حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 محمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باسم
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
باسم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 342
معدل التفوق : 954
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

محمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي  Empty
19122013
مُساهمةمحمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي

محمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي  Arton714-5a8d3
عامان مرّا على رحيل محمود المسعديّ أحد أعمدة التنوير في ثقافتنا العربيّة عموما وفي الثقافة التونسيّة على وجه التخصيص. منذ ذلك الوقت، فنيت روح هذا الصوفيّ العظيم وما فنيت أشواقه التائهة فينا، وارتقى إلى المحلّ الذي عاش على انتظاره، ليلقى، كأحد الكلاسيكييّن والحداثييّن الكبار، أفذاذَ الثقافة الإنسانيّة الذين أحبّ: صوفوكل وأبيقور، أبا نواسٍ وأبا العتاهية والمعرّي وأبا الفرج الأصبهانيّ والتوحيديّ وعمر الخيّام والغزاليّ وإبسن وراسين ونيتشه وهولدرلين وكامو وسارتر والآخرين..
مات محمود المسعديّ بعد أنْ أعدّ لمماته ما أعدّ لحياته. ميتة شتويّة أو هي في لطف الخريف كما كان يقول، وفي غفلة من اللّيل باغتنا ومضى إلى البعيد. وكان يجهّز لهذا اليوم منذ أنْ طرح أيّاما من “أيّام عمران..”، ومنذ أنْ استقرّت أعماله الكاملة في مجلّدات أربعة.
مُلَّ المُقامُ ولم يبق إلاّ إعلان الرحيل!
لمناسبة طرح أعماله الكاملة بين قرّاء العربيّة وفي سياقٍ من جرد الحساب لنصف قرن من الجمهوريّة يأتي هذا الحديث. وكلّ مقام منهما، لوحده، كاف للحديث عن محمود المسعديّ. فهذا الكاتب، على ما نعرف، مقلّ في الإصدارات من جهة، مباعدٌ ما بينها من جهة أخرى. وهو، بين هذا وذلك، ليس مُقِلاًّ في الكتابة على كلّ حال. اقترنت كتاباته، أساسًا، بالمخالفة بين أزمنة الكتابة وأزمنة النشر، ولذلك فلم يكن غريبًا أن يُخْرج إلى الناس في الراهن ما كان ألّفه في سابق الزمن. وكان آخر إصداراته، قبل “من أيّام عمران ..” كتابه الآخر “حدث أبو هريرة قال..” في أواسط السبعينات رغم أنّ زمن كتابته كان نهايةَ الثلاثينات من القرن الماضي.
هذا الأديب الكبير، ولا مراء، مكنون غير مبذول، ومحجوب غير ميسور، تماما مثلما هو أدبه مكنون ومحجوب. أدبٌ عَصِيٌّ، الكلماتُ في الأصوات والأصواتُ حُجُبٌ تشِفُّ عن المعاني الغِزار، المباني تنطق عن المعاني والمعاني تُفْصِح عن المغاني. ومجتمعُ ذلك كلّه أدبٌ مسعديٌّ لَوّنَه صاحبُه بلوْنِه الخاصّ وطبعه بطابعه وختمَ عليه: طروسٌ لطبقاتٍ من النصوص في شتّى مناحي الكَلِم ترتدُّ جميعُها إلى نصّ أصليّ، نصٌّ فيه تجتمع الأسطورةُ والرمزُ، وتتضايف العبارة والإشارة، التصريحُ والتلميحُ، الإنشاء والإخبار، الفكرُ واللّغة، المبنى والمعنى والمغنى.
نصٌّ جَمْعٌ، ولكنّه، أيضا، كان نصًّا لازمًا.
هو لازم لأنّ صاحبَه يكاد يقف نسيجَ وَحْدِهِ بين رهط الناثرين المعاصرين. رجلٌ بأَسْرِه يبتعث أشكالاً مَوَاتًا في عُرْف الناس والأجناس، ويمزج فيها بين السرد والتمثيل الدراميّ والتخييل، ثمّ ينفخ فيها من روحه وروح العصر، فيتمثّل من ذلك “السدُّ” و“أبو هريرة” و“مولدُ النسيان” و“السندباد والطهارة” و“أيّام عمران” ..
حداثيّ وكلاسيكيٌّ، عروبيّ وكونيٌّ، متفلسفٌ وسياسيٌّ، شاعرٌ ومنظِّرٌ، وجوديٌّ وإسلاميٌّ، مُلتزمٌ وعبثيٌّ، نقابيٌّ وصوفيٌّ، كارتيزيانيٌّ وإشراقيٌّ، يمينيّ ويساريّ، ليبراليٌّ وراديكاليّ هو محمود المسعديّ.
نصٌّ لازمٌ وكاتبٌ مكنون وأدبٌ عصيٌّ لم يُكْتَبْ له الاستمرارُ مع نصوص المريدين، على كثرتهم، ويكفي الانتباهُ إلى الابتسامةِ العريضة تثيرها نصوصٌ مُسوخٌيحتذي فيها المريدون نصوصَ الإمام.
فللأجناس الأدبية، على حدّ تعبير برونتيير، مصائرُ متحوّلةٌ شأنُها شأنُ كلّ الموجودات في هذا العالم، لا تولد إلا لتفنى. وهي تصاب بالإنهاك كلّما أنجبت أثرًا فذًّا… حتىّ إذا ما بلغت أوْجَها قُضِي عليها أن تنحطّ وتذوِيَ وتضمحلّ، ومهما بذلنا لإحيائها من جهود فإنّها ستذهب سُدى!
وحقيقٌ بنا، اليومَ، توكيدُ الرصيد الثقافيّ الذي أغنى به محمود المسعديّ حياتنَا المعاصرة في تونس، - ولا نلتفت إلى ضمور أثر هذا الرصيد في ثقافتنا العربيّة المعاصرة مقارنةً بأثره في الداخل، فذلك أمرٌ بات مفهومًا منذ عقودٍ، وهو راجعٌ، في الأساس، إلى ضمور بل غياب التبادل البَيْنيّ العربيّ في السلع الاستهلاكيّة والموادّ الثقافيّة على حدّ السواء- وأحقُّ من ذلك، اليومَ أيضًا، التزامُ تقاليد أخلاقيّة - هي تقاليد راسخة في سنّتنا الثقافيّة - كتوقير أدبائنا وتقدير كتّابنا وإجلال شيوخنا في العلم، فتلك سُنّة الطلب وشِرْعة الدرس. على أنّ الوفاء للمسعديّ، في تقديري، يعني، بالأساس، فَهْمَ الدرس الذي علّمَنَاه: النقدُ.
لنقل، بلا تردّد، إنّ قيمةَ ما كُتب عن المسعديّ على كثرته وتضخّمه، دون ما أبدع، قاصرٌ عن مضاهاة أدبه من حيث هو فعلُ تجاوز يرفض الأصنام والأوثان والإسلام، مادام أكثر هذه الكتابات التي وصلتنا عن أدب المسعديّ خَلَلَ ما يقرب من خمسين عامًا وبمنازعها النقديّة والتقريظيّة وخاصّةً المدرسيّة قد ارتضى له منزلة غير منازل النقد فحصر نفسه بمحاولة بيان ما يريد أنْ يقوله المؤلّف، أو البحث عن مقصديّته.
ثمّة نصٌّ للمسعديّ سابق لعصره أنشأه في سياق تعليقه على مقال الدكتور طه حسين (نشرته مجلّة الفكر في شهر مايو 1957 وأُلْحق بطبعة “السدّ” الثانية 1985 ص ص 247 – 272) أصّل فيه بوضوح ينمّ عن نضج نقديّ يوازي حسّه الإنشائيّ لما عُرف، فيما بعد، عندنا بجماليّة القراءة والتقبّل وصولا إلى آفاقها التأويليّة والتداوليّة. يقرّ المسعديّ أنّ التأليفَ متى نُشِر بين الناس انتهت له حياة وبدأت له حياة أخرى “حياته الأولى قرارتُها قلبُ المؤلّف وشعورُه وفكرُه ونطاقُها إرادة المؤلّف ومقاصده”. أمّا حياته الثانية فهي “التي تكون له بالفعل في حال التجريد والوجود في الخارج، حين يكون شيئا مشتركا بين الناس يلقونه بالإنكار أو الإقبال وبالصدّ أو الإعجاب، ويفهمون عنه ما يشاؤون، ويسألونه بل يقتضونه ما يريدون..” ويستغرب رغبة بعض القرّاء والنقّاد أيضا في مطابقة ما يحصّلونه من “فهم” للنصّ الأدبيّ بمقاصد المؤلّف وأغراضه. على أنّ هذه المطابقة ليست من مراسم القراءة بالضرورة، بل إنّ هذه المطابقة، إنْ حصلت، كانت قرينة على البعد المرجعيّ للدلالة وعنوانًا على تسييج الفهم “..وإنْ لم يُصَادَفْ من التأليف اتّفاقٌ ومطابقة فقد يكون أنّ القارئ وجد في نفسه غير ما أراده أو فوق ما أراده المؤلّف وذلك ضرب من ضروب حياة التأليف الصالحة القيّمة..”
تعلن هذه السطور، بوضوح وثقة، أنّ الكاتب لا يطلب من الناقد فهمًا متطابقا بقدر ما يطلب “معرفة مقدار ما وجده تأليفـ(ـه) من الصدى في نفس القارئ أيّا كان ذاك الصدى وأيّا كان نوعه وكان مداه..” ينبع هذا الاستشراف المتقدّم لفعل الكتابة والقراءة، أي في المرحلة ما قبل البنيويّة عربيّا، من كونه لا يسقط في التصوّر الكلاسيكيّ لتاريخ الأدب الذي يعتبر المؤلّف المصدر الأوحد للمعنى النصّيّ من جهة، ولا ينساق، أيضًا، إلى فكرة المعنى الأصليّ كما تجلّت في الهيرمينوطيقا الرومنسيّة من جهة ثانية. بل إنّ الرجل قد ذهب إلى مثل هذا في آخر ما كتب من تأمّلات حين قال “إنّه لا يصون الأدبَ من الزيف إلاّ القيّمون على تخليص ذَهَبِ معدنه من بهرج بريقه اللّمّاع بصرامة النقد ولطف الإحساس.” (من أيّام عمران، وتأمّلات أخرىص 139 )
فلا إخالُ أديبَنا الكبير، مثلا، قد رمى إلى كلّ هذا التقديس والتسبيح الذي يُكْتَب عن أدبه أو يحوم حول صاحبه، في تونس، مهما شهد هذا الأدب من تعرّجات والتواءات، ومن صعود أو هبوط. هلْ خلاصةُ الدرس المسعديّ إلاّ رفضُ النظرة السبحانيّة والرؤية التقديسيّة؟ هل “السدّ” و“السندباد” و“أبو هريرة” إلاّ دعوة إلى كسر الأصنام وهدم الأوثان؟
كيف السبيل إلى الوقوف على أرض متحرّكة حرجة حقّا: قراءة المسعديّ قراءةً نقديّة تتجرّد عن التباس تاريخيّ في ثقافتنا العربيّة يرى في الهجاء نقدًا وفي المدح نقدًا بنّاءً، وتنصرف إلى الاعتبارات الأدبيّة المحض. هي القراءة النقديّة، بالمعنى الذي كان للنقد في أصل الوضع ( الإبانة عمّا يتميّز به شيء من شيء ) وأوجزته مقولة الشيخ الأستاذ عبد الله العلايليّ البليغة: مَنْ ينقد عليك كمن يؤلّف معك، أسوةً بمعلّمه الجاحظ: إنّما الأدبُ عقلُ غيرك تضيفه إلى عقلك!
إنّ المسعديّ اسمٌ قد استحال مؤسّسةً قائمة بذاتها، حتّى أمسى، في الأدب، سلطةً تتهيّبها الأقلامُ، فنقدهُ أضحى مِنْ نَقْدِ السلطة، أيّ سلطة، وهو نقدٌ يمضي إلى حدود يصير، معها، مشتبهًا بالوقاحة وسوء الأدب. لذلك، فإنّ جرْدًا علميّا مُحيَّنًا للدراسات المسعديّةبات أمرًا ضروريًّا من أجل فرزٍ موضوعيّ للمدوّنة النقديّة التي يمكن وضعها بكلّ اطمئنان في خانة النقد، ولتلك التي لا ترتاح إلاّ إلى رؤية مستبدّة أنشأت سلطة القول الواحد وسلطة الفهم الأحد، وقضت، في المحصّلة، أنّ التراث الأدبيّ في تونس الحديثة لا يخرج عن اثنيْن: الشابّيّ والمسعديّ!.
هذه الخطوة الأساسيّة باتّجاه مراجعة أساليب فهمنا لأدب المسعديّ وفكره ومن ثمّة تدبّر صيغ أخرى لتعاملنا معه ليس يغذوها إلاّ التطلُّعُ المستمرُّ إلى نقد منهجيّ حقيقيّ يجعل مناطَ تدبّره الإجابةَ عن سؤال طالما سعت- مع استثناءات معدودة – الدراساتُ الشارحة أو التمجيديّة أو ما يدخل منها في باب الخطابات التقريظيّة إلى القفز عليه لإحكام غلق باب الاجتهاد في دراسة المسعديّ. هذا السؤال هو: بِمَ ولِمَ يستأثر منّا محمود المسعديّ بكلّ هذا الاهتمام؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

محمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

محمود المسعديّ: موتُ المؤلّف وقيامَتُهُ السبت 11 آب (أغسطس) 2007 بقلم: مختار الخلفاوي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: