ذي يحدث في وول ستريت
حملة "احتلال وول ستريت"
لمن تثير احداث “احتلال وول ستريت”، الذي يقوم به قرابة الف ناشط وناشطة
اميركيين في مدينة نيويورك “حشريتهم”، ما عليهم الا مشاهدة وثائقي
“الرأسمالية” للمخرج مايكل مور، الذي يعتبر فيه ان الشركات المالية
الاميركية نجحت في تقويض النظام الاقتصادي الاميركي الذي كان قائما على
الصناعة، واستبدلته بآخر مبني على الخدمات المالية والمصرفية.
مايكل مور مع المتظاهرين
يصف مور، وهو ابن الولاية الصناعية ديترويت، نشأته، ويقول ان والده عمل
في مصانع السيارات، وكان مدخوله كافيا لعائلتهم المؤلفة من ثلاثة اولاد،
وكانوا يأخذون عطلا سنوية في كل صيف. ويعود مور ووالده الى المعمل القديم،
الذي اصبح ركاما اليوم. هذه هي حال اميركا بفضل الانقلاب الذي قامت به
الشركات الكبرى على النظام الديموقراطي، وكانت اولى بوادره ايصال رئيس، كان
عبارة عن ممثل هوليوودي الى البيت الابيض، هو رونالد ريغان.
ومنذ ريغان، عمل الرؤساء الاميركيون المتعاقبون على نسف قوانين
الاتحادات العمالية والرعاية الاجتماعية، واستبدلوها بأخرى تعطي الافضلية
للمتمولين واصحاب الشركات، فنمى اصحاب العمل على حساب العمال، واتسعت
الفجوة بين الاغنياء والفقراء.
في الفيلم، يذهب مور الى وول ستريت مع شاحنة ومكبر للصوت. يصيح على
الشركات لاعادة اموال دافعي الضرائب التي تقاضتها من الحكومة ابان الازمة
المالية في العام 2008 لتفادي انهيارها، ويركن شاحنته ليملأها بأكياس مال
دافعي الضرائب.
يختم مور، في فيلمه الذي انتجه في العام 2009، بالقول ان اصلاح اميركا
يعني ثورة عن طريق صناديق الاقتراع، ويقول ان هذه نجحت بانتخاب باراك
اوباما رئيسا.
اليوم، بعد ثلاثة اعوام على انتخاب اوباما، اصابت خيبة الامل انصاره،
فانكفأوا في منازلهم في الانتخابات النصفية العام الماضي، وادى ذلك الى
خسارة حزب اوباما الديمقراطي للاغلبية في الكونغرس.
لا يوجد من هو أكثر عبودية من ذلك الذي يعتقد خطأ أنه حرّ
الا ان هؤلاء الانصار، ومعظمهم من الشباب تقودهم جمعية “موف اون” ومقرها
ولاية كاليفورنيا، فقدوا الامل من مقدرة اوباما، الذي تبدو عودته في ولاية
ثانية اكثر صعوبة يوما بعد يوم، على التغيير، فذهبوا الى ارباب الرأسمالية
في “وول ستريت”، هو الشارع حيث مقر سوق نيويورك للأسهم، التي يطلق عليها
مور في فيلمه اسم “الكازينو الكبير” حيث لا تتبع المضاربة المالية اي قاعدة
اقتصادية مفهومة.
اليوم، تصل اعداد الذين ينظمون حملة “احتلال وول ستريت” الى اكثر من الف
شخص، يتقدهم مور نفسه ونفر من مشاهير هوليوود من اصدقائه. هذه التظاهرة في
مدينة نيويورك قد تبدو قليلة العدد حتى الآن، ولكنها تمثل حتما تيارا
اميركيا ينتفض على حكم المال ورجال الاعمال، ويطالب بالعودة الى حكم
الصناعة والاتحادات العمالية، التي قادت فورة اميركا وبحبوحتها، والتي تقود
اليوم صعود الصين.
لن يتحول “احتلال وول ستريت” الى ثورة عنفية، فالانقلابات في المفاهيم
في الولايات المتحدة امر تنظمه القوانين وصناديق الاقتراع، وهو ما يجعل من
هذه الحركة ثورة، او ربيعا على ما يحلو للخبراء تسمية تظاهرات هذا الزمن،
ولكن بمواصفات اميركية بحتة.
حسين عبد الحسينصحافي
لبناني خريج "الجامعة الاميركية في بيروت" حيث درس فيها التاريخ. يقيم في
الولايات المتحدة الأميركية وهو مراسل جريدة الراي الكويتية في واشنطن. عمل
حسين عبد الحسين منتجا للأخبار والبرامج مع قناة الحرة كما عمل مراسلا ثم
محررا مع صحيفة دايلي ستار اللبنانية وينشر عبد الحسين دوريا في جريدة
النهار اللبنانية. لعبد الحسين مقالات عديدة نشرتها كبرى الصحف الاميركية
مثل نيويورك تايمز، واشنطن بوست، كريسشان ساينس مونيتور، يو اس اي توداي،
هيرالد تريبيون، وبالتيمور صن كما شارك في برامج تلفزيونية على قنوات
اميركية مثل سي ان ان، ام اس ان بي سي وبريطانية مثل بي بي سي
More Posts
مواضيع مشابهةأميركا, اوباما, باراك, حملة, رأسمالية, نقابات, نيويورك, وول ستريت