن الصورة ليست زاهية في 
كلّ مكان، على الأقل ليست زاهية الآن وهنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ضحايا السياسة في بلاد لا سياسة فيها :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ضحايا السياسة في بلاد لا سياسة فيها

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» سيكولوجيا السياسة ( علم النفس السياسي ) سيكولوجيا السياسة- عبد الكريم ناصيف- جريدة الاسبوع الادبي
»  رحلة إليسار المقلوبة: من قرطاج إلى بلاد الفينيق رحلة إليسار المقلوبة: من قرطاج إلى بلاد الفينيق
»  الصفحة الرئيسية > مقالات > سياسة الهيمنة من خلال مشهد عرس وحجاب طفلة سياسة الهيمنة من خلال مشهد عرس وحجاب طفلة بقلم: باسط بن حسن
» هنم في بلاد مابين النهرين
» قصة اليس في بلاد العجائب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: