حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 مفاهيم النهضة والتجديد والإصلاح: من التأسيس إلى الاختلال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المارد
ثـــــــــــــــائر
ثـــــــــــــــائر
avatar


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 51
معدل التفوق : 121
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 23/02/2012

مفاهيم النهضة والتجديد والإصلاح: من التأسيس إلى الاختلال  Empty
27052012
مُساهمةمفاهيم النهضة والتجديد والإصلاح: من التأسيس إلى الاختلال

1- التأسيس الحديث للمفاهيم التجديدية:

قضية
التجديد قضية قديمة في الحضارة العربية الإسلامية، عبّر عنها القدامى
بألفاظ عديدة، أهمّها مصطلح (الاجتهاد) الذي استعمل في ميدان الفقه
وأصوله(1)، ومصطلح (التوليد) الذي استعمل في ميدان الأدب ونقده(2)، ومصطلح
(الاستحداث) الذي استعمل في ميدان التفكير الاجتماعي(3). واشتهر أيضا مصطلح
(الإحياء) بسبب القيمة الاستثنائية التي حظي بها في الفكر الديني الإسلامي
كتاب أبي حامد الغزالي (إحياء علوم الدين)، واستعملت كلمة (تجديد) الواردة
في الحديث القائل بأن الله يرسل على رأس كل مائة سنة من يجدّد للأمة
دينها، واهتمّ القدامى بتعيين سلاسل المجدّدين حتى أصبحت تنظّم في شكل
أرجوزات...إلخ.


كل
هذه الكلمات المستعملة قديما استعيدت في العصر الحديث في سياقات وتوظيفات
مختلفة، منذ أن تحوّل خطّ الفصل والمباينة من داخل الحضارة العربية
الإسلامية إلى علاقة هذه الحضارة بحضارة أخرى يراها البعض الحضارة الحديثة
التي يتعيّن الاقتباس منها ويراها البعض الآخر الحضارة المنافسة التي ينبغي
مواجهتها.


وفي
خضمّ هذا المعطى الجديد نشأت عبارة مولدة هي (النهضة) التي جمعت كل
العبارات السائدة (اجتهاد، تجديد، إصلاح، إحياء، ..) وأدمجتها ضمن حركة
تشمل كل المجالات المعرفية والعملية وتضمّ مختلف التجديدات التفصيلية
المتعلقة بمختلف ميادين الحياة الاجتماعية.


و
كلمة نهضة ذاتها -التي أصبحت مقبولة لدى مختلف أطياف الخطابات العربية، من
أقصى اليسار العلماني إلى أقصى اليمين الأصولي- تؤكد أن شيئاً مختلفا قد
حصل، وهو السياق نفسه الذي أصبحت تتنزّل فيه المناقشات الحديثة، وأهمّ
عناصره ما ذكرناه من تحوّل التباينات من الداخل الحضاري إلى العلاقة بحضارة
أخرى. ومن هذا المنطلق دافعنا باستمرار عن تميّز الفترة الإسلامية الحديثة
عن العصر الإسلامي الكلاسيكي ونبهنا إلى ضرورة صقل مفاهيم ومناهج خاصة عند
الحديث عن الإسلام في العصر الحديث(4). ومن جملة الأدوات التي دعونا إلى
اعتمادها مفهوم (البراديغم) أو (الوضع الأنموذجي)، وقد استوحيناه من كتاب
كون المشهور (بنية الثورات العلمية)(5).


لقد
اشتهر مصطلح (البراديغم) بعد نشر هذا الكتاب المهمّ، وكان صاحبه قد
استعمله في الميدان العلمي تحديدا للتعبير عن الانتقال من وضع معيّن لطرح
القضايا العلمية إلى وضع آخر دون التخلص بالضرورة من مجموع العناصر
والمعطيات العلمية، بل باستعادتها ضمن نسقيّة إشكالية جديدة. نعتبر أيضا أن
المفاهيم التراثية القديمة، -مثل (اجتهاد) و (تجديد) و (إحياء)- قد تواصلت
في الخطاب الإسلامي الحديث، لكنها أصبحت تتخذ وظائف دلالية جديدة في ظلّ
السياق الجديد الذي أصبحت تطرح فيه. وهذا لا يعني فقط أنه وجد سياق جديد،
بل يعني أيضا أنّه وجد روّاد قاموا بتأسيس الإطار العام الجديد الذي سيحوّل
وظائف القديم ويمنح أدوات إضافية لقراءة الحاضر. وهذا ما يمثّل في تقديرنا
(براديغم) أو (الوضع الأنموذجي) للنهضة أو الإصلاح أو التجديد كما تشكّل
في القرن التاسع عشر، وقد حاولنا تحديد خصائصه في دراسات عديدة سعت إلى
التخلّص من الطرق السردية والكتابة النضالية لطرح القضية في إطار الحفر
التأويلي في عمق الآليات المنتجة للوعي وللخطاب.


لقد
حصل التأسيس الحديث للمفاهيم التجديدية من خلال تأسيس مجموعة من العناصر
المشكلة للرِؤية والمرتبطة بالعلاقة بالعالم الحديث/الآخر من جهة، وبالأنا
في ماضيه ومستقبله من جهة أخرى. هذه العناصر محدودة العدد لكنّها عميقة
الانتشار في الفكر المدعوّ بالنهضوي. وسوف نعتمد أساسا على كتاب خير الدين
(أقوى المسالك في معرفة أحوال الممالك) لاستخراج الشواهد والأمثلة، لكن
التحليل الذي سنقدمه يمكن أن يجد له نفس المستندات في كل الكتابات النهضوية
التي وضعها جيل الروّاد.


2- الآخر بين الإبهار والتهديد والاختلاف:

طرحت
قضايا النهضة والإصلاح والتجديد ابتداء من العصر الحديث في علاقة بطرف آخر
حاضر وقوي وفاعل، وهذا وضع غير مسبوق؛ لأنَّ معارك المحافظة والتجديد قد
قامت في السابق في ظلّ التفوق السياسي، بينما تنزّلت في العصر الحديث في
وضعية الوهن الحضاري، وتصاحب اكتشاف الآخر المتفوق باكتشاف هذا الوهن الذي
أصاب الذات إصابة عميقة.


هذا
الآخر عيّن في القرن التاسع عشر على أنه أوروبا، ولم تظهر كلمة (غرب)
إلاَّ في فترة لاحقة؛ لأنَّ أمريكا لم تدخل بوضوح غمار المنافسة
الاستعمارية في المتوسط والشرق الأوسط إلاَّ مع الحرب العالمية الأولى،
واليابان كانت تصنّف في القرن التاسع عشر أمة شرقية، والشيوعية لم تتحوّل
فاعلا سياسيا دوليا يقسّم أوروبا نفسها إلى غرب وشرق إلاَّ في القرن
العشرين. ولقد ظهرت أوروبا لروّاد النهضة في أقانيم ثلاثة: أوروبا المبهرة
-أوروبا المهدّدة- أوروبا المباينة، هذا الواحد المتعدد الأوجه استدعى
موقفا متشعّب العناصر.


لماذا
كانت أوروبا مبهرة؟ سجّل خير الدين هذا الإبهار في مجالات عديدة أبرزها
-لأنه الأكثر ظهورا للعيان- الإبهار بمخترعاتها، فقام بتخصيص فصل في (تلخيص
المكتشفات والمخترعات)، ذكر فيه الكثير من المخترعات التي قلبت حياة
البشر، من المطبعة إلى المرآة إلى الآلة البخارية ومن السفن والقطارات إلى
المنطاد والكهرباء. وذكر فيه أيضا الاكتشافات التي قلبت صورة العالم، من
اكتشاف رأس الرجاء العالم إلى اكتشاف أمريكا إلى اكتشاف الأوبئة والعناصر
التي تسمح بالتصدي لها.


من
هذا الجانب، تبدو أوروبا مبهرة حقا، ولا مناص من الاقتباس منها والاستفادة
من مخترعاتها ومكتشفاتها. لكن اقتباس النتيجة يتطلب أيضا اقتباس السبب،
والسبب هو انتشار التعليم وإعلاء شأن المعرفة، فيتعين أيضا اقتباس النظم
التعليمية والعلمية والبحثية التي اعتمدتها أوروبا.


والمبهر
أيضا في أوروبا الازدهار الاقتصادي الهائل الذي بلغته، حتى أن خير الدين
يضطر بعد عرض أرقام التطور البشري والاقتصادي والعسكري في فرنسا إلى أن
يوجه إلى قارئه التنبيه التالي: (إنّ ما تقدّم من أرقام في بيان ما للأمة
الفرنساوية من الثروة وما لدولتها من الدخل وكذا ما سيأتي من البيان لما
ذكر في بقية ممالك أوروبا ربما يستكثره الناظر(..). ومحصل جوابنا للمنكر هو
ما أجاب بمثله ابن خلدون لماّ بين مداخيل الدول الإسلامية وخشي استكثار
الناس لذلك فقال: ولا تنكرن ما ليس بمعهود عندك ولا في عصرك شيئاً من
أمثاله فتضيق حوصلتك عن ملتقط الممكنات)(6). وهنا أيضا تصح قاعدة اقتباس
السبب لتحصيل النتيجة، فيقتضي الوضع اقتباس النظام الاقتصادي القائم على
حرية السوق والمبادرة الفردية، فهو الذي جعل أوروبا توفر لنفسها الثروات
الضخمة وتبرز في هيئة الفردوس الأرضي.


والمبهر
أيضا في أوروبا قوّة دولها التي تستطيع أن تدافع على حقوق مواطنيها وتفرض
مصالحها ووجهات نظرها، وقد قويت بفضل نظمها السياسية القائمة على الحرية
والدستور والمجالس المنتخبة، فيتعين أيضا الاقتباس من هذه النظم للاستفادة
من تحقّق هذه المنافع.


وأوروبا
مبهرة بقوتها العسكرية، وهي المحصلة لكلّ ما سبق، لأنها نتيجة التطور
التكنولوجي، ولا تتحقق إلاَّ بالنفقات الضخمة التي يوفرها اقتصاد مزدهر،
ولا يحسن التصرف فيها إلاَّ في ظل أنظمة ديمقراطية تتفق فيها الإرادات من
أجل الصالح العام بدل أن تستعمل القوة لإخماد الثورات والاستبداد بالشعوب.


هذا
هو الوجه المبهر في أوروبا، أما الوجه الآخر فهو وجهها المهدّد. لكن
التهديد يمثل من وجهة النظر التجديدية دافعا للاقتباس لا دافعا للانزواء،
فنجد خير الدين ينقل عن (بعض أعيان أوروبا) ما معناه: (إنّ التمدّن
الأورباوي تدفّق سيله في الأرض فلا يعارضه شيء إلاَّ استأصله قوة تيّاره
المتتابع، فيخشى على الممالك المجاورة لأوروبا من ذلك التيار إلاَّ إذا
حذوا حذوه وجروا مجراه في التنظيمات الدنيوية، فيمكن نجاتهم من الغرق). ثم
يعلّق بأنّ هذا القول محزن لمحبّ الوطن لكنه مِمَّا يصدقه العيان
والتجربة(7). ومعنى ذلك أنّ الوسيلة الوحيدة في نظره لتوقي ضرر أوروبا
تتمثل في الاقتباس منها، وأنّ التهديد حجّة إضافية على ضرورة الانفتاح على
الحضارة الحديثة، والتهديد الأوربي إمّا عسكري أو اقتصادي أو سياسي. فالأول
لا يمكن مواجهته إلاَّ بنفس الأسلحة التي تستعملها الجيوش الأوروبية،
والثاني لا يمكن مواجهته إلاَّ بحذق الوسائل الحديثة لتنمية الأسواق وتنمية
المبادلات التجارية. وأمّا الثالث، فمواجهته لا تصح إلاَّ إذا استقرت
العلاقة بين الحاكم والشعب علاقة قوية متضامنة، وإلاّ كانت الانقسامات
والاضطرابات مدعاة لتصدّع الجبهة الداخلية.


الوجه
الأخير الذي تظهر به أوروبا هو وجه المباينة. والمباينة غير الاختلاف؛
لأنَّ الاختلافات تتعلّق بنوعين من الأمور: إمّا الاختلافات التي تعبّر عن
التنوع -مثل اختلاف اللغات وألوان البشرة- فهذه ليست عناصر مباينة بين
البشر، وإمّا الاختلافات التي تعبّر عن مستوى التمدّن، وهذه أيضا ينبغي أن
لا تتحوّل إلى عناصر مباينة بين البشر، بما أن الأدنى درجة سيعمل على
الالتحاق بمن سبقه في الحضارة. أما المباينة فاختلاف لا يمكن استدراكه أو
تغييره، والصورة الوحيدة التي تصحّ منه هي صورة المباينة بالديانة، إذ لا
يمكن أن تتنازل مجموعة عن دينها. ولمّا كانت الحضارة الحديثة/الأوروبية قد
قامت على أساس العلمنة، فإنه لا خوف من المباينة، فالدين المسيحي ليس
جزءًَا من الحضارة/أوروبا، واقتباس المسلمين عن الحضارة/أوروبا لا يشمل
المجال الديني.


فالمباينة
ليست جزءًَا من عناصر التهديد، وعناصر التهديد ليست ضدّا لدوافع
الاستفادة، وهكذا توحدت الأقانيم الثلاثة لتكوّن صورة للآخر تتماشى مع
الرغبة في الاقتباس منه دون الخضوع له وقبول هيمنته. هذه صورة
أوروبا/الحضارة الحديثة وقد قدّت على مقاس الرغبة في النهضة والإصلاح
والتجديد وأسقطت صورة المنشود في الآخر كي تفتح مجال تحقّق المنشود من
الذات.


3- الآخر في صورة المنشود للذات:

إنّ
منشود الذات هو النهضة، فلم يقتض ذلك مجرّد استلهام فكرة النهضة العربية
الإسلامية من النهضة الأوروبية، بل جعل الروّاد يحملون تمثّلا للنهضة
الأوروبية يستجيب إلى ما كانوا ينشدون لتحقيق: النهضة العربية والإسلامية.
وإذا كانت أوروبا في أقانيمها الثلاثة هي الصورة المحتفظ بها نتيجة
المعاينة (تسجيل ما شاهده الروّاد في رحلاتهم الأوروبية)، فإنّ ثمة أيضا
الصورة التي اعتبرت نتيجة السبر التاريخي (تلخيص ما احتفظ به الروّاد من
قراءاتهم في مصادر التاريخ الأوروبي). وقد استعرضنا معالم الصورة الأولى،
صورة المعاينة بأعين نهضوية، ولنستعرض الآن معالم الصورة الثانية، صورة
التاريخ المقروء بمشاغل الذات التي تبحث عن عناصر المشروعية والتفاؤل فيما
تنشده لمستقبلها.


لقد أقام الأنموذج النهضوي تاريخ أوروبا في مراحل ثلاثة هي التالية: أوروبا الانحطاط -أوروبا النهضة- أوروبا القوة والازدهار.

أوروبا
الانحطاط حسب خير الدين هي ستمائة سنة، تمثل العهد الذي دعاه المؤرخون
الأوروبيون بالعصر الوسيط، وكان التاريخ الأوروبي في القرن التاسع عشر
-والتاريخ الفرنسي خاصة- يبرز هذا العصر في صورة قاتمة ويراه عصر الظلمات.
ومن المعلوم أن هذه الصورة قد عدّلت في القرن العشرين بنشأة مدارس تاريخية
قامت بمراجعتها واعتبرتها مبالغا فيها(8)، وكانت نية المؤرخين الأوروبيين
في القرن التاسع عشر تأكيد القطيعة الحاصلة بين العصر الوسيط الإقطاعي
الديني والعصر الحديث القائم على الرأسمالية والقومية والعلمانية. وقد أخذ
منهم الكتاب العرب والمسلمون هذه الصورة ووظفوها توظيف آخر يستجيب للهمّ
النهضوي، فاستعملوها لتأكيد أمرين:


أولا:
يمكن أن تطول فترات الانحطاط ثم تعقبها النهضة من جديد، هكذا كان الشأن مع
أوروبا في الماضي وهكذا يمكن أن يكون مع العالم الإسلامي في المستقبل.


ثانيا:
بين أوروبا في العصر الوسيط وأوروبا في العصر الحديث قطيعة في مستوى
علاقتها بالمسيحية، فقد كانت المسيحية هويتها السياسية في السابق، لكنها لم
تعد في العصر الحديث جزءا من حضارتها، فلا مانع من اقتباس هذه الحضارة
المتخلصة من المسيحية، ولا علاقة بين أوروبا الصليبية التي كانت تسعى إلى
محاربة الإسلام وأوروبا الحديثة التي لا تتدخل في قضايا الأديان.


أما
أوروبا النهضة فقد قدّت على مقاس النهضة المنشودة للعالم العربي
والإسلامي. فاعتبر العامل الأكبر للنهضة الأوروبية اقتباسها علوم العرب
ومعارفهم سواء في فترة الحروب الصليبية أو من خلال التجاور الأوروبي العربي
بعد استرداد الأندلس وجنوب إيطاليا. وكان بعض المؤرخين الأوروبيين قد
أهتمّ بإبراز هذه المديونية للحضارة العربية الإسلامية وعدّها عنصرا من
العناصر الثانوية لتفسير النهضة الأوروبية، وربما حرص القليل منهم على
إبراز هذا العنصر وتأكيده، مثلما فعل المؤرخ سدليو
Sedillot
(1808-1887) في كتاب له بعنوان (تاريخ العرب)(9)، وقد اعتمد الروّاد هذا
الكتاب وغيره ووظفوا أطروحة المديونية الأوروبية للعرب لتأكيد أمرين:


أولا:
إن الاقتباس قاعدة من قواعد كل نهضة، فقد قامت النهضة العربية في عصر
المأمون على اقتباس الفلسفة والعلوم الإغريقية، وقامت النهضة الأوروبية في
العصر الحديث على اقتباس المعارف العربية، ولا تقوم النهضة في العالم
العربي والإسلامي إلاَّ باقتباس معارف العصر المتطورة في أوروبا خاصة.


ثانيا:
إذا كان الأوروبيون قد اقتبسوا من العرب معارفهم وطوروها فلا ضير أن يقتبس
منهم العرب والمسلمون في العصر الحديث، فهم بمثابة من يسترجع ما أخذ منه،
مع التسليم بفضل الأوروبيين في تطويره، ولا شك أن هذه النظرة قد قدّت
لتخفّف من الوقع النفسي المتوقع للاقتباس، بما يعنيه من الاعتراف بتفوّق
الآخر وضرورة التلمذة عليه.


أما
أوروبا في عصر القوة والازدهار، أي تلك التي أصبح ممكنا معاينتها بالأسفار
والرحلات، بل أصبحت قريبة من العرب والمسلمين بما استوردوه من آلاتها
وعاداتها، فقد احتفظ منها الروّاد بالجوانب الإيجابية: الازدهار الاقتصادي،
الحرية السياسية، العلوم والمعارف، القوة العسكرية، المكتشفات والمخترعات،
الخ. أما الجوانب الأخرى، مثل وضع الطبقات العاملة الذي كان الاشتراكيون
يكشفونه ويدينونه، أو الفضائح المالية الضخمة مثل تلك التي كشفت مع شق قناة
باناما أو قناة السويس، أو العنف في المستعمرات الأمريكية، فقد كان شبه
غائب لدى الروّاد، إذا استثنينا إشارات لدى فارس الشدياق وفرنسيس مراش.
ويمكن تفسير هذا الأمر بعاملين:


أولا:
إن الروّاد قد خبروا أوروبا في الغالب من خلال رحلات رسمية ومنظمة، فلم
يطلعوا إلاَّ على ما كانت أوروبا تودّ إبرازه من حضارتها، ولم يشذ على ذلك
إلاَّ من عاش هو نفسه فقيرا بين فقراء أوروبا وأطلع على وجهها الآخر، مثل
فارس الشدياق(10).


ثانيا:
إنّ وصف أوروبا لدى الروّاد كانت له غاية إصلاحية نهضوية، ونقل المساوئ
يتنافى مع تلك الغاية، فكان ضروريا تجاهلها أو التغافل عنها، لا سيّما أنّ
قضايا مثل الطبقية أو التلوث أو تدمير الأرياف كانت قضايا عسيرة الإدراك
بالنسبة إلى مواطني مجتمعات سابقة للتشكيلات الرأسمالية الحديثة.


4- تشابك المصطلحات:

تتمثل
المرحلة الأخيرة في التأليف بين صورة أوروبا والنهضة المنشودة في اعتماد
مصطلحية مزدوجة، فقد اقتبست المصطلحات الجديدة وعربت تعريبا صوتيا، ثم وضعت
مقابلها مصطلحات عربية معروفة. مثال ذلك كلمة
Constitution،
استعمل خير الدين تعريبها الصوتي في مواضع كثيرة (الكنستيتسيون) ثم قرّبها
لمواطنيه بقوله: (الكنستيوسيون المرادف للتنظيمات السياسية)(11). ومن
الملاحظ أنه، أي خير الدين، لم يستعمل كلمة دستور، فالظاهر أنه تفادى
استعمال مصطلحات كانت مستعملة لدى منتقدي السلطة العثمانية، وحاول تقريب
النظم الأوروبية إلى ما كان معروفا لدى الموظفين العثمانيين. بينما نرى
الطهطاوي قبله لا يستعمل كلمة تنظيمات؛ لأنَّ مصر كانت في مواجهة مع
السلطان محمود الثاني، وقد فضّل أنّ يعرّب تعريبا صوتيا كلمة
Chartes الفرنسية فاستعمل كلمة (شرطة) عندما قام بتعريب الدستور الفرنسي في كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز).

ومثال
ذلك أيضا: النظام النيابي الذي دعاه خير الدين بالمجالس ورآه مرادفا لهيئة
أهل الحلّ والعقد قديما، ولمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنصوص
عليه في القرآن والسنة. إن هذا التشابك المقصود بين المصطلحات القديمة
والحديثة إنما كانت الغاية منه تقريب الأنظمة الحديثة للقراء وتهيئتهم
للقبول بها وتفادي الشعور بالمباينة بين النموذج المنشود للنهضة والوضع
المألوف لدى هؤلاء القرّاء، إضافة إلى توظيف الشحنات الدينية لبعض
المصطلحات للإيحاء بالضرورة الشرعية للإصلاح والتجديد. فإذا كان الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية فقد أصبح تنصيب المجالس فرض كفاية
أيضا.


نرى
أن براديغم النهضة لم يكتف برسم صورة أوروبا بطريقة مزدوجة لتكون مصدر
الاقتباس ومصدر الخشية في الآن ذاته، بل أنه رسم هذه الصورة لتكون ملهمة
لمشروع النهضة العربية، ولتقدم لهذا المشروع ضمانات معقوليته وقابليته
للإنجاز. وعلى هذا الأساس فإنه يكفي أن تحوّل الصورة من الماضي إلى
المستقبل، ومن المنجز إلى المنشود، كي تتضح معالم النهضة العربية المنشودة.
وعلى هذا الأساس أيضا تم التخفيف من وطأة الجدل حول التقليد والتجديد؛
لأنَّ تقليد أوروبا أصبح يعدّ -بمقتضى هذه الصورة- تقليدا للماضي العربي
الإسلامي وتجديدا مطلوبا بمقتضى الأسس التي قام عليها ذلك الماضي وكانت
سببا في ازدهاره.


تبرز
قيمة هذه الصورة في وظيفتها العملية، باعتبارها تمثل دافعا قويا للعمل من
أجل النهضة والإصلاح وتوحّد بين الذين أخذوا على عاتقهم المشاركة في هذا
الفعل الحضاري. وهي مع ذلك لا تخلو من الاختلال من الناحية النظرية، لأنها
لا تتعمق في فهم طبيعة الرأسمالية وطابعها الإمبريالي، ويكفي أن نشير مثلا
إلى أن (أقوم الممالك) لخير الدين قد صدر في نفس السنة التي صدر فيها الجزء
الأول من كتاب (الرأسمال) لكارل ماركس، وهو الكتاب الذي كشف الوجه الآخر
للحضارة الأوروبية/الحديثة بصفتها قائمة على الاستغلال والتوسع وتدمير
أنماط الحياة المختلفة عنها. ثم إنها صورة مفرطة التفاؤل، فالهوة الحضارية
كانت ضخمة بين الشرق والغرب، ولا يكفي أن يقتنع بعض المستنيرين بأهمية
العلم والمخترعات كي يلتحق العالم الإسلامي بالثورة المعرفية الحديثة التي
شيدت على مدى قرون وكان هو مفصولا عنها، ولا يكفي أن يقتنع بعض الحكام
بالحكم المقيد؛ لأنَّ الطبيعة العشائرية للسلطة لن ترتقي بالممارسة
السياسية إلى مستوى الديمقراطية الغربية. ولا يكفي أن تنفتح العقول على
قواعد الاقتصاد الحديث؛ لأنَّ انفتاح أسواق تقليدية على الاقتصاد الرأسمالي
المعولم ينسفها نسفا ويؤدي إلى الإفلاس المحقّق. ومع ذلك فقد كان روّاد
النهضة على حقّ عندما أكدوا أنه لا يوجد خيار آخر غير الانخراط في الحضارة
الحديثة؛ لأنَّ مواصلة التردّد في الإصلاح يزيد هذه الهوة الحضارية اتساعا
ويزيد الأوضاع ضعفا ووهنا. فكلّما تأخرت إرادة التجديد وسيطرت نزعات
المحافظة إلاَّ وأصبح مشروع النهضة أكثر عسرا.


5- من الإصلاحية إلى الأصولية:

لابدّ
من الإقرار بأن التأسيس الحديث للمفاهيم التجديدية لم يختلّ بسبب مراجعات
نظرية؛ لأنه كان في ذاته بناء ذا طبيعة عملية لا نظرية، لكنه اختل لارتطامه
بمجموعة من الأحداث التي لم يتوقعها أو لم يشأ أن يمنحها الأولوية في
منواله التفسيري، وأهمّها:


- توسّع الظاهرة الاستعمارية الأوروبية لتشمل الفضاء الإسلامي.

- الانقسام القومي الأوروبي وتحوّل العلم إلى أيديولوجيا وسقوط ملايين الضحايا بسبب الأسلحة الحديثة التي أنتجها التطور التكنولوجي.

- نموّ
الحركات الفكرية والسياسية ذات التوجه الاشتراكي التي ميّزت بين الحداثة
والرأسمالية وكشفت عن الطبيعة التوسعية الاستغلالية للأخيرة.


- بروز محدودية الفوائد المترتبة على بعض التجارب النهضوية التي قادتها بعض الحكومات الإصلاحية في العالم العربي والإسلامي.

هكذا
بدأ البراديغم الإصلاحي يتراجع ويحلّ محلّه نقيضه، الذي يمكن أن ندعوه
بالبراديغم الأصولي، وقد نشأ في فترات التحرّر الوطني وقيام الدول ما بعد
الاستعمارية، ففي هذه الفترات لم تعد أوروبا شيئاً مبهرا؛ لأنَّ مجاورتها
الجغرافية والاستعمارية حوّلتها إلى أمر مألوف، لقد أصبحت (مستأنسة) لا
حاجة للناس لتسجيل أسفارهم إليها، وأصبحت مخترعاتها متاحة للجميع، وغلبت
منها الجوانب السلبية التي كشفتها حربان كونيتان طاحنتان وعمل مفكروها
النقديون على إبرازها بقوة.


لقد
وصفنا البراديغم الأصولي بأنه النقيض؛ لأنه يأخذ نفس العناصر والمكونات
فيرسم منها صورة تقع على النقيض تماما، وأفضل مثال على ذلك نجده في كتاب
(ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟) للندوي، وقد أثر في سيد قطب تأثيرا
بالغا ووجه كتاباته وتنظيراته(12). فقد تغيّر السؤال من: ماذا يقتبس
المسلمون من الأوروبيين؟ إلى: ماذا خسر الأوروبيون بعدم اقتباسهم من
المسلمين؟ وترتّب على ذلك انقلاب البراديغم رأسا على عقب.


فالبراديغم
الإصلاحي يرى أن الوجه المبهر لأوروبا يدفع إلى الاقتباس عنها والاستفادة
منها، بينما يرى البراديغم الأصولي أن الانبهار لا يأتي من عظمة المنجزات
الأوروبية ولكن من شعور المسلمين بالضعف أمامها، فيتعين التخلص من شعور
الانبهار كي يسقط النموذج الأوروبي؛ لأنَّ الانبهار خاصة النفس المتلقية
وليس النموذج ذاته. وعلى هذا الأساس يتحوّل الاقتباس إلى قيمة سلبية، فهو
وجه من ولع المغلوب بالاقتداء بالغالب، يزيد من هيمنة هذا ولا يعين ذاك على
تحقيق: ذاته. وهكذا تحوّلت قضية الانبهار من بعدها الموضوعي -الناتج عن
ازدهار أوروبا في ميادين العلم والمخترعات والمكتشفات ووسائل الحكم
والإدارة- إلى بعدها النفسي الناتج عن استبطان المسلمين للشعور بالغلبة.
ولئن كان البعد النفسي قائما فإنّ الاقتصار عليه يؤدي إلى حجب واقع
الانحطاط كواقع موضوعي والتغافل عن الهوة الحضارية التي تعمقت بين أوروبا
وبقية العالم والنظر إلى الحضارة الحديثة على أنها حضارة غريبة لا حاجة
للمسلمين إليها، والسكوت عن حاجة هؤلاء للمنجزات العلمية والتقنية
والفلسفية للحضارة الحديثة أو تقليص هذه الحاجة إلى الجانب الاستهلاكي
المادي مثل التقنيات، مع التلويح بيسر تدارك هذا النقص عند استعادة الثقة
بالنفس والتخلص من دنس الدخيل.


ويرى
البراديغم الإصلاحي أنّ الآخر مهدّد والتهديد دافع من دوافع الاقتباس منه
لتوقي شرّه، بينما يقلب البراديغم الأصولي الصورة كليا، فيرى أن التخلص من
التهديد إنما يحصل بتعميق التميّز عن الآخر وتحصين الذات عن التشبه به،
ونرى هنا أيضا كيف يتحوّل مركز الثقل من الموضوعي إلى النفسي، فكأن
البراديغم الأصولي يعتبر توقّي التهديد غير ممكن فالأولى تحويل الاهتمام
إلى الذات بدل شغلها بقضية الاقتباس الذي يزيدها انحلالا ولا يعمّق قدراتها
في مواجهة التهديد.


ويرى
البراديغم الإصلاحي أن مشكلة التباين مع الآخر تحلّ بالتمييز بين الوضع
الحضاري والوضع الديني، فالاقتباس من الحضارة جائز والاقتباس من الدين
ممنوع. بينما يرفض البراديغم الأصولي التمييز بين الدين والحضارة ويعتبر
الحضارة امتدادا للدين، فإذا كان الدين عنصر مباينة فإنّ كلّ دين ينشئ
حضارته الخاصة به المستجيبة لقيمه، وبما أنّ المسلم يؤمن بأنّ دينه هو
الأفضل فينبغي أن يعتبر أيضا أن حضارته متفوّقة على كلّ الحضارات ولا حاجة
له بالاقتباس من أية حضارة أخرى، فالحضارة المتفوقة هي حضارة الدين
المتفوّق ولا شيء جدير بالاقتباس من حضارة قامت على غير الدين الإسلامي.


هكذا
اختلفت المفاهيم واختلطت حول التقليد والتجديد في الخطابات الإسلامية، بين
إصلاحية جعلت محورها الاقتباس من كل ما هو خارج عن المجال الديني وأصولية
جعلت محورها المباينة مع الآخر دينيا وحضاريا دون تمييز بين المستويين.
فالتجديد يمثل -من وجهة النظر الإصلاحية- تقليدا للماضي من جهة كونه يستوحي
منه مبدأ الاقتباس من الجديد ولو جاء من الآخرين، ويمثل التقليد تجديدا
إذا كان المقصد منه تقليد ما برز تفوقه وتأكد نفعه لعموم البشر، مثل اقتباس
المسلمين لعلوم الإغريق في العصر الوسيط واقتباسهم للمعارف الأوروبية في
العصر الحديث. أما وجهة النظر الأصولية فهي تعتبر الاقتباس تقليدا مذموما
للآخر، وتتحدث عن التجديد بمعنى التخلص من رواسب هذا الاقتباس والعودة إلى
الذات.


إنّ
الجامع بين الإصلاحية والأصولية استعمال مصطلحية مشتركة مقتبسة من الدين
والتراث، لكن ذلك ينبغي أن لا يحجب اختلاف البراديغم بينهما؛ لأنَّ توظيف
هذه المصطلحية يتمّ بطرقتين مختلفتين. وإذا أدركنا هذا الاختلاف أصبح يسيرا
تفادي الخلط في المفاهيم، وتأكدت ضرورة التمييز بين الخطابات ذات التوجه
الإصلاحي والخطابات ذات التوجه الأصولي. وقد تؤدّي العولمة الحالية إلى
تجاوزهما معا؛ لأنَّ العولمة تلغي التمايز بين الأنا والآخر بارتفاع الحدود
الفاصلة بين البشر.





البراديغم الإصلاحي:

التأسيس
الآخر:

- مبهر = اقتبس منه للاستفادة

- مهدّد = اقتبس منه لاتقاء الضرر

- مباين = أضع الدين حدّا فاصلا بيني وبينه


الاقتباس والتفاعل


البراديغم الأصولي:

الاختلال
الآخر:

- مبهر = أتخلص من الانبهار به

- مهدّد = أعمّق تميزي عنه

- مباين = أؤكّد تفوّقي عليه


التميّز والمواجهة
***************************

الحواشي:

*) باحث وأكاديمي من تونس.

1- تراجع مباحث الاستنباط في كتب أصول الفقه، مع التنبيه إلى أن الكلمة قد توسع معناها في العصر الحديث.

2-
أطلقت كلمة الأدب المولد على الحركة التجديدية في الشعر والنثر التي ظهرت
في العصر العباسي وكان من كبار أعلامها بشار بن برد وأبو نواس وابن المقفع
والجاحظ...إلخ.


3-
كتب ابن خلدون مثلا في مقدمته: (واعلم أنّ الكلام في هذا الغرض مستحدث
الصنعة، غريب النزعة، غزير الفائدة، عثر عليه البحث وأدّى إليه الغوص.)،
الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة.


4-
تراجع مقدمة كتابنا: حفريات تأويلية في الخطاب الإصلاحي العربي، بيروت،
دار الطليعة، 2001م. وقد اقترحنا تقسيم التراث إلى تراث عتيق وتراث قديم
وتراث قريب.


5- توماس كون، بنية الثورات العلمية، ترجمة شوقي جلال، سلسلة عالم المعرفة، العدد 168، 12/1992.

يعرّب شوقي جلال كلمة Paradigm بالنموذج
الإرشادي، ونعتقد أنّ هذه الترجمة تفيد جزءا من المعنى المقصود فقط، لذلك
فضلنا التعريب الصوتي (براديغم) أو كلمة (الوضع الأنموذجي).


6- أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق: المنصف الشنوفي، تونس، 2000م، ج 1، ص353، 354.

7- المرجع السابق، 1/157.

8- يراجع مثلا كتاب المؤرخ جاك هيرس: العصر الوسيط أكذوبة، بالفرنسية، 1999م

Jacques Heers: Le Moyen Age, une imposture.

9- Histoire des Arabes، صدر بباريس سنة 1854م.

10- يراجع نقده لحياة العمال والبؤساء في أوروبا في كتابه الشهير (الساق على الساق في ما معنى الفارياق).

11- أقوم المسالك، 1/194.
12-
أبو الحسن الندوي، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ طبع أول مرة سنة
1950م وتوالت طبعاته بعد ذلك، وقد طبع الطبعة السابعة عشر الصادرة عن دار
القلم بالقاهرة سنة 2007م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مفاهيم النهضة والتجديد والإصلاح: من التأسيس إلى الاختلال :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مفاهيم النهضة والتجديد والإصلاح: من التأسيس إلى الاختلال

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: