ن الاعتقد الشعبيّ حول التطوّر بوصفه مسيرة نحو تعقيد أكبر أو ذكاء أكبر: خاطيء بشكل كليّ. لا يشكِّل التطور خارطة موجّهة وفق خطوات محددة باتجاه هدق محدد مُسبقاً. بعيداً عن هذا الأمر, تكون العمليّة التطوريّة شديدة التنوّع, ودوماً بتوقف هذا على الشروط البيئيّة المسيطرة, وحضور الموارد الصالحة الضرورية للكائن البيولوجيّ.
وهذا يعني أنّ ميزة ما بلحظة ما: قد تصبح غير مناسبة لحاملها, وبالتالي سيُعتبَرْ انتقاؤها سلبياً, ومن الممكن أن تتحوّل لشيء مفيد بناء على تغيُّر بيئيّ ما أو استيطان بيئة جديدة, وهنا ينعكس اتجاهها وتصبح مفضّلة عبر الانتقاء الطبيعيّ.
يمكننا توضيح هذا المشهد من خلال مثال معروف. يعود سبب تلوُّن الجلد عند الكائنات البشريّة لنوع من الأصباغ بشكل أساسيّ: واسمه الميلانين والذي تفرزه الخلايا الطلائيّة في جلدنا. تكون وظيفة هذه المادة الصبغيّة في الجلد: هي حماية الDNA من الاشعاع الشمسيّ الزائد عن حدّه الضارّ.
في منطقة خطوط العرض القريبة من الإكوادور, حيث تواجد أصل نوعنا الحيّ, وحقّق التكيُّف تفضيل بقاء الانسان العاقل Homo sapiens على قيد الحياة, وبمواجهة نقص الحماية التي افترضها فقدان الشعر الجسديّ. لهذا, تمتلك الجماعات الاتنية القاطنة في المناطق الاستوائيّة لون جلد غامق أكثر: بوصفه ثمرة لهذا التكيُّف.
أصل الجلد داكن اللون
لماذا لا نمتلك كلنا جلداً داكناً: قد امتلكه أسلافنا ؟ لتفسير هذا الأمر, يتوجب علينا البحث عن المسؤولين: وهما الفيتامين D والكالسيوم.
بالرغم من أذيّة الإشعاع الشمسيّ الزائد عن حدّ ما, يحتاج الجسم البشريّ لكميّة محددة منه لتنشيط الفيتامين D المتواجد بصيغة متقدمة في جلدنا. يكون هذا الفيتامين حيوياً للنموّ العظميّ السليم, ويؤدي غيابه للإصابة لإصابات عديدة: من أشهرها الرخد { الكُساح سابقاً }.
عندما غادر أوائل البشر أفريقيا وصعدوا باتجاه الشمال, تحوّل التصبُّغ تدريجياً لمشكلة: فمع شدّة أقلّ للإشعاع الشمسيّ, جعلت تركيزات الميلانين العالية, اضافة لكونها غير مفيدة لحماية DNA في البيئة الجديدة, قامت بمنع تركيب الفيتامين D .
هكذا أصبح امتلاك تركيز أقلّ من الميلانين: يحمل الفائدة بدلاً من الأذيّة جيل بعد جيل, وهكذا أخذت تلك الجماعات البشريّة لونها الداكن وبتناسب مع بعدها عن المناطق الاستوائيّة. والنتيجة ما نراه اليوم: نجد الألوان الغامقة أو الداكنة في المناطق الاستوائيّة, بينما نجد الألوان الأفتح في الخطوط الشماليّة أكثر.
كما نرى, فالأمر أبعد ما يكون عن فكرة " ***ّق الانسان الأبيض " المتهافتة والتي سادت عند الكثيرين خلال حقب زمنية طويلة من تاريخنا.
النص الأصل بالقسم الأجنبيّ
تعقيبي
ربما تمّ تناول هذه النقطة بمواضيع سابقة, سيما لفيديوهين لنينا جابلونسكي مُترجمين من الزميل العزيز آي ثينك وموجودين بموضوع هنا في الساحة, ولكن أرى أنّ الأمر يحتاج مزيد من التوضيح والشرح وربما النص أعلاه بسيط ويمكنه تحقيق إجابة وافية .. لون البشرة عند البشر متدرِّج وفق مناطق استوائية وقريبة أو بعيدة عنها .. أشكر أيّ تصويب أو إضافة :lol2: :-x
