حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 قراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
متاحة
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
متاحة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 330
معدل التفوق : 924
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 27/02/2012

قراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي Empty
22012014
مُساهمةقراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي



قراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي Arton12784-79561
“إن الفردوس حياة إذا كنت خارجا منه، ولكنه موت حين يتعين عليك أن تعود إليه.” أوليرخ سونمان


تمهيد

“حفريات في الخطاب الخلدوني” هو من الكتب النقدية الإبداعية التي تخيب أمل القارئ التقليدي بخرق مألوف أفق انتظاره، كما تزحزح وتخلخل سجله الفكري الثقافي الاجتماعي التاريخي الذي يؤسس منطق وأدوات و آليات قراءته. وهو بذلك – الكتاب – يؤسس السؤال النقدي في الفكر العربي المعاصر، بشكل فلسفي معرفي علمي ابستمولوجي على نية القطع المعرفي النقدي مع التراث، ومع الدراسات الحديثة “العلمية و النقدية” المتماهية مع المنطق الابستمولوجي للنص التراثي بأقنعة مفاهيم الفكر العلمي الفلسفي النقدي الحديث، بعد أن قامت ببتر تلك المفاهيم عن سياقها الاجتماعي التاريخي، والتنكر للتمثل الأصيل لخلفياتها الفلسفية والعلمية والمعرفية والنقدية والإيديولوجية. وهي بذلك الفعل تعاملت مع الفكر النقدي، والمنهجيات العلمية الحديثة بعقلية المهرب الأقرب إلى “الهجرة غير الشرعية” لقوارب الموت. والموت هنا يتعلق بسحر التكنولوجيا والمفاهيم الحديثة مع هدر أسسها الفكرية والعلمية والابستمولوجية التي أنتجتها. إنها قامت باغتيال العقل في خوض تجربة الإبداع في تأسيس وبناء و تجذير السؤال النقدي الحديث والحداثي في الفكر والواقع العربيين. والخطير في الأمر أن تحولت تلك الدراسات الحديثة التي تناولت ابن خلدون إلى نوع من السياج العلمي ل“حقائق” ابن خلدون في العمران والتاريخ التي سيجها دينيا هو نفسه، برفعها إلى مسلمات متعالية ومقدسة. إننا بهذا الكتاب للأستاذة ناجية الوريمي بوعجيلة أمام عوائق ابستمولوجية تتجاوز الحذر المنهجي والنقدي تجاه الكلام الشائع والمعرفة المباشرة التي ينتجها الحس المشترك. فهي “معرفية علمية نقدية عقلانية” تتلبس الجثة الابستمولوجية الفقهية، دون أن تدري أنها تكرر بشكل مأساوي إعادة إنتاج مقاربة تخلف العقلي الفقهي للواقع الحي في سياقنا الاجتماعي التاريخي الثقافي الحديث والمعاصر. فكيف استطاعت المؤلفة فض هذا الاشتباك الأشبه بالتلبيس بين الدراسات الحديثة لفكر ابن خلدون وبين كتاباته في العمران والتاريخ، من خلال تفكيك وتقويض الأسس الابستمولوجية الفقهية السلفية السنية الأشعرية للفكر الخلدوني؟ وهي بذلك أسست الأرضية النقدية لتجاوز القطيعة المتآكلة التي كرستها تلك الدراسات الحديثة. 


أولا : قزم فقه اللاهوت يحرك دمية وهم الحداثة العربية

يدرك القارئ من الصفحة الأولى لتقديم الكتاب أنه أمام كتاب جديد ومختلف. جديد لأنه ينقد وينقض القديم، أي النص الخلدوني، و القديم المستحدث بقناع الفكر النقدي الحداثي، ومختلف لأنه ينهض على المسافة النقدية للاختلاف في الفهم والقراءة والتأويل. “شرط النقد أن يكون بين الفكر المنقود والفكر الناقد اختلاف. وشرطه أن يمتلك الفكر الناقد أدوات نقده. والنقد إنتاج لمعرفة هذا الاختلاف الذي هو, بين الفكرين, حد معرفي فاصل بينهما إذا اختفى, انتفى النقد”.(1) ويبتعد عن الإسقاط و التماهي والهروب في متخيل المجد والسبق الريادي، كآليات دفاعية تبريرية مرضية إزاء مواجهة الصدمة المباغتة والتحدي الحضاري التاريخي الغربي، المهدد والمكتسح بعنف رمزي ومادي لهشاشة وترهل الهوية الفكرية والثقافية، والانتماء الحضاري العربي الإسلامي. الكتاب يعلن عن نفسه بوضوح لا يقبل الالتباس ابتداء من عتبته/ العنوان التي تعد بمشروع دراسة تحليلية نقدية وتفكيكية لأعمال ابن خلدون التي “ملأت الدنيا وشغلت الناس”.(2) وتكشف قناع التاريخ لعلم العمران الذي نسجه بذكاء قزم اللاهوت(3)، كفقيه سلفي اشعري، انتقاما من حركة التاريخ التي خذلته وخيبت طموحاته السياسية بسلسلة من الهزائم والانهيارات، فتمثلت له أزمة الذات وسلطة نظام الحكم المأزوم كارثة مخيفة ومرعبة إلى حد اليأس من الصيرورة التاريخية لتطور حركة الواقع المجتمعي. وفي ظل هذه الظروف والشروط انتقم لنفسه ضد التاريخ بفعل دينامية نفسية، سببها قلق الغربة والهجر الوجودي، كانفصال نفسي واجتماعي سياسي بين جدل الوعي والواقع، والرغبة الذاتية والقانون التاريخي، أي لفظه واقعه فانكفأ على نفسه بالارتماء في أحضان متخيل الماضي السلفي. “إن هذا الوعي المتأزم سيهرع إلى ماض يتصوره مثاليا ويحتمي به باحثا فيه عن مقومات هويته المهددة. فيسقط دون أن يشعر في عملية إنشاء لماض متخيل ويقدم الصورة المكونة عنه باعتبارها صورته الكائنة.”(4)متجاوزا بشكل سلبي الكتابة الملوكية، كما هي مدونة في الآداب السلطانية، والفلسفة السياسية المدنية لطوباوية المدينة الفاضلة، كما طرحتها الفلسفة الإسلامية. هكذا توهم الحل في العودة إلى السلف الصالح، لغرض في نفس الفقيه السياسي وهو الاقتراب ما أمكنه لما يعتقده علاقة الترابط والتمفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، أي التنظير لنموذجية الحكم الديني، المؤسس على فقه الشرع، و المسيج إلهيا من زاوية ملك العصبية، القائم على الغلبة والقهر الاستبدادي للمحكومين.

لم يكن العقل الفقهي الأشعري بحكم آلياته المعرفية قادرا على قراءة الواقع الاجتماعي التاريخي، لأنه محدود بكيفية فهمه ومعرفته وتأويله حقيقة مقدس النص، والمخيال الاجتماعي الديني، بمعنى أن الأزمة دفعته إلى البحث عن أمال الخلاص كما هي مخزنة في متخيل اللاهوت، كماضي ديني سلفي. وبناء على وهم الخلاص الديني الذي فجرته الأزمة في أعماقه، كحنين ديني منقذ من هول الكارثة التاريخية التي تمثلت له في الصيرورة التاريخية التي لا ترحم، أخذ بتحيز مذهبي ينتج القيم والمعاني والأفكار، كحقائق متعالية فوق تاريخية تخضع لإرادة الله، كما في حديثه عن السلطة والملك والخلافة “فالله هو الذي يقدر أن يكون في هذا الطرف ثم ذاك بناء على توفير الأسباب الموجبة له وهي العصبية وحميد الأخلاق ...فالملك( أمر من الله يخص به من يشاء من عباده ). وتتكرر في خطابه عبارات ( ما وهبه الله لهم)و (خيرساقه الله إليهم )”(5). وهو في ذلك يكرر أبو حامد الغزالي في كتابه “فضائح الباطنية” ( وانصراف قلوب الخلائق إلى شخص واحد أو شخصين أو ثلاثة على ما تقتضيه الحال في كل عصر ليس أمرا اختياريا يتوصل إليه بالحيلة البشرية، بل هو رزق الهي يؤتيه الله من يشاء...ولما نسبونا إلى أننا ننصب الإمام بشهوتنا واختيارنا ونقموا ذلك منا كشفنا لهم بالآخرة أنا لسنا نقدم إلا من قدمه الله، فإن الإمامة عندنا تنعقد بالشوكة والشوكة تقوم بالمبايعة والمبايعة لا تحصل إلا بصرف الله تعالى القلوب قهرا إلى الطاعة والموالاة وهذا لا يقدر عليه البشر).(6)

 الأستاذة ناجية الوريمي تمارس حرقة السؤال، بطريقة تفكيك البديهيات وتفتيتها من الداخل، فهي لا تقبل بالمسلمات والمعرفة الجاهزة للكتابات الحداثية “العلمية” التي قتلت أعمال الفقيه الأشعري بحثا، بل هي – الكتابات- بعد قراءتنا للكتاب ليست أكثر من وعي عام عفوي تلقائي، والباحث السوسيولوجي حسب تعبير بيير بورديو هو الذي يتجاوز مثل هذا الوعي العفوي الجاهز نحو بناء الموضوع المعرفة. “إن عالم الاجتماع لا يتخلص أبدا من الفكر الاجتماعي العفوي، ولا بد له تبعا لذلك من أن يقيم جدلا، لا هوادة فيه ضد البديهيات المضللة التي تؤمن بسهولة وهم المعرفة المباشرة والخصبة في آن معا.”(7) لذلك استطاعت المؤلفة “بحسها النقدي المرهف وثقافتها المتينة أن تبدد هذا الوهم لا من باب خالف تعرف، بل على أساس قراءة حصيفة”(8) إلى درجة تورط القارئ في حرقة الأسئلة، خاصة، إذا كان مطلعا على مجموعة من الأعمال لرجال أكفاء قالوا الشيء الكثير عن ابن خلدون، بلغة ايجابية لا تخلو من الفخر والاعتداد بأنوار التراث العريق المشرق الأصيل. ونستغرب كيف استطاع قزم فقه اللاهوت أن يخفي وجهه السلفي الأشعري السني، وهو يحرك دمية وهم الحداثة العربية لصناعة التاريخ الحديث والمعاصر للبلدان العربية الإسلامية؟ وكيف انطلت الحيلة على مفكرين لهم قيمتهم الفكرية والعلمية، و هم أساتذتنا بفخر واعتزاز؟ “والجدير بالملاحظة أن هذه الدراسات تمثل – منذ عصر النهضة إلى اليوم – الاتجاه الغالب على قراءة النص الخلدوني، وهو ما سميناه الاتجاه الحداثوي. إنه يتعامل مع مقومات الحداثة من منطلقات إيديولوجية تهيمن عليها صبغة البحث التبريري عن الأصالة العربية للنهضة، والتحديث دون الاهتمام بالقدرة الدلالية الفعلية لهذا النص على إنتاج معرفة عقلية تناهض الثبات القاتل وتشرع أبواب التجديد”.(9)

حرقة السؤال الصعبة تشعل نيرانها قراءة كتاب الأستاذة ناجية، فأضطر لإعادة القراءة وتوسيع الرؤية بمراجعة النظر في طريقة النظر، و أنا أستحضر تلك المعرفة التي حصلتها بطريقة أبوية امتثالية، حيث كنت أعتقد في علميتها. وغالبا ما كنت أعود إلى بعضها، و إلى أعمال ابن خلدون، لأعيد قراءتها على ضوء ما تطرحه المؤلفة، مع التدقيق فيما إذا تجنبت خطأ الإثبات النصي في حق ابن خلدون. ولم أغفل أن أعيد أيضا قراءة أعمال أخرى لم تذكر الأستاذة أسماء المفكرين الذين أنجزوها، وقد توقفت طويلا عند كتاب مهدي عامل “في علمية الفكر الخلدوني” لأن شهيد الفكر الحر النقدي الجدلي هذا، لم يكن ليتساهل مع الأصول السلفية لقزم فقه اللاهوت وهو يحنط التاريخ في المذهب الأشعري السني » .أول فعل للنقد إسقاط الحصانة عن النص. ليس من نص مقدّس, ولتكن اللعبة مكشوفة. لكن النص يراوغ, والنقد يراوغ حتى يضع النقد النص في موقعه. (10)« لكن للأسف، النص هو الذي حرف اشتغال آليات النقد، وقاد الفقيه، بواسطة آليات معرفية أنتجها العقل الفقهي، “وهي آليات ومعان تكون جملة الأصول السلفية المنافية للتحديث”(11)، الفيلسوف في دروب ومنعرجات حقائق النص الخلدوني المقدس، كحقيقة متفردة. هكذا مارس قزم اللاهوت خبثه في تحريك حجر الشطرنج، وجعلها تعمل من حيث لا تدري على “تشريع إعادة إنتاج حقائق كرسها الخطاب الخلدوني”.(12)

تتسع القراءة وتتعمق حرقة أسئلتها حول كيف غلط ابن خلدون مجموعة من مفكرينا على اختلاف مرجعياتهم الفكرية والابستمولوجية والفلسفية والإيديولوجية. وإذا كان كتاب “حفريات في الخطاب الخلدوني” معمقا للسؤال النقدي عند بعض القراء، ومحررا للعقل من سطوة فقه اللاهوت الذي يكرس امتداد هيمنة العقل المستقيل، من خلال الأصول السلفية لوهم الحداثة، أي مركزية العقل الفقهي وهامشية العقل النقدي التاريخي، فإن الكتاب بالنسبة لقراء العقل المستقيل بمثابة ليلة الفلق التي كشفت لهم عن كنز مفقود، أو “صيد ثمين” وهم في أمس الحاجة إليه لتبرير توظيف المقدس في الصراع الاجتماعي السياسي التاريخي. أستحضر في هذا السياق العشرات من الكتب والابحاث والدراسات التي تناولت أعمال ابن خلدون. والمؤلفة تسرد بعض الأسماء على سبيل الذكر مثل محمد عابد الجابري، علي أومليل، عبد الله العروي، عبد السلام شدادي، ناصيف نصار ...التي قتلت أعمال الرجل بحثا ودراسة إلى درجة صار من المجازفة أن يفكر أي باحث في تناول أعمال ابن خلدون. “إن مقدمة ابن خلدون قد قتلت بحثا ودرسا، فكم من أطروحة قدمت في هذا الموضوع في الجامعات العربية وغير العربية. وكم من كتاب ظهر هنا وهناك ليقدم للقارئ العربي وغير العربي فلسفة ابن خلدون الاجتماعية والتاريخية، علاوة على العديد من المقالات والأبحاث التي تظهر بين حين وأخر في المجلات المختصة ..إلى درجة أن الباحث اليوم قد لا يتمكن مهما أوتي من صبر وأناة وواسع اطلاع من استقصاء كل ما كتب ونشر حول ابن خلدون، بل أن يقدم في الموضوع جديدا”(13)

. وبناء على هذه “الحقيقة العلمية” التي ليست أكثر من “سلطة الفقه لا على سائر المجالات التي تهم المجتمع فحسب، بل على كل عملية فكرية تروم إنتاج معنى جديد”(14). وهي حقيقة تكرست و ترسخت وسادت وفق منطق إستراتيجية الكتابة الخلدونية، في صياغة الثوابت المذهبية الفقهية بخلفيتها السنية الأشعرية، في شكل قوانين صراطية، تمثل الحق والصحة التي لا تقبل جدل الاختلاف، كنتيجة نهائية اطلاقية يصعب جدا في ظل هيمنتها تقبل كتاب جديد ومختلف حول ابن خلدون. وهذا المعطى “العلمي” الذي حاول قتل ابن خلدون بحثا يقف عائقا مركبا ومعقدا في وجه أي مخاطرة تحليلية نقدية، لأعمال الرجل الذي غلط الجميع ومن مختلف المشارب الفكرية، الثقافية، السياسية والإيديولوجية، التي توسمت فيه الحداثة والعقلانية، و السبق الريادي في التأسيس للعلوم الإنسانية والاجتماعية الحديثة. فكان بذلك شبيها بقزم فالتر بنيامين قزم اللاهوت الذي يحرك دمية المادية التاريخية من تحت الطاولة. وقد قال عنه هابرماس “لا يمكن تغطية المادية التاريخية التي تترسخ بخطوات تدريجية صاعدة عن طريق تصور للتاريخ معاد للثورة. تصور للتاريخ أشبه بقلنسوة أحد الرهبان. إن الرأي الذي أسوقه هو أن بنيامين لم ينجح في مسعاه الهادف إلى الجمع بين التنوير والصوفية، لأن اللاهوتي في أعماقه لم يتمكن من توظيف نظرية التجربة المهدوية في خدمة المادية التاريخية”(15). إلا أن صاحبنا قزم فقه اللاهوت السلفي السني استطاع أن يحرك من تحت طاولة عماء المقاربات الإيديولوجية دمية الحداثة العربية، فاستطاع بتعبير د نصر حامد أبو زيد كمركز أن يحتوي الهامش، كما فعل الغزالي مع ابن رشد. فقد يبدو واضحا إلى حد كبير أن القزم هنا استخدم دمية الحداثة العربية لإخفاء وجهه القبيح، كفقيه سني اشعري معاد للعقل والعقلانية والفلسفة والتاريخ، ومناصرا للسلفية الماضوية، وللقهر والتسلط والاستبداد ضد الضحايا والمحكومين. 

ثانيا : ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي
مرة أخرى نجد أنفسنا إزاء الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الوقوف على سر “رؤية الحق”(16). والأمر يتعلق هنا بمعرفة هل ابن خلدون فعلا ملاك التاريخ، كما تصوره أغلب المفكرين الذين أشارت إليهم المؤلفة، وغيرهم كثير ممن انطلت عليهم حيلة المكر الإيديولوجي التي مارسها بحنكة العقل الفقهي في التشويه والتبرير والإدماج، حسب تحديد بول ريكور للإيديولوجية. فابن خلدون قام بطمس التاريخ الفعلي للاجتماع الإنساني، كمحتكر ومالك للمعرفة الصحيحة النهائية النابعة من المقدس، والمسيجة دينيا بعدالة السلف الصالح من الصحابة إلى التابعين و تابعي التابعين، والمزكاة بأحد قوانين تاريخ ابن خلدون في العمران البشري والاجتماع الإنساني وهو الإجماع. فهو يضرب عرض الحائط بكل المعرفة السابقة لدى القارئ، خاصة التي لا توافق ثوابته ومسلماته المذهبية، ولا تنسجم وولاءه السياسي، لهذا يتكلم بعنف رمزي سلطوي، لا يخلو من سطوة النرجسية المفعمة بوهم فعل القدرة الكلية على صياغة الحقائق، مستغلا الخطابة وآلياتها في إنتاج الإخضاع وليس الإقناع. “توجيه الأمر إلى الأخر بفعل معرفي ما أو باعتقاد معين هو بشكل مباشر وغير مباشر إعلان الأهلية المطلقة للتفرد بوظيفة صياغة الحقائق، وإبلاغها إلى الأخر. إنه التفرد الذي حققته المنظومة السنية طيلة تاريخها بثباتها على إقصاء المغاير والزج به في خانات البدعة والضلالة والكفر(17).” و بذلك تمكن من دحر الخصوم والإجهاز على التعدد والاختلاف، فقاد العقل نحو مذبح النص المقدس الذي أنتجه التيار المذهبي الأشعري، “بتهميش معاني الواقع المباشر والتوجه إلى المعاني القابعة في الماضي عند السلف”(18). ممعنا في تخطئة الخصوم وتشويه اختياراتهم الفكرية والسياسية والعقدية الأخلاقية، والحط من مكانتهم ومنزلتهم الاجتماعية واللغوية والعرقية بتبريرات دينية واهية، يمررها تحت غطاء “القانون” التاريخي الاطلاقي الأحادي الأشعري، الذي ليس أكثر من اختيار فكري سياسي ضمن اختيارات مختلفة ومتناقضة. “وكانت الغاية التي تحركه هي ائتلاف الجميع في نفس التوجه في ظل القضاء على النشاز غير المرغوب فيه والخطر أحيانا”(19). لذلك كان همه الأساسي إعادة إنتاج القيم والأفكار والمعاني التي توجه إستراتيجية الهيمنة، كاختيار فقهي أشعري، خدمة لآلية الإدماج الإيديولوجي. “إن وظيفة الإدماج الإيديولوجي في هوية تاريخية واحدة إنما تقوم على بنية رمزية للذاكرة الجماعية(20)”.

 فالهدف هو خلق ذاكرة جماعية واحدة ووحيدة لأهل الحق، تهيمن فيها أصح عقيدة وأصح مذهب. وأهل الحق في مشروعه هم أهل السنة وبشكل أدق الأشعرية. “قد تبين لك الفرق بين مذاهب السلف والمتكلمين السنية والمحدثين والمبتدعة من المعتزلة والمجسمة بما أطلعناك عليه”(21).

هكذا يستنجد بذاكرة الماضي المتخيل، وبالتاريخ الأسطوري المؤسس للأمة، متمثلا بالفترة الذهبية للدين الحق، الذي يرمز إلى الوحدة في وجه أهل الكفر، من العقائد الأخرى و أهل البدع والأهواء من العقيدة نفسها. إنها ذاكرة أسطورية ترى فيها الأمة انسجامها وتناغمها، كوجود طبيعي خال من التناقضات، وكاره للفرقة والاختلاف. “إن القراءة الإيديولوجية تكون دوما داخل تاريخ الحقيقة، وبالضبط داخل تاريخ الصراع حول الحقيقة. لهذا فهي تنحو في نهاية الأمر نحو إستراتيجية بناءة. والنقد الإيديولوجي لابد وأن يبرز في تاريخ الأفكار كل ما يخدم قضيته ويدعم المعاني والقيم التي يدافع عنها. لذا فهو يسعى نحو البناء وقتل التناقضات وإيقاف عمل السلب بإيقاف التاريخ الفعلي. ولقد سبق لماركس أن بين أن آلية الفكر الإيديولوجي تؤول في النهاية إلى إلغاء التاريخ الفعلي.”(22)

 أم أن ابن خلدون ليس أكثر من فقيه اللاهوت السياسي الذي أنتج معرفة معادية للعقل، وللعلوم العقلية المنطقية و الفلسفية، ومؤيدة للغلبة والقهر الاستبدادي، والممتطية لبراق الفقه السني الأشعري الذي يقفز إلى الماضي، حيث يكمن الحل، كما يقال اليوم “الإسلام هو الحل”، بدلالة خصوصية على الاتجاه السني المضمر في تعميم المفهوم والقانون، أي إلى جب الأصول السلفية. وهو يستند في ذلك على ارث الغزالي في حربه المسعورة ضد الاختيارات الفكرية السياسية والفلسفية التي تتبنى السياسة العقلية والمعرفة العقلية كالقدرية والمعتزلة. وضد هذا التاريخ المعادي أصلا للتاريخ، و الذي يتحجب وراء مسلمات “القوانين التاريخية” للاختيار المذهبي، العرقي، الفقهي الأشعري، كقوانين للعادة الطبيعية الخاضعة في سببيتها لمشيئة الحكمة الإلهية التي لا دخل للفعالية البشرية فيها حرية و إرادة واختيارا ومسؤولية، قلت ضد هذا التاريخ كتبت المؤلفة كتابها قصد “إبراز الإشكالات وتوليد الفوارق وإنتاج الزمان على حد تعبير دولوز. لن تكون آليات هذا التاريخ المضاد بطبيعة الحال آلية بناءة. إنها بالضرورة آلية مقوضة مفككة لا تسعى نحو التوحيد والضم ولا تروم بناء المذاهب والمدارس والتيارات والتصورات عن العالم، وإنما إحياء السلب وإبراز ما يمكن أن ينخر الوحدات القائمة”.(23)

هكذا استطاعت المؤلفة أن تسقط أقنعة فقيه اللاهوت الذي جذر العقل والتاريخ في المقدس، حتى سما وعلا بمقدمته متجاوزا تاريخيته، فأثبت ابن خلدون بسخرية لم يتوقعها على أنه قادر على المراوغة، إلى درجة رأى فيه الدارسون أهل الفكر العلمي النقدي أنه أهل لإتيان الخوارق في وجه تحدي الحداثة الغربية، فشبه لهم فقيه اللاهوت بملاك التاريخ الحامل لوهم الحداثة العربية. إن ما هو قابع في “رؤية الحق” لا يمت للحق بصلة، كتعدد فكري واختلاف عقلاني نقدي، بل هو استبداد سياسي بقناع عصبي مذهبي ديني، و نكران لحق المجتمعات في النظر العقلي للانتظام في التاريخ، والتعبير الحر الإرادي، و التعدد والاختلاف، وفي الوجود والصيرورة، كما لا يتعلق عمران ابن خلدون وتاريخه بتمرحل التاريخ، بقدر ما يتعلق بتمذهب سياسي للتاريخ أحكمت صنعة لا عقلانية رغبة جنونه المعرفي السلطوي آليات و منطق معاني وأفكار الدرس الفقهي. لقد “رفع المسلمات السنية من مجرد” وجهة نظر“إلى مرتبة القانون وسلطته”(24)

ثالثا : علم التاريخ النبوي
المسلم مسكون بهاجس الزعامة، أو سطوة الكاريزمية، فهو بشكل أو بأخر مسكون بأسطورة النبوة، حيث يعتبر نفسه صاحب أصح عقيدة وملة وناسخ لكل الملل والعقائد، والأمر لا يقتصر على الخارج، بل حتى بين المذاهب داخل الدائرة الإسلامية نفسها وفق منطق الفرقة الناجية وما عداها بدع وأهواء وكفر. وهذه الظاهرة النفسية الثقافية الاجتماعية الدينية تجد جذور تشكلها الابستمولوجي في تاريخية النص الديني المقدس، لذلك ليس غريبا عند ابن خلدون أن يتلبس الطموح الدنيوي السياسي وجه المقدس في قضاء الأهداف والمصالح والمأرب. وفي سياق هذا التاريخ وصيرورته تبلور مفهوم النبوة وأخذ أسماء مختلفة كالخليفة والصحابي والأمير والإمام والملك والولي والقطب والعالم في أصول الدين والفقه... فكل واحد من هؤلاء يعتبر نفسه صاحب رسالة دينية - ليست الرسالة التي ورثها، بل التي أسستها هوامات متخيله الديني- يسعى بكل ما أوتي من ذكاء وجاه وثروة وقوة وعصبية ومعرفة... إلى ختم سلطة القول والمعرفة والحكم في مجاله، لذلك ابتدع مفهوم المصلح القرني لتبرير مشروعية وجود ظاهرة التقنين والتسييج النهائي، مع ما يعني ذلك من الغلبة والتسلط والإقصاء والتهميش إلى درجة الإبادة والاندثار للتعدد والتنوع والاختلاف، وسيادة الجواب البشري بقناع المقدس الصحيح العمودي، و الأحادي الوحيد بشكل مطلق في كل مجالات الحياة. فبعد وفاة النبي وفي سياق هذه الصيرورة التاريخية لولادة وتكون وتبلور وتطور مفهوم النبوة، فيما صار يعرف بالسنة والتقليد، أي التقمص السياسي وليس الوجداني الايماني لتجربة وخبرة الرسول، بقناع التعالي الديني المعصوم المقدس، والمسيج إلهيا، من خلال خلفاء وأمراء وزعماء سياسيين ومثقفين وفقهاء، ظهرت مجموعة من المشاريع ذات القناع النبوي كإستراتيجية للهيمنة والتسلط السياسي الاجتماعي، والفكري الثقافي، فقامت تلك المشاريع بخوض حرب مادية ورمزية، ثقافية و معرفية، سياسية و اجتماعية، ضد كل ما هو مختلف ومعارض، باعتبار هذا الخصم تعددا واختلافا بدلالة الشرك والكفر والفرقة والفتنة. لذلك يتم وصمه بأبشع الأسماء والنعوت، والقدح بشكل بذيء في حقه في التعبير والنماء والحياة والوجود. لسبب بسيط هو أن الخصوم هم مجرد متطفلين، مولعين بدس الباطل والابتداع والتلفيق، كما فعلوا مع فن التاريخ. (“صار واهيا مختلطا وناظره مربكا وعد من مناحي العامة”. لقد سمح الكثير لأنفسهم بالخوض في هذا المجال، والحال أنه ينبغي أن يكون حكرا على من اعتبرهم علماء الأمة أولئك الذين يمثلون الفكر السني الرسمي الصحيح .“)(25) ومن مثل تلك المشاريع ما أنجزه الشافعي في الفقه والأشعري في أصول الدين وابن خلدون في علم التاريخ.

وفي أفق هذا النمط من التفكير المسكون بهاجس تقمص الحدث والخبرة والتجربة النبوية في مواجهة”الجاهلية“- ومنطق الجاهلية والنبوة هذا نجده في أدبيات الأنبياء الجدد لجاهلية القرن العشرين - بشركها وكفرها، و بفوضاها العقائدية وانحراف وتحريف نصوصها الدينية، واختياراتها الفكرية والسياسية المحشوة بالأخطاء، لجأ ابن خلدون إلى ضرورة التقنين كما لو تعلق الأمر بنسخ أصح وأحق لكل ما كان و ساد قبله من تنوع وتعدد واختلاف في التوجهات والرؤى والاختيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية، رغبة في تأسيس معاني وأفكار وقيم علم التاريخ الحق، المحصن والمسيج بعدالة مطلقة للسلف، والحامل للحقيقة الممكنة الوحيدة الصحيحة. فقد كان واعيا بإستراتيجية الهيمنة التي تقودها ضرورة التقنين.” استوفى علاجه وأنار مشكاته للمستبصرين وأوضح بين العلوم طرقه ومنهاجه وأدار سياجه“(26) وتعلق الأستاذة ناجية على هذا الفعل التقنيني الذي ليس أكثر من تمذهب تسنيني أي جعله سني المذهب” وإدارة السياج منظورا إليها من زاوية الإقصاء الذي عمد إليه في المقدمة، كما في التاريخ وبقية مؤلفاته تؤكد الخلفية التي يصدر عنها في تفكيره وعمله، والتي تتنافى وأهم سمة معرفية للحداثة وهي تجاوز الوثوقية والانفتاح على إمكانات المساءلة والمراجعة للموروث والمتداول من الحقائق.“(27)

بهذا التفكير الصراطي الإقصائي يسد باب الاختلاف حول تنظيم المجتمع في التاريخ، ويثبت بآليات فقهية لها مسحة مقدسة وجهة نظره للتاريخ والإنسان، كحل نهائي لتصوره للصيرورة التاريخية، التي تراءت له كزمن طبيعي دائري، يتناقض طرفاه بين البداوة المقرونة بالمثال الأعلى للعمران البشري والحضارة المقرونة بالفواحش والانحلال والفساد والانحدار الآثم. وبناء على هذه الخلفية الفقهية الأخلاقية يمكن فهم مصطلحاته ومفاهيمه - كالنظر والتحقيق والتعليل وتحديد الأسباب...- التي تعامل معها الدارسون بنوع من الاجتثاث من أسس بنيتها الفكرية المعنوية والدلالية، مع البتر لظرفها التاريخي.” لا يمكن ألا يلتفت متقبل ينظر في خطابه إلى هيمنة البنية الحجاجية الاستدلالية الموجهة وجهة سنية أشعرية واضحة.“(28)

لهذا لم يكن غرضه تثبيت وجهة نظره في التاريخ بنوع من جدل التكامل والاعتراف دخل البنية الفكرية السياسية الثقافية العامة الشاملة لبنية المجتمع، بل كان يسعى إلى الإجهاز على كل ذلك الجدل الفكري الثقافي التاريخي الخصب، و إعدام الثراء المختلف، بفرض و تثبيت التاريخ في وجهة نظر أحادية واحدة ووحيدة ممثلة للأصول التاريخية العمرانية النموذجية التي هي المقياس والمعيار والغربال المقدس لكل الأخبار والحوادث والوقائع. وفي سياق هذه النظرة أنتج مقدمته كبناء نظري لإعادة غربلة التاريخ، وتحويره وتشذيبه من المختلف والمعارض لتصوره وانتمائه العقدي والمذهبي والسياسي والاجتماعي. ولنا في قراءته لسبب نكبة البرامكة اختبار الصحة لما يسميه النظر والتحقيق والتعليل وتحديد الأسباب. ”“لقد رد ابن خلدون هذا السبب بعنف محتكما إلى طبائع الأشياء والتي من أهمها عنده تنزيه السلف من قرابة الرسول خاصة – وإلى حد زمني متأخر – عن ما يعتري الذات البشرية من عوارض البشرية...الخطاب التمجيدي الذي يلحق بني العباس بدائرة السلف المتعالي عن النقد المتمتع بمؤثرات المقدس بتوظيف قانون”البداوة واقترانها بالطهارة وسذاجة الدين في أوله“المنافي ل” عوائد الترف ومراتع الفواحش“وقانون الانتماء القبلي والعرقي الذي سيسميه العصبية لينكر في شان العباسة أن” تلحم نسبها بجعفر بن يحيى وتدنس شرفها العربي بمولى من مواليهم العجم “”. (29) ويعزز هذا بالعدالة المطلقة التي يثبتها للسلف الصالح والصحابة والخلفاء، مما سهل عليه إثبات العدالة للرشيد ولمن جاء بعده من الخلفاء. وهذا جعله يستثني السلف المتعالي عن النقد، كتمثيل للمقدس الخارق للعادة، حسب فهمه للخضوع للأصول التاريخية العمرانية التي حاول إرساء قواعدها. بمعنى أن هناك تلازما بنيويا بين القوة والحقيقة، أي بين العصبية والغلبة والقهر، والحقيقة الدينية كمقدس، هذه الحقيقة التي ليست أكثر من وجهة نظر بشرية توظف المقدس للانفراد بالسلطة السياسية والسلطة الدينية. ولن يتأتى له هذا إلا من خلال تأسيس مسلمة قدسية السلطة وتعاليها، مما يستلزم الطاعة ونبذ الفرقة والاختلاف والفتنة، فقوتها في مرجعيتها التي تتعالى فوق الهنات والعوارض البشرية. وحقيقة القوة أو قدسية السلطة لا تعني إطلاقا الحقيقة، وشتان ما بين الحقيقة وحقيقة السلطة التي تتقنع بالمقدس لتقوية حجتها وشرعيتها التاريخية العمرانية. فابن خلدون ينظر إلى الاستبداد بالسلطة من خلال الاستحواذ كاختيار مذهبي، عقدي، فكري و سياسي اجتماعي، على مرجعية قوانين الحقائق التاريخية العمرانية المراد تثبيتها نصيا، أي قدسيا للتحكم في الواقع البشري “الإيديولوجية ليست مجرد تمثلات ذهنية وأنها تجد تجسيدها المادي في أجهزة الدولة، بل إن لها قدرة على خلق الوقائع”.(30)

هكذا يتحقق الفعل المزدوج، فالسلطة السياسية لا تكون إلا بالعصبية والغلبة والقهر، أي الاستبداد السلطوي المنفرد بالمجد البدوي كمثال أعلى لانتظام المجتمع في التاريخ، وأيضا السلطة العلمية الدينية لا تكون إلا من خلال الغلبة والقهر والتصفية لكل الاختيارات الفكرية والثقافية المختلفة والمعارضة. بهذا التخريج الفقهي يمارس الاستبداد السياسي والفكري الثقافي الديني عملية استغلال المقدس لإخفاء طابعه البشري العمراني في السيطرة والقهر السياسي الاجتماعي. “وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المسلمات التي كرسها العقل الفقهي وترجمت عنها خطابات مختلفة – من بينها الخطاب الخلدوني – قدمت على أنها ذات سلطة مرجعية” نصية“متعالية وحجبت فيها أصداء الاختيارات التاريخية البشرية المبررة بعوامل سلطوية. لقد تكلس فيها” السلطوي“وظل حاضرا في واجهتها” المقدس المتعالي.“ومن هنا اكتسبت قدرتها على التأثير في الواقع وتوجيهه.”(31)

هذا هو منطق مفاهيم الأحوال والطبائع والعادة والخوارق وقواعد السياسة...الذي صدرت عنه مسلمات ابن خلدون “التي أخرجها في قالب قوانين حين جادل المؤرخين فيها وبين أخطاءهم وهي : تقديم السلف الصالح وتنزيهه وما يلزم لمنصب الخلافة من العدالة وما يلزم للسلطة من العصبية فضلا عن النسب الشريف، والاقتران الشرطي بين البداوة والخير إلى غير ذلك مما أسس له في إيضاحه للدواعي التي بعثته على التأليف في التاريخ وتصحيح هذه الأخطاء”الخطرة“التي وقع فيها من سبقه”.(32) ولتأخذ عملية التنقية، والتحوير المذهبي، والإقصاء والإهمال والتصفية لكل ما يرفضه، مسارها الصحيح، صاغ ابن خلدون هذه المسلمات المتجاوزة لمبدأ التعديل والتجريح والمنسجمة مع مبدأ المطابقة للثوابت السنية، وأيضا رغبة في التحايل على ما لا يرضيه عند المؤرخين السنيين الذين يمثلون في نظره الحقيقة الصحيحة الطبيعية المطلقة. وبتصفية ابن خلدون للمختلف الخاضع للنظر العقلي التاريخي، حتى ضمن ما أنتجه أهل السنة القدامى كالطبري، يكون قد وصل بالمنظومة السنية إلى أقصى انغلاقها بناء على قوانين هي أضعف علميا وموضوعيا من أن ترقى إلى علم التاريخ.

رابعا : الذبيح : سبات العقل أم اغتيال العقل
 حاولت الأستاذة ناجية بجهد كبير أن ترتب مادة خصبة من كتابات ابن خلدون تبين فيها مدى العداء العنيف، الصريح والمبطن للعقل الذي يكنه ابن خلدون “العقلاني والحداثي والعلمي والنقدي الديمقراطي” حسب ما أفتى به علماؤنا الكبار في المنهجيات والمقاربات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والانتروبولوجية...

فابن خلدون لا يكتفي بالزج بالعقل في غياهب ودهاليز ما أسماه جورج طرابيشي ب“المعجزة أو سبات العقل في الإسلام”، من خلال تكريسه للتصور اللاعقلاني للخوارق والخرافة في خرق القوانين الطبيعية والاجتماعية، كما “إبرازه لدور القوى غير العقلية في الكشف عن المقدور في نسق حياة الأفراد أو الجماعات وهي المنام أو الرؤيا والكهانة والتنجيم وخوارق الصالحين.”33 بل إن هواماته النبوية كمصلح قرني ورغبته الدفينة في التحكم والسيطرة والاستبداد، انطلاقا من توظيف واستغلال المقدس، نصا وعصرا كمرحلة تاريخية نموذجية متعالية عن الهنات البشرية، ولها قيمة سامية في الفضل والحق و التبجيل والتمجيد، والانفلات من الزمن الاجتماعي التاريخي الإنساني، المحكوم بقانون العادة على حد تعبيره، دفعت به إلى تثبيت بشكل محايث للمقدس مسلماته الفكرية والسياسية المذهبية، وعلى رأسها مسلمة العدالة المطلقة للسلف إلى بداية القرن الثالث الهجري. وانسجاما مع هذا التصور اللاتاريخي المشحون بالأهلية المطلقة لاحتكار الحقيقة المقدسة المسيجة بقوانينه، وبحق التفرد بالمعرفة، قام بعملية ذبح بشعة للعقل والنظر العقلي، حيث اتخذ العقل قربانا “لتسنين” المعرفة و التاريخ والسلطة والبداوة والاستبداد. وتحقيقا لهذا الغرض شن هجوما على كل ما يمت بصلة إلى العقل، مثل علم الكلام و الفلسفة التي تعني عنده الضلال والكفر و المنطق الذي حرم الاشتغال به. فعل هذا كله خوفا من آليات العقل المستقل في إنتاج معرفة نقدية مستقلة متحررة من أية ضغوط خارجة عن مبادئه وقواعده المنهجية النظرية و التحليلية النقدية. لذلك أعلن حرب الإقصاء والتهميش للمختلف والمعارض من الاختيارات الفكرية والسياسية الأخرى، كممثلة للنظر العقلي المستقل بشكل أو بأخر “كانت آلية الدفاع الناجعة التي اعتمدها أهل السنة هي وجوب عزل العقل عن الشرع مدعين أن كل مقولاتهم واقعة في مداره وواجب التسليم بها دون إخضاعها للعقل، وهذا بالضبط ما فعله ابن خلدون في إقصائه للعقل من دائرة الشرعيات”.(34) والسر في ذلك ليس خوفا على الشرع الذي احتضن، إلى حد ما، جدل اختلاف تأويل النصوص، وفقا لأطر التفكير العقلي السائدة، بل هو خوف من انكشاف وجهة نظره كاختيار تاريخي بشري، فكري ثقافي سياسي لا أقل ولا أكثر. “العقل عند ابن خلدون يجب أن يظل خادما للمسلمات النصية – أو بالأحرى المسلمات التي احتجب فيها التاريخي وهيمن على واجهتها النصي – داعما لها مع ضرورة تسييجها ضد فعله النقدي الذي طالما حذر منه أعلام أهل السنة والجماعة بمن فيهم ابن خلدون.”(35)

هكذا يحاط هذا الاختيار كرأي بشري بالتقديس، مما يحول دون مساءلته وإخضاعه للفحص النقدي “معتبرا أن كل المعارف التي لها صلة بالثوابت النصية تربأ على العقل، فيبدو أمامها عاجزا بل مضرا”.(36) وتحريمه للنظر العقلي دفع به إلى موقف سلبي من قانون السببية، حتى فيما يتعلق بالأفعال البشرية. “وكل ما يقع في النفس من التصورات فمجهول سببه...إنما هي أشياء يلقيها الله في الفكر...والإنسان عاجز عن معرفة مبادئها وغاياتها .”(37) وهذه مجرد قيود يضعها في وجه العقل نتيجة خلفيته الأشعرية التي لا ترى الفاعل إلا الله. وربطا بهذا التلبيس للفهم البشري بالمقدس يؤسس أفكارا ومعاني مذهبية تأسيسا دينيا، وهو في ذلك يبحث لها عن قوة التأثير والفرض، ليس فقط لمحاربة مفهوم السببية، بل أيضا لفرض وجهة نظر واحدة تتخذ الشرع مطية للهيمنة والسطو على وعي المتقبل، وتكفير المخالف الراغب في ممارسة النظر العقلي“فلذلك أمرنا بقطع النظر عنها وإلغائها جملة والتوجه إلى مسبب الأسباب كلها وفاعلها وموجدها.”(38) وهذا ما أكد عليه الأستاذ محمد عابد الجابري حين التبست عليه ابستمولوجيا المعقول واللامعقول في مقدمة ابن خلدون “إننا عندما نقرأ المقدمة نشعر بأننا نقرأ فعلا ما لم نكتبه بعد ونسمع فعلا ما لم نقله بعد. إننا نكتشف فيها ما هو بمثابة”“الهو”“الحضاري بالنسبة إلى وجودنا الحضاري...لماذا؟”(39) لكنه في صفحة أخرى من الكتاب نفسه “نحن والتراث” يرى أن منطق الطبع“و” الطبائع“جعل من فلسفة ابن خلدون التاريخية” فلسفة مغلقة خالية من كل تطلع أو استشراف مستقبلي. صحيح أن ابن خلدون قد أكد مرارا وتكرارا على ضرورة التفسير والتعليل وأنه يهدف بمشروعه إلى بيان “العلل والأسباب” لا إلى الوعظ والإرشاد، ولكن صحيح كذلك أنه كان يفهم “السببية” بمعنى“الطبع” و “الطبيعة” وحتى فكرة العادة التي جعلها الأشاعرة – وابن خلدون واحد منهم – بديلا لمفهوم السببية الفلسفي قد حولها إلى “مستقر العادة أي إلى طبع وطبيعة.”(40) فلو أن الأستاذ محمد عابد الجابري أدرك الأصول السلفية لابن خلدون، ومدى ارتمائه في أحضان الأجداد، السلف الصالح كمسلمة مذهبية قام بإعلائها وتقديسها كقيمة سامية فاضلة، تسيجها العدالة المطلقة، وأنها المشروع المستقبلي الوحيد والممكن الصحيح الذي رآه وجذره في المقدس كحقائق قانونية لأهل الحق، وما عداهم من اختيارات فكرية ثقافية سياسية دينية شر وكفر وضلالة في النار، و بناء على هذا الممكن التاريخي السني الأشعري يصحح الوجود الاجتماعي التاريخي الإنساني، وفي إطاره ينتظم المجتمع في التاريخ، فلو أن الجابري أدرك هذا ما كان في حاجة للتساؤل عن سكوت ابن خلدون عن المستقبل، لأن روح مقدمة الفقيه لم تكن تمتطي جواد التاريخ، كما كان الشأن مع هيكل، بل كانت تعتلي صهوة البراق في منام أو رؤيا الإسراء والمعراج من قلعة ابن سلامة إلى الماضي/ المستقبل المجيد ضد العقل والإنسان والتاريخ. 

إن اللا شعور السياسي(41) لابن خلدون ورطه في ذبح العقل، حين اعتقد أن إستراتيجية الكتابة التي انتهجها تسمح له بترسيخ مواقف وعقلا معينا في منطقة المقدس، ومنع عقلا ومواقف آخرى مخالفة باعتبارها وليدة العقل البشري. والغريب في الأمر أنه بنى خطابه العمراني والتاريخي بجهد الاستدلال العقلي في التمذهب والولاء السياسي، وفي ترسيخ تصور أخلاقي للتاريخ، خرافي ومرهب، كما أنه “يوظف بقدرة فائقة شعار العقل ليدافع عن شرعية وجود معان لا عقلية فيجعلها تتمتع بقابلية كبيرة للتمثل والإقناع.”(42)

ألا نلمس هنا جذور العقل الذبيح المادي وليس الرمزي في حق الكثير من المفكرين عبر تاريخ المجتمعات العربية الإسلامية، وتبعا لمنطق الاغتيال هذا، الذي يجد جذوره في عمق تربة الثقافية العربية الإسلامية، يمكن تسليط الكثير من الضوء على محنة العقل الحر النقدي، ونكبة الفلاسفة، وأيضا على عنف الاغتيال السياسي الذي طال وامتد إلى مثقف الوضع الراهن.
خامسا-المقدس:البداوة، العصبية، الدين، التوحيد، الاستبداد / الدنيوي أوالمدنس: التمدن، الحضارة، العقل، الاختلاف، الفساد. 

منطق التفكير المذهبي بآلياته الفقهية ضيق الخناق على ابن خلدون، وأعمى رعب الصيرورة التاريخية بصيرته بحجم الهزائم والانهيارات إلى حد الكارثة التي تعبر عن أفول إمبراطورية دولة المغازي، الأخذة في التفكك والانحسار، أمام قوى خارجية كانت تزحف بعنف التاريخ نحو الإعلان عن مرحلة تاريخية جديدة، ليس على مستوى الفضاء المتوسطي، بل حركة عالمية شرعت في التبلور والتطور. وأمام هذا التعقد، وبفعل الوسواس القهري المسكون بهواجس النقاء والتصفية والغربلة الدينية الأخلاقية للتاريخ والمجتمع بحثا عن الأصل المقدس الشفاف الذي لم يتعرض للتلويث والتدنيس من قبل الدنيوي التاريخي، كتب ابن خلدون “المقدمة” والتاريخ تعلقا بوهم أمال الخلاص في متخيل ذاكرة طفولة المقدس، كما صاغتها جماعات السنة والتقليد. يقلل من قيمة العدل والتجريح و يستنجد بمبدأ مطابقة أسطورة الأصل الصحيح الممكن، والوحيد الذي أثبت جدارته وعدالته المطلقة، كمقدس حددته وصاغته الحكمة والإرادة الإلهية وفقا ل “” طبائع العمران وأحواله“إنها شكل الوجود الاجتماعي السني المعياري”“(43).

إن الأمر يتعلق بإستراتيجية تصحيحية تعيد بناء الوحدة والتوحيد بأدوات وآليات الغلبة والقهر، وبمنطق الاستبداد العصبي البدوي المطلق، للقضاء على التشتت والتمزق، والفرق والمذاهب التي انحرفت عن الأصل النموذجي، بفعل أهل البدع والأهواء. لذلك رأى في التعدد والتنوع والاختلاف المؤسس على أحقية النظر العقلي، المسند بالعلوم العقلية وبحرية الإنسان في تحديد وتقرير حياته ومصيره المستقبلي كاجتماع إنساني وعمران بشري في ظل التمدن والحضارة، نوعا من التلويث والتدنيس للمقدس، كعصر ذهبي له محدداته ومقوماته الدينية، كتوحيد لوحدة الأمة. كما لو أننا إزاء إعادة إنتاج اللحظة النبوية في توحيد القبائل والمعتقد بتعطيل التفكك القبلي والتعدد العقائدي الوثني والمسيحي واليهودي” المحرف والمنحرف“. يحتكم ابن خلدون في حركته التصحيحية إلى رؤية فقهية منتجة للخطاب السلطوي الاستبدادي، بناء على المعيار المذهبي السلفي، والعرقي العقدي، والمعيار الأخلاقي، لإعادة إنتاج واقع البداوة المفعمة بالسذاجة الدينية، والأخلاق الرفيعة، والمقدس المثالي البعيد عن الترف والانحلال والفساد والنظر العقلي.”“إنه يربط بين وفور العمران والعلوم العقلية ربطا سببيا يدخل ضمن المنطق الأخلاقي الذي يربط الحضارة بالفساد على جميع الأصعدة. فكان دخول هذه العلوم العقلية وانتشارها من علامات الغواية والابتعاد عن الشرع. هذا ما يفيده خطابه وهو يتأسف على هذه الحال وهذا التغير.” ودخل على الملة من هذه العلوم وأهلها داخلة، واستهوت الكثير من الناس بما جنحوا إليها وقلدوا آراءها. والذنب في ذلك لمن ارتكبه. ولو شاء ربك ما فعلوه“”.(44)

هذه الاختلالات التي يأتي بها التمدن والحضارة التي هي صنو الفساد والانحلال، ومرتع التعدد الفكري والسياسي، والتفكير العقلي، والاختلاف العرقي والمذهبي والعقائدي، هي مؤشرات الخراب و الفناء والانهيارات المتتالية، المناقضة للدين والبداوة، و لا تطابق قوانين حقائقه في الأصول العمرانية الصحيحة، حيث غلبة العصبية القوية كاستبداد ومعاش بدوي مثالي باسم الشرع. “” وكان بنو قحطان هؤلاء معاصرين لإخوانهم من العرب العاربة ومظاهرين لهم على أمورهم ولم يزالوا مجتمعين في مجالات البادية مبعدين عن رتبة الملك وترفه الذي لأولئك فأصبحوا بمنجاة من الهرم الذي يسوق إليه الترف والنضارة“وعندما حصل لهم الملك كما كان للتبابعة من حمير كانت دولهم تقوم وتضمحل بعد أن تبلغ مرحلة الترف وما يؤدي إليه من الفساد الأخلاقي. فانهيار سد مأرب كان عقابا لهم على الطغيان الذي تسبب فيه ترفهم. فقد كانت دولتهم” يومئذ أوفر ما كانت وأترف وأبذخ وأعلى يدا واظهر.“”(45)

 
لم يتمكن ابن خلدون من إدراك سر انهيار دولة المغازي التي لم يكن توسعها ناتج عن منطق موضوعي مادي اقتصادي اقتضته ظروف وعوامل تطور الإنتاج الاقتصادي الداخلي، بقدر ما حدده منطق النكوص وتخلف المعاش البدوي القائم على التسلط والغلبة والقهر والاستبداد، المبرر بإيديولوجية تأويلية للنصوص الدينية، كاستجابة مادية موضوعية لهموم الناس الدنيوية في الواقع البدوي، المؤسس على جدل الغزو والسلب والنهب و الترف والاستهلاك غير المنتج. هكذا هي طبيعة اقتصاد الريع “كرزق حلال” أسطرته العقيدة، سواء كان غنيمة أو جباية أو خراجا... وظيفته استهلاكية وليست إنتاجية.

فالمشروع الخلدوني بمفاهيمه المقدسة النموذجية في استبدادية الخلافة البدوية العصبية والسلفية الدينية، تتناقض كليا مع المشروع الحداثي الذي يجد مقوماته في العقل والعقلانية، والتمدن والحضارة، والتعدد والاختلاف الديمقراطي. وهي مقومات أشارت المؤلفة إلى غيابها في فكر ابن خلدون، ولو كمؤشرات قادرة “على إنتاج معرفة حداثية”(46). و محمد عابد الجابري يؤكد على أنه “تاريخيا العقلانية بنت المدينة... وأن السياسة ممكنة عندما يكون هناك مجال مستقل هو المجال السياسي...أي عندما تنفصل السياسة عن الدين وعن القبيلة والامير. عندما يكون هناك تفكير ممكن خارج الدين وخارج سلطة الأمير يمكن التفكير في شؤون المدينة وفي شؤون المجتمع.”(46)

سادسا- منطق الرغبة الأبوية : جد سلفي، مذهبي، عصبي ومستبد أم ابن متنور، عقلاني، ديمقراطي وحداثي
قال ابن هشام في فصل بعنوان “ذكر المرأة التي عرضت على عبد الله الوقاع :مر عبد الله بامرأة اسمها رقية وهي أخت لورقة وهي عند الكعبة فقالت: له حين نظرت إلى وجهه فيما يذكرون أين تذهب يا عبد الله؟ قال مع أبي قالت: لك عندي مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن. فقال: أنا مع أبي الآن ولا أستطيع خلافه ولا فراقه و لا أريد أن أعصيه شيئا. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة فزوجه آمنة بنت وهب وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا ...فذكروا أنه دخل عليها حين ملكها مكانه فوقع عليها عبد الله فحملت برسول الله فخرج من عندها حتى أتى المرأة التي قالت له ما قالت وهي في مجلسها فجلس إليها وقال: مالك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت علي أمس. قالت: فارقك النور الذي كان فيك فليس لي بك اليوم حاجة. وكانت رقية تعلم من ورقة أخيها أنه سيكون رسول عربي”.(48)

فما النور أو التنوير أو مبدأ الحداثة المتقدم على عصره الذي رآه الدارسون – فهمي جدعان، عبد السلام الشدادي، ومحمد عابد الجابري، عبد الله العروي... - في “مقدمة” وتاريخ ابن خلدون حتى توهموا فيه الحداثة والعق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

قراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

قراءة في كتاب حفريات في الخطاب الخلدوني ابن خلدون: ملاك التاريخ أم فقيه اللاهوت السياسي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: