حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 البيولوجيا العصبية للذات(*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فيصل
ثـــــــــــــــائر قـــائد
ثـــــــــــــــائر  قـــائد
فيصل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 546
معدل التفوق : 1488
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 17/12/2011

البيولوجيا العصبية للذات(* Empty
15122013
مُساهمةالبيولوجيا العصبية للذات(*


حينما تصدر أدمغتنا أمرا بتحريك جزء من أجسامنا، يجري إرسال إشارتين، تذهب إحداهما إلى المناطق الدماغية التي تتحكم في الأجزاء المعيَّنة من الجسم التي يجب تحريكها، في حين تذهب الأخرى إلى المناطق الدماغية التي ترصد الحركات. وتستدرك <بلاكمور> قائلة: «إني اعتبرها (نسخة مبلغة إلى...) واردة في ذيل بريد إلكتروني؛ إنها المعلومة نفسها مرسلة إلى مكان آخر.» .


    ومن ثم تستخدم أدمغتنا هذه النسخة للتنبؤ بنوع الإحساس الذي سيولده هذا الفعل. فومضة العين تجعل الأشياء تظهر متحركة عبر حقل رؤيانا، ويجعلنا التكلم نسمع صوتنا، كما أن الوصول إلى قبضة الباب يجعلنا نشعر باللمسة الباردة لنحاس القبضة. فإذا لم يضاه الإحساس الفعلي الذي نستقبله نبوءتنا تماما، فإن أدمغتنا ستعرف الفرق. ويمكن لعدم المضاهاة هذا أن يجعلنا نبذل المزيد من الانتباه أو يستحثنا على تعديل أفعالنا وصولا إلى النتائج التي نريدها .

     أما إذا لم يضاه الإحساس نبوءاتنا على الإطلاق، فإن أدمغتنا تنسبها لشيء آخر غير ذواتنا. وقد وثَّقت <بلاكمور> وزملاؤها هذا التغيير من خلال مَسْح scanning أدمغة مفحوصين أخضعتهم للتنويم المغنطيسي. فحينما أخبر الباحثون هؤلاء بأن أذرعهم جرى رفعها بوساطة حبل أو بَكَرة، رفع المفحوصون أذرعهم؛ أما أدمغة المفحوصين فقد استجابت وكأن أحدا آخر يقوم برفع أذرعهم هذه، وليس هم من يقومون بذلك . 


     يمكن لعجز مشابه في إدراك الذات أن يكمن وراء بعض أعراض داء الفصام. فبعض المفحوصين الذين يعانون داء الفصام يصبحون مقتنعين بأنهم لا يستطيعون التحكم في أجسامهم هم. وتوضح  <بلاكمور> ذلك قائلة: «إنهم يتوصلون إلى مسك كأس ما، وتكون حركتهم سوية تماما، ولكنهم يقولون (إنهم ليسوا هم من فعل ذلك، بل تلك الآلة الموجودة هناك، فهي التي تحكَّمت فينا وجعلتنا نفعل ذلك).» .



هل هو مجرد وجه ظريف آخر؟(*****)


حسبما يذكر في هذه المقالة، فإن الباحثين لا يتفقون على ما إذا كان الدماغ يعامل الذات على نحو خاص، بحيث يعالج المعلومات المتعلقة بالذات بشكل يختلف عن معالجة المعلومات المتعلقة بالنواحي الأخرى من الحياة. ويجادل البعض بأن أجزاء أدمغتنا التي يتغير نشاطها حينما نفكر بذواتنا إنما تفعل هذا فقط لأننا نألف ذواتنا، وليس لكون الأمر يتعلق بهذه الذات على وجه التخصيص. وكل شيء آخر كان مألوفا سوف يبعث الاستجابة نفسها.


البيولوجيا العصبية للذات(* 41  البيولوجيا العصبية للذات(* 48
< W.J.>         <گازانيگا>

وفي دراسة تتصدى لهذه المسألة، قام الباحثون بتصوير رجل أعطي اسم < W.J.> وكان نصفا الكرة المخية لهذا الشخص يعملان بشكل مستقل (أحدهما عن الآخر) إثر جراحة قُطِعت فيها الاتصالات بينهما (بغرض معالجة صَرَع مُعَنِّد). وكذلك صور هؤلاء الباحثون شخصا مألوفا جدا لذلك الرجل واسمه  ، وهو باحث معروف جيدا في مجال الدماغ صرف أوقاتا طويلة مع < W.J.> ؛ ومن ثمّ قاموا بإنشاء سلسلة صور تحولت فيها صورة وجه < W.J.>  إلى صورة وجه <گازانيگا> تدريجيا وعرضوها في ترتيب عشوائي (في الأسفل). وطلبوا إلى < W.J.> أن يجيب مع كل صورة عن السؤال الآتي: هل هذا هو أنا؟ ثم كرروا العملية مشترطين أن يجيب مع كل صورة عن السؤال الآتي: هل هذا هو <مايك > (والمقصود <گازانيگا>؟ وأعادوا الاختبار ذاته باستخدام وجوه أناس آخرين يعرفهم < W.J.> جيدا.

لقد وجدوا أن نصف الكرة المخية الأيمن لدى كان أكثر نشاطا حينما تعرف وجوه آخرين يألفهم، لكن نصف كرته المخية الأيسر كان الاكثر نشاطا حينما رأى نفسه في الصور. إن هذه الاكتشافات تؤيد فرضية كون الذات شيئا خاصّا. ومع ذلك، فمازالت القضية غير محسومة وبعيدة عن الحل؛ إذ إن كلا المعسكرين لديه أدلّة في صالحه.

، مدير تحرير مجلة ساينتفيك أمريكان
البيولوجيا العصبية للذات(* 40
البيولوجيا العصبية للذات(* 42
البيولوجيا العصبية للذات(* 43
البيولوجيا العصبية للذات(* 44
البيولوجيا العصبية للذات(* 47
البيولوجيا العصبية للذات(* 48
البيولوجيا العصبية للذات(* 46
http://www.oloommaga...2006/1-2/43.gif



توحي الدراسات على المصابين بالفصام أن التنبؤات السيئة لأفعالهم قد تكون مصدر أوهامهم. فبسبب عدم مضاهاة إحساساتهم لتنبؤاتهم ينبع شعور بأن شيئا آخر هو المسؤول. وكذلك يمكن أن تخلق التنبؤات السيئة ما يشعر به بعض مرضى الفصام من هلوسات سمعية. فلكون هؤلاء المرضى غير قادرين على التنبؤ بأصواتهم الداخلية، فإنهم يظنونها تعود لأحد غيرهم.

     إن أحد أسباب كون حس الذات هشا بهذا القدر قد يكمن في أن العقل البشري يحاول باستمرار الدخول إلى عقول الناس الآخرين. فقد اكتشف العلماء وجود ما يسمى عصبونات مرآتية mirror neurons تحاكي خبرات الآخرين. ونذكر على سبيل المثال، أن رؤيتنا شخصا يتعرض إلى وكز مؤلم، إنما تستثير عصبونات في منطقة الألم الخاصة بأدمغتنا نحن. وقد وجدت  <بلاكمور> وزملاؤها أن رؤية شخص يلمسه شخص آخر يمكن أن تنشِّط العصبونات المرآتية هذهِ.

     لقد عرض هذا الفريق على مجموعة من المتطوعين أفلاما ?يديوية لأناس آخرين جرى لمسُهُم في الجانب الأيسر أو الأيمن من الوجه أو الرقبة، فأثارت هذه الأفلام استجابة في بعض مناطق أدمغة المتطوعين تماثل ما حدث حين جرى لمس المتطوعين في الأجزاء المقابلة من أجسامهم. هذا وكانت  <بلاكمور> استلهمت القيام بهذه الدراسة حينما قابلت سيدة بلغت من العمر 41 عاما دعيت بالرمز وكانت قد تقمصت هذا التطابق الإحساسي مع الغير بصورة مذهلة؛ ذلك أن منظر شخص ما أثناء لمسه كان يجعل السيدة   تشعر كأن أحدا لمسها في المكان نفسه من جسمها هي. وتعقب  <بلاكمور> على ذلك قائلة: «كانت هذه السيدة تظن أن جميع الناس لديهم تلك الخبرة.»


مكونات شبكة للذات (******)

إن المناطق الدماغية الموضحة أدناه هي من بين المناطق التي جرى إدخالها (حسب بعض الدراسات على الأقل)، كمشاركة في تظهير أو استرجاع المعلومات المتعلقة خصيِّصا بالذات أو بالمحافظة على شعور متماسك بالذات خلال جميع المواقف. ونذكر للإيضاح أن المشهد أدناه يحذف نصف الكرة المخية الأيسر فيما عدا منطقة الجزيرة الأمامية التي تخصُّه

http://www.oloommaga...-2/scan0005.gif



أجرت <بلاكمور> مسحا لدماغ السيدة   وقارنت استجاباتها باستجابات متطوعين أسوياء. وهنا وجدت  <بلاكمور> أن المناطق الحساسة للَّمس لدى السيدة استجابت بشكل أكثر قوة لمشهد إنسان آخر يجري لمسه مقارنة بالمناطق الحساسة للَّمس عند المفحوصين الأسوياء. يضاف إلى ذلك أن الموضع الذي يطلق عليه اسم الجزيرة الأمامية anterior insula (والموجود على سطح الدماغ غير بعيد من الأذن) غدا فعالا لدى السيدة   من دون أن يحدث ذلك لدى المتطوعين الأسوياء. وترى <بلاكمور> دلالة قيمة في كون الجزيرة الأمامية هذهِ قد أظهرت فعالية في مسوح دماغية لدى أناس عرضت عليهم صور لوجوههم هم أو كانوا يتفكرون ذكرياتهم. وقد تساعد الجزيرة الأمامية على توصيف معلومات تتعلق بذواتنا بدلا من أن تتعلق بالآخرين. وفي حالة السيدة  ، تقوم الجزيرة الأمامية بهذا التخصيص للمعلومات على نحو خاطئ.

     وكذلك ألقت مسوح الدماغ الضوء على نواح أخرى من الذات. فقد كان < هيذرتون> وزملاؤه [في دارتموث] يستخدمون هذهِ التقانة للتدقيق في الكيفية التي يتذكر بها الناس المعلومات حول ذواتهم على نحو أفضل من تذكُّرهم لذوات الآخرين؛ إذ قام هذا الفريق بتصوير أدمغة متطوعين كانوا يشاهدون سلسلة من كلمات النّعوت adjectives. ففي بعض الحالات سأل الباحثون المفحوصين إذا ما كانت إحدى هذه الكلمات تنطبق عليهم أنفسهم. وفي حالات أخرى سألوهم إذا ما كانت إحدى كلمات النعوت هذه تنطبق على < W.G.بوش> وفي حالة ثالثة سألوهم إن كانت كلمة النعت هذه ظهرت بأحرف كبيرة.

     ومن ثم قارن هؤلاء الباحثون أنماط الفعالية الدماغية التي أحدثها كل نوع من الأسئلة، فوجدوا أن الأسئلة التي تتعلق بالذات قد نشّطت بعض المناطق الدماغية، في حين أن الأسئلة التي تتعلق بالآخرين لم تنشِّط تلك المناطق. وقد رجحت نتائجهم فرضية كون «الذات شيئا خاصا» على النظرة التي ترى في «الذات شيئا مألوفا».



قاسم مشترك(*******)


     ثمة منطقة وجدها فريق <هيذرتون> مهمة للتفكير بذات امرئ ما، ألا وهي القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى medial prefrontal cortex. إنها بقعة من العصبونات تقع في الشق بين نصفي الكرة المخية خلف العينين مباشرة. وقد لفتت المنطقة نفسها الانتباه في دراسات على الذات أجرتها مختبرات أخرى. ويحاول <هيذرتون> في الوقت الحاضر استنتاج الدور الذي تؤديه هذه المنطقة.



http://www.oloommaga...2006/1-2/03.gif
قد يحدد المسح الدماغي ذات يوم ما إذا كان الخرف قد أتلف الذات لدى المصاب به .

  يقول <هيذرتون>: «إنه لمن السخرية أن نفكر بوجود أي بقعة في الدماغ تكون هي الذات.» وبدلا من ذلك، فهو يشتبه في إمكانية أن تربط هذه الباحة area جميع المُدْرَكات والذاكرات التي تساعد على توليد حس الذات، بحيث تخلق شعورا موحدا عمن نكون نحن. ويقول في هذا الصدد: «قد يكون الأمر شيئا ما يضم المعلومات بعضها مع بعض بطريقة ذات معنى.»



فإذا كان <هيذرتون> على حق، فقد تؤدي القشرة أمام الجبهية الوسطى فيما يخص الذات الدور نفسه الذي يؤديه الحصين hippocampus فيما يخص الذاكرة. صحيح إن الحصين عضو أساسي في تكوين ذاكرات جديدة، بيد أن الناس يبقون محتفظين بذاكراتهم القديمة حتى بعد تلف الحصين. فبدلا من اختزان الحصين المعلومات بداخله، يُعتقد بأنه يخلق الذاكرات عن طريق قيامه بوصل أجزاء دماغية مترامية البعد بعضها مع بعض.



     قد تعمل القشرة أمام الجبهية الوسطى على خياطة stitching حس معرفتنا «بمن نكون» قطبة قطبة. ومن جانبها درست وزملاؤها [من جامعة واشنطن] ما يحدث في الدماغ حينما يكون هذا الأخير في حالة الراحة، أي حينما يكون غير منشغل بأي مهمة معيَّنة. فتبيَّنَ لهم أن القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى تغدو أكثر نشاطا في حالة الراحة منها حين القيام بعدة أنواع من التفكير.

    يقول <هيذرتون>: «إن معظم الوقت الذي نسترسل أثناءَه في أحلام اليقظة، نقضيه في التفكير في شيء حدث لنا أو نفكر خلاله في غيرنا من الناس. ويتضمن كل ذلك تدقيقا في الذات self-reflection.

    وثمة علماء آخرون يدرسون الشبكات الدماغية التي يمكن أن تنظِّمها القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى، إذ يستخدم < M.ليبرمان> [من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس] مسوحا دماغية لحل لغز ، وهو الرجل الذي بقي يَعْرِف نفسه على الرغم من معاناته فقدان الذاكرة (النساوة) . amnesia فقد قام <ليبرمان> وزملاؤه بإجراء مسوح لأدمغة مجموعتين من المتطوعين، تألّفت إحداهما من لاعبِي كرة قدم وتألفت الأخرى من ممثلين مُرتَجِلين improvisational actors؛ ثم كتب هؤلاء الباحثون قائمة كلمات لكل من المجموعتين ذات صلة بإحدى المجموعتين. (بالنسبة إلى لاعبي كرة القدم: رياضي، قوي، سريع؛ وبالنسبة إلى الممثلين: مؤدٍّ، مسرحي، وهكذا). وكذلك أعدوا قائمة ثالثة من الكلمات لا تنطبق على أي من المجموعتين (مثل: مشوّش، موثوق)؛ ثم عرضوا هذه الكلمات على مفحوصيهم وطلبوا إليهم أن يقرّروا إن كانت كل كلمة تنطبق عليهم أو لا.

    لقد تنوعت أدمغة المتطوعين في استجاباتها لهذه الكلمات المختلفة. لقد مالت الكلمات المتعلقة بكرة القدم إلى زيادة النشاط في شبكة مميزة داخل أدمغة لاعبي القدم، وهي الشبكة نفسها التي أصبحت أكثر نشاطا لدى الممثلين فيما يخص الكلمات المتعلقة بهم (بالممثلين)؛ أما حينما عُرض على المفحوصين في إحدى المجموعتين ما يخص إحدى المجموعتين من الكلمات، فإن شبكة غير التي سبقت في أدمغتهم غدت أكثر نشاطا. ويشير <ليبرمان> إلى هاتين الشبكتين باسم المنظومة (الجملة) التدقيقية reflective system (أو المنظومة C) والمنظومة الانعكاسية reflexive system (أو المنظومة X).

    تضمّ المنظومة C الحصين وأجزاء دماغية معروفة باسترجاع الذاكرات. كما تشمل مناطق تستطيع استبقاء أجزاء المعلومات بشكل واع في العقل. فحينما نكون في ظروف جديدة فإن إحساسنا بذواتنا يعتمد على التفكير الصريح في خبراتنا.

    بيد أن <ليبرمان> يجادل بأن المنظومة X تتولى المهمة مع الزمن. فبدلا من الذاكرات تكوِّد encode المنظومة X هذا الحدس موجِّهة إياه إلى المناطق التي تولِّد الاستجابات الانفعالية السريعة التي لا تعتمد على الاستدلال الصريح، بل على الارتباطات (الاقترانات) الإحصائية. ونشير هنا إلى أن المنظومة X بطيئة في تشكيل معرفتها حول الذات، لأنها تحتاج إلى العديد من وقائع الخبرة لتشكيل هذه الارتباطات. ولكن ما إن تأخذ هذه المنظومة شكلها حتى تغدو قوية جدا. فلاعبو كرة القدم يعرفون ما إذا كانوا رياضيين أو أقوياء أو سريعين من دون أن يستشيروا ذاكراتهم؛ إذ إن تلك النعوت تنضم بشكل حميم إلى النعوت الذّاتويّة. وبالمقابل، فإن لاعبي كرة القدم لا يملكون الغريزة الأساسية نفسها حول ما إذا كانوا مسرحيين. وهكذا فإن نتائج <ليبرمان> يمكن أن تحل لغز مفارقة معرفة الذات لدى ؛ إذ من المعقول أن يكون ما أصابه من أذية دماغية قد محى منظومته التدقيقية من دون أن يمحو منظومته الانعكاسية.

    ومع أن علم الذات العصبي self-neuroscience نوع من الاجتهاد آخذ بالازدهار في هذه الأيام، فهناك منتقدون له؛ إذ تقول [وهي عالمة أعصاب في الاختصاص المعرفي بجامعة پنسل?انيا]: «إن الكثير من هذه الدراسات يحلِّق طليق العنان، ولذلك فإنها لا تقرُّ شيئا.» وتجادل هذه الباحثة بأن التجارب لم تصمَّم بعناية تكفي لنَفْي تفسيرات أخرى، مثل التفسير الذي يأخذ باستخدامنا مناطق دماغية معيَّنة للتفكير بأي شخص، بما في ذلك ذواتنا نفسها.

    يعتقد <هيذرتون> وعلماء آخرون غيره من المنخرطين في هذا البحث أن الباحثة <فرح> كانت صارمة أكثر مما يجب تجاه موضوع فتيٍّ كهذا. ومع ذلك، فهم متفقون على وجوب مبادرتهم لاكتشاف الكثير حول شبكة الذات self-network وكيفية أداء وظائفها.



الذات المتطورة(********)


    قد يتيح اكتشاف هذه الشبكة للعلماء أن يفهموا كيف تَطور إحساسُنا بالذات. فأسلاف البشر من الرئيسات ربما كان لديهم إدراك الذات الجسمية الأساسي الذي تدرسه <بلاكمور> ومشاركوها (ذلك أن الدراسات على النسانيس توحي بأن النسانيس تتنبأ بأفعالها الخاصة). أما البشر فقد طوروا حسا بالذات لا نظير له في تعقيده. وقد يكون من المهم أن تكون القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى «واحدة من أهم المناطق الدماغية البشرية تميُّزا،» حسب قول <ليبرمان>. فهذه القشرة لدى البشر ليست أكبر منها لدى الرئيسات غير البشرية فحسب، بل إنها كذلك تمتلك تركيزا أكبر لعصبونات فريدة الشكل تدعى الخلايا المغزلية spindle cells. ولا يعرف العلماء حتى الآن عمل هذه العصبونات ولكنهم يشتبهون في أنها تؤدي دورا مهما في معالجة المعلومات. ويعلق <ليبرمان> قائلا: «يبدو أن ثمة شيئا خاصا هناك.»


    يعتقد <هيذرتون> أن شبكة الذات البشرية يمكن أن تكون قد نشأت نتيجة للحياة الاجتماعية المعقدة لدى أسلافنا. فعلى مدى ملايين من السنين كانت فصيلة الإنسان hominid تعيش في جماعات صغيرة يتعاون أفرادها فيما بينهم لإيجاد الغذاء وتقاسم ما وجدوه. ويقول <هيذرتون>: «إن الطريقة الصالحة الوحيدة تكون عبر ضبط النفس self-control. ويجب عليك أن تتعاون وتمتلك الثقة.» ويجادل بأن هذه الأنواع من السلوكيات تتطلب إدراكا متطورا من المرء بنفسه.

    إذا كانت الذات البشرية ذات التجهيز المكتمل هي نتاج مجتمع فصيلة الإنسان فإن تلك الصلة قد تفسر لماذا توجد تداخلات مثيرة بين الكيفية التي نفكر بها بأنفسنا والكيفية التي يفكر بها الآخرون. ولا يقتصر هذا التداخل على القدرة على الشعور بمشاعر الغير physical empathy الذي تدرسه <بلاكمور>. فالبشر كذلك ماهرون على نحو فريد في استدلال مقاصد وأفكار الآخرين من بني جنسهم. لقد أجرى العلماء مسحا على أناس منشغلين باستخدام هذا الذي يدعى نظرية العقل theory of mind، فوجدوا أن بعض المناطق الدماغية التي تصبح ناشطة تشكل جزءا من الشبكة المستعملة في التفكير حول الذات (بما في ذلك القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى). ويقول <هيذرتون> «إن فهمنا لذواتنا والتوصل إلى نظرية للعقل أمران مترابطان، وإنك تحتاج إليهما كليهما كي تكون كائنا بشريا سوي الأداء.»


    إن الذات تتطلب وقتا لتتطور بشكل كامل. ولطالما أدرك علماء النفس أن الأطفال يستغرقون فترة ما لاكتساب حسٍّ مستقر بذواتهم. ويعلِّق <ليبرمان> على ذلك قائلا: «لديهم تعارضات لا تزعجهم البتة بخصوص معاني الذات. فالأطفال الصغار لا يحاولون أن يقولوا لأنفسهم «ما أزال الشخص نفسه.» ويبدو أنهم ببساطة لا يربطون بين الأشتات الصغيرة لمعنى الذات.»


    ويتساءل <ليبرمان> وزملاؤه إن كانوا يستطيعون متابعة معنى الذات المتغير لدى الأطفال وذلك باستخدام التصوير الدماغي. لقد بدؤوا يدرسون مجموعة من الأطفال ويخططون لإجراء مسوح عليهم كل 18 شهرا، ما بين سن التاسعة وسن الخامسة عشرة. ويقول <ليبرمان>: «طلبنا إلى الأطفال أن يفكروا بذواتهم وأن يفكروا كذلك في <هاري پوتر>.» وقام هو وفريقه بمقارنة النشاط الدماغي في كل مهمة، كما قارنوا تلك النتائج مع نظيراتها لدى الكبار.

    ويقول <ليبرمان>: «حينما تنظر إلى أطفال في سن العاشرة، تجدهم يُبدون نفس تنشيط activation القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى الذي يبديه الكبار، بيد أنه توجد منطقة أخرى تصبح ناشطة لدى الكبار، تعرف باسم الطّلَل precuneus، ولها قصة مختلفة. فحينما يفكِّر الصغار بذواتهم، فإنهم يُنشِّطون هذه المنطقة بمقدار يقل عن تنشيطهم إياها حينما يفكِّرون في <هاري پوتر>.»



هذا ويشتبه <ليبرمان>في أن شبكة الذات لدى الأطفال تبقى في حالة إنشاء، ويقول: «إنهم يملكون الشبكة ولكنهم لا يجيدون تطبيقاتها مثلما يفعل الكبار.»


استبصارات في داء ألزايمر(*********)


    ولكن ما إن يتم إنشاء شبكة الذات حتى تعمل بكدٍّ. ويعلِّق [وهو عالم أعصاب في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو] قائلا: «وحتى بالنسبة إلى المنظومة الإبصارية، أستطيع إغلاق عينَيَّ لأمنحها بعض الراحة. ولكنني لن أستطيع أبدا أن أتملص من العيش في جسمي أو من تجسيد حقيقة كوني الشخص نفسه الذي كُنْتُه قبل عشر ثوان أو عشر سنوات. لا أستطيع أبدا الهروب من ذلك، ومن ثم فإن تلك الشبكة لابد أن تكون ناشطة.»


    كلما ازدادت الطاقة التي تستهلكها خلية ما، ازدادت خطورة إيذاء نفسها بالمنتجات الجانبية السامة. ويشتبه <سيلي> بأن العصبونات الدؤوبة في شبكة الذات تكون سريعة التأثر vulnerable بشكل خاص بهذا الضرر على مر الحياة. ويجادل <سيلي> بأن سرعة تأثرها هذهِ قد تساعد علماء الأعصاب على فهم بعض الاضطرابات الدماغية التي توهن الذات. ويقول <سيلي>: «من المستغرب أننا لا نعثر على تغيُّرات پاثولوجية معينة لداء ألزايمر أو أشكال الخرف الأخرى لدى الأنواع الحيوانية غير البشرية.»


    وحسب رأي <سيلي>، تتفق نتائج دراسات التصوير الدماغي الحديثة عن الذات مع نتائجه ونتائج غيره على المصابين بداء ألزايمر وأنواع الخرف الأخرى. فالمصابون بداء ألزايمر تتكون لديهم پروتينات متحابكة tangled في عصبوناتهم. ويُعدُّ الحصين والطَّلَل بعض أولى المناطق المتضررة بذلك، وهما من الباحات الدماغية التي تشارك في ذاكرات السيرة الذاتية autobiography. ويقول <سيلي> في هذا الصدد: «إنهما تساعدانك على استحضار صور ماضيك ومستقبلك إلى العقل وتتلاعبان بها. ويكون المصابون بداء ألزايمر أقل مقدرة على الانتقال إلى الأمام والخلف عبر الزمن بشكل سَلِس.»


    كم هو مفجع لأفراد الأسرة رؤية محبوبهم مستسلما لداء ألزايمر، وهناك أنواع أخرى من الخرف قد تكون ذات تأثيرات أشد عنفا على الذات. ففي حالة تعرف بالخرف الجبهي الصدغي frontotemporal dementia تتنكس قطاعات من الفصَّين الجبهي والصدغي. وفي كثير من الحالات يُصيب التلف القشرة المخية أمام الجبهية الوسطى. وحين يبدأ هذا المرض يبطش بشبكة الذات يبدأ المرء يعاني تغيُّرات غريبة في شخصيته.

    وفي مجلة علم الأعصاب Neurology لعام 2001، وصف <سيلي>وآخرون معه مريضة كانت تجمع المجوهرات والكريستالات الراقية فترة طويلة من عمرها قبل أن تبدأ فجأة بجمع حيوانات محنَّطة يوم بلغت سن الثانية والستين. ومع أنها محافظة conservative، فقد بدأت تؤنب الناس الذين يشترون الكتب ذات الصبغة المحافظة في دور البيع وأعلنت أنّ: «الجمهوريين يجب استئصالهم من البسيطة.» وثمة مرضى تحولوا عن دينهم فجأة إلى أديان جديدة أو استحوذهم وسواس الرسم أو التصوير. ولكن هؤلاء المرضى لا يدرون لماذا لم يعودوا يحتفظون بذواتهم القديمة. ويقول <سيلي>في هذا الصدد: «إنهم يقولون أشياء سطحية جدا (مثل: هذا ما أنا عليه الآن وكفى).» ونشير إلى أن الخرف الجبهي الصدغي يمكن أن يقود إلى الموت خلال سنوات قليلة.

    يعتقد <.M.گازانيگا>  [مدير مركز دارتموث للعلوم العصبية المعرفية وعضو المجلس الرئاسي حول الأخلاقيات البيولوجية] أن حلّ لغز الذات قد يطرح نوعا جديدا من التحدي الأخلاقي. فهو يقول: «أظن أن ثمة مسارا سيتمثل في تفصيص دارات الذات إلى: الذاكرة المرجعية للذات self-referential memory، وتوصيف الذات self-description، والشخصية personality، وإدراك الذات self-awareness، وأن ثمة مسارا سيتمثل في الحس بما يجب أن يكون مناسبا لجعل الذات ناشطة.»


ويوحي <گازانيگا> بأن الأمر قد يصل إلى إمكانية أن يستطيع المسح الدماغي ذات يوم أن يحدد ما إذا كان داء ألزايمر (أو بعض أنواع الخرف الأخرى) قد أتلف الذات لدى المصاب به.

    ويتساءل <گازانيگا> عما إذا كان الناس سيبدؤون أخذ موضوع ضياع الذات loss of the self بعين الاعتبار حين يكتبون وصية الممات أثناء حياتهم. ويتنبأ <گازانيگا> قائلا: «ستظهر تعاليم جديدة. وستكون القضية فيما إذا كنت ستوفر الرعاية الصحية لهؤلاء. فإذا أصيب الناس بمرض ذات الرئة، هل ستعطيهم مضادات (صادّات) حيوية أم تتركهم يرحلون؟»


    أما <سيلي> فيقدِّم نبوءة محافظة أكثر، إذ يجادل بأن المسح الدماغي بحد ذاته قد لا يغير عقول الناس بخصوص ما يتخذونه من قرارات حول الحياة والموت. فهو يعتقد بأن القيمة الحقيقية لعلم الذات ستظهر في معالجات داء ألزايمر وأشكال الخرف الأخرى. ويقول في هذا الصدد: «يوم نعرف المناطق الدماغية التي تضطلع بتمثيل الذات، أظن أننا سوف نلمُّ بنظرة أكثر قربا في تحديد الخلايا ذات الأهمية في تلك المنطقة الدماغية، ومن ثم نعمِّق النظر باتجاه الجزيئات داخل الخلايا وباتجاه الجينات التي تحكم تلك الجزيئات وصولا إلى سرعة التأثر vulnerability هذهِ. وإذا ما حققنا ذلك نكون قد اقتربنا أكثر فأكثر من معرفة آليات هذا الداء وعلاجه، وذاك هو أفضل سبب لدراسة كل هذا. إن الأمر لا يقتصر على مجرد تبصير الفلاسفة.» 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

البيولوجيا العصبية للذات(* :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

البيولوجيا العصبية للذات(*

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  البيولوجيا العصبية للثقة(*) إن ميلنا إلى الثقة بشخص غريب ينجم إلى حد كبير عن تعرضنا لجزيء معروف بقيامه بمهمة مختلفة تماما: إنه يطلق المخاض عند المرأة الحامل.
» سؤال علماء البيولوجيا الاجتماعية: “آلهة جديدة” أم مجرد جينات؟ السبت 1 أيلول (سبتمبر) 2007 بقلم: محمد نور الله
» لغز خبرة الوعي أسئلة حول ماهيَّة الوعي في البيولوجيا العصبيَّة إقبال مرشان
» رهان خاسر على البيولوجيا الصناعية
» علماء يبصرون تشكل المشابك العصبية بدقة مذهلة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: